ليس دفاعاً عن السيد مقتدى الصدر ، ولست طاعناً به بالتأكيد ، ولكن عدم وضوح الرؤيا لدى الكثير ، وتشوش مصادر التلقي، يجبر المتتبع أن يتأمل بعمق لقراءة الأحداث، لإستخلاص النتائج من واقعها المنطقي، للخروج بنتيجة هي أقرب للواقع منها الى الإدعاء .
فبعد أن تأزم الوضع العام في العراق في الأيام القليلة الماضية نتيجة للتصعيد المدروس من قبل قوات الإحتلال وردود الفعل المقابلة لها من قبل فئات من الشعب العراقي قرأنا وسمعنا شرائح كبيرة من المؤمنين أيدهم الله يطلبون ، بل يدعون السيد مقتدى الصدر أن ينضوي تحت لواء المرجعية ، وأن لايتصرف من تلقاء نفسه دون أمر أو نهي منها، ولازالت هذه الأصوات الى الآن تؤكد على نفس المطلب ، وتلقي باللائمة وبالطعن أحياناً على شخص السيد .
والغريب في هذا الأمر ان السيد مقتدى الصدر فعل هذا المطلب وذهب الى المرجعية العليا المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله ،،،
وتم بحث الأزمة ،،،
الأزمة بتقديري القاصر كانت غير متوقعة ، فالسيد مقتدى الصدر لم يكن ليتوقع ً بأنه اذا قال ( لاتتظاهروا بعد اليوم سلماً، فهذه أصبحت ورقة محترقة ، وعليكم بأسلوب أنجع ) وقال كلمة ( أرهبوهم ) فألتهب العراق لأجل هذا،،،
ً لم يكن متوقعا ان يكون لهذه الكلمة هذا القدح في زناد التضحية ، بل عجبت لأمر هذا السيد وحرت فيه وفي إستماتة مريديه . في حين قبل عامين أصدر السيد المرجع السيستاني حفظه الله بياناً وهذا بعض نصه ، ولم يحرك الناس فيه ساكناً فأقرؤا معي ولاحظوا: ((نهيب بالمسلمين كافة أن يهبّوا لنجدة الشعب الفلسطيني المسلم ويستجيبوا لصرخات الاستغاثة المتعالية منهم ويبذلوا قصارى جهدهم وإمكاناتهم في ردع المعتدين عليهم واسترداد حقوقهم المغتصبة وإنقاذ الأرض الإسلامية من أيدي الغزاة الغاصبين)).
لقراءة البيان كاملاً يرجى مراجعة هذا الرابط:
http://www.najaf.org/Arabic/statements/pal.htm
ملاحظة: منذ إحتلال العراق وأستباحته الى الآن لم نسمع بياناً من المرجعية العليا بهذه القوة ضد المحتلين ، فان كان الملاك بعدد الأرواح التي زهقت أو بالأملاك التي هدمت وحرقت فالعراق فاق فلسطين ، واذا كانت قوة العدو هي الملاك ، فالتسليح الإسرائيلي لايختلف عن التسليح الأمريكي . وإن كان الناس في العراق تعبوا من الحروب أو لايملكون السلاح ، فقد أتضحت الصورة في أيام قلائل بأن العراقيين يملكون كل مقومات البسالة والتضحية والسلاح ، فما هو السر ياترى ؟ ولماذا التأكيد المرة تلوة الأخرى على الهدوء والسكون ؟ حتى أصبحت السكينة سمة البيانات ، وهم يركبوننا يوماً بعد آخر. بل في بيان المرجعية الصادر بحق الشهيد أحمد ياسين فيه من القوة مايفوق البيانات التي تخص العراق ، وهو رجل واحد ولا أظن ان على الشيخ ياسين مأخذ بأنه لم يستأذن ممن يجب عليه الرجوع اليه في ًحلية جهاده ضد المحتل ، كما يُفعل بالصدر هذه الأيام.
يقولون ان السيد مقتدى الصدر ذهب الى المرجع السيد السيستاني حفظه الله وطلب منه حل الأزمة ، وماالذي يجب عليه أن يفعله . فالمطروح مسألتان كلاهما مر لايستساغ ، الأول حل جيش المهدي ، والثانية تسليم نفسه لقوات الإحتلال لإتهامه بجريمة قتل.
يقولون ان المرجعية قالت للسيد مقتدى الصدر بخصوص جيش المهدي ، ( بأنك لم تخبرنا حين شكلت الجيش فكيف تطلب منا حله ) .
وهذا جواب لا يمكن أن يصدر من المرجعية للمتأمل ، لأن عدم إخبار المرجعية إن كان يعد جرماً ، فأن مجيء السيد الصدر للمرجعية دليل طلب العفو عن هذا الجرم ، وطلب المشورة والعون للإمساك بمخرج لهذه الأزمة ، فلا يمكن والحال هذه أن يكون رد المرجعية أن يتركوه وحده يتحمل تبعات هذا الجرم ، هذا ان كان الجرم لايتعداه الى غيره ، فكيف والمسألة لاتخصه وحده بل الأمر تتعلق به أرواح مئات الآلاف بل تشمل التيار الصدري بأجمعه وتتعداه .
يقولون قالوا له حله أنت ، فأجاب أنا لاأستطيع فبعد خروج هذه المقاومة الهائلة في العراق ، فأن الأمر تعداني ، بل هو خارج عن سيطرتي بكمه وفعله .
الى هنا يفترض أن نعذره بخصوص حل الجيش ، فقد بين حجته وسلمها بيد المرجعية .
يقولون ان المرجعية تحسبت لردات الفعل لو أصدرت هي بياناً بحله ، ففكروا بأن يصدر هذا البيان من السيد المرجع الحائري الموجود في إيران والذي سيكون محل تواجده بعيداً عن ردات الفعل العكسية المصاحبة لتثبيط العزائم والإستسلام لمطالب المحتلين .
غير ان بياناً من هذا القبيل لم يصدر ، وهذا له تفسيران :
الأول ان المرجعية أدارت ظهرها عن هذا الأمر ، ولم ترد أن تتحمل تبعاته وتركته لصاحبه ليتحمل نتيجته . وهذا مرفوض لأننا أسلفنا بأن الأمر يخص أرواح مئات الآلاف من الشعب العراقي ، ولايمكن للمرجعية أن تغض النظر بهذه الطريقة .
الثاني : ان المرجعية لم تؤيد فكرة حل جيش المهدي ، وهذا أقرب للواقع ، وإلا لخرج منها مايفهم منه ذلك.
هنالك قول بأن حل الجيش سيحقن دماء الناس ، وهو غريب في بابه ، فالعدو يخشاك ويتجنبك مادام يرى فيك قوة ، ويستسهل صيدك حينما تكون أعزلاً ، ولهذا تجد الأمم تتسابق في التسلح حتى يخشاها الآخرون ، ولا أدري كيف أنقلبت الصورة بخصوص جيش المهدي؟
المطلب الثاني الذي في الأزمة هو تسليم السيد الصدر نفسه لقوات الإحتلال لتصفيته ، فما هو رد المرجعية على هذا المطلب ؟
يقولون ان المرجعية ارتأت أن تتكلم مع أولياء الدم لسحب الدعاوى نهائياً .
غير ان أمراً كهذا لم نسمع به ، بل سمعنا وقرأنا بأن أولياء الدم لازالوا يطالبون بإمتثال القتلة أمام المحاكم العراقية . والأهم من هذا ان قوات الإحتلال لم تتنازل عن طلبها في إعتقال السيد أو قتله حتى لو تنازل اولياء الدم عن القتلة . هذا إن ثبت شرعاً إن للسيد يداً في الأمر ، غير اني قرأت وسمعت إستنكاراً شديد اللهجة من قبل السيد الصدر لهذه الجريمة في أكثر من موقع وقناة.
يتضح لنا من خلال هذه القراءة البسيطة ، إن الأزمة بشقيها الجيش والجريمة لم ترى بصيصاً من الحل من خلال زيارة السيد مقتدى الصدر للمرجعية ، فماذا عليه أن يفعل؟
البارحة رأيت بريمر وهو يقول ان الوضع في النجف قابل للإنفجار في أي لحظة ، وأتهم جيش المهدي بتخزين الأسلحة في الحضرة العلوية المقدسة وفي المساجد والمدارس ، ورايت السيد الصدر من على شاشة قناة العالم وقد حث الناس للعودة الى مزاولة حياتهم الطبيعية ، ورأيت أحد أتباعه ينفي إدعاءات بريمر ، ورأيت مقابلات مع الناس وهم ينفون هذا الكلام البريمري .
حملات تصعيدية من قبل المحتلين ،،، وتهدئة من قبل السيد الصدر ،،،
فياأيها الذين آمنوا ، ماذا يجب على السيد الصدر أن يفعله؟
__________________
اللهـــــم صـــلِ علي محمـــدٍ وآل محمـــــــــــــد،،،
الفــلك الجاريــــــة في اللجــج الغامـــــــــــــرة،،،
يأمــن من ركبـــها ، ويغـــــرق من تركــــــــها،،،
المتقـــدم لهــم مــارق، والمتأخر عنهم زاهـق،،،
والــــــلازم لــــــهـــــــــم لاحـــــــــــــــــــــــــــق...[/size]