السلام عليكم ... وردني المقال التالي عبر البريد الألكتروني و لا أدري مدى صحـّـة الكلام الوارد فيه و أن كنت أميل الى تصديق بعضه ... أتركه للقرّاء الكرام للتعليق
صغير الشيعة وهاشمي السنة
الدكتور طالب الرماَّحي
موضوع أقلقني كثيرا كان بودي أن أكتب فيه وهو ( تحمس المسؤول الشيعي لحقوقنا أمام تحمس المسؤول السني لحقوق أبناء طائفته ) ، لكني ترددت لكثر ما أتُهمتُ من أنني قاس على واقعنا كشيعة في كتاباتي ، مع أن هدفي من الإشارة الصريحة إلى الكثير من سلبياتنا في هذه المرحلة ، لسبب وهو أن طبيعة المرحلة التي نعيشها لاتسمح لنا في أن نرتكب أخطاء كالتي ترتكب أو أن نتحلى بالضعف والتراخي وبخُلقٍ سوف تكون له عواقب ( وخيمة ) على حاضرنا ومستقبلنا ، إذا ما أدركنا جميعاً أننا نعيش في عصر الغاب ولعل واقعنا الأمني يعكس ذلك بأوضح صوره من خلال أنهار الدم التي جرت وتجري قبل وما بعد انهيار النظام البعثي المقبور، فنحن نستلم سلطة لأول مرة في التاريخ ، كنا مواطنين في بلدنا من الدرجة العاشرة ، ومهمشين ومحطمين نفسيا وسياسيا واقتصاديا ، ليس لنا من وزن في بلد نحن بنيناه وتاريخنا فيه ضارب في أعماق الدهر ، حتى إذا هيأ لنا الله فرصة نسترد فيها عافيتنا ووجودنا وكرامتنا وحريتنا ونحقن دماءنا التي استبيحت 14 قرنا ، وإذا بنا نتعامل مع الواقع وكأن ما حصل لم يكن ، ننظر إلى من حولنا بسذاجة غريبة وبساطة مفرطة وبراءة طفولية لاتمتلك من الحكمة شيئا.
شاءت الأقدار أن ألتقي في صيف 2007 بجلال الدين الصغير ، بعد أن تجاوزت الحواجز المتعددة التي تفصله عن الناس ، وليس هذا المقصود فهو لم يكن الوحيد الذي يتصف بهذه الصفة ، صفة التحصن في الأبراج العاجية ، فغالبية مسؤولينا الشيعة يفعلون ذلك ويفتخرون به ، لكن ما أحب أن أصل إليه هو أن أحد الحاضرين طلب من الصغير أن يساعده في الحصول على وظيفة ، فما كان من الصغير إلا أن يتململ في جلسته ثم أطلق تصريحاً في غاية الغرابة قائلاً : لقد آليت على نفسي أن لا أتدخل في تعيين أحد في دوائر الدولة . انتهى تصريح الصغير . ثم نعمل مقارنة بين تحمس الصغير لمسؤوليته التي (تساوي صفراً) في خدمة أبناء طائفته التي أوصلته إلى ما هو فيه من نعيم وتكريم وقيادة وسيادة ، وبين موقف طارق الهاشمي وتحمسه لخدمة أبناء طائفته . وإليك أيها القاريء الكريم مختصرا لذلك : ففي الحملة الإعلامية التي سبقت انتخابات مجالس المحافظات أن معالي رئيس الوزراء طلب من طارق الهاشمي أن يزور الموصل ، فما كان من الهاشمي إلا أن يرفض ذلك إلا بشرط وهو أن يأخذ معه من مجلس الوزراء أمر بتعيين 5000 فرد من المحافظة . وفعلاً استطاع أن يأخذ كتاب التعيين ويوفر فرصة عمل لآلاف العوائل في الموصل ، وهكذا نرى الفرق واضحاً بين المسؤول الشيعي الذي آلى على نفسه ألا يتدخل بتوفير فرصة عمل لعائلة شيعية ويقولها متبجحا ومفتخراً وبين المسؤول السني الذي يقاتل من أجل أن يوفر فرص عمل للألاف من أبناء طائفته .
حادثة أخرى غريبة وعجيبة تحدَّث عنها الإعلام هذه الأيام ، وهي أن ثلاثة سجناء من الأفغان الشيعة فارقوا الحياة في سجن الناصرية ، بعد أن تدهورت حالتهم الصحية داخل السجن ، كانت جريمتهم الوحيدة هو تجاوز الحدود العراقية بلا جواز سفر مأخوذين بالشوق لزيارة العتبات المقدسة ، ولم يثبت عليهم أي جرم آخر ، وحكم عليهم بالسجن 5 سنوات لذلك.. عندما ساءت حالتهم الصحية تدخل المرجع الشيخ إسحاق فياض لإنقاذ حياتهم ، وبعد مراسلات ومكالمات مع مجلس الوزراء ، أصدر السيد نوري المالكي عفواً عنهم ، وبما أن ( اللعبة السياسية بين الشركاء ) تتطلب أن يوافق على هذا العفو ( مجلس الرئاسة الموقر ) لذا فإن ( السيد طارق الهاشمي ) لم يوافق ، وأدخل الأمر في دهليز القوانين ، الذي لا نهاية له ، الأمر الذي أدى إلى أن تزهق أرواح هؤلاء الشيعة الثلاث القادمين من مدن بعيدة لزيارة أئمتهم في العراق ، ماتوا في دولة تحكمها الأكثرية الشيعية كما نظن ونخدع أنفسنا .. إذن الهاشمي كان سببا في إزهاق أرواح هؤلاء الأبرياء ، ولم تستطع المرجعية الشيعية ولا مجلس الوزراء الشيعة ولا القضاء الشيعي ، ولا 70% من الشعب الشيعي ، كل هذه السلطات الشيعية ( الهائلة ) بصق في وجهها طارق الهاشمي وأسكتها وحقق ما يريد .
وفي الوقت الذي تعجز الحكومة الموقرة عن إطلاق سراح هؤلاء الشيعة الثلاثة المظلومين الأبرياء الذي جاؤوا لزيارة أئمتهم بلا وثائق سفر، نرى الحكومة ذاتها تطلق سراح الآلاف من الإرهابيين السنة بذريعة (حسن النية والمصالحة الوطنية ) ، لتفسح لهؤلاء الكلاب المسعورة من جديد الفتك بالأرواح وسفك المزيد من الدماء .. وفعلاً اثبتت التحقيقات ذلك حيث أن غالبية من ألقي عليهم في التفجيرات الأخيرة هم ممن أطلق سراحهم من السجون في الأشهر الماضية ..