 |
-
السيستاني اللغز الاكبر في المعادلة العراقية: الأمريكيون لا يعرفون الكثير عنه ويسعون ل
السيستاني اللغز الاكبر في المعادلة العراقية: الأمريكيون لا يعرفون الكثير عنه ويسعون لقناة إتصال
2004/05/05
ايران سحبت إستخباراتها من محيط النجف بناء علي طلبه.. ولا يعتقد بحتمية المواجهة مع الاحتلال
اعتبر الدستور المؤقت وعد بلفور جديدا .. وحزب الله اشترط العلنية لتقديم النصح للامريكيين حوله
عمان ـ القدس العربي من بسام البدارين:
يوجه آية الله السيستاني الممثل لأعلي مرجعية في النجف الأشرف رسائله وتوجيهاته وتعليماته بدون قنوات وسيطة وبدون مشاورات مسبقة مع أركان مكتبه المتواضع وأحيانا بدون كلام وفي بعض الأحيان بواسطة إستخدام كلمات قليلة.
والعراقيون المتابعون لمشهد بلادهم حاليا يتداولون دوما حادثة شهيرة عند الإستدلال علي تلك الإيماءات والإيحاءات المقدسة التي تصدر عن السيستاني فخلال لقاء أسبوعي بين المرجعية العليا وتلامذته من المرجعيات الصغري هو الوحيد لتلقي إيحاءات الإمام وتوجيهاته وجه أحد الحضور السؤال التالي: سماحة السيد... ما رأيك بالقانون المؤقت الذي أصدره مجلس الحكم؟... في تلك اللحظة غرق الجميع بلحظات من الصمت إنتظارا لردة الفعل التي ستحدد عمليا مسار موقف الشيعة برمتهم من القانون وبعد دقيقة صمت قال السيستاني أربع كلمات فقط تقصدون وعد بلفور الجديد.
.. وبطبيعة الحال لم يحصل نقاش من أي طراز فبكلماته المحدودة حدد المرجع الأعلي للشيعة في العالم وليس في العراق فقط الموقف العقائدي والسياسي من المسألة وفهم الأخرون بان وعد بلفور الجديد يقصد الأكراد والنفوذ الذي حصلوا عليه بدون حق حسب العديد من مصادر الشيعة مما يعني تلقائيا بان المرجعية العليا التي تتحكم بالأشياء بصمت مرعب وهدوء غير مألوف في البشر العاديين ضد القانون المؤقت وضد حصص ومساحات النفوذ التي وعد بها الاكراد.
وهذه الحادثة في الواقع الموضوعي تصلح مدخلا لمناقشة أسرار مملكة الصمت الشيعية بين جدران وفي أقنية النجف الأشرف فمن يعرف السيستاني ويقترب منه يعرف بأنه يصدر إشارات بين الحين والأخر لأتباعه يفهم منها بان المرجعية وخلافا لما يشاع ويعتقد ضد تقسيم العراق بكل الأحوال وبأن تجنب مواجهة تنافسية وصراع مع الأكراد واحد من سلسلة أهداف إستراتيجية تسعي لها مملكة المرجعية الصامتة التي تفضل الإنتظار والتريث وتجنيب الشيعة مواجهة دموية مفتوحة علي كل الإحتمالات مع الأمريكيين قد تلحق ضررا بالغا ليس فقط بشيعة العراق إنما بشيعة العالم فقد أبلغ مسئولون أمريكيون قيادات شيعية في مجلس الحكم الإنتقالي بأنهم يعرفون الأن بأن السيستاني مرجعية الشيعة في الواقع بكل مكان وتحديدا في آسيا وهو أمر يعتقد ان له دورا مباشرا في تجاهلهم لمواجهة عسكرية حاسمة مع قوي المناوشة الشيعية التي يقودها الإمام الصغير مقتدي الصدر.
والسيستاني علي نحو أو اخر لا زال بالنسبة للأمريكيين والبريطانيين يمثل السر الأعظم الغامض، وهذا الشعور عبر عنه في عمان خلال جلسات وعشاءات عمل خاصة سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا في العاصمة الأردنية فالرجل الطاعن بالسن أغلق الباب علي كل انواع الإتصالات الوجاهية مع الأمريكيين والبريطانيين والتفاهم معه إقتصر علي إيصال رسالة او تلقي رسالة منه فقط ومثل هذه الحالات النادرة تمت دوما عبر وكلاء ووسطاء في نظام حلقات متعددة لا يعرف احد من هي حصريا الأقرب فعلا للرجل العجوز الذي يملك مفاتيح الكثير من الحلول لما يحصل في العراق.
مساحات معلومات فارغة
والأمريكيون أبلغوا مسؤوليين أردنيين وخليجيين بانهم يشعرون بالفضول والحيرة كلما تذكروا السيستاني فالأخير لم يطلب منهم شيئا محددا ولا يتصل بهم ويجيبهم عند الضرورة عبر قنوات مغرقة في السرية دون ان يغلق الباب تماما أمامهم، والأهم ان واشنطن قلقة فهي تشعر بان السيستاني لا يثق بأصدقائها من شركاء مجلس الحكم وبأنه مسرور لان الأمريكيين خلصوه بالوكالة من صدام حسين، علما بان الحيز المخصص له في شبكة معلومات البنتاغون تحتوي علي نزر يسير من المعلومات وأن إدارة الإئتلاف المحتل كلفت سفراءها في المنطقة للبحث عن معلومات.
وفوق ذلك يشعر الأمريكيون بان السيستاني رجل مهم للغاية لكنهم لا يملكون بصورة محددة تصورا حول حدود هذه الأهمية وخبراؤهم حتي الأن فشلوا في الإجابة علي السؤال التالي: لو تحرشت قوات التحالف بالسيستاني شخصيا ما الذي سيحصل؟ وعندما يوجه هذا السؤال لأصدقاء واشنطن من الشخصيات العراقية الشريكة او من الشخصيات العربيه الصديقة يأتي الجواب علي شكل نصيحة تحذرهم من الإقتراب من عش الدبابير وعند الإستيضاح لا يشفي غليل الأمريكيين بمعلومات محددة حول إمكانات هذا العش وحول ما الذي يمكن ان يفعله فعلا السيستاني.
والأمريكيون جربوا حسب مصادر القدس العربي أكثر من جبهة لتفكيك أسرار السيستاني الذي يقال لهم دوما بان فتوي جهادية واحدة منه ستفتح أمامهم أبواب جهنم في العراق، لكن الغريب ان هذه الفتوي لم تصدر ولا يبدو انها ستصدر في وقت قريب علما بان واشنطن لا تعرف بعد ما الذي يتوجب ان يحصل لكي تحصل مواجهة مع فتوي من هذا النوع؟
لكن رغم ذلك حاول الأمريكيون مع إيران لعلها تساعدهم في فتح قنوات مع السيستاني وحاولت طهران ممارسة اللعبة علي أساس انها تشترك مع السيستاني بخصومة تاريخية لصدام حسين ونظامه لكن السيستاني أقفل الباب تماما أمام الإيرانيين ولم يكتف بذلك بل نصح طهران بإبعاد عناصر إستخباراتها في محيط العتبات المقدسة في النجف وبالفعل فقد تم هذا الإبتعاد وغادر مدينة النجف بهدوء وصمت ما لايقل عن ثلاثة آلاف إيراني كانوا محسوبين علي إستخبارات طهران وهؤلاء عادوا او إنسحبوا لمواقع اخري بعيدا عن مملكة الصمت السيستانية كخطوة سلام ثنائية.
ويعتقد ان تحفظات السيستاني علي الإيرانيين كانت الأساس في تطويق الوساطة التي طلبتها واشنطن قبل شهرين لتحويط طموحات الصدر الصغير علما بأن وكلاء للسيستاني أبلغوا زملاء لهم من جماعة المجلس الشيعي الأعلي المحسوب علي طهران بأن المرجعية العليا ليست راضية عن محاولة الإيرانيين إستغلال الفرصة والتدخل إستخباراتيا في الشأن العراقي وتحديداالشيعي الداخلي وهذه الملاحظة لم تحد فقط من نفوذ إيران في جنوب العراق ولكن ايضا تسببت بعزل قيادات المجلس الأعلي في المجلس الإنتقالي وهذاالعزل وصل لحد رسالة واضحة تلقاها عبد العزيز الحكيم من شيعة لبنان الذين أقاموا إتصالات سريعة مع اخوتهم من شيعة العراق وهي رسالة منعت الحكيم في إحدي المرات من القيام بزيارة كانت مقررة لبيروت بعد ان أثرت في أجواء هذه الزيارة.
دمشق وطهران قنوات مقفلة
ويعني ذلك بلغة أبسط بان مرجعية النجف تفضل إبتعاد إيران او تري انه من الواجب عليها ان تبتعد الأن إذا كانت حريصة علي وحدة العراق وتسعي للتعاون ومقياس هذا الموقف ليس الخصومة او حساسية الخلافات العقائدية إنما الواقع الموضوعي لمشروع المرجعية بخصوص عراق المستقبل وثوابت هذا المشروع.
وفي المحصلة لم تكن القناة الإيرانية صالحة لإقامة صلات وإتصالات بين الأمريكيين والسيستاني فجربت واشنطن الإتصال بسورية علي أساس ان الأخيرة ستكون حريصة علي تقديم اي خدمة اكثر من اي وقت للأمريكيين وهنا فشلت هذه القناة أيضا لإن دمشق إعتذرت ليس لأنها لا تريد بل لإنها لا تستطيع ولاتملك أدوات إتصال مع السيستاني.
وهنا حصريا أنتجت دمشق جرعة إرباك إضافية للأمريكيين فقد إعتذرت لهم وحذرتهم بقسوة من اي محاولة لتجاهل النجف او إستسهال إخضاعها علي أساس ان ذلك سيكلف الإحتلال كثيرا لكن العاصمة السورية تصرفت بلؤم وفاجأت الأمريكيين بان دلتهم علي جهة ما تستطيع تدبير إتصالات مع مرجعية النجف وهي حزب الله اللبناني الذي تعتبره واشنطن إرهابيا فهو برأي السوريين الجهة العربية الوحيدة التي تقيم علاقات محترمة مع شخصيات بارزة في النجف العراقي.
وبطبيعة الحال رفضت واشنطن الإستعانة بإرهابيي حزب الله في هذا المسار لكنها لم تستطع مقاومة شهوتها في البحث عن معلومات وأقنية فطلبت من مرجعيات لبنانية صديقة لحزب الله الإتصال بالحزب وقياس منسوب إستعداده وتصوراته حول ما الذي يريده تحديدا السيستاني؟ وكيفية التعامل أمريكيا معه؟ وفي الواقع وصلت الإستفسارات لحزب الله لكنه لم يقدم اي معلومات مفيدة من أي نوع خارج نصوص التحذيرات السورية الكلاسيكية، مستعدا لتقديم نصائح خاصة لواشنطن إذا طلبت منه ذلك بصورة مباشرة وعلنية وكان ذلك بمثابة نهاية لإتصالات الإستشعار التي اقامها الأمريكيون مع جماعة حزب الله عبر أصدقاء له في بيروت وهي نهاية حددها بإمتياز الأمين العام للحزب حسن نصر الله الذي تقول معلومات القدس العربي أنه إتصل بالسيستاني وأبلغه بما حصل وخاض مع قادة مرجعية النجف بحوار معمق حول أزمتهم وأزمة بلادهم وأزمة الإحتلال وآفاق المستقبل.
تناغم الفضائيات مع حزب الله
وعلاقة حزب الله بمرجعية النجف لم تعد ملتبسة فالتناغمات الخطابية والإعلامية بين الزعيم الشاب مقتدي الصدر والشيخ حسن نصر الله التي ظهرت مؤخرا عبر المايكروفونات والفضائيات ليست سوي تعبير عن علاقة باطنية أكثر أهمية فعدد كبير من مرجعيات الصف الثالث في النجف من أمثال الصدر الشاب يروجون تجربة حزب الله مع إسرائيل في جنوب لبنان علي أساس انها مثال حيوي لإحتمالات إنتصار الشيعة لو قررت مرجعيتهم القتال وشبان المرجعيات هذه في النجف والكوفة يرفعون في تظاهراتهم صور نصر الله وعلم حزب الله ويتحدثون عن المصير المشترك ويستذكرون في دروسهم الوعظية الموقف الشجاع الذي إتخذه حزب الله ضد النظام السابق والظالم للرئيس صدام حسين في الوقت الذي جازف فيه حزب الله بعمق علاقته مع الشعوب العربية بسبب إنتقاداته العلنية في الماضي لنظام صدام.
والصدر الشاب إمتدح علنا حزب الله ونصر الله فعل الشيء نفسه عدة مرات والعارفون ببواطن الأمور يؤكدون بان طاقم مستشارين في القضايا الإدارية والتنظيمية من حزب الله وضعوا مؤخرا تحت تصرف المرجعية لخدمة أهدافها في العراق حاليا ومستقبلا كما أقام الشيخ نصر الله صلات حيوية مع أقرباء له في مرجعية النجف العراقية من شيعة العراق تتويجا للعلاقات التاريخية بين عائلة الصدر في جناحيها العراقي واللبناني.
ومن الواضح ان عدة إجتماعات ولقاءات عقدت مؤخرا في بيروت ودمشق بعضها سري وبعضها علني بين قادة شيعة العراق وبين قادة شيعة لبنان فعدد قادة الشيعة المهتمين بإدامة التشاور مع حزب الله في تزايد واضح والمعلومات تقول ان المرجعية العليا في النجف بصورة هذه التشاورات والحوارات.
المواجهة ليست حتمية
نصر الله ايضا تقدم بإستفسارات للسيستاني عبر وسطاء تساءل فيها عن وجود سيناريو جاهز للمواجهة المحتملة التي قال انها ستحصل بالنتيجة مع الأمريكيين، وهنا برز خلاف بين الطرفين فجماعة المرجعية يعتقدون بان الأمريكيين ومن باب الإحتمالات قد يفكرون بعقلهم وقد يتجنبون مواجهة دموية مع الشيعة والفكرة التي نقلت لنصر الله من النجف تقول بأن السيستاني لا زال يراهن علي ان مواجهة مكشوفة وصدامية ومسلحة مع الأمريكيين ليست حتمية وعلي ان زوال نظام صدام حسين شكل فرصة تاريخية لتمكين المشروع الشيعي العراقي من النهوض والسعي الأن لأي مواجهة يضر بالشيعة ومستقبل مشروعهم والمرجعية تفضل بأن لا تسعي لصدام مسلح وهذه مسألة تختلف عن إضطرارها لذلك إذا لزم الأمر وإلي ان تضطر الأفضل ان تتريث وتسمح للظروف الموضوعية بأن تنضج.
جماعة نصر الله فهموا أيضا بأن السيستاني ليس مستعدا للتلاعب بالقيمة الأساسية التي تؤمن بها المرجعية والتي تحرم التدخل في الشأن السياسي فهو لا زال يؤمن بان المرجعية لا ترتبط بمشروع حكم وسياسة لكن وظيفتها تقتصر علي القول بان الحكم صالح او فاسد وعليه فلم تتغير قواعد مثل هذه اللعبة حتي الأن علي الأقل.
كما فهموا بأن السيستاني يفكر بمرحلة ما بعد خروج الأمريكيين عسكريا علي انها مسألة مهمة جدا في أي تخطيط إستراتيجي علي أساس ان هذا الخروج حتمي سواء بالقوة او بالإقناع وما تطمح له المرجعية هو الإستعداد لمرحلة ما بعد إنتهاء الإحتلال ودراسة كل التفاصيل والحيثيات قبل وضع سيناريو محدد لأي مواجهة عسكرية محتملة.
لكن رأي حزب الله كان ان المواجهة المسلحة حتمية وان الإحتلال لن يخرج بالإقناع متمنيا علي المرجعية الإستعداد من الأن لمعركة فاصلة، وعلي جبهة موازية كان حزب الله ينصح زعامات الشيعة في المجلس الإنتقالي الحاكم بالإبتعاد عن الأمريكيين، مشككا مسبقا بفائدة اي شراكة معهم، محذرا بان الشعب العراقي سيقتل شركاء الأمريكيين او يستهدفهم إذا حصلت مواجهات مسلحة مفتوحة بين ميليشات المرجعية وبين الأمريكيين ناصحا هؤلاء بضم أنفسهم وبأسرع وقت ممكن لفعاليات الحوزة ولمشروعها.
منقول عن القدس العربي
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |