شهد عام 2009 ظاهرة ملفتة للنظر، تلك هي تصريحات النواب والمسؤولين الكبار عن إمتلاكهم وثائق إدانة لجهات تدعم الارهاب، وأخرى متورطة بالفساد المالي والإداري، وثالثة بصفقات سياسية مع دول خارجية، لكن أحداً منهم لم يمتلك شجاعة نشرها حتى اللحظة. وثيقة الإدانة ليست شأناً شخصياً تخضع للمزاج الخاص، وللحالة النفسية لمن يمتلكها، فينشرها وقت يشاء، ويلوح بها متى يريد، إنما هي مسؤولية وطنية وأخلاقية قبل كل شئ. فمن يملك الدليل على تورط مسؤول في الدولة بقضايا الارهاب والفساد المالي، عليه أن يمتلك شجاعة المواجهة واحساس المسؤولية فيعرضها على الجهات المختصة، واذا ما وجد تهاوناً منها، يعلنها على الملأ ليعرف الشعب العراقي من هو المقصر والمسئ، أليست هذه أبسط الممارسات في الحياة الديمقراطية؟.
كيف يمكن للمسؤول والنائب الذي يمتلك وثائق إدانة بهذه الخطورة أن يخفيها في خزانته الخاصة، فيفسح المجال أمام المفسدين ليستمروا في فسادهم، ويمكّن الإرهابيين من مواصلة اعمالهم الإجرامية في إراقة الدم العراقي؟.
إن من يخفي وثيقة بهذه الخطورة ثم يكتفي بالإعلان عن ذلك فقط، إنما يعني أنه يدخل سوق الصفقات السياسية، بمعنى وثيقة مقابل وثيقة.. أو صمت مقابل مكسب.
لقد رأى المواطن العراقي ظهور قضايا كبيرة، وتفجر حالات صاعقة من الفساد والتورط في الارهاب، يجري خلالها الاعلان عن اسماء المتورطين، ثم يمر وقت قصير تختفي فيه القضايا والاسماء والمتورطون، مما يعني أن صفقات الوثائق قد جرت فآلت الأمور الى الصمت، هذا هو الاقرب للتفسير، ويأتي من بعده تفسير آخر، بأن القضاء في العراق معطل لا قيمة له.
من حق المواطن أن يعرف، ومن واجب المسؤول أن يكشف الحقائق، وإلا فان من يصرح بإمتلاكه وثيقة إدانة ضد الآخرين ثم يحجم عن نشرها، فإنه مدان في زمن الديمقراطية، هكذا يقول المنطق.
الوسط