النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    4,192

    افتراضي المعركة ليست بالسلاح فقط

    المعركة ليست بالسلاح فقط

    الذي يستقرئ المنطق الذي يسيطر على عقلية الإنسان العراقي الشيعي هذه الأيام، يكتشف أن هذا المنطق يتمحور على ركيزتين تؤطران مجمل أفكار وتصرفات وردود الأفعال التي نراها تسري في الواقع الشيعي العراقي.

    الركيزة الأولى: هي ركيزة التعصب للراي، بكل ما يعنيه هذا التعصب من إلغاء لفكر الآخر، وأسلوب تفكيره، بل حتى محاولة فهم منطق الآخر الذي قد لا يرى صواب تفكيري، أو أسلوب عملي. هذا التعصب للراي اصاب الواقع الشيعي بأغلب أطيافه، بقصر في النظر، ويعرف المصابون بقصر النظر مشكلة هذا القصر، فالمصاب بقصر النظر لا يستطيع أن يتبين الأمور البعيدة بوضوح، خاصة إذا ما أصبح الجو أكثر إظلاماَ. هذا القصر في النظر أجبر الإنسان في الواقع الشيعي على أن يضطر إلا ينظر إلى بعيد، وإنما إلى المحيط الذي يظن أنه يتبين أموره ببصره.

    الركيزة الثانية:الدكتاتورية، وفرض الرأي، فمن لم يكن معي فهو ضدي، وبما أنه ضدي، فهو عدوي، وبما أنه عدوي فهو مشروع حرب، يريد إستئصالي إن لم أستأصله. وبما أنني أشعر أنني مشروع إستئصال للمقابل المختلف معي، فإذن يجب علي أن أفرض رأيي، سواء قبله من قبله، أو رفضه من رفضه. هذا الشعور بإحتكار الحق، والإحساس بأن الآخر على الباطل يعطي قوة تدميرية أكبر لهذا المنطق.

    إذا جمعنا هاتين الركيزتين سنحصل على وصفة ممتازة لحالات فشل متكررة، حالات في واقع يبدو أنه على إستعداد ببنيته الفكرية القائمة حالياَ، وببنيته الإجتماعية والسياسية التي يوجهها هذا المنطق أن يفرخ مفاشل، تتشابه في في شكلها، ونمطها، رغم تعدد الظروف، والعوامل المؤثرة في تلك الظروف. ورغم أن الواقع الشيعي العراقي بإستضعافه، وتخلفه، وتفرقه وتمزقه، يتشابه في ظروفه وهيئته مع الكثير من حالات الإستعباد والقهر والظلم على مدى التاريخ، إلا أن هذا الواقع –على ما يبدو- الوحيد الذي لا يستطيع أن يستفيد من تجاربه، ويخرج من عقدة تكرار المفاشل الكبرى. وقد يقول قائل أن الشيعة العراقيين يعانون من أزمة قيادة، قيادة حكيمة وواعية تحمل هم هذا الواقع، وتنطلق به إلى بر الأمان. وقد يكون لهذا الكلام قدر من الصحة، ولكن المشكلة في تصوري تتعدى أزمة القائد والقيادة لتصل إلى مشاكل كبيرة على مستوى النظرية التي أسست لهذا الواقع –حديثاَ- والذي حولت من خلاله هذا الواقع إلى هرم تراتبي، يجلس على قمته من يسمى "المراجعة"، أو ما بدأ يطلق عليهم حديثاَ "المرجعيات"، ربما كإستخدام لغوي أكثر دقة ينطبق على واقع المرجع حاشيته من وكلاء وأقارب وغيرهم. وتنزل هذه التراتبية إلى أن يكون في قاعدتها الإنسان الشيعي العادي، أو ما تطلق عليه ثقافة القمة، العوام. وينضوى تحت هذا الوصف كم كبير من الأشخاص الشيعة، سواء أكانوا حملة شهادات إختصاص في العلوم الإنسانية أو العلوم البحتة، أو الصناع والحرفيين، وغيرهم من طبقات المجتمع المختلفة. ويملأ الفراغ بين القاعدة والقمة الهرم، طبقة التجار، والمستعممين الذين يدورون في فلك تلك المرجعيات التي تجلس على الهرم، إضافة إلى فئة السياسيين، حيث يلعب هؤلاء أدواراَ متبادلة أغلب الأحيان، حيث قد نرى التاجر سياسياَ، أو المستعمم تاجراَ، أو التاجر مستعمماَ وسياسياَ وهكذا. ويكون هؤلاء اللاعبون الجهاز الإداري لهذه المرجعيات، وجهاز الإسناد والإستشارة لها أيضاَ.

    هذا الموديل التنظيمي للواقع الشيعي يعتبر الطينة الأصلية التي تفرعت منها نماذج متنوعة حاولت أن تحاكي الواقع المليئ بالزلازل ذات العيار الثقيل التي ما إنفكت تهز الواقع الشيعي العراقي. وفي إستقراء سريع للتاريخ الشيعي في العراق، نكتشف أن كل محاولات التحديث التي حاولت أن تخرج، أو تغير في محتوى هذا الموديل الذي كان يفرخ فشلاَ بعد فشل، لم تستطع أن تستقل عن هذه المرجعيات، وبدت في محاولاتها وهي تدور في حلقة مفرغة، في بحثها عن مشروعية العمل، والتأقلم مع الواقع. هذا الموديل التنظيمي إستدار بشكل آخر مع إنتصار الخميني في إيران، حيث دخل الواقع الشيعي العراقي في مرحلة أكثر دموية، وأصبحت السمة المكونة لذها الواقع هي لغة العنف، والسجون، والعقاب الجماعي. وهنا بدأ هذا الواقع يتأثر أكثر فأكثر بمنطق التعصب للراي الذي كانت تضخه المرجعية وخطها الوسطي في الواقع، مع تشبث أكثر بمنطق الدكتاتور الذي يميز العقل الشرقي عموماَ، والذي غذاه بالطبع شعارات بدأت تنطلق بقوة، محمولة بالسلاح، وعنف الصراع مع النظام، وإستغلال الدولة المجاورة وإيديولوجيتها بالطبع. وقد تكون الديكتاتورية المطلقة التي وسمت النظام البعثي ممزوجة بالوحشية التي لا نظير لها، قد إنتقلت بشكل أو آخر إلى مفردات هذا الواقع دون أن تحس مفردات هذا الواقع به.

    هذا الوضع الذي خلقه الهيكل التنظيمي للطائفة، بما يحمله من تقديس لرأس الهرم، كونه ظل الله في أرضه، والراد عليه كالراد على الله، وعدم مشروعية أي عمل إن لم يكن بإذنه، والعنف الذي طغى بصفته على مفردات الواقع، إضافة إلى وجود آليات كبح لوجود أي قيادة، أو خط قيادي نزيه في هذا الواقع، أدى فيما أدى إليه إلى تكوين مساحات فراغ كبيرة ، حاولت أن تملأها شخصيات، أو تيارات، تستمد مشروعية عملها من نفس هذا الهيكل التنظيمي، المولد لمفاشل تاريخية متكررة. ومن هذه الشخصيات والتيارات، محمد باقر الحكيم، وحزب المجلس الأعلى، أو مقتدى الصدر، وتياره وغيرهما من تيارات متعددة.

    الذي حدث بعد الزلزال الأميركي، هو أن قمة هذا الهرم قد إنكشفت على وضع لم يكن مألوفاَ، وبشكل شفاف للكثيرين من أتباع المذهب الشيعي في الواقع الشيعي العراقي. حيث كشف هذا الزلزال أن المولد لركيزتي المنطق الموجه للعقل الشيعي العراقي حالياَ، التعصب، والدكتاتورية، إنما هي القمة، والجهاز الإداري والإسنادي لها. وسواء طالب أتباع التيار المقتدائي الآخرين بأن يقفوا معهم في حربهم المقدسة، وجهادهم القتالي، وسواء إتهم أتباع هذا التيار غيرهم من أطياف الواقع الشيعي بالخيانة والعمالة والتآمر والجبن، أو إتهم التيار المقابل لهم أتباع الخط المقتدائي أنهم يمارسون التخريب والفرقة والإرهاب وعدم الإنضباط، تبقى المشكلة الكلية في برامج التخوين والتخوين المضاد، أو إحتكار الحق، ورمي الآخرين بالباطل مشكلة فكر موجه لكل عقليات إدارة الصراع في الواقع الشيعي. المشكلة تأخذ بعداَ أكثر خطورة عندما نكتشف أن الجميع مصابون بقصر النظر بحيث لا يستطيعون أن يتبينوا الصورة الكلية، وهي أن الكل، الجميع، هم في حالة صراع، وحرب، مستعرة، وشرسة جداَ. حرب مسلحة ضد إعتداءات قوى الإحتلال، لا تقل شراسة عن إستحصال موقع في إدارة الدولة والبلد وصنع القرار لهذا الواقع الذي مورست عليه أفتك اساليب تغيير البنية الإجتماعية والدينية. المسألة ليست مسألة لماذا لم يدن هذا الشخص هذا الحادث، أو لماذا لم ينطق ذاك الفصيل بما يمس هذا اوضع، بقدر ما أن تحقيق أي إنتصار لنا كإسلاميين شيعة في الحصول على موقع إدارة في الدولة وصنع القرار فيها هو إنتصار للتيار الذي قرر أن يدخل معركة مسلحة مع المحتل. يجب أن نفهم أن المسألة ليست مسألة صراع بين هذا الفصيل أو ذاك كما تحاول أن تروج له قمة الهرم وجهازها الإداري والإسنادي، المسألة هي مسألة تكامل، تكامل يتفاهم الكل عليه وإن لم يلتقوا على تحقيق واقع عراقي شيعي أفضل، بعيداَ عن الشعارات والمزايدات.

    كما أن أي إنتصار يحققه هذا الفصيل المسلح في هذا الموقع هو إنتصار لكل الواقع بما يحمله هذا الإنتصار من تقدم على مستوى التأثيرفي أرض الواقع. يجب أن نفهم أن الواقع الشيعي العراقي ليس حكراَ لأحد، ولا يمتلك أي شخص أو فصيل، أو مرجع مشروعية قيادة هذا الواقع بالطريقة التي يختارها. كما أن الواقع اليوم وخاصة بعد إنهيار الخطوط الحمراء، ومعها إنهيار الوكلائيات وقمة الهرم، تحتم علينا نحن العراقيين الشيعة أن نبحث في مرجعية جديدة تتأسس على الإنسان، الإنسان الشيعي الذي إستثنته هذه المرجعية، بكافة توجهاتها وإنتماءاتها ولغتها إلا من رحم ربي بالطبع. يجب الإنطلاق في تأسيس واقع مرجعي جديد يقود الواقع الشيعي العراقي نحو بر الأمان. فكرتي تتلخص في برلمان شيعي عراقي يضم كافة الأطراف المؤثرة في الواقع الشيعي العراقي ينتخبها الإنسان الشيعي العراقي، يؤسس لمرجعية مهنية، تتحسس آلامه، وتفهم الواقع، تتمتع بالنزاهة، والشجاعة في نفس الوقت بعيداَ عن قمة الهرم المصطنع وجهازيها الإداري والإسنادي.
    "أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام"
    كونفوشيوس (ع)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    افتراضي Re: المعركة ليست بالسلاح فقط

    الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة العقيلي
    فكرتي تتلخص في برلمان شيعي عراقي يضم كافة الأطراف المؤثرة في الواقع الشيعي العراقي ينتخبها الإنسان الشيعي العراقي، يؤسس لمرجعية مهنية، تتحسس آلامه، وتفهم الواقع، تتمتع بالنزاهة، والشجاعة في نفس الوقت.

    نقل لي احد الاخوة قبل اغتيال عز الدين سليم بشهرين .. انه ذهب الى براني السيستاني مع محمد بحر العلوم .. وان عز الدين سليم اسمع المرجع محمد رضا السيستاني كلاما قاسيا حول حشر اسم المرجعية في كل شاردة وواردة .. ووصل الأمر الى حد الانفعال والعصبية .. وحينما خرج عضوا مجلس الحكم من براني السيتساني التفت بحر العلوم الى سليم ليقول له .. تعال ابوس راسك لأنك فوخت قلبي .. فالتفت اليه سليم .. إن كان كلامي يعجبك لماذا صمت ولم تتكلم .. فقال له بحر العلوم .. سيسقطوني .. ماتقوله من كلام رائع جدا ولكن دونه خرط القتاد .. ستحشد المرجعية الغير مهنية كل اسلحتها العلنية والسرية .. الدينية والدنيوية من اجل تسقيط من يقف في طريقها او يحاول ان ينتقص من امتيازاتها .. مع ذلك فلا هدف من غير تضحيات .. وليكن الشعار عودة العمائم الى الحوزات .. وتحريم اشتغالها في السياسة وشؤون المجتمع .. حرية الشيعة في تحريرهم من سطوة العمامة ..
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    4,192

    افتراضي

    سيدنا العزيز

    أتصور أننا ينبغي أن نعمل على تأسيس مثل هذا الأمر. ولم أقصد أن التأسيس لهذا الأمر يتم بين ليلة وضحاها. العملية تتطلب جهوداَ، وعملاَ مضنياَ، أتوقع أن مثل هذا المشروع لن يرى النور بسهولة. واتصور أن هذا المشروع يأخذ وقتاَ طويلاَ جداَكي يتحقق.

    ولنستفد من تجارب غيرنا، رغم أن لا تشابه بيننا وبين اليهود، إذ أننا نعيش في أرضنا ووطننا وشعبنا ونطالب بحقوقنا المشروعة دون التعدي على حقوق الآخرين، ولكن كمثال المسافة بين مؤتمر بازل الذي إنعقد 1897 وتأسيس دولة الصهاينة 1948 نصف قرن تقريباَ.

    لا أريد أن يفهم من هذا المثل أنني أدعو إلى وجود دولة شيعية في العراق، ولكنني أدعو إلى إيجاد واقع يشعر الشيعي العراقي فيه أنه مواطن، له ما له من حقوق، كما أن عليه ما عليه من واجبات، دون تمييز أو تفرقة أو إنتقاص حقوق أو إحتقار. العدالة والمساواة.
    "أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام"
    كونفوشيوس (ع)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    965

    افتراضي

    (( أن تحقيق أي إنتصار لنا كإسلاميين شيعة في الحصول على موقع إدارة في الدولة وصنع القرار فيها هو إنتصار للتيار الذي قرر أن يدخل معركة مسلحة مع المحتل. يجب أن نفهم أن المسألة ليست مسألة صراع بين هذا الفصيل أو ذاك كما تحاول أن تروج له قمة الهرم وجهازها الإداري والإسنادي، المسألة هي مسألة تكامل، تكامل يتفاهم الكل عليه وإن لم يلتقوا على تحقيق واقع عراقي شيعي أفضل، بعيداَ عن الشعارات والمزايدات.

    كما أن أي إنتصار يحققه هذا الفصيل المسلح في هذا الموقع هو إنتصار لكل الواقع بما يحمله هذا الإنتصار من تقدم على مستوى التأثيرفي أرض الواقع ))

    وبغض النظر عن فكرة البرلمان فهي فكرة عمل عليها الاسلاميون منذ ست سنوات منذ كانوا في المهجر , وهي حاجة ملحة اليوم .
    لكن ما يهمني من الموضوع الجيد هو أن الاخ العقيلي ركز على مسألة التكامل وأن لحامل السلاح حقه ولصاحب الصراع السياسي السلمي حقه ومتى ما توصلنا الى هذه العقلية بحيث نؤمن بها ونعمل عليها اقتربنا أكثر من الهدف وأعتقد أن الهدف المشترك لجميع العراقيين المخلصين هو استقلال العراق واستعادة سيادة وأن تحكمه حكومة تأتي بها صناديق الاقتراع ليتحقق الأمن والاستقرار والبناء .. ومن هنا كان لزاما على صاحب الحل السلمي أن يسند الآخر المسلح ولو بالصمت الايجابي والتنسيق الخفي وفي نفس الوقت على صاحب السلاح أن يعمل نفس الشيء وأعتقد أن هذا يتم باللقاءات المكثفة والمكاشفة لتحصل الثقة أولاً لأنني أرى أن أزمتنا الأولى هي أزمة ثقة .
    وبناءً على موضوع الأخ العقيلي ينبغي لنا نحن المتفرجين على الصراع ومحسوبين عليه ينبغي أن لا نعيش الاقصاء للآخر وأن ندعم هذا في اسلوبه وذاك في اسلوبه الآخر حتى نخطو خطوة حقيقية نحو التكامل ولو على مستوى القواعد .
    إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني