رسالة الجعفري الى الاختلاف المنقسم على نفسه .. والمتآمر على بعضه .. ومن ثم خطابه عبر الفضائية العراقية تعني تسليمه بالأمر الواقع .. ومقدمة لتنحيه عن ترشيحه لرئاسة الحكومة العراقية .. وقد تراجع الجعفري بذلك عما وعد به في اليوم الماضي من مضيه الى الشوط الأخير في مسألة ترشيحه والإصرار على حسمها ضمن الآليات الديمقراطية والدستورية .. وهو موقف صائب وصحيح كان على الجعفري ان يتمسك به .. إنما يبدو ان الضغوط كبيرة خاصة وان رسالة الجعفري وخطابه جاءا بعد يوم واحد من تصريح الرئيس الأمريكي بوش حول ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة العراقية .. لا نريد هنا الحديث عن المبررات التي ساقها قطاع الطرق لرفض الجعفري .. فهي مبررات تافهة ويضرب بعضها بعضا .. فضلا عن ذلك فإنها تحمل الجعفري مسؤولية فشل الجميع .. ووزر جرائم الاحتلال وخطاياه .. وقد اصر هزاز الوقف السني عدنان الدليمي على تبرئة الاحتلال من كل الجرائم ومن نية البقاء في العراق علنا وعلى العربية ..
رفض الجعفري هو رفض للعملية الدستورية .. ولعب بها وفرض للإرادات المختلفة على ارادة الشعب العراقي التي عبر عنها في الانتخابات التي جرت والتي أفرزت عبر آلياتها ترشيح الجعفري لرئاسة الحكومة .. ولابد هنا من الاشارة الى القوى التي تتعامل مع هذه التطورات من انتخابات ودستور وغيرهما من وسائل تعامل الأمر الواقع كما قال طارق الكروي المعروف بالهاشمي والذي فضل التنازل عن كركوك للأكراد هو وجبهة التوافق السنية رغم صراخهم وعويلهم حول وحدة العراق .. مقابل إرضاء نزعة طائفية قذرة لا ترى من هدف الا الحاق الضرر والأذى بالطرف الآخر حتى ولو على حساب العراق ومصالح شعبه .. هذه القوى تسللت الى الدولة ومرافقها وفق خطة محكمة .. واستطاعت ان تحقق ما تريد بعد تمنع ورفض مزيفين .. بل واستطاعت بإصرارها ووحدتها ان تلغي قرار الشعب العراقي وتسحق على نتائج تصويته .. وسط تواطئ المتواطئين وتآمر المتآمرين .. وقد قالها صالح المطلك البارحة على العربية .. لا خلاف لنا مع الجعفري وسنحاسبه على برنامجه .. ولكن القضية هي ان الجعفري مرفوض في الإئتلاف اولا وقبل الآخرين .. وهذه حقيقة .. فقد غلبت المصالح الحزبية .. والمطامع الشخصية .. مع كل هذا المشهد الدموي اليومي الذي يستخدمه البعض في الإئتلاف للتجارة ولا يحرك فيهم اي نزعة للإلتفات الى مصالح الناس ومصيرهم ..
سقط الجعفري .. وعاش البعث ..
فقد أُسقط الجعفري على يد البعثيين وبإستهداف واضح .. ومن يتأمل صورة المعترضين .. سيعرف ان عتاة البعث ومجرميه الذين يتصدرون هذه الصورة هم الذين أسقطوا الجعفري .. ومن المفارقات الصارخة ان يتحكم بعثي كان حتى الأمس القريب هاربا يخشى من العقاب كظافر العاني .. او مجرم قاتل كحسن زيدان اللهيبي بطل إجتياح البصرة في إنتفاضة 1991 .. وغيرهم في مصير الشعب العراقي ويرسمون وفقا لما يريدون ويشتهون ..
تهانينا لحزب البعث بإنتصاره الكبير .. وسنرى قريبا إنتصارات أخرى وأكبر .. ولن تشفع دسائس عبد العزيز الحكيم ومجلسه في رد هذه الانتصارات .. فقد أكلوا يوم أكل الجعفري .. والايام حبلى بالمفاجآت البعثية ..
ملاحظة على هامش الموضوع : اعلن عدنان الدليمي هذا المساء انه يتوقع ان يتم ترشيح علي الاديب لرئاسة الحكومة .. وأكد انهم لن يعترضوا على الاديب من باب المصلحة حيث ان الأزمة يجب الا تطول اكثر مما طالت .. ومع ان الدليمي لم يمدح الاديب بحرف .. الا انه ابدى استعداد الجماعة لقبوله في هذا المركز .. وترشيح الاديب لمنصب رئاسة الوزراء كارثة .. ففي الرجل نقطة ضعف كبيرة .. وسيستغلها أقطاب اللعبة الطائفية أسوأ إستغلال .. من اجل تمكين حزب البعث بواجهاته المختلفة من المضي في تحقيق أهدافه واحدا بعد الآخر ..