.
كراسي 2010
توركيش كامل جوما / رئيس تحرير مجلة العروة الوثقى
لا يخفى على أحد أن ما يقارب 35% من الشعب العراقي يحتضر تحت خط الفقر ،
وينتظر لحظة الموت في صالة العوز والحرمان!! بينما تم صرف مليارات
الدولارات(ميزانية دولة) لسنتين وأكثرعلى الصور والإعلانات الإنتخابية ،
ألم يعلم (قادة الشعب) أن ثلث الشعب في طريقه إلى (الإنقراض..!!!)، أليسَ
الكل كانت تدّعي بخدمة الفقراء في حالة فوزهم ؟؟ إذاً لماذا لم يخدموا
بتلك المليارات شعبهم بالصرف المباشر عليهم .. ثم لماذا تخلى البعض عن
الصور الإنسانية الحقيقية ؟؟ وتركوها تعيش في مأساتها ومعاناتها ، بينما
أسرفوا كثيراً في تمجيد صورهم (الجامدة..!!!) لكسب أصوات الفقراء من أجل
الكرسي الذي أنسى ويُنسي إمتيازاته المحرومين ، بل وأمسى بعضهم أولئك
الذين أجادوا لعبة التجارة بالضمائر وأحسنوا أرتداء زيّ النفاق مزركشة
بقليل من الوطنية، فجاءت خطتهم ودهائهم محكمة وعجيبة ومن الصعب كشفها ،
فتراهم اليوم واثقين جداً من شغل مناصبهم وتعيين أقاربهم وأمضاء
مقاولاتهم وإبعاد خصومهم والأطمئنان الدائم على تدفق مصالحهم في الداخل
والخارج ، أما الفقراء فــ(الله ينطيـهم!!) فهم كانوا وما زالوا وسيبقون
مجرد(وسيلة) للوصول الى الغايات الحزبية والشخصية الضيقة .. نعــم فبينما
قومٌ جلوسٌ يأكلونَ حيتاناً (أسماك كبيرة) إذ أستأذنَ ـ أشعب ـ فقال رجلٌ
أجعلوا كبار الحوت إلى جانب والصغار إلى جانبٍ آخر وليأكل أشعب من أيهما
شاء ، فقال أشعب إنَ لي مع الحيتان ثأراً ..!!؟ لأنَ أبي ماتَ في البحر
وأكلته الحيتان ، فقالوا فدونكَ خذ بثأر أبيك !! فجلس ومدَ يده إلى حوتٍ
صغير ووضعه قرب أذنه ونظرَ إلى كبار الحوت ، فقال : أتدرون ماذا يقول هذا
الحوت ؟؟ إنه يقول : إنه لم يعلم عن موت أبي لأنه صغيرُ السن !! ولكن قال
لي أيضاً : عليكَ بتلك الحيتان الكبار فهي التي حضرت موت أبيك وتحالفت
على أكله ، بينما نحن الصغار كنا وسنبقى ضحايا ندفع ضرائب ما ترتكبه
الكبار !!؟؟ .. نعـــــم (الكبار ثم الكبار!!!!) ، أتمنى أن تكون فكرة
الحيتان (الكبيرة والصغيرة) قد وصل مضمونها إلى ذهن القارئ اللبيب ، نعم
فيا ترى (مَن سيأكل مَن) أو من الذي سيتنازل ، ومن سـيبيع العراق بسعر
الجملة ، ومن سيشتريه يا تـُرى بثمنٍ (عربي!!) بخسٍ في هذه المرحلة والتي
على ضوئها تتم تشكيل حكومة 2010 .. ففي حينه المواطن العراقي سيكشف أين
تكمن مواطن الخلل بعد أن نجحت الإنتخابات رغم بعض نفاق الكلمة
والمبالغات ، وحب الذات وبعض التعصب الحزبي ، ومع حماسة بعض المغفلين
وأستخدامهم الدراهم (المستوردة) لكسب البسطاء والكذب على الفقراء ،
وسيقرأ الشعب بكل وضوح الخطوط العريضة لــ( الشوفينية أو الطائفية
والعرقية) على ملامح بعض الكتل التي ستسعى لرفع شعار(التوافق الوطني) على
أسنة رماح المحاصصة وراء الكواليس ، وتقديم مصالحها الحزبية على مصالح
البلاد العامة من خلال عدم التنازل عن بعض الكراسي (التافهة) والتي
يعتبرونها (إستحقاقاً سماوياً لهم!!) .. نعم فأول ما ينبغي على الفائزين
هو أن يؤجلوا طموحاتهم الشخصية في هذا الوقت المحرج والتنازل عن بعض
المناصب ، وأن يقبلوا بحكم الشعب وبالتالي يوفوا بأطنان
وعودهم(الخرافية!!) التي أطلقوها للأرامل والفقراء وعوائل الشهداء وهلـّم
جرا ، وهل يعلمون أن هذه الوعود تحتاج إلى شجاعة مبدأ ، في إتخاذ قرار
مصيري يرتقي إلى مستوى المسؤولية والولاء المطلق للوطن أولاً وأخيراً ..