التخطيط المصري والمال السعودي ّ!! ومؤامرة مطار النجف
أحمد سعيد / أستراليا
المِصريون ومنذ عقود خلت يعانون من الشعور بالنقص حيال العراق السياسي ، ولذا تراهم لا يدّخرون وسعاً كلما سنحت لهم الفرصة للنيل من مرتكزاته الفكرية والسياسية والمذهبية .
وليس ببعيد عن الذاكرة العراقية ما تبناه نظام جمال عبد الناصر من مؤمرات ودسائس ضد الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم ، بعد رفض الاخير لمشروع الوحدة العربية الذي كان من المفترض أن يضم كل من العراق وسوريا ومِصر . وما تمخض عنه وقتذاك من إعلان الجمهورية العربية المتحدة التي ضمت سوريا ومصر دون العراق ، لان عبد الكريم قاسم كان من المؤمنين بفكرة الوطن لا القومية .
مخابرات الجمهورية المتحدة وبألاتفاق مع خلايا البعث في العراق وسوريا أخذت على عاتقها مشروع إسقاط نظام عبد الكريم قاسم المتهم على لسان قادة الجمهورية المتحدة بالدكتاتورية والشعوبية ، ولعب المِصريون دوراً بشعاً في إثارة الضباط البعثيين العراقيين وحثهم للانقلاب على ثورة 14 تموز1958، من خلال الدعم المالي والعسكري الذي كانت تقدمه السفارة المصرية في بغداد لخلايا البعث وبأعترافات فؤاد الركابي أحد رموز البعث في ستينيات القرن المنصرم . بألاضافة الى ألاعلام المصري الذي تناول حكومة قاسم بالسب والقذف والاتهام بالتسلط والالتفاف على العروبة وغيرها من المسميات التي تناولها قلم محمد حسنين هيكل وجريدته ألاهرام في تلك الايام بالاضافة الى إذاعة صوت العرب وتعليقات مذيعها الشهير والذي يؤسفني أن يكون إسمه نفس إسمي احمد سعيد ، وقد مهد عبد الناصر للثورة ضد قاسم من خلال التسيق مع الضباط البعثيين في الجيش العراقي وتزويدهم بإذاعة تبث من الموصل لإعلان ألانقلاب بقيادة العقيد عبد الوهاب الشواف في عام 1959 . ولازالت محاكمات المهداوي الشهيرة لقادة ألانقلاب الفاشل حاضرة في ذاكرة العراقيين الى يومنا هذا .
ألاحساس بالنقص المِصري إتجاه العراق لم تطويه السنين ولم يداويه الزمن فقد ظل يتعاظم خاصة بعد زوال شبح الدكتاتورية الصدامية الذي ظل جاثماً على صدور العراقيين قرابة الخمس وثلاثون عاما ً وبدء عهد جديد مبني على أُسس ديمقراطية رصينة تُشعر المِصريين وألانظمة الديكتاتورية في المنطقة بالارتباك والقلق حيال ما ينمو بألاتجاه الصحيح من هذه التجربة .
هذه المرة أصبحت ألاحقاد تأخذ مجالاتٍ اكبر لا سيما بعد أن جلس على كرسي رئاسة الوزراء في العراق رجل من أهل الشيعة ، والمصريون متحسسين جداً من قضية التشيع وذلك واضح من خلال توجهات ساستهم وعلماءهم الذين ما إنفكوا عن مهاجمة المذهب الجعفري وإتهامه بالغلو والكفر وأولهم القرضاوي والحويني وأخرون ، وهؤلاء إنما يمررون مشاريع ساستهم العدائية للتشيع .
وقبل أيام قليلة شاع خبر محاولة تفجير مرقد ألامام علي عليه السلام ، بطائرة من المفترض أن تقلع من مطار النجف ويتم أختطافها وتفجيرها في مرقد ألامام عليه السلام . وبالتأكيد فأن عملية من هذا النوع بحاجة الى تخطيط ورصد مخابراتي يفوق مستوى إمكانيات تنظيم القاعدة ألارهابي . ويبدو إن المِصرين قد راقت لهم الفكرة فأنزوى ضباط مخابراتهم لوضع السيناريو اللائق بالعملية التي كان من المفترض أن تكون الضربة القاصمة للحكم الشيعي حسب ما منظور له عربياً .
كانت الخطة هي تمرير أدوات جارحة على متن أحدى الطائرات العراقية في مطار النجف بأعتبار إن الاجراءات الامنية أقل من باقي المطارات وقيام إنتحاري متدرب على الطيران مع واحد أو إثنين من رفاقه بخطف الطائرة وأسقاطها فوق مرقد الامام علي عليه السلام ، مما يثير حفيظة الشيعة وهيجانهم ضد العرب السنة فيشتعل فتيل الحرب الطائفية في العراق ، وعليه يكون لدى المصرين المبرر للدخول بقواتهم مع قوات تركية تحت ذريعة حماية العرب السنة من البطش الشيعي . وبالـتأكيد سيكون هذا الدخول مصحوبا بعدد من القادة العسكريين والبعثيين العراقيين المتواجدين في مصر منذ سقوط حكم الطاغية المقبور صدام التكريتي وبدعم سعودي مفتوح ، وحتى تنطلي اللعبة بشكلها الكامل فقد تبنى تنظيم القاعدة تفجير عدة سفاراة في ألايام الماضية ومنها السفارة المصرية .
كُشفت خيوط هذه العملية من خلال إعترافات بعض إلارهابين المعتقلين بعد التفجيرات الاخيرة في بغداد ، وكان الرد عملياً وكبيراً على هذه المؤامرة التي سعى من خلالها ما يسميهم بعض ساستنا بالاخوة الاشقاء وهم أشبه ما يكونوا بأخوة يوسف ، والذي بشّر به رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بمقتل المجرمين الارهابيّن أبو أيوب المصري وأبو عمر البغدادي أحرقهما الله في نار جهنم ، لينهي مرحلة مؤلمة من مراحل الصراع بين الخير والشر والحق والباطل والنور والظلام ، والذي يتقاسم فيه النزاع جبهتان لاغير جبهة العراقيين النبلاء ألاشراف الذين يسعون لبناء الوطن الذي يحتضن الاحرار والشرفاء والمضحين من أبناءنا وجبهة المارقين والمرتزقة والقتلة الجبناء (( يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )) .