صوت عراقي منكوب
مجلة شهرية كلدانية آشورية ثقافية عامة
العدد 3 (63) السنة 7 - تشرين ثاني 2003
لعن الله امة نصرت يزيد على الحسين واعانت صدام على العراقيين
بكامل قواي العقلية والبدنية والنفسية، أعلن، أنا المواطن )العراقي (فالح حسون الدراجي، براءتي من العروبة براءة تامة!!.. اعلن براءتي حسباً، ونسباً، وإنتماءً ومصيراً، حاضراً ومستقبلاً!!.
نعم، أعلنها ولن أندم عليها، بل على العكس، قد يكون قراري هذا، أجمل وافضل القرارات التي اتخذتها في حياتي!!.
والبراءة او (كسر العصا) كما تسمى في نظامنا العشائري في جنوب العراق.. هي مثل الكي، حين يكون الكي آخر العلاجات، او قُلْ هي البتر، حين يكون البتر علاجاً وحيداً، متبقياً لسلامة الجسد!!.
ولكن، كيف يمكن لشخص، ان يتبرأ من امته، ولغته، وماضيه، وحاضره، من ثقافته، وبناءاته النفسية، واليقينية، والروحية، من اصحابه، وابناء محلته، وقبل ذلك من ابناء عمومته وابناء خؤولته؟
كيف يجرؤ إنسان سّوي على الفكاك من أسرته، وعشيرته، واهله؟.
والجواب: هو فعلاً، كيف يقوي شخص مثلي، شخص ليس له في هذه الدنيا، غير أهله وعمومته، وابناء امته، على كسر عصاه وبرغبته واختياره وقناعته عن عروبته؟
كيف يجرؤ هذا الإنسان الضعيف على مثل هذا القرار، لو لم يكن قد استنفد كل المبرارات والحجج حتى توصل الى هذا القرار (الكريه).. القرار الذي لم يعد ثمة حل غيره!!
لقد اوصلتني الأمة العربية (المجيدة) الى حافة الهاوية، وكان امامي حلاّن، لا ثالث لهما، اما ان ارمي بنفسي وايماني ويقيني وقناعاتي في هذه الهاوية، وأما ان اضرب (بريك) وأقف، وأتراجع، وانقذ ما تبقى لي، وكان الحل الثاني، هو القرار الذي اتخذته في هدوء تام وفي ساعة متأخرة من الليل، حين صفاء الروح وراحة الذهن والبال!!
الامة العربية تخلت عن كل شيء، ولم تعد (خير امة اخرجت للناس) كما كانت، ولم تعد امةً للأنبياء والرسل، وإذا كان القرآن الكريم قد جاء بلغة أهلها، فلأنها كانت فعلاً تستحق ذلك. اما الآن فلم يعد حالها يسرُّ صديقاً ولا يحزن عدواً.
ها هي امة (العرب) الآن، هزيلة، مفككة، شكاكة، قلقة، يائسة، وبائسة، ضعيفة، خائفة، تنافق القوي، (وتنام تحته) وتسترجل على الضعيف حتى (تستحذيه) -نسبة الى الحذاء!!- أترغبون بأمثلة على ذلك؟!
طيب.. هاكم: كابرت ليبيا، وعاندت، وصرخت، وحلفت اغلظ الإيمان، كما صرخ أمامها وخلفها الإعلام العربي البائس حتى بحَّ صوته، واتفقت جميع الأبواق على ان ليبيا بريئة من دم (لوكربي) وحين حكمت المحكمة الدولية على احد ضباط المخابرات الليبية المتهمين بالحادث بالسجن المؤبد، قامت ليبيا ومعها الامة العربية ولم تقعد، لماذا؟ لأن الحكم ظلم، والحاكم ظالم، وليبيا بريئة، وان الطائرة سقطت بحكم عوامل جوية، او خلل فني، او جهل الطيار..!! ولكن، وبعد ان (طيَّحت) امريكا حظ صدام وحزبه (الجبان) وهددت بإسقاط كل الدكتاتوريات، والأنظمة الفردية البوليسية. وكذلك بتجفيف مصادر الإرهاب، ونسف الداعمين له..(باگت ليبيا هوى) وتقدمت بنفسها عارضة على امريكا فدية مقدارها عشرة ملايين دولار (حلال زلال) لكل ضحية، بحيث يكون المبلغ الإجمالي مليارين وسبعمائة مليون دولار..!!
ملياران وسبعمائة مليون دولار.. يا إلهي، ان هذا المبلغ، يكفي، لإنشاء او بناء بيت لكل شاب ليبي، مع زوجة جميلة (غالية المهر) مع اثاث غربي لعش الزوجية..!!
كما ان هذا المبلغ يكفي لمعيشة خمسين ولاية من (الولايات الأفريقية المتحدة) ولأكثر من ثلاث سنوات، كما يكفي لإكساء جميع اطفال افريقيا العراة، الحفاة، والذين يطالب القذافي بتجميل مستقبلهم!! فلماذا، انكر القذافي علاقته بالحادث ـ ومعه الامة العربية بكاملها ـ ولماذا اعترف بها الآن؟ وكأنه في إحدى زنزانات قصر النهاية وتحت رحمة الجلاد (ناظم گزار) حيث الإعتراف او الموت..!!
يقيناً، انه كرسي الحكم الذي يبيعون شرف بناتهم من اجله!!
وغير القذافي قائمة من النماذج الهزيلة، فهذا (ابو حلا) قائد الامة العربية، وباني مجدها، وزعيم وحدتها، لم يستسلم للأمريكيين في خيمة صفوان فحسب، بل (وقَّع) على بياض من اجل عيون الكرسي السود!!
وأما الآن، فتعال عزيزي القاريء وابحث عنه، عسى ان تجده مع (عزوز ابو الثلج) في حفرة، ام سرداب، ام خربة في الفلوجة، ام تكريت ام سامراء، وحينذاك يمكن لنا ان نسأله: لماذا فعلتَ ذلك يا قائد الامة؟!.
(ماذا فعلتَ بالعراق؟)، كما يقول العم ابو تحسين وهو يخاطب صورتكَ (بالنعال الشهير الذي سيدخل التاريخ من اشرف ابوابه).
لماذا دمرت البلد، لماذا ذبحتَ الناس، لماذا احرقتَ اليابس والأخضر، اين ولداك الملعونان، اين بناتك الآن، اين زوجاتك، وعشيقاتك، واحفادك، اين انتَ.. ماذا تبقى لكَ، حتى تعيش رئيساً مرة اخرى.. يا إلهي، أفعلتَ كل ذلك من أجل كرسي الحكم؟
تباً لكَ، ولهذا الكرسي، الذي بعتم كل شيء من أجله!!.
أية امة أنتسب لها، وفيها صدام، والقذافي، والأسد، والنمر، والذئب، وكلهم من ورق.. وكارتو!! ورحم الله (ماوتسي تونغ..!!) ألبنان؟! ولبنان الحلقة الاضعف في السلسلة العربية الضعيفة.. لبنان.. وحكومة لبنان التي منعت الرياضيين العراقيين من دخول أراضيها، اثناء إنعقاد الدورة العربية الثامنة، حيث بقي الرياضيون العراقيون ثلاثة ايام على الحدود وفي العراء، حتى يأسوا وعادوا لبغداد، لكن، فجأة، اصبحت حكومة لبنان ذا قلب رحيم، وعواطف ناعمة وأيادٍ بيضاء، صارت تدافع عن الشعب العراقي (المحتّل)، ناسية إحتلالها من الجيش السوري لأكثر من عشرين عاماً!!. أما سوريا، فلها كل الحق في ما تفعله الآن، بدءً من فتح حدودها لإستقبال (الهاربين) الجبناء، الى السماح بالدخول للمجرمين (المتطوعين) بشاحناتهم المفخخة، الى موقفها المخزي في مجلس الامن أثناء التصويت للإعتراف بالمجلس الإنتقالي في العراق، حيث هي البلد الوحيد الذي لم يصّوت مع قرار الإعتراف، وثمة ممارسات ونشاطات مخزية للنظام السوري (مسجّلة) في كتاب خاص سيحتفظ به العراقيون لمحاسبة (سوريا الأسد).. هذا اذا أبقت الولايات المتحدة نظام أسد، بخاصة وان قانون محاسبة سوريا موجود على اجندة الكونكرس الامريكي..!!) اقول لسوريا، الحق في كل ذلك.. لأن لسوريا اكثر من ثأر مع العراقيين..!!
ماذا بقي، اليمن.. فاليمن (لا بالعير ولا بالنفير) وليس ثمة من يحسب لهذا (البلد) اي حساب!! بسبب فقره المدقع. من بقي من امة العرب، الفلسطينيون، من حماس الى الجهاد، الى فتح، الى السلطة، الى الدكاكين الاخرى، فكلهم (على باب الله، يبيعون ويشترون بدماء البسطاء الأبرياء!!(، وكلهم ينادون: (بالروح بالدم نفديك يا دولار..!!)
أية امة عربية، مصر، (الشقيق الاكبر)، ومصر، لا حول لها ولا قوة، امرها وشورها مرهون (بالتلفون)، لقد رفضت وبإصرار، الإعتراف بالمجلس العراقي الإنتقالي، وحين رن الهاتف في مكتب السيد الرئيس، وتحدث معه (.....) بالتلفون.. صاح الرئيس مبارك فجأة ودون مقدمات: ( الله، وهو المگلس الإنتقالي، مش عرائي ..طيب مين من الرؤساء العرب انتخبته الگماهير، حتى يتم انتخاب المگلس الإنتقالي العراقي؟ (!لقد استدار السيد الرئيس 180درجة واعترف بالمجلس خلال خمس دقائق، فسبحان مغيِّر الأحوال!! واي تلفون (قوي) هذا؟
من بقي، قطر، اسألوا عنها المكتب الاسرائيلي في الدوحة، او مجلس إدارة قناة الجزيرة، التي طرد مديرها العام، بعد ان تأكد وثبتَ بالصوت والصورة والشيكات، إرتباط القناة ومديرها العام (بالرئيس القائد) وبراتب شهري قدره خمسون الف يورو شهرياً!!.
اما الإمارات.. فهي اكبر ساحة في المنطقة لنشاط المخابرات العراقية قبل وبعد سقوط صدام، والدليل هو هذا الكم الهائل من العملاء (الصداميين) الذين هربوا إليها بدءاً من (النكتة) الصحاف، الى الدوري، الى آلاف الضباط، والإعلاميين، والشرطة، والحرامية الذين استقروا في هذا البلد (الآمن). ولكن حين كان يطلب معارض عراقي تأشيرة للدخول الى دبي او (ابو ظبي) ، فإن ذلك من المستحيلات.. هذا كان سائداً قبل سقوط صدام طبعاً.. اما الآن، فالأمر تغيّر تماماً، إذ اصبحت الإمارات بلداً وملاذاً (للمعارضين والمقاومين) للإحتلال الامريكي..!!
اما الاردن، فيكفي ان للعراقيين في ذمة هذا البلد مئات الملايين من الدولارات التي سرقها حسين كامل واودعها في البنوك والمشاريع الاردنية، وقد (لفطها) الأشقاء الاردنيون، بعد موت حسين كامل وشقيقه وضياع الخيط والعصفور!!. فضلاً عن عشرات الملايين من الدولارات وهي اثمان صفقات النفط مقابل الغذاء والدواء.. هذا اذا ما عرفنا بأن لدى الاردن مشكلة هي موضوع (الدكتور احمد الچلبي)، إذ يعتقد الاردنيون بأن تحريك هذا الملف (المزيّف) والملفق سوف يحرج العراقيين ويخرس قياداتهم ويمنحهم النفط مرة ثانية (بلاش!!) حتى ان (صحفييهم) الذين قبضوا من صدام حتى شبعوا، حاولوا بالأمس، احراج رئيس وفد مجلس الحكم الإنتقالي بالسؤال عن ملف (احمد الچلبي)، ولكن براعة وذكاء الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الوفد، اخرس الصحفيين الاردنيين وألقمهم حجراً!! ماذا بقي بعد؟ أهذه امتكم.. أليس من حقي ان اتبرأ منها؟.
اية امة هذه، تسمي المجرمين الذين فجروا انبوب الماء الوحيد الذي يشرب منه العراقيون، بالمقاومين الابطال، ويطلقون على عملية تفجير مبنى الامم المتحدة وقتل ثلاثة وعشرين عراقياً بريئاًً، إضافة الى ممثل الامم المتحدة، عملية بطولية شجاعة؟!
أتبرأ من هذه الامة، التي يسمي فيها اعلامها، ومثقفوها وسياسيوها، شخصين تافهين، مثل الفاجر عدي والقاتل قصي شهيدين، حيث يضعونهما الى جانب الشهداء العظام مثل الحمزة عم الرسول محمد (ص)، والحسين بن علي (عليه السلام). وغيرهما من اشرف الشهداء واعظم المضحين؟!
اكفر بأمة لا تعترف جامعتها العربية بمجلس الحكم الإنتقالي، في حين ان الامم المتحدة التي تضم دولة قد اعترفت بهذا المجلس، علماً بأن الجامعة العربية ستعترف (وبالقنادر) به ورغماً عن انفها وانف امينها العام (الطويل!!) -المقالة كتبت قبل إعتراف الجامعة العربية-
اية امة هذه، فيها حفنة من الطراطير، يرتدون اقنعة السماسرة، حسب عروض السوق وطلباته، فيبيعون يوماً لصدام، ويوماً آخراً للقذافي، ويوماً ثالثاً لعرفات، وهلّم جرا، ومِن هؤلاء، الفلسطيني عبدالباري عطوان، الذي لا ادنس قلمي بذكره، بل فقط احيل القاريء الكريم الى جريدته حيث يمكن قراءتها على الانترنت!! وسيعرف من هذه الجريدة مَن هو عبد الباري (عفطان).
اما (اليمني) مسفّر، وهذا (حمار) لا يعرف غير صدام حسين، و(الحمير على اشكالها تقع!!) وظافر العاني، وفيصل القاسم وغيرهم.. امثال صالح القلاب (الذي يدير القناة العربية الآن، والقلاب احسن قلاب في العالم.. وثمة عملاء اعلاميون صغار جداً، منهم في مشيگن، عراقيون، صمتوا الآن بعد سقوط صدام، حيث يبحثون عن مشترٍ جديد!!.. ومنهم عرب، حيث احدهم بارت سلعته وكسدت، (وبفضله) اغلقت اكثر من جريدة، كان يديرها او يكتب فيها، وهذا المسكين، ترك كل مشكلات بلده، من فقر، وتخلف وامية، وعمليات اختطاف، ورهائن، وفدية، وسلطة عشائرية ومشاكل (القات) والإرهاب وغيرها ليضع نفسه في مشاكل العراق.. والمسكين لا يعرف بأن العراقيين حين يقرأون كتاباته يضحكون عليه وعليها.
اما صاحب هذه الجريدة (العربي) الذي لم يزل بلده محتلاً من جيش (عربي)، فهو لا يقل إضحاكاً لما يكتب، بخاصة حين يضع (قلمه العفيف، النظيف، الشريف) في القضية العراقية، وهو لا يعرف بأن العراقيين ايضاً (يبصقون) على جريدته (وكلمة البصاق استعرتها من إحدى مقالاته ضد العراقيين الشرفاء في مشيگن!!)
يكتبون وينظّرون ويحللّون في القضية العراقية، ونحن اصحاب الشأن صامتون.
بربكم.. أهذه امة يتشرف بها أحد؟!..أليس من حقي ان اكسر العصا معها، مع كل إحترامي للشرفاء منها؟!.. لذا أعلن براءتي من العروبة، وأنا سعيد.. (ومرتاح أوي!!).
فالح حسون الدراجي