أكد الرئيس العراقي غازي الياور خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي جورج بوش الليلة الماضية، التزام الشعب العراقي بإقامة دولة ديموقراطية، بينما قال بوش، إنه لم يكن يعتقد قبل عام أنه سيجلس إلى جانب رئيس عراق حر، في وقت أعلنت قمة الثمانية إلغاء جزء كبير من الديون العراقية .
وأضاف الياور خلال الاجتماع الذي عقد في منتجع سي آيلند في ولاية جورجيا الاميركية على هامش قمة الدول الثماني إن العراق يسير بخطى ثابتة نحو الديموقراطية، وإن العراقيين مصممون على قيام دولة حرة ديموقراطية تكون مصدرا للاستقرار في الشرق الأوسط. وقال " اريد ان اعبر بوضوح هنا عن التزام الشعب العراقي بالمضي نحو الديمقراطية " واعرب عن شكره للرئيس بوش للجهود التي بذلتها بلاده من اجل تحرير العراق .
وعقب الاجتماع قال مسؤول اميركي، إن بوش والياور ناقشا ضرورة أن تسيطر سورية على حدودها، وأن تتصرف ايران على نحو ينم عن تحمل المسؤولية. وقال الياور إن القيادة العراقية "ستفعل ما في وسعها لاقناع السوريين باتخاذ موقف رشيد على الحدود، واقناعهم ايضا باعادة الاموال المجمدة الى العراق".
واشار الى ان الرئيسين تباحثا ايضا بشان ايران التي نشبت بينها وبين العراق حرب طويلة في ثمانينات القرن الماضي. وقال المسؤول إن بوش والياور "اجريا بعض المناقشات عن ايران كجار وضرورة ان تتصرف ايران تصرفا ينم عن التبصر بالعواقب." واضاف "يأمل المرء ان تصبح العلاقات جيدة الى درجة لا تنشب فيها ثانية أبدا حرب اخرى بين ايران والعراق. ولكنها يجب ان تكون علاقات تتسم بالشفافية مع الحكومة العراقية الجديدة."
واوضح المسؤول انه بدت بعض المؤشرات من ايران على أن طهران لا تريد عدم الاستقرار على حدودها مع العراق لكنه لم يسهب بما يعنيه. ونقلت رويترز عن مسؤول اميركي آخر قول ان الزعيمين ناقشا ايضا ضرورة التركيز خلال الشهرين القادمين على استعادة الكهرباء في العراق، واعادة بناء اجهزة الامن العراقية وضرورة ان تكون المعونات الاميركية متاحة.
ولقاء الرئيسين العراقي والاميركي هذا يعتبر الاول من نوعه في تاريخ العلاقات بين البلدين، التي لم تشهد اجتماعا مماثلا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة. قبل ثمانية عقود ظلت العلاقات خلالها طبيعية بينهما حتى دخول صدام حسين الرئيس العراقي المخلوع الى الكويت واحتلالها صيف عام ،1990 فقادت الولايات المتحدة بعدها تحالفا دوليا ضم اكثر من 30 دولة بينها دولا عربية لطرده منها. ثم ساءت العلاقات بين الطرفين بشكل كبير الى أن شنت واشنطن حربها ضد صدام مدعومة ببريطانيا وأسقطته في التاسع من نيسان (ابريل) العام الماضي .
ومن جهته وصف بوش لقاءه بالياور بأنه يوم يثير الاعتزاز، وقال إنه لم يكن يعتقد قبل عام ونصف العام أنه سيجلس مع رئيس عراق حر وأعرب عن ثقته الكبيرة بمستقبل العراق وقال " أمس بعثت الامم المتحدة برسالة دعم واضحة الى العالم أجمع حيال العراق " .
وعلى صعيد آخر توصل قادة مجموعة الدول الثماني إلى اتفاق يقضي بإلغاء قسم كبير من الديون العراقية البالغة 120 مليار دولار، لكنهم لم يحددوا مبلغا معينا . وقال مسؤول روسي إن الولايات المتحدة تضغط على دول القمة من أجل إعفاء الديون بنهاية العام الحالي لكنّه أضاف أن موسكو تحبذ صيغة أكثر انفتاحا، وإنها أيدت صيغة بيان لإعفاء العراق من ديونه بأسرع وقت ممكن وربما قبل نهاية العام.
واضاف إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مستعد لإلغاء 65 في المئة من ديون روسيا على العراق البالغة حوالي سبعة مليارات دولار، لكنه يربط بين هذه الخطوة واستطاعة الشركات الروسية العمل في العراق. ونقل المسؤول عن بوتين قوله للرئيس بوش إن مرونة موسكو تتوقف على مدى مرونة واشنطن وعلى منح الشركات الروسية فرصة في العراق.
وقال مصدر في الوفد الفرنسي إن نص الاتفاق تضمن "فكرة إلغاء قسم كبير من قيمة الديون وذلك يناسبنا جيدا" وبالنسبة لفرنسا يعني إلغاء قسم كبير من الديون التنازل عن حوالي 50% منها بعد أن اكدت أكثر من مرة إنها لن تقبل بأكثر منه حيث لفرنسا على العراق حوالي خمسة مليارات دولار .
وبرغم ذلك فان بعض الدول ستلغي الثلثين من ديونها على العراق مثل كندا حيث كانت الولايات المتحدة قد ضغطت باتجاه إلغاء دول الثمانية حوالي 90% من ديونها المترتبة على العراق .
وقال مسؤول أميركي إن حكومة الرئيس جورج بوش تعتقد أنه يتعين إسقاط أغلب ديون العراق، لتحقيق استقرار البلاد دون تحديد حجم الديون العراقية التي تريد إلغاءها. وعبرعن اعتقاده بأنه من الواضح الحاجة إلى إلغاء الجانب الأكبر من ديون العراق نظرا لتكاليف إعادة إعمار البلاد التي دمرتها الحرب.
وكان من المتوقع أن تنجح واشنطن في اقناع الدائنين على إلغاء ما لا يقل عن 80% من تلك الديون مع استعداد حكومة عراقية مؤقتة لتولي السلطة في نهاية الشهر الحالي، لكن فرنسا وروسيا أكبر الدائنين فضلت خفضا نسبيا لديون العراق لأنهما تريدان استرداد مستحقاتهما، ولأن موارد النفط العراقية يعتبرها البعض كبيرة بما يكفي لضمان دفع حصة أكبر.