رائد المرجعية الاستثنائية السيد فضل الله في ذمة الله
علي ال غراش
[align=center]
التاريخ يمجد العظماء، وسماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله «رحمه الله»، بلا شك من الشخصيات العظيمة في التاريخ المعاصر، وبرحيله يفتقد العالم ابرز المراجع الدينية الرائدة الاستثنائية المجاهدة، بعد مسيرة حافلة بالعطاء والتضحية والجهاد، تاركا اثارا عظيمة من بعده تؤكد على ما كان يتمتع به الفقيد العزيز من فكر وإيمان وتمسك بمدرسة ال البيت عليهم السلام.
عظم الله أجوركم برحيل المرجع الديني البارز السيد محمد حسين فضل الله «رحمه الله»، بعد معاناة طويلة مع المرض، المرض الذي لم يمنعه من تحمل المسؤولية المرجعية والفكرية والإنسانية والعمل الحركي، وبناء المؤسسات لخدمة الإنسانية مستشفيات ومدارس وجمعيات ومبرات ومعاهد ودور إيواء، والدفاع عن الحق والحقيقة، ونصرة المظلومين ودعم حق المقاومة في لبنان وفلسطين وفي كل مكان.
العلامة المميزة في شخصية الفقيد السيد فضل الله رحمه الله، انه كان يحمل مشروعا عالميا، وسعة الاطلاع ومتابعة الأحداث، وإعطاء رأي وموقف حول الأحداث التي تهم الشأن المحلي والعربي والإسلامي والدولي.
وهو بلا شك يمثل امة في رجل، لأنه حمل هموم وقضايا الأمة منذ بداية حياته المليئة بالأعمال العظيمة، فالسيد رحمه الله له دور في تأسيس العديد من المؤسسات والمساهمة في بناء الشخصيات القيادية المؤثرة في عالم اليوم، وتأسيس المدارس الدينية والسياسية والحركية، ونتيجة لهذا الدور الحركي والجهادي تعرض لمحاولات استهداف عديدة، وما موقف سماحة السيد الراحل في دعم المقاومة اللبنانية وحزب الله خلال الاعتداء الصهيوني الأميركي في حرب تموز 2006م. التي كانت حرب إبادة للقضاء على كل ما له صلة بدعم المقاومة، حيث تعرض منزل ومكتب السيد للاستهداف المباشر في محاولة لاغتياله، وبالتالي ضرب روح المقاومة لما للسيد الراحل المجاهد من مكانة لدى المقاومين، وقد تعرض الفقيد لمحاولة اغتيال فاشلة في الثمانينيات.
من الصعب جدا الإلمام بجميع ابعاد شخصية الراحل العظيم السيد فضل الله «رحمه الله». ولكن من أهمها:
البعد المؤسساتي: السيد فضل الله قدس روحه الزكية يعتبر رائدا في بناء المؤسسات ومنها المرجعية المؤسساتية، فهو حاول تطبيق فكرة ان تكون المرجعية الدينية للشيعة مؤسساتية حضارية تقوم على كوادر متخصصة في جميع المجالات لمواكبة التطور في العالم، وتحقيق الأهداف المرجوة، فالعمل المؤسساتي المرتب والمنظم والمبرمج اقدر على تحقيق الانجازات بشكل أفضل وأسرع، ولهذا نجد السيد اعطى هذا البعد اهتماما كبيرا خلال مسيرته من خلال تأسيس العديد من المؤسسات وبالخصوص ذات الشأن الخدماتي التي ساهمت في تطور الخدمات والمجتمع وتوافر الوظائف.
البعد الروحي: سماحة السيد الفقيد يتمتع بعلاقة روحية مع خالقه، وهناك العديد من الكتب لسماحة السيد الفقيد التي تعبر عن هذا البعد الروحي في شخصية الفقيد مثل: في رحاب دعاء كميل، في رحاب دعاء مكارم الأخلاق، في رحاب دعاء الافتتاح،مع روحانية الزمن، آفاق الروح، ومن يستمع إلى صوته وهو يقرأ الأدعية التي يحرص على قراءتها بصوته، يرى مدى حالة الذوبان الروحي، اذ تنقل المستمع إلى عالم الروحانيات.
البعد الفكري والثقافي:السيد الراحل مدرسة في الجانب الفكري والثقافي، وكتاباته تعبر عن مدى ما يحمله السيد الفقيد من علم ومعرفة، كما ان السيد شاعر وأديب من الطراز الرفيع وله العديد من الدواوين والقصائد الجميلة والرائعة.
البعد الإنساني: في حياة آية الله الراحل السيد فضل الله، له أهمية كبرى، لأنه نواة المجتمع الإنساني والإسلامي، ولهذا عمل جاهدا للارتقاء بالإنسان والعناية به من خلال الكلمة وإنشاء المؤسسات الكثيرة في جميع المجالات التربوية والتعليمية والصحية والخدماتية.
البعد السياسي: بلا شك سماحة السيد الراحل فضل الله، علامة فارقة في العمل السياسي في تاريخ لبنان والتاريخ الإسلامي المعاصر، وهو صاحب رؤى في العمل الحركي وفي تأسيس ودعم العمل السياسي والحركي ورعايته، ومن الصعب جدا خلال هذه السطور الحديث عن ذلك، بل تحتاج إلى مجلدات.
البعد الإعلامي: لقد أعطى سماحة السيد هذا البعد اهتماما كبيرا لما له من أهمية لصناعة الرأي والتأثير على الشعوب، وإيصال الرسالة والقضية وصوت المجتمع الإسلامي، وسماحة السيد من الشخصيات التي تجيد فن التعامل مع وسائل الإعلام باحترافية راقية، وقد أسس علاقة قوية جدا مع الشخصيات والوسائل الإعلامية.
البعد العالمي والوحدة والانفتاح: شخصية سماحة المرجع الديني الفقيد السيد فضل الله «رحمه الله» عالمية لأنه يحمل مشروعا إسلاميا عالميا، ولأنه يحمل المشروع الاممي فكان منفتحا على جميع الأطياف والتيارات الدينية والسياسية، وتلبية الدعوات في بلاده أو خارجية.
المرجع الراحل السيد فضل الله «رحمه الله» مجاهد ورائد استثنائي، ومرجعية دينية شيعية متميزة ستبقى بصماتها خالدة في الأمة.
وبقلوب حزينة نتقدم بأصدق عبرات المواساة والتعزية إلى عائلة الفقيد الغالي، ونعزي الأمة الإسلامية وكل الأحرار في العالم بهذا المصاب الجلل، ونعزي صاحب الأمر (عج) أرواحنا له الفداء، سائلين الله تعالى عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.