الفرق بين التظاهر السلمي والعصيان
العراق وكثير من الدول العربية لم تكن شعوبها قادرة على التظاهر السلمي للمطالبة بحقوقها في ظل الحكم الدكتاتوري المقيث وكان الحكم الصدامي حكما صارما يمنع الحقوق ويصادر الحريات وبعد السقوط مباشرة تنفس الصعداء ومارس المواطنون حق التظاهر والذي كفله الدستور فيما بعد وحتى نبدأ بالتظاهر علينا ان نفهم الحدود القانونية والشروط الكفيلة بتحقيق التظاهر السلمي دون عبور المرحلة باتجاه العصيان والوقوع تحت طائلة القانون وفي المقابل على الجهات الامنية ان تفهم منتسبيها الطرق السلمية في مواجهة اي خلل ينتج من التظاهر دون المساس بحياة المتظاهرين وعدم اطلاق النار عليهم واستخدام وسائل حضارية لمواجهة الشغب والانحلال وحتى لانقع في المحظور علينا التفريق بين التظاهر والاحتجاج والاضراب والمقاطعة والعصيان فالتظاهر والاحتجاج يكون ظرفي يتصدى لحالة الاذعان آنيا ثم يعود اليها مثل الاضراب لساعة زمنية او يوم او توسيع التظاهرة لايصال المطالب بالطرق السلمية برفع الشعارات وتسليم البيان الى الجهات الحكومية والانصراف لحين تلبية المطالب او تجديد الاحتجاج بنفس الاسلوب وهذا مالايتعارض مع القانون ولكن ايضا للتظاهرة شروط باخذ الموافقات المسبقة وتحديد الاماكن التي يتم التظاهر فيها وغيرها من اساسيات التظاهر لتأمين الحماية للمتظاهريين من قبل الدولة
اما العصيان فهو غير مألوف في عالمنا العربي والاسلامي كونه يتنافى مع القيم الاسلامية قوله تعالى( لكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان ) الاية 7 سورة الحجرات
وهنا قد يسأل سائل وهل يمنعنا الله من عصيان الحاكم الجائر؟؟
يمكن ان نحصل على الجواب الشافي من خلال السيرة الذاتية لائئمتنا الاطهار عندما عاصرو حكاما مردة جهرو بالفسق والفجور واباحو الدماء والاعراض فكانت مراحل التصدي متوافقة مع ظروف المرحلة ورأينا مراجعنا العظام كيف نهضت بالامة في اوقات كان الحاكم فيها اشد من يزيد وفرعون كما حصل زمن الطاغية صدام لعنه الله
وحتى نعطي الموضوع حقه في ظرفه الحالي ونحن نعيش فسحة من الحرية ومسؤوليين نحن من انتخبهم وهناك مواد دستورية كفلت حقنا في التظاهر والمطالبة بحقوقنا علينا عدم الانجرار الى مايخطط له الاعداء المتربصين ببلدنا ممن يأسومن المفخخات والعبوات فراحو يتخبطون في تشويه وضعنا الديمقراطي واستغلال مطالب الشعب في تحسين الخدمات الى الانجرارللعصيان والتخريب وحتى في العصيان المدني مفاهيم فكلمة العصيان تعني تصدي والممانعة من اجل تحقيق هدف سياسي او اقتصادي او خدمي او قانوني او اجتماعي ويقصد بالمدني طبيعة التحرك السلمية والمتمدنة وليس كما يرى البعض ان المعنى هم المواطنون المدنيون مقابل العسكريين والسياسيين فهؤلاء قد يشاركون في الاحتجاج ايضا كمواطنيين بعيدا عن العنف والاقتتال لانهم قد يعانو من نفس المشاكل كونهم مواطنون عاديون كما هو الحال في وضعنا الحالي في العراق فالجميع يعاني تردي الخدمات واهمها الانقطاع في الكهرباء فالشرطي والجندي والضابط والسياسي له اسرة واخوة وابناء وهم يعانون اسوة بالشعب الا القلة ممن وفرو وسائل الراحة لهم من خلال الامتيازات والرواتب الجيدة
وحتى في العصيان المدني لااحد فوق القانون وان كانت مخالفته السلمية من البديهيات فالمشاركون في اي من تحركات العصيان ونشاطاته يخالفون بذلك النظام العام ويعكرون صفو الحياة العامة وعليهم بقبول التبعات القانونية نتيجة افعالهم اذ من اهداف العصيان مواجهة القانون والمطالبة اما بتغييره او تطبيقه بشكل عادل او بتحقيق الاهداف اما معالجة المشكلات لايمكن ان تصحح بعصيان ويمكن ان يطالب المتظاهرون بحقوقهم دون عنف وتأتي بطريقتين الرفض او التحدي الفعل او الامتناع عن فعل اي بالفعل السلبي او الايجابي وقد يبرره الداعون اليه على اسس واقعية اذ يعتبرون ان العنف لايولد الا عنف مثله ولايحل المشكلة بل يؤزمها بينما بدون العنف يمكن ان نصل الى الحوارات مع الحكومة ومن ثم الحلول وحتى في هذا مكتسبات وان جوبه اللاعنف بعنف من قبل السلطة فقد يكسب التعاطف المحلي والدولي ويؤدي الى ادانة النظام كما حصل مع الطاغية عندما الزم بقرارات دولية تخص حقوق الانسان
ويعتبر المحللين والمتابعيين للشؤون السياسية ان ثمة مشكلة تكوينية في العصيان المدني لاسيما عندما يستعمل في وجه حكومة ديمقراطية تمثل الشعب حيث عادة مايكون وراء ذلك تحريضا من الاقلية او كما يسميه السياسيون المعارضة بوجه الغالبية الحاكمة ويعتبر ذلك تحديا وخروجا على النظام الديمقراطي واشبه مايكون انقلاب عسكري
وقليلة هي تلك الاحداث التي حصلت في التاريخ المعاصر وكان لها موجبات كالتي احدثها غاندي والتي حررت الهند من الاستعمار البريطاني وعصيان مارتن لوتر كينغ في امريكا بالمطالبة بالمساواة بين السود والبيض وعصيان جيكوسلوفاكيا السابقة مطلع السيتينات عندما قمع الشيوعيين انتفاضة سلمية دعا اليها الكسندر دونشيك عرفت باسم ربيع براغ وفي بولندا في الثمانينات والتي دعمها البابا بولس الثاني وفي بلداننا العربية حدث العصيان في لبنان فقط وبصورة مؤقتة وعندنا في العراق في الانتفاظة الشعبانية المباركة زمن البعث المقبور وكان لها مبرراتها وقد قمعت من قبل السلطة الغاشمة واعدم الالاف في الشوارع وزجت بالاخرين السجون المظلمة واسست اكبر مقابر جماعية بالتاريخ خاصة لابناء الجنوب