نجل الراحل السيد محمد حسين فضل الله أكد أن العلامة أرسى نهجاً مؤسساتياً يحفظ المسار الذي وضعه
السيد علي فضل الله لـ «الأنباء»: لا نتصارع مع المراجع.. والرأي الفقهي يجيز تقليد الميت
الاثنين 13 سبتمبر 2010 - الأنباء
[align=justify]
لا يمكن لإسلام لا ينفتح على قضايا العصر وعلى العلم أن يستمر في الحضور الفكري [line]-[/line]
كان الراحل حريصاً على ألا يكون من حوله مجرد أتباع بل كان شعاره «فكروا معي» [line]-[/line]
السيد جذَّر وجوده في نفوس الذين عايشوه..فكثافة الاستفتاءات كما هي لم تتغير..وهناك الكثيرون ممن يسألون عن إمكانية تقليده ؟[line]-[/line]
بيروت ـ أحمد عز الدين
«إذا توفي العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء» هذا التوصيف كأنه قيل لينطبق على أمثال العلامة الراحل المرجع السيد محمد حسين فضل الله الذي وان لم يعمّر طويلا، فقد ترك مكتبة زاخرة بكل صنوف العلم والفقه والحوار والبحث الإسلامي في القرآن وكذلك الأدب والشعر، لم يجرؤ على فعله الكثير ممن عايشوه من كبار المجتهدين أو سبقوه بإخضاع الفتوى والاجتهاد لتطور العلم والعقل وإخراج الدين من دائرة المتواتر الجامد الى رحاب الإسلام المنفتح العاقل ليتماشى مع العصر، وسيتبعه في ذلك جيل جديد من العلماء طال الزمن لذلك أو قصر.
وقد يكون الحديث اليوم عن العلامة المرجع فضل الله بعد أسابيع على رحيله إلى جوار ربه، ليطرح التساؤل المشروع: ما مصير النهج التجديدي الذي طرحه وسار عليه؟ خصوصا ان كثيرين يخشون ان يشكل غيابه جسديا، نقطة تحول سلبية تقفل النافذة التي فتحها نحو اسلام متنور حجته العقل كما كانت بدايات الإسلام والدعوة الأولى حجة على الجميع، غير ان القيّمين على إرث السيد ومؤسساته وفي مقدمتهم نجله السيد علي فضل الله يؤكدون بلغة الجزم انه لا خوف على النهج والمسار الذي وضعه الفقيه المرجع ومؤسس المبرات الخيرية، فالناس ما عادت تقبل العودة إلى الوراء، والناس أرادت هذا الخيار ونحن سنتابعه، مشيرا الى ان السيد قد أرسى نهجا مؤسساتيا يحفظ المسار الذي وضعه.
والحديث عن العلامة المرجع يطول ويتشعب، فهو قد طرق الباب الموصد، وفتح كوة في الجدار المظلم، في وقت كان فيه تجاوز المألوف أو أي انحياز نحو التطور ومماشاة العصر كأنه خطيئة أو بدعة، وكل «بدعة» كما يقولون في الشرع ضلالة، وكل ضلالة كفر، غير ان السيد وبثقة بنفسه وفهمه للإسلام الرسالي المتنور والمنفتح على كل تطور علمي لم يتردد بالجهر بآرائه الفقهية ولو سببت له المتاعب والكثير من الخصوم وهو يدرك من قال «ما ترك لي الحق من صاحب».
ويقول الحديث الشريف ان المرء يستفيد من ثلاثة: علم يستفاد منه، وحسنة جارية، وولد صالح يدعو له، والسيد فضل الله كل ذلك، فقد أسس عشرات المبرات لتربية وتعليم الفقراء، وترك مكتبة علمية وفقهية، وفتح الباب أمام من سيخلفه من المجتهدين بالقفز فوق المحظور.
وبقدر أهمية الثروة العلمية والفقهية التي تركها العلامة فضل الله، ففي المقابل ثمة مسؤولية توازي حجم الإرث وتقع بالدرجة الأولى على نجليه السيد علي والسيد جعفر، فالسيد علي فضل الله شخصية معروفة في الأوساط الدينية والسياسية حيث كان يمثل والده في المناسبات الدينية وغير الدينية طوال السنوات الأخيرة، وقد أعد نفسه لهذه الرسالة الشاقة والامتحان الصعب.
السيد علي فضل الله
هذه الصورة والهواجس حملناها الى السيد علي وسألنا عن المخاوف على الإرث العلمي والفقهي الكبير فأجاب: نحن لا نخاف من تراجع هذا الفتح لأن سماحة السيد حرك الفكر وبنى كل القواعد التي تساهم في جعل الإنسان يفكر بالصورة التي كان يفكر بها، ومن الطبيعي ان يكون هناك صراع بين أي قديم وأي جديد، فالقديم يسعى دائما لأن يثبت وجوده، وأن يحافظ على قواعده ومواقعه، لكن أعتقد ان الحياة لا يمكن ان تعرف جهودا وستستمر الحياة بالصورة التي أطلقها سماحة السيد. لن نقول ان هذا الأمر سيستمر بالشكل والقوة التي كان عليها في حياة سماحة السيد، لكن اعتقد ان هناك من سيتابع هذا الفكر سواء على المستوى الفكري، أو على المستوى الفقهي، أو العمل بأسلوب سماحة السيد في تعامله مع القضايا التي تحصل في الواقع.
واضاف، لا أخاف على هذا الأمر واعتقد ان السيد قد جذّر وجوده في نفوس الذين عايشوه، وكذلك في الواقع هناك مسار أصبح موجودا، ولذلك نجد ان الناس عندما توفي سماحة السيد كانت تسعى لأن تتابع تقليده والأخذ بآرائه، وكانت تبحث عن الوسيلة التي تستطيع من خلالها ان تتابع مساره، وأيضا الذين لم يكونوا يقلدون سماحة السيد بدأوا يطرحون أو يفكرون كيف يمكن ان نقلد سماحته؟ أعتقد ان الناس ما عادت تستطيع العودة الى الوراء في الجانب الفقهي، أو حتى في أسلوب التعامل مع الجانب الفكري أو قضايا الحياة، وترى ان هذا المسار هو الذي يقدم صورة الإسلام الأصيل، وهو الإسلام الذي يستطيع ان يعيش في هذا العصر، لا يمكن لإسلام منغلق على ذاته، ولا يمكن لإسلام لا ينفتح على قضايا العصر، ولا ينفتح على العلم ان يستمر في الحضور الفكري، وألا يتحول الى دين تقليدي هامشي، وحتى يكون الإسلام له هذا الحضور لابد من هذا الأسلوب في عملية الانفتاح، واعتقد من شاهد التفاعل مع سماحة السيد من كل الناس بعيدا عن طوائفهم ومذاهبهم، يشعر بأن هذا المنهج، هو المنهج الذي يمكن ان نخترق به كل الحواجز المذهبية والطائفية، وفي كل بقاع العالم.
لا خوف على نهج السيد
قد يكون الخوف على المسار الذي أرساه سماحة السيد نابعا من التجارب السابقة، حيث ان كل الشخصيات البارزة خصوصا الدينية كان يغيب تراثها بغيابها، الراحل أرسى أسسا فقهية ومؤسساتية، فكيف يمكن ان تطمئن الناس ألا تقفل نافذة النور التي فتحها؟
اطمئن الناس بأن السيد سيبقى حاضرا لأن هناك من سيتابع هذه المسيرة، لا نقول شخصا، بل هناك من سيتابعها على المستوى الفكري، وعلى المستوى الفقهي والاجتهادي، والمستوى العملي، وايضا على مستوى المؤسسات هناك من سيتابع المسيرة، فلا اعتقد ان السيد فاته هذا الأمر، فسماحة السيد كان طوال حياته حريصا على ألا يكون من حوله اتباعا يتبعونه، بحيث انه يملي عليهم قرارات يريدها كي ينفذوها، بل سعى لأن يبني في الواقع قادة من خلال الذين يحيطون به، وكان حريصا على ان يجعل الناس الذين يخاطبهم يفكرون معه، وكان شعاره دائما «فكروا معي» وعلى هذا الأساس تستمر هذه المؤسسات.
وأضاف، وأيضا على مستوى المؤسسات فإن سماحة السيد كان حريصا على ان يبني قواعد لمؤسسة، وليس التركيز على أفراد ينفذون ما يملى عليهم، فبنى مؤسسة، وبالتالي هذه المؤسسة قابلة لأن تبقى عبر عناصرها المؤسساتية، ولكن طبعا يجب ان نقول ان الصورة التي كانت أيام سماحة السيد كان سماحته هو محورها، أما المرحلة المقبلة فأعتقد انها تحتاج الى مؤسسات على مختلف المستويات تتابع هذا المسار، فمثلا الحوار قد يحتاج الى مؤسسة، الموضوع الفقهي قد يحتاج الى مؤسسة تفكر في هذا الجانب، وكذلك المستوى الفكري، ومستوى الوحدة الإسلامية، وإلى غير ذلك من قضايا، اعتقد ان هناك عملا لإيجاد مثل هذه المؤسسات التي تجعل هذا الفكر يمتد ولا يبقى في موقعه أو مرحلته.
وأوضح ان هذه المؤسسات لابد ان تكون لها رموز، ولكن في النهاية هناك مؤسسة لابد ان تعمل على ان تتابع هذا المسار الفقهي.
من يرث السيد؟
سرت شائعات كثيرة عمن يرث الراحل، هل نستطيع القول ان سماحة السيد علي هو حامل لواء المسألة الفقهية على الأقل؟
بطبيعة الحال ان كل من يعمل في الخط الديني يسعى لأن يتابع كل المجالات التي تتعلق بشأنه، وكذلك ما يتعلق بحركة الإنسان في الحياة، لكن من الأكيد انه لن يكون هناك ارث، كل انسان سيسعى لأن يكون له حضور، أما ان يوفق أو لا يوفق فهذا أمر تفرضه الظروف ومدى تقبل الناس، ولكن في النهاية الإنسان لابد ان يفكر كيف يتابع هذا المسار الذي آمن به وبأهميته وانه قادر على ان يقدم صورة الإسلام بالشكل الصحيح، واعتقد ان هناك اكثر من شخص يمكن ان يكونوا في الواجهة في المستقبل ممن كانوا تحت ظل سماحة السيد وفي رحاب فكره وعلمه.
من خلال تواصل الناس معكم، كيف تشعرون بتوجههم؟
الناس التي أخلصت لسماحة السيد ستتابع الإخلاص له، لكل هذا الفكر وهذه المؤسسات، ولهذا البيت الذي كان ينطلق منه سماحة السيد في عمله، الناس لاتزال تتفاعل مع ما تجده وما كانت تجده مع سماحة السيد، وهو الذي ما كان ليصل الى ما وصل اليه لولا هذا حيث سيبقى هذا البيت قلبا مفتوحا، وعقلا مفتوحا والبيت مفتوح.
جواز تقليد الميت
البعض يعتقد انه بغياب سماحة العلامة المرجع ستكون هناك محاولات لاقتسام أو جذب هذه الشريحة الواسعة من مؤيدي ومقلدي السيد من منطلق عدم تقليد الراحل، أو تقفل هذه الأبواب التي فتحها سماحته، وان التركيز على الداخل لأن الخارج وان كان مقلدي السيد فيه كثر، ولكن الأساس في الداخل اللبناني حيث انطلق؟
بطبيعة الحال الناس يملكون الحرية في ان يختاروا، أو لا يختاروا البقاء على تقليد السيد، وطبعا الرأي الفقهي الآن يجيز تقليد الميت، ولكن أعتقد من خلال واقع الأمر بالنسبة للاستفتاءات وتواصل الناس، ان الناس أرادت هذا الخيار وستتابعه، وحتى الناس الذين كانوا يقلدون مراجع آخرين هم يريدون الوسيلة لتقليد سماحة السيد، وبالتالي فإن كل جهة تسعى لأن تجتذب الناس الذين كانوا يقلدون السيد، وكذلك نرى هناك الكثير من علامات الاستفهام التي تطرح أمام الناس الذين يقلدون سماحة السيد، لكن الناس أصبحت بالوعي الكافي لتستطيع ان تحدد خياراتها، هناك أناس يحددون خياراتهم إن أرادوا الرجوع الى مراجع أحياء فليست عندنا مشكلة، ولكن ما نعتقده ان الناس سيتابعون تقليد سماحة السيد، وبالتالي فإن الواقع هو الذي أكد ذلك، وسيؤكد ذلك، وحسب الاستفتاءات التي ترد الى المكتب فانها تؤكد ان الناس مازالت على قناعتها، ومازال حجم الاستفتاءات كما هو ولم يتراجع، فالناس لديها الثقة بمن كان يحيط بسماحة السيد والذين كانوا يواكبون مسيرته الفقهية والعملية.
هل تشعرون بأن هناك محاولات للانقضاض على إرث السيد الفقهي؟
من الطبيعي ان تسعى كل جهة لأن تكتسب مقلدين، وهذا أمر مشروع بالنهاية وواقعي، ولكن نحن لا ندخل في صراع مع أحد في هذا الإطار، ولكن نحن نؤكد للناس انهم يمكن ان يبقوا على تقليدهم لسماحة السيد وهناك من يريد ان ينتقل لتقليد سماحة السيد ونحن في النهاية سنتابع هذه المسيرة والناس لهم خياراتهم في ذلك. هل تؤكد للناس ان السيد علي فضل الله لن يتراجع عن النهج الذي رسمه سماحة الوالد؟ هذا أمر طبيعي وهذا نؤكده، وستؤكده الأيام، كنا مع سماحة السيد وآمنا بمساره وبنهجه، وبفكره، وبأسلوبه، واعتبرناه الصورة الصحيحة التي يجب ان تقدم، وبالتالي سنتابع هذا الأمر وسنكون حريصين على أدق التفاصيل.
[/align]