مكاتب مراجع النجف الاشرف تتبنى فكرة رواتب موحدة للطلبة

27-06-2004
--------------------------------------------------------------------------------


خاص - النجف الأشرف

صدر قبل أيام اعلان موحد من مكاتب مراجع النجف الأشرف – آية الله السيد السيستاني وآية الله السيد محمد سعيد الحكيم وآية الله الشيخ الفياض وآية الله الشيخ بشير النجفي – يدعو فيه الطلبة إلى مراجعة المكاتب آنفة الذكر لغرض ملء استمارات تتعلق بشؤون الرواتب الشهرية لغرض تمييز الطلبة المحصلين وأفراز غيرهم, وتبتني فكرة الفرز للطلبة بواسطة تخيير الطالب لأداء الامتحان في المادة التي قد فرغ من دراستها أو شارف على إكمالها, أو الخضوع لتقييم مباشر من لجنة مؤلفة من أعضاء مشتركين يمثلون المكاتب الاربعة.
ومن المعلوم أن مكتب المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد السيستاني يعتمد في صرفه الراتب للطلبة على التوثيقات أما من قبل الاساتذة المعروفين في حوزة النجف أو على بعض التوثيقات الشخصية, وكان في السابق يعتمد على إجراء الامتحانات الدورية للطلبة لغرض الصرف اضافة الى التوثيق, إلا أن المكتب قد اقتصر في ذلك على التوثيقات بسبب ضغوط قد فرضها النظام السابق.
وفيما يتعلق بمكتب آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم قد اعتمد بصورة أساسية على اجراء الامتحانات مرتين في السنة مع التوثيق بحسن السيرة والسلوك لغرض معرفة اشتغال الطالب حتى يتسنى صرف الراتب له, وأما مكتب آية الله الشيخ الفياض فإنه يعتمد في التوثيق على ضوء تقييم مكتب آية الله السيد السيستاني أو أداء الامتحان لدى مكتب آية الله السيد الحكيم, فيما يعتمد مكتب الشيخ النجفي على اشتغال الطالب حسب المنهج الدراسي الموضوع من قبل مكتبه و الخضوع للامتحان شهريا .
لقد بقي وضع الرواتب على هذا النمط حتى بعد سقوط النظام, ولم يمكن إجراء تقييم شامل لكل طلبة النجف للظروف التي ألمت بالبلاد, إضافة إلى توجه كثير من الطلبة إلى التبليغ في مناطق العراق لسد الفراغ الفكري الذي فرضه النظام السابق, هذا مع تعثر الدروس بين الفينة والاخرى لأسباب معروفة ومنها التوقف الدراسي الذي حصل بسبب الازمة الاخيرة بين مليشيا الصدر وقوات الاحتلال.
واليوم جاءت هذه الفكرة في توحيد الرواتب لغرضين أساسيين – حسبما أفاد الشيخ حيدر العامري 32 سنة, طالب سطوح –
"الاول هو تنظيم راتب موحد من مراجع النجف حتى لا يضيع جهد الطالب وقته للسعي في تحصيل الراتب ومن مكاتب متعددة, والسببب الثاني هو بروز معيار واحد على أساسه تقوم المكاتب بصرف الرواتب للطلبة" .
ومن جهته أضاف الشيخ علي الربيعي – مدرس سطوح في حوزة النجف – "إن هذا الاجراء ينقي الحوزة من الدخلاء عليها ويسمح لتقييم حقيقي للطالب" .
وأفاد أحد الطلبة – فضل عدم التصريح بأسمه – "هناك محاسن في هذا الموضوع ومنها ان الطلبة غير المستلمين أصلاً للراتب الشهري سيحصلون عليه وفق هذا الاجراء, والطالب غير المحصل سيتهاوى.
أما من ضمن مساوىء هذا الامر أن نفس فكرة التقييم عن طريق امتحان هي فكرة غريبة على الحوزة, لان المعروف ان نظام الحوزة يعتمد اسلوب اللانظام, بمعنى هناك مرونة وسعة في التعامل مع هذا الموضوع, والامتحان ضابطة فكيف نعمل ضابطة لما لا ضابطة له, وكما يحصل في امتحانات مكتب آية الله السيد الحكيم حيث يعمد الطالب فقط لدراسة المادة المطلوبة في الامتحان دون تتمة الكتاب, فكيف يمكن الكشف عما لم يدرسه, علماً أن الامتحان ليس له تمام الكشف عن مستوى الطالب وإنما هو مقتضي فقط, فيحتاج الى انضمام أمور كثيرة, مثل إحاطة الطالب بالكتاب والتي لا يمكن للامتحان ان يأتي بها, فترى الطالب يقرأ الفصول المهمة من الكتاب والتي يتوقع ورود أسئلة منها في الامتحان"، وأضاف الشيخ "من سلبيات هذا الموضوع هناك أمور تساعد في بلورة طالب العلم وهي شخصية ولا تقتصر على الجانب العلمي فقط بل انضمامها إلى الجانب العلمي قد يبرز الطالب, وقد تطغى هذه الجوانب أحيانا حتى على الجانب العلمي, ومن هذه الجوانب الجانب الاجتماعي وهو الذي صعد السيد محمد محمد صادق الصدر وأنزل آية الله الشيخ علي الغروي وهو من أكابر العلماء وذلك لعدم حصوله على نفس الرصيد الاجتماعي الذي يملكه الصدر, ومن المساوىء أن هذا الشأن سوف يؤدي بالمستقبل الى تهميش الطلبة وجعلهم بمستوى طلبة العلوم الاكاديمية وبالتالي سيفرض على الحوزة مجتهد ينال اجتهاده بالامتحان وهذا النموذج موجود – مع الاسف – في حوزة قم ويعبر عنه أحيانا مجتهد قمي, وآخر السلبيات أن هذا الاسلوب يجعل كثيرا من الطلبة يخرج عن دائرة التقييم بالامتحان, نظرا لبعض الظروف الخاصة لدى الطلبة "
وحول الحل الأنسب لهذا الوضع الجديد, يرى الشيخ – الذي رفض ذكر اسمه- "أولا أن نبقى على مواضعاتنا ونعمل على أساس التقييم الفعلي دون الاعلان عن ذلك, وثانيا عدم الاخذ بالتوثيقات بصورة مطلقة, والتأكد منها بصورة دورية ".
ومن المعلوم ان بعض مراجع ايران -وبعد انهيار النظام البعثي في العراق- حاول الاسهام في صرف رواتب لطلبة حوزة النجف الاشرف ومنهم آية الله الشيخ جواد التبريزي –أحد طلبة اية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره ومن آبرز مراجع ايران– معتمدا في ذلك على تقييم مكتب آية الله الحكيم ولا زال يعتمد هذا الاجراء في صرف الراتب للطلبة النجفيين, ومن الذين حاولوا صرف الرواتب من مجتهدي ايران السيد الخامنائي أيضا بالاعتماد على بطاقات الرواتب الصادرة من علماء النجف.
ومن الجدير بالذكر أنه قبل فترة جرى ملء استمارات بهذا الصدد وتم صرف راتب أو راتبين للطلبة وانقطع عنهم ذلك الراتب حتى يومنا هذا, وآخر مجتهدي قم الذي حاول صرف الرواتب على الطلبة النجفيين هو السيد كاظم الحائري ويعتمد في ذلك على أساس التزكية دون البطاقات إلا أن رواتبه انقطعت 100% نتيجة كثرة التزكيات الواردة بهذا الشأن وأختلاطها مما حدا به لقطعها كليا.
مما يشار له أن مورد صرف الرواتب على الطلبة يعتمد بصورة رئيسية على مصدر مالي يسمى سهم الامام وهو أحد أقسام الخمس وكذلك على أحد مصارف الزكاة, إضافة الى موارد أخرى مثل الاوقاف العامة وبذل الاغنياء, ومن الجدير بالذكر أن طلبة العلوم الدينية في النجف الاشرف يعيشون عيشة دون المتوسطة قد ترتقي الى المتوسطة احيانا, وهناك موارد ثانوية يلجأ اليها الطلبة لتتمة احتياجاتهم المعيشية ومنها الحصول على أموال مقابل أداء عبادات –مثل الصلاة و الصوم و الحج نيابة و غير ذلك– وتسمى (اجارة), وهناك من يعتمد على نسبة معينة من جباية الخمس أو الزكاة أو غيرها بشرط أخذ الاذن في ذلك من الحاكم الشرعي –وهم فئة قليلة جدا من الطلبة– ومن الطلبة من يعتمد على الاموال المستحصلة من الخطابة والتبليغ في مواسمه ويقع ذلك في شهر رمضان وشهر محرم.

وفي الاونة الاخيرة وبعد الانفتاح الذي شهدته الحوزة والمتمثل بفتح مؤسسات ومدارس تعنى بالشأن الديني قد ساعد في إنعاش الطلبة نتيجة صرف هذه المؤسسات لرواتب شهرية لكوادرها والمنتمين اليها, بغية الرقي بالمستوى الفكري والعلمي للحوزة .
وفي الختام إن موضوع الرواتب عند كثير من الطلبة يعتبر أمراً ثانويا لا جوهرياً لان هم الطالب أصلا هو نيل درجات رفيعة من العلم والتقوى جراء دخوله لحياة طلب العلم والتفقه, وفي هذا الصدد أفاد الشيخ حيدر العامري "إن طالب العلم الذي يجعل أكبر همه هو الحصول على راتب المرجع فليذهب بكتبه من حيث أتى, لأننا نعتقد اعتقادا قاطعا بالقول المأثور (كل الناس تسعى الى أرزاقها وطالب العلم يسعى رزقه إليه)"