السومريون و ( عرب ألأهوار )
==================
السومريين من الأقوام الوافدة إلي وادي الرافدين التي أسست لحضارة ظلت متواصلة لما يزيد علي ثلاثة آلاف عام متتالية. أما الوجهة التي اتخذتها تلك الأقوام بعد أفول حضارتها فقد تعارضت فيها أراء الباحثين، فمنهم من ذهب إلي القول بذوبانهم في الأقوام الأخري التي سكنت العراق، ورجح آخرون نزوحهم خارج وادي الرافدين.
وذهب فريق ثالث إلي القول بوجود باقية لهم في اهوار جنوب العراق.
احتفظت بملامحها و طرق معيشتها الأولي التي تؤيد تلك الصلة.
إن تلك الآراء ساقها جملة من الباحثين وكلُ له حجته في ما يعتقد يمكن بيان أبرزها :
1 ــ يقول هنري فيلد : ( إن سكان الاهوار هم النسل المباشر للسومريين الذين عاشوا في العراق قرابة خمسة ألاف عام خلت، وإنهم دفعوا للحياة في الاهوار لغرض الحماية.
وقد ذهب إلي ذلك الرأي ويلفرد سيكر حيث يقول : ( فقد كانت هذه الاهوار ملجأ أمينا لبقايا الشعوب المغلوبة منذ أقدم عصور التاريخ ).
وممن يؤيد ذلك الرأي العالم الاركويولوجي سيتن لويد فحينما تحث عن سكان الاهوار يقرر ( إن حياتهم وظروفهم تشابه لحد بعيد حياة اؤلئك الأقوام القدماء الذين استوطنوا الدلتا التي كانت في دور الجفاف في عصور ماقبل التاريخ، وان مضايف شيوخهم الجميلة المدورة التي تشبه بناء الكنائس والمبنية كلها من القصب والطين تقرب لحد كبير جدا من ما يمثل الهياكل الأصلية للمعابد السومرية في الألف الرابع قبل الميلاد ).
يبدو ان طرق معيشة سكان الاهوار المخالفة لجيرانهم البدو وغيرهم جعل بعض الباحثين يعتقد بانحدار سكان اهوار جنوبي العراق من السومريين الأوائل، ولم يلتفتوا إلي ان البيئة هي التي فرضت علي إنسان اهوار الجنوب نوع معيشته وطريقتها لحصول الموائمة والتكيف، وليس طرق المعيشة مختصة لجيل من الناس أو عرق من الأعراق، فقد استوطنت كثير من القبائل البدوية مناطق الاهوار فاكتسبت كثير من طباع سكانها وطرق معيشتها. ان فكرة انحدار سكان اهوار الجنوب من السومريين جعلت بعض الدارسين المحليين يفترض وجود جماعة مستقلة أو قبيلة معينة حافظت علي كيانها عبر التاريخ لتكون شاهدا علي تلك الصلة، وقد ذكروا تلك الجماعة بغير حجة تاريخية أو دليل معتبر، ساقهم إلي ذلك تقارب الألفاظ بين كلمة (سومر) وتلك الجماعة، كما فعل مهدي ألحسناوي في كتابة الموسوم ( الاهوار حضارة سومر ) حيث يقول في معرض حديثة عن عشيرة الصيامر : ((ويقول البعض ان هؤلاء من أحفاد السومريين وانتقلت تسميتهم من (سيامر) إلي (صيامر )).
وقد ذكر ذلك الرأي قبلة عباس العزاوي نقلا عن محمد حسن حيدر والمرجح تاريخيا ان أصل تسمية صيامر نسبة إلي نهر من انهار البصرة يقال له الصيمر أو إلي قرية الصيمرة التي كانت علي صدر ذلك النهر ثم اندرست عند اندراس البصرة القديمة فتفرق سكانها إلي البطائح ولقبوا باسم قريتهم.
وقد ذكر تلك القرية المندرسة غير واحد من الجغرافيين أمثال ابن حوقل وياقوت الحموي.
2 ــ يذكر جون ساسون ــ وهو باحث يهودي معاصر ــ في كتابه (من سومر إلي أورشليم ) ان الآثار التي اكتشفت تخبرنا بأن مدن سومر هدمت حوالي 2000 ق.م ولكن القصة التي تذكر تهديم مدن السومريين لاتقول ان السومريين قضي علي مدنهم، ولاتقول لنا كذلك إنهم اختفوا كشعب، وإنما تشير إلي أنهم تفرقوا وخرجوا من تلك المنطقة، أي إنهم بقوا كناس مميزين ولكنهم خرجوا من ارض سومر ورحلوا عنها، ولم يخرجوا من ارض سومر وحدها بل تركوا وادي الرافدين كله، وذهبوا شمالا باتجاه حاران، وتقول التوراة ان هذه الجماعة كانت مكونة من إبراهيم النبي وتارح وأبية لوط وغيرهم.
ويقول ساسون ان هذه المجموعة كانت تتكلم اللغة الأكادية (وهي لغة سامية ) عندما كانت في سومر بعد ان اندثرت اللغة السومرية، وتبنت بعد ذلك لغة قريبة من الكنعانية ثم الكنعانية التي تفرعت عنها اللغة العبرية التي تكلمها اليهود في ما بعد ).
ويضيف ساسون ان عدم ورود اسم سومر في التوراة ضمن مايسمي بلائحة الشعوب حيث جاء في سفر التكوين القول : ( وأبناء سام عيلام وأشور وارفخشد ولود وآرام ) كما هو واضح من هذه الأسماء فأن ( سومر ) لم يذكر في اللائحة، المذكور هو سام وبعض الأسماء التي أطلقت علي بلدان ظهرت في أوقات مختلفة علي مقربة من سومر ( لايعرف شئ في الوقت الحاضر عن ارفخشد ولود ).ويتساءل ساسون عن سبب عدم ذكر سومر مع إنها منطقة كانت في القلب من بقية الأقطار المذكورة.
ويقول ان الجواب علي هذا التساؤل الذي أصبح اليوم مقبولا من قبل الباحثين هو ماذكرة الاثاري المعروف صموئيل نوح كرا يمر في كتابة (( السومريون )) حيث يقول ان سومر تكتب في الألواح المسمارية (شُومر) وليس سومر وسام الذي يكتب (شُم) في التوراة لايبعد ان يكون شُومر.( )
ان فكرة ارجاع الأصل اليهودي إلي عنصر ذات حضارة عظيمة لم يكن وليد فرضية جون ساسون بل سبق إلي ذلك العالم النفسي المعروف سيغموند فرويد
حينما حاول ربط اليهودية بالعنصر المصري والحضارة الفرعونية.
أما بخصوص ماذكرة ساسون حول نزوح سكان سومر الجماعي ــ علي فرضية حدوثه ــ وربطة بنصوص توارثية تشير إلي خروج إبراهيم الخليل مع عائلته وتارح وأبية لوط ماهي إلا محاولة بائسة من الكاتب لإثبات الأصل السومري لإبراهيم (ع) وهذا يتعارض مع رواية التوراة نفسها التي تذكر ان إبراهيم الخليل ينتمي إلي القبائل الارامية وهي قبائل عربية نزحت من وطنها الأصلي في جزيرة العرب واستقرت علي ضفاف الفرات في شمال سوريا ثم نزل بعض أسرها إلي العراق ومن جلتهم اسرة إبراهيم الخليل.
والأمر الأخر الذي يجب الإشارة إلية هو ان خروج إبراهيم الخليل إلي حران لم يكن جماعيا حتي يكون دليلا علي انه هجرة سومرية وإنما برفقة أفراد كما أشارت إلي ذلك التوراة نفسها.
أما بخصوص محاولة إيجاد توافق بين لفظة شام أو سام وشومر فهي ظاهرة البطلان لما يوجد بين اللفظين من فرق شاسع يضاف إلي ذلك ان المجموعة السامية التي تذكرها رواية التوراة.
من عيلامين واشوريين وار فكشاد ولوديين وآراميين وان كانت تضم غير الساميين من لوديين وعيلاميين. لاتوجد بينهم وبين السومريين أي صلة من الناحية اللغوية أو الانتروبولوجية.
====================
ألمصدر / العوده الى ألأهوار / عرب ألأهوار / أصل كلمة ألمعدان في الموسوعه العامه/ عشائر العراق للباحث عباس العزاوي المحامي