بغداد-"الاسبوعية":دعا المجلس السياسي المسيحي الذي عقد اجتماعا أمس في بغداد الحكومة العراقية إلى استحداث محافظة خاصة لهم في سهل نينوى لتوطين المسيحيين في العراق، وأكد قيادي مسيحي "أن الحل الأمثل لإنهاء معاناة المسيحيين المتواصلة في العراق الجديد هو إيجاد منطقة خاصة لتجميع المسيحيين المهمشين" حسب تعبيره.
وكانت تنظيمات سياسية كلدانية سريانية آشورية قد عقدت اجتماعها القيادي الثالث قي مقر الحركة الديمقراطية الآشورية ببغداد لبحث واقع المسيحيين ومعاناتهم مع التهديدات الإرهابية التي تستهدفهم، وأقروا مذكرة سياسية رفعوها إلى الرئاسات الثلاث في العراق وإلى حكومة إقليم كردستان تتضمن المطالبة باستحداث محافظة مسيحية في مناطق سهل نينوى على غرار مطالب التركمان بتحويل قضاء تلعفر إلى محافظة تركمانية، مؤكدين "أن هذا هو الحل الأمثل لإنهاء معاناة المسيحيين في العراق".
وتعرض المسيحيون في العراق إلى سلسلة هجمات متواصلة كان آخرها مجزرة (سيدة النجاة) وسط بغداد والتي راح ضحيتها أكثر من 50 شخصا بينهم نساء وأطفال.
وقال يونادم يوسف كنا رئيس الحركة الديمقراطية الآشورية الذي رعى الاجتماع في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط إن "هناك ضرورة ملحة لاستحداث تلك المحافظة حيث هناك نصف مليون مسيحي في العراق مهمشون سياسيا، ولديهم مناطق انتشار شاسعة تعاني من إهمال مثل الحمدانية وتكليف وبعشيقة في حدود محافظة الموصل، وهي مناطق تعاني من فقر مدقع في المشاريع التنموية ومن خدمات البنية التحتية، فضلا عن تشرد الآلاف من أبناء شعبنا في مختلف مناطق العراق، وإن استحداث هذه المحافظة لتجميع وتوطين المسيحيين من شأنه أن يسهم في إشراك فاعل لأبنائهم في مراكز القرار السياسي بالبلاد".
وحول ما إذا كانوا يريدون إلحاق المحافظة المقترح استحداثها بإقليم كردستان أو بالحكومة المركزية قال القيادي المسيحي: "المحافظة؛ نريد أن تكون حدودها في المناطق ذات الأغلبية المسيحية بسهل محافظة نينوى وتكون تابعة للحكومة المركزية، أما بالنسبة للمسيحيين الآخرين الموجودين حاليا ضمن حدود إقليم كردستان فإننا نطالب رئاسة الإقليم بتفعيل المادة الواردة في دستورها المقترح والذي ينتظر التصويت عليها باستفتاء شعبي والمتعلقة بمنح الحكم الذاتي لمسيحيي كردستان، وبذلك نضمن حقوق جميع المسيحيين في العراق".
وحول آلية تنفيذ هذا المقترح قال كنا: "الدستور يحدد آلية ذلك، وسبق أن تحولت دهوك قبل عدة عقود من قضاء إلى محافظة في عهد النظام السابق، وبذلك فنحن لا نأتي بشيء جديد في العراق، وإنما الدستور يجيز ذلك، وهذا نعتبره حقا مشروعا لنا، ونأمل من الكتل والقوى العراقية أن تدعم جهودنا في هذا المجال لكي ننهي معاناة شعبنا أو على الأقل تخفيفها خصوصا في هذا الظرف العصيب الذي يمر به وطننا العراق".
وأقر اجتماع القادة المسيحيين مذكرة تدعو إلى معالجة التجاوزات الحاصلة على أراضي القرى المسيحية، وتأجيل البت بتسوية الأراضي في القرى التي تعود ملكيتها للمسيحيين النازحين والهاربين من قراهم، ومنحهم المدة الزمنية الكافية ليتسنى لهم العودة إلى قراهم وأراضيهم لتسوية تلك الأمور قانونيا. وكلف الاجتماع لجنة المتابعة إعداد آلية العمل المشترك بين تنظيماتها السياسية، التي أقرت تسميتها بـ(تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السرياني الآشورية) كصيغة للعمل المشترك.
الى ذلك يعتزم مسيحيو نينوى توجيه مذكرة الى الرئاسات الثلاث تطالب بالموافقة على استحداث محافظة خاصة بهم في منطقة سهل نينوى، ومطالبة أربيل بحكم ذاتي في المناطق التي يشكلون فيها الغالبية.
وأقرت الأحزاب والمنظمات المسيحية في اجتماع عقدته أول من أمس في بغداد مذكرة ستوجهها الى رئاسات الجمهورية والبرلمان والوزراء للمطالبة باستحداث محافظة لـ (الشعب الكلدو أشوري السرياني)، ومطالبة رئاسة الوزراء بصورة خاصة بتنفيذ التوصيات التي أقرها البرلمان لمواجهة استمرار استهداف المسيحيين.
وكان البرلمان العراقي شكل لجنة برئاسة رئيس كتلة الرافدين المسيحية يونادم كنا بعد الهجوم المسلح على كنيسة سيدة النجاة أوخر تشرين الاول (اكتوبر) العام الماضي.
وجاء في بيان صادر عن (تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية) عقب الاجتماع ان "استحداث محافظة في منطقة سهل نينوى لشعبنا وباقي المكونات القومية والدينية في مناطق من سهل نينوى، هو الحل الدستوري لمعاناة شعبنا من العمليات الإرهابية التي إستهدفته في بغداد والموصل".
وانتقد البيان "تواصل هذه العمليات الإرهابية من دون أن ترتقي المعالجات الحكومية إلى مستوى الاستهداف، ومعالجة هذه الحالة تتطلب دعم القوى المؤمنة بالعملية السياسية والمصير المشترك لمطلبنا هذا".
وطالب البيان رئاسة اقليم كردستان بـ (تفعيل المادة 35 في مسودة دستور الإقليم حال إقرارها والمتعلقة بمنح الحكم الذاتي لشعبنا في الإقليم، ومعالجة ما تبقى من التجاوزات على أراضي قرى شعبنا).
وشدد على "ضرورة تأجيل البت بتسوية الأراضي في القرى التي تعود ملكيتها لأبناء شعبنا والتي لا يتواجد فيها أصحابها الشرعيون ومنحهم المدة الزمنية الكافية ليتسنى لهم العودة إلى قراهم وأراضيهم لتسوية أمورها قانونياً".
بدوره، نفى عضو المكتب السياسي لـ (الحركة الاشورية الديموقراطية)شومائيل بنيامين ان تكون مطالبة المسيحيين باستحداث محافظة هو لـ "اسباب دينية أو انشاء محافظة تكون للمسيحيين حصراً". وقال اننا "لم نطالب بمحافظة لطائفة أو ديانة بل طالبنا باستحداث محافظة على أساس أداري في منطقة سهل نينوى".
وأضاف ان "هذه المنطقة على رغم انها تضم غالبية من الشعب الكلداني الاشوري السرياني الا ان فيها قوميات وادياناً أخرى مثل الشبك والايزيديين".
وعلل سبب المطالبة باستحداث محافظة الى "أفتقار هذه المناطق الى الخدمات لبعدها عن مركز محافظة الموصل"، مشيراً الى ان "استحداث محافظة تضم ادارياً هذه المنطقة سيوقف هجرة المسيحيين الى خارج العراق، لأن المستهدفين في بغداد وغيرها من المحافظات سيلجأون الى هذه المحافظة موقتاً ثم سيعودون الى المحافظات التي جاؤوا منها عند زوال الخطر".
وعن مطالبتهم بإنشاء مناطق حكم ذاتي في أقليم كردستان، اعتبر ان "هذا المطلب ينسجم مع مسودة دستور أقليم كردستان الذي تقضي المادة 35 منه بمنح حكم ذاتي للاقليات في المناطق التي يشكلون فيها غالبية".
وعن المناطق المستهدفة، أوضح ان (منطقة عين كاوة ذات غالبية مسيحية ومناطق أخرى في محافظة دهوك).
الى ذلك اوعز رئيس الجمهورية جلال طالباني، الاثنين، بتشكيل مكتب في رئاسة الجمهورية بإسم شؤون المسيحيين يختص بالاهتمام في اوضاع المسيحيين، بحسب بيان لمكتبه.
وذكر البيان الذي تلقت "الاسبوعية" نسخة منه ان طالباني قرر "تشكيل مكتب في رئاسة الجمهورية بإسم مكتب شؤون المسيحيين يختص بالاهتمام في اوضاع المسيحيين".
واوضح ان "هذا المكتب يقوم بالتنسيق مع رؤساء الطوائف المسيحية للنظر في احتياجاتهم ومتطلباتهم لتنظيم العمل ووضع برنامج لبدء حملة مشتركة ضد الخطط والمؤامرات التي تحاك لتفكيك النسيج العراقي".
واضاف البيان ان "طالباني سيطلب من المراجع الدينية في النجف والوقفين السني والشيعي اصدار فتاوى تحرم الاعتداء على المسيحيين وتحرم نشر الأفكار التي تدعو الى الكراهية ومعاداة الأديان الاخرى لا سيما الدين المسيحي".
وشدد رئيس الجمهورية على "ضرورة اتخاذ اجراءات امنية اكثر تشدداً لحماية ارواح المواطنين ودور العبادة لكافة الاديان والطوائف".
واشار الى "اهمية البدء بحملة شاملة تتضمن العمل الفكري والسياسي والأمني والإقتصادي والإعلامي لحماية المسيحيين في العراق ليتمتعوا بالحرية الكاملة كما ورد في الدستور العراقي".