خاص _بغداد بوست
امتاز شارع الرشيد ، الذي يعد علامة الفاصلة التأريخة والثقافية للعاصمة بغداد باسواقه مهمة أبرزها سوق الصفافير والذي يعزف منذ زمن بعيد سمفونية النحاس بآلة المطرقة من اجل صنع الاواني المنزلية والجداريات ذات الزغارف والاشكال المختلفة جيث توارث هذه المهنة من جيل الى اخر وهم يداعبون النحاس بأناملهم .
أنحسار سوق الصفارين وأقحام محال الاقمشة فيه يهدده بالأنقراض من تأريخ بغداد النقي .
وعن تاريح السوق يقول الحاج مهدي العيسى احد اقدم الصفارين في السوق في حديث لـبغداد بوست " لقد كانت سيمفونية الأزاميل والمطارق تصدح من بين زوايا الشارع الطويل بلا انقطاع حتى ساعات المساء لكنها اليوم تراجعت إلى حد كبير"مبين ان " العمل في هذه المحال ينقسم بحسب مراحل الإنتاج فهناك من يضرب على قطعة النحاس لتأخذ الشكل المطلوب وهناك من ينقش عليها باستخدام المطرقة والأزميل وبينما يختص الآخرون بتصميم الزخارف التي تنقش على صفائح النحاس".
وتابع العيسى قائلاً "و ينشغل الآخرون بصقل المنتج بعد زخرفته وتلميعه أو يلوّن بعض أجزاء الصفائح المطروقة لتضفي لمسات فنية أكثر جمالية على الأواني وبعضهم يرصعها بالأحجار أو يطليها بالمينا ورغم تراجع حركة هذه السوق فإن وتيرة العمل هذه لم تتغير كثيراً ربما منذ إنشاء السوق في عصر الخلافة العباسية بالقرب من المدرسة المستنصرية التي كانت جامعة لعلوم ذلك الزمان".
اما النقاش عاصم علوان فاخر (65عاماً) والذي ورث مهنة النقش على النحاس من ابيه يصف لنا حال السوق في الفترة السابقة والحالية قائلاً لـبغداد بوست " أنه "كان وضع السوق مختلفاً تماماً عما هو عليه الآن فقد كان مزدهراً برواده من السياح الأجانب والعرب" مبين ان "، إن السياح كانوا يتنافسون على اقتناء محتويات السوق من التحف البغدادية الذي نقشت عليه رسوم لمعالم بلاد الرافدين الأثرية والتاريخية مثل أسد بابل والزقورة والملوية والحضر فضلاً عن الشخصيات التي حكمت العراق في السابق".
وتحسر فاخر على الزمن الجميل وهو يقول لـ"بغداد بوست إنه " لم يعد هناك من يرغب باقتناء الأشكال التي يجيد الصفارون صناعتها فليس هناك من يبحث عن الأنتيك البغدادي القديم بمختلف ألوانه أشكاله النحاسية الآمر الذي اجبر العديد من أصحاب المحال على هجر هذه المهنة واللجوء إلى مهن أخرى".
علي كاظم نعمان صاحب أحد المحال المتبقية في سوق الصفافير يعزو من جانبه سبب الهجرة المستمرة من هذه المهنة إلى "طغيان الصناعات النحاسية المستوردة وقلة مادة النحاس في السوق والإهمال الحكومي وقلة السائحين بالإضافة إلى اتجاه بعض التجار إلى استيراد بعض المواد التي تنافس النحاسية كالزجاجيات".
واضاف ان " الصمت يخيم على السوق بصورة ملفتة للنظر بعدما كانت اصوات المطرقات تدل كل من يدخل شارع الرشيد ".
وحمل نعمان أن المسؤول عن تدهور هذا السوق هو"نتيجة اهمال الحكومة وأمانة بغداد لهذا المكان التأريخي الذي يعتبر من اهم واقدم الاسواق في بغداد ".
وعن تأريخ هذا السوق يقول المؤرخ سالم الآلوسي لـ"بغداد بوست " "يرجع تاريخ سوق الصفافير إلى عهد الخليفة المستنصر بالله في القرن الثالث عشر الهجري حيث أوعز بإنشاء أسواق عدة متخصصة كأسواق الوراقين والبزازين والعطارين وسوق الصفافير"
مبيناً ان " الغرض من إنشائها هو توفير المتطلبات اللازمة لطلبة وأساتذة المدارس في ذلك الوقت".
وأضاف قائلاً " كان سوق الصفافير يمدهم بما يحتاجون من فوانيس وقناديل وغيرها من الأواني والقدور وغيرها".
وأشار إلى ان " السوق كان مكاناً مناسباً لتعويد الخيول العسكرية على ضجيج المعارك، إذ كانت تمرر في السوق وسط ضجيج طرق المعادن لكي لا تفر أثناء الحروب عند سماعها صليل السيوف".
من جانبه قال وكيل أمين بغداد نعيم الكعبي لـ"بغداد بوست " ان " عودة سوق الصفارين إلى حياته الطبيعية مقرون باستقرار الوضع الأمني في العراق، باعتبار أن اغلب رواده هم من السياح الأجانب وفي ظل انعدام حركة السياحة اُجبر العديد من أصحاب المهن إلى عزوف مهنهم واللجوء إلى مهن أخرى".
وأكد ان " من الخطط المستقبلية لامانة بغداد هو صيانة الاماكن التأريخة في العاصمة بغداد لكونها تعبر عن تراث واصالة العاصمة بغداد ومن بينها سوق الصفافير".