ولدَتْ بدرَ الدُّجى شمسُ الضحى ** فنضا الكونُ ثيابَ الغَسَقِ
بــدرُ تمٍّ بالدّراري اتَّشَحـا ** فأعيذوهُ بـربِّ الفــلقِ
*****
بوركتْ فاطمـةٌ بنتُ النبي ** ولدت بدراً أمـاطَ الحُجُبـا
قد تسامى حسـباً في نسب ** واعتلى فوق المعالي رُتَبـا
من يُبـاريهِ بــامٍّ وأب؟ ** أو يُجاريهِ فـداءً وإبــا؟
إنّه البدرُ إذا الليـلُ صحــا ** بسوى بارقِـهِ لم يُمحَـقِ
وهو الغـوثُ إذا صيح الوَحا ** عصمةُ اللاجي وأمنُ الفَرِقِ
*****
حبُّهُ في القـلبِ كالبحـرِ عتا ** يقذف الدرَّ مديحـاً من فمي
حبُّهُ فــرضٌ من الله أتى ** فسألِ القرآن إن لــم تعــلمِِِ
آية القربى روت عن ( هل أتى ) ** خبراً في مُحكَمٍ عن مُحكمِِِ
إنّه الأمنُ ـ إذا الحقُّ انمحى ** في غياباتِ البلا ـ من غرقِ
لا يزيد العدلَ ألا وَضَحـا ** إن عـدا الظلمُ بطيش النَّـزِقِ
*****
كيف ترجو نيلَ أسرارِ الاله ** جُمعت في هيكـلٍ من جوهرِ
كلما يممَّـهُ الفكرُ طـواه ** غامضٌ من غيـبهِ المستأثر
وإذا حلّق يستجلي ذراه ** تاهَ في رَحْبِ النجوم الزُهُرِ
فخيالُ الفكرِ مهما سرّحــا ** لم يُحِطْ خُبْراً بمـا في الأفقِ
من معانٍ وصفهـا ما بَرِحـا ** حَـيْرَةَ اللبِّ وعجزَ النُّطُـقِ
*****
ما ترى فيمن حبـاهُ المصطفى ** خُلْقَهُ أكـرِمْ بذي الخلق الكريم
خصَّهُ الرحمـنُ مَدْحـاً وكفى ** بكتــابِ اللهِ والذكــرِ الحـكيم
عن مديحِِ الناسِ لكــنَّ الوفـا ** قد دعـاني إنّهُ الفوزُ العظيم
قلتُ لبَّيـك فجاءت مِـدَحا ** قاصراتٍ عن مَنـال السَّــبَقِ
دونها الشَّوطُ بعـيدُ المُنتَحى ** فهي عمّـا ترتجي في مَـلَقِ
*****
حَسَنٌ والحُسْنُ من أوصـافهِ ** نال طَرْفاً فازدهت فيه الخصال
نَبْعُها الناهـلُ من ألطـافهِ ** رشفةُ الصّـادي إذا عزّ النوال
والمعالي الغرّ من ألاّفهِ ** قاصراتُ الطّرْفِ حوراً في الحجال
لا يُبارحـنَ فتىً قد فضحـا ** بسنا بارقِـهِ المؤتلِقِ
مطلعَ الشمسِ فلاحتْ شَبَحا ** أو كَوَجْـهِ البؤسِ عند المُمْلِقِ
*****
هاشميٌّ ورثَ الهادي الأمين ** رفعةَ الحلم وزهوَ السؤددِ
علويٌّ عند ذي العرشِ َمكين ** وبهِ الحقُّ مناراً يقـتدي
شاءه الله هـدىً للعـالمين ** وضـياءَ الفكرِ والمعتقـدِ
حـلمُهُ من أحمــدٍ ما طَمَحـا ** مأْمَناً من هــوّةِ المنزَلَق
رضي الصـلحَ ليُنْجي الصُّلَحا ** من حُبالاتِ طليقٍ مَذِقِ
*****
مثلُهُ وهو الامامُ المدّخـر ** ليقيمَ العدلَ إن ضلَّ الانام
لا يداجي ظالماً طاغٍ أشِر ** مستخفّاً بحلال وحرام
إنما شـاء بيانَ المستَتَر ** من دهاءٍ بات مخفورَ الذمام
فابن هندٍ غـدرُهُ قد طَفَحا ** مذ غـدا من صلحهِ في مأزِقِ
وتبدّى فسقُهُ واتضحـا ** بعدما كـان مثـالَ المتقي
*****
ورأى الناسُ من الطاغي الخبيث ** كلَّ ألوان البلايـا والمِحَن
فسرى الذلُّ بها السّيرَ الحـثيث ** واقتفى آثارَهُ رَكْبُ الفتن
ولكَمْ نادت وهل يُرجى مغـيث؟ ** ولهيبُ السمِّ في قلب الحسن
سار في الأحشاء سيراً سُجُحا ** ثم لم يُبْقِ لهـا من مِـزَقِ
يا لخطبٍ للـــورى قد أوضحا ** في الدياجيرِ مسارَ الألق