النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    1,658

    افتراضي رسالة التنزيه للعلامة محسن الأمين رحمه الله

    نص رسالة التنزيه‏ للعلامة الراحل محسن الامين رحمه الله (1)

    بسم اللَّه الرحمن الرحيم

    والحمد للَّه رب العالمين وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم،
    فإن اللَّه سبحانه وتعالى أوجب إنكار المنكَر بقدر الإمكان بالقلب أو اليد أواللسان. ومن أعظم المنكرات : اتخاذ البدعة سنّة ، والسنّة بدعة ، والدعاية إليهاوترويجها ، ولمّا كان إبليس وأعوانه إنما يضلون الناس من قبل الأمر الذي يروج‏عندهم كانوا كثيراً ما يُضلّون أهل الدين من طريق الدين ، بل هذا من أضرّ طرق‏الإضلال ، وقلّما تكون عبادة من العبادات أو سنّة من السنن لم يُدْخِل فيها إبليس‏وأعوانه ما يفسدها فمن ذلك إقامة شعائر الحزن على سيد الشهداء أبي عبداللَّه‏الحسين بن علي "ع" إلى اليوم. ولما رأى إبليس وأعوانه ما فيها من المنافع والفوائدوأنه لا يُمكنهم إبطالها بجميع ما عندهم من الحيل والمكائد توسلوا إلى إغواءالناس بحملهم على أن يُدخلوا فيها البدع والمنكرات وممّا يُشينها عند الأغيارقصداً لإفساد منافعها وإبطال ثوابها فأدخلوا فيها أموراً أجمع المسلمون على‏تحريم أكثرها وأنها من المنكرات وبعضها من الكبائر التي هدّد اللَّه فاعلها وذمّه في‏كتابه العزيز.

    (1) فمنها : الكذب ؛ بذكر الأمور المكذوبة المعلوم كذبها وعدم وجودها في‏خبر ولا نقلها في كتاب ، وهي تُتلى على المنابر وفي المحافل بُكرة وعشيّاً ، ولا من‏مُنكِرٍ ولا رادع. وسنذكر طرفاً من ذلك في كلماتنا الآتية إن شاء اللَّه ، وهو من الكبائربالإتّفاق ، لا سيما إذا كان كذباً على اللَّه أو رسوله أو أحد الأئمة - عليهم السلام -.

    (2) ومنها : إيذاء النفس وإدخال الضرر عليها ، بضرب الرؤوس وجرحهابالمدى والسيوف حتى يسيل دمها ، وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى‏ الإغماء بنزف الدم‏الكثير وإلى المرض أو الموت وطول برء الجرح. وبضرب الظهور بسلاسل الحديدوغير ذلك. وتحريم ذلك ثابت بالعقل والنقل وبما هو معلوم من سهولة الشريعةوسماحتها الذي تَمدح به رسول اللَّه "ص" بقوله "جئتكم بالشريعة السهلةالسمحة"من رفْع الحرج والمشقّة في الدين بقوله تعالى : "ما جعل عليكم في‏الدين من حرج".

    (3) ومنها : استعمال آلات اللهو كالطبل والزمر )الدمام( والصنوج النحاسيةوغير ذلك.

    (4) ومنها : تشبّه الرجال بالنساء في وقت التمثيل.

    (5) ومنها : إركاب النساء الهوادج مكشّفات الوجوه وتشبيههن ببنات رسول‏اللَّه )ص( وهو في نفسه محرّم لما يتضمنه من الهتك والمُثلة فضلاً عما إذا اشتمل‏على قبحٍ وشناعة أخرى ، مثلما جرى في العام الماضي في البصرة من تشبيه إمرأةخاطئة بزينب "ع" وإركابها الهودج حاسرة على ملأ من الناس.

    (6) ومنها : صياح النساء بمسمع من الرجال الأجانب ولو فرض عدم‏تحريمه فهو معيب شائن منافٍ للآداب والمروءة يجب تنزيه المآتم عنه.

    (7) ومنها الصياح والزعيق بالأصوات المنكرة القبيحة.

    (8) ومنها كل ما يوجب الهتك والشنعة مما لا يدخل تحت الحصر ويختلف‏الحال فيه بالنسبة إلى الأقطار والأصقاع ، إلى غير ذلك.
    فإدخال هذه الأشياء في إقامة شعائر الحزن على الحسين "ع" من تسويلات‏إبليس ومن المنكرات التي تُغضب اللَّه ورسوله "ص" وتُغضب الحسين "ع" فإنه قتل‏في إحياء دين جده "ص" ورفع المنكرات ، فكيف يرضى بفعلها ؟ لا سيما إذا فُعِلت‏بعنوان أنها طاعة وعبادة!!

    وقد رأينا في هذه الأيام أوراقا مطبوعة ذَكر فيها صاحبها أنه يردّ على ناشئةعصرية من صفتها كذا ، فطائفة منها ازدلفت إلى مشاهدهم المقدسة ببقيع الغرقدفهدمتها ، وطائفة منهم قد تألبت لإبطال إقامة العزاء للنبي وآله وعترته أيام وفياتهم‏المعلومة لا سيما يوم عاشوراء.
    ثم ذكر حُسْن إقامة المآتم والبكاء على الحسين "ع" بما كفيناه مؤونته في‏كتابنا (إقناع اللائم على اقامة المآتم) كما كفيناه مؤونة الأمر الثاني في كتابنا (كشف‏الإرتياب في أتباع محمد بن عبدالوهاب) وفي قصيدتنا (العقود الدرّية).

    وحسَّن فيها ما يفعله بعض الناس أيام عاشوراء من لبس الأكفان وكشف‏الرؤوس وجرحها بالمدى والسيوف حتى تسيل منها الدماء وتلطخ بها تلك الأكفان‏ودق الطبول وضرب الصنوج والنفخ في البوقات )الدمام( وغير ذلك، والسير في‏الأزقة والأسواق والشوارع بتلك الحالة.
    وعرّض بنا وببعض فضلاء السادة في البصرة بسوء القول لنَهْينا عن قراءةالأحاديث المكذوبة ، وعن هذا الفعل الشائن للمذهب وأهله والمنفر عنه والملحق‏به العار عند الأغيار ، والذي يفتح باب القدح فيه وفي أهله ونسبتهم إلى الجهل‏والجنون وسخافة العقول والبعد عن محاسن الشرع الإسلامي واستحلال ما حكم‏الشرع والعقل بتحريمه من إيذاء النفس وإدخال الضرر عليها ، حتى أدى الحال إلى‏أن صارت صورهم الفوتوغرافية تُعرض في المسارح وعلى صفحات الجرائد. وقدقال لنا أئمتنا "ع" "كونوا زَيْناً لنا ولا تكونوا شَيْناً علينا" وأمرونا بأن نفعل ما يُقال ‏لأجله، "رحم اللَّه جعفر بن محمد ما أحسن ما أدّب به أصحابه". ولم ينقل عنهم‏أنهم رخّصوا أحداً من شيعتهم في ذلك ولا أمروهم به ولا فُعل شي‏ء من ذلك في‏عصرهم لا سرّاً ولا جهراً.
    وقد كتب على ظهرها أنها للمصلح الكبير!! فهذا هو الإصلاح الذي يوصف‏ صاحبه بالمصلح الكبير بالحثّ على أمر لو فُرض محالاً أنه ليس محرماً فهو ممايُلصق العار بالمذهب وأهله ويُنفّر الناس عنه ويفتح باب القدح فيه!
    أليس من الورع في الدين والاحتياط فيه التحاشي عنه ؟ أما يقتضي الإصلاح‏لو كان القصد الإصلاح تركه والتجافي عنه صيانةً للمذهب وأهله من إلصاق العيب‏بهم والتنفير عنهم؟ فلو فرض إباحته فهو ليس من واجبات الدين التي يضرّ تركها.
    وكتب على ظهرها أيضاً أنها طُبعت على نفقة "الجمعية الدينية في النبطية".
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    1,658

    افتراضي

    نص رسالة التنزيه‏ للعلامة الراحل محسن الامين رحمه الله (2)


    وقد أفاض صاحبها في ذكر خرافات العرب قبل الإسلام مما لا مساس له‏بالموضوع وفي أمور أخرى كثيرة من هذا القبيل بعبارات مطولة ، ولسنا بصدداستقصاء جميع ما فيها مما يوجب الانتقاد لأن ذلك يطول به الكلام ولا يتعلق لنا به‏غرض بل نقتصر على شقّ الرؤوس واستعمال الطبول والزمور ونحوها ونذكرنموذجاً من كلامه في غيرها مما وقَع نظرنا عليه اتفاقاً ليكون مثالاً لغيره.

    كقوله: نعم كانت حال سيدنا الحسين "ع" ومن على شاكلته من آله وصحبه‏كما ذكر لا بغية لهم بتلك الوثبة الليثية إلا إرجاع الحق لنصابه وعود الملك لأهله ‏والخلافة الإسلامية لسيرتها الأولى ، لا يتقمصها سوى قرشي جامع لشرائطها ضليع‏في العلم والحلم والورع والزهد والقضاء والحكم والشجاعة والبراعة فائقاً أقوى ‏المسلمين نهضة بأعباء الطاعة وأثقال خالص العبادة ونصرة الحق وخذلان الباطل.يقول فصلاً ويحكم قسطاً ويقسم عدلاً لم يسدل بينه وبين أمة حجاجاً ولم يقم على‏أبوابه حُجّاباً. مواسياً أضعف المسلمين في خشونة الملبس وجشوبة المطعم قدثقفته الحكمة الإلهية وهذبته السنّة النبوية فلا تأخذه في اللَّه لومة لائم ولا تقعده عن‏قول الحق عذلة عاذل... إلخ).
    وجاء فيها قوله: وعلماء الأمة الغير متهمين (كذا) بمبالغة ولا تشيع. وقدتكرر منه إضافة ما فيه (أل) إلى العاري منها كقوله واللغة الغير عربية وقوله : الغير مشروع وفي موضع آخر قال الإمام الصادق "ع" إلى أبي الصيقل (كذا).وفي موضع آخر : ومن نسيج هذا البكاء وعلى طرزه وشاكلته بكاء اللعين ابن سعد الخصم الألد والعدو المبين إلى آل ياسين (كذا).

    وجاء فيها أيضاً: من ذا الذي ‏يجترى‏ء من الأمة الإسلامية على رسول اللَّه وعلى صحابته كأبي بكر وعمر وعثمان‏وعلي وفاطمة وعائشة وأم سلمة وابني عباس ومسعود وأضرابهم من حملة الكتاب‏ونقلة السنّة وخدمة العلم وأئمة المذهب ، فيرمي الجميع بسخطهم على اللَّه‏ وتبرمهم من حكمه وقضائه وامتحانه وبلائه حين يلم على سيرتهم (كذا) ويسبرصحائف تاريخهم فيراهم بأسرهم كانوا يبكون لفقد أعزائهم وأحبائهم.

    وجاء فيها : الحسن والقبح للأشياء وإن كانا ذاتيين لها لابالوجوه والاعتبار على الأقوى ، بيد أن كونها كذلك نريد به أن الأشياء من قبيل‏المقتضيات للحسن والقبح نظير النار للإحراق يؤثران حيث لا مانع أما مع وجوده‏فلا كالصدق الذي فيه هلكة نبي والكذب الذي فيه منجاته فيبطل تأثيرهما كالرطوبة في الحطب المبطلة لإحراق النار له (ولم ندر) ما وجه الإقوائية في كون حسن‏الأشياء وقبحها ذاتياً ، وما بالذات لا يتغير فكيف يكون الكذب المنجي للنبي حسناًوالصدق المهلك له قبيحاً إذا كان قبح الكذب وحسن الصدق ذاتياً، وكلامه يدل‏على أنه توهّم أن الأفعال هي التي اقتضت قبح نفسها وحسنها وأثرت فيه...

    وجاء فيها : ومن فجائع الدهور وفظائع الأمور وقاصمات الظهور وموغرات‏الصدور ما نقلته بعض جرائد بيروت في هذا العام عمن نحترم اشخاصهم من‏المعاصرين الوطنيين من تحبيذ ترك المواكب الحسينية والإجتماعات العزائيةبصورها المجسمة في النبطية وغيرها فما أدري أصدَق الناقل أم كذَب فإن كان‏صادقاً فالمصيبة على الدين جسيمة عظيمة لا ينوء بها ولا ينهض بعبئها عاتق‏ المتدينين (إلى آخر ما هنالك).

    ونقول:هذا التهويل وتكثير الأسجاع لا يفيد شيئاً ولو أضيف إليه أضعافه من‏ قاطعات النحور ومجففات البحور ومفطرات الصخور ومبعثرات القبور ومهدمات‏ القصور ومسقطات الطيور. بل إن من فجائع الدهور وفظائع الأمور وقاصمات‏ الظهور وموغرات الصدور اتخاذ الطبول والزمور وشق الرؤوس على الوجه‏ المشهور وإبراز شيعة أهل البيت وأتباعهم بمظهر الوحشية والسخرية أمام‏ الجمهور مما لا يرضى به عاقل غيور، وعُّد ذلك عبادة ونسبته إلى أهل البيت‏الطهور.
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)




  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    1,658

    افتراضي

    نص رسالة التنزيه‏ للعلامة الراحل محسن الامين رحمه الله (3)


    بين الرخصة والعزيمة

    والمواكب الحسينية والإجتماعات العزائية لا تحسن ولا تحل إلا بتنزيههاعما حرمه اللَّه تعالى وعما يشين ويعيب وينسب فاعله إلى الجهل والهمجية ، وقدبينا أن الطبل والزمر وإيذاء النفس والبروز بالهيئة المستبشعة مما حرمه الشرع ولم‏يرضه لأوليائه سواء وقع في النبطية أو القرشية أو مكة المكرمة.

    وجاء فيها قالوا إنا نجد قراء التعزية كثيراً ما يسردون على مسامع‏ الجالسين أحاديثا (كذا) مكذوبة وأجاب بما لفظه: وكثير من أساطين العلماء يعملون بضعاف الأخبار في السنن ، ومن المعلوم أن روايات التعزية من سنخ‏ الرخص لا العزائم واللَّه يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه.

    وإنا نسأله ما ربط عمل العلماء بالخبر الضعيف في السنن بأخبار التعزية التي‏ هي أمور تاريخية لا أحكام شرعية وما ربط الخبر الضعيف بالمقام والقائل الموهوم‏ إنما قال إنهم يوردون أحاديث مكذوبة ولم يقل ضعيفة الإسناد وما معنى أن‏ روايات التعزية من سنخ الرخص لا العزائم ،

    فالرخصة خاصة بالمباح والمستحب‏ والمكروه والعزيمة بالحرام والواجب ، فما معنى أن روايات التعزية من الرخص‏ فهل تلك الروايات نفسها مباحة أو مكروهة أو مستحبة فإن كان المراد نفس الروايةفلا تتصف بشي‏ء من ذلك وإن كان المراد نقلها فأي معنى لكون نقلها رخصة لاعزيمة مع أنها إن كانت كذباً كان نقلهامحرماً وإن كان المراد مضمونها فهو قصةتاريخية لا تتصف برخصة ولا عزيمة .

    ولو فرض أن مضمونها حكم شرعي فلا بد أن يكون أحد الأحكام الخمسة التكليفية فكيف جعل رخصة فقط.

    وقوله: إن اللَّه يحب أن يخفف على عبده بترك المستحب مثلاً كما يحب أن‏يلتزم بفعل الواجب وترك المحرم فما ربط ذلك بإيراد الرواية المكذوبة في التعزية.

    وجاء فيها: قالوا: وجلهم ، أي قراء التعزية، يتلو الحديث ملحوناً)وأجاب( بما ملخصه على طوله أن المستمعين أمم عديدة ألسنتها شتى منهم ‏عربي وفارسي وتركي وهندي وإلخ ومنهم عوام فينقل لهم معنى الأحاديث ‏بألفاظهم العامية، إلى أن قال وأي حاجة ماسّة للعربيّة الفصحى‏ في قراءة التعزيةعلى أمة أميّة كمعدان العراق وقروية الشام وسكان بادية نجد والحجاز واليمن‏المصطلحين فيما بينهم على وضع ألفاظ معلومة.

    وأنت ترى أن الجواب غير منطبق على هذا المقال الموهوم فالقائل يقول‏الأحسن رفع اللحن من قراءة التعزية وهو يقول في جوابه إن المستعمين منهم عربي‏وفارسي وتركي وهندي ، فما ربط الفارسي والتركي والهندي والجاوي بالمقام ، فلم‏يقل القائل إنه لا ينبغي قراءة التعزية بالتركية للأتراك وبالفارسية للفرس وبالهنديةللهنود بل يقول ينبغي لقراء التعزية بالعربية للعرب عدم اللحن، ولم يقل إنه لاينبغي أن يقرأ الحديث بالمعنى حتى يجيبه بأن منهم عواماً فينقل لهم الحديث‏ بالمعنى بالفاظهم العامية على أن ذلك أمر غير واقع ، فليس في قراء التعزية من يقرأبالألفاظ العامية بل كلهم يقرؤون بالعربية الفصحى ولكن مع اللحن من البعض ،والقائل لم يأب عن قراءة التعزية بالألفاظ العامية كالنعي المتعارف، بل يقول إذاقرى‏ء الشعر لا يحسن أن يكون ملحوناً وإذا نقل حديث أو خطبة ينبغي‏أن لا يكون‏فيه لحن. والقائل يقول لا ينبغي اللحن في قراءة التعزية وهو يقول في جوابه لا يلزم‏قراءتها بالعربية الفصحى ، ولو فرضنا أنه أراد من العربية الفصحى عدم اللحن فيقال‏له إذاً أي حاجة إلى ترك اللحن في جميع الكلام ولماذا وضع النحو وكتب العربية وهل قراءة الفاعل مخفوضاً والمفعول مرفوعاً تزيد في فهم المعاني لمعدان العراق‏وقروية الشام وسكان بادية نجد واليمن والنازلين بأرياف مصر والحالين في نواحي‏حضرموت والمتبوئين صحراء أفريقيا وبلاد المغرب ، وما الذي ضره من عدم‏اللحن في قراءة التعزية وما القارى‏ء إلا خطيب. وما الذي يدعوه إلى كل هذه‏المدافعة عن اللحن في القراءة؟ أهو حب الإصلاح أم أمر آخر؟ وهل إذا تلونا الحديث والشعر بدون لحن فاستجلبنا به قلب ذي المعرفة ولم ننفره بسماع الغلط وصنّا الحديث عن اللحن والغلط وعن الخطأ في فهم المعنى بسبب اللحن ولم نجعل‏تفاوتاً على غير ذي المعرفة الذي لا يضره رفع الفاعل ولا يزيد في فهمه خفضه‏يكون عملنا هذا مضراً وعكسه نافعاً والمستمعون كما يوجد فيهم المعدان يوجدفيهم أهل العلم والمعرفة.
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)




  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    1,658

    افتراضي

    نص رسالة التنزيه‏ للعلامة الراحل محسن الامين رحمه الله (4)


    انتقاء الأحاديث‏

    قال: وممن طعن على القراء للتعزية بعض المعاصرين زعم أن الكثير منهم‏بين مخلق (كذا) للأخبار وبين ماسخ لها وعنده هذا الطعن عليه .

    ومراده كاتب هذه السطور الذي بعدما ذكر في مقدمة (المجالس السنيّة) حسن إقامة العزاء والبكاء على سيد الشهداء واستدل عليها بأوضح الأدلة وأمتنهاقال ما لفظه: هذا ولكن كثيراً من الذاكرين لمصابهم "ع" قد اختلقوا أحاديث في‏المصائب وغيرها لم يذكرها مؤرخ ولا مؤلف ومسخوا بعض الأحاديث الصحيحةوزادوا ونقصوا فيها لما يرونه من تأثيرها في نفوس المستمعين الجاهلين بصحةالأخبار وسقمها إلى آخر ما ذكرناه. و(المجالس السنيّة) إنما ألفناها لتهذيب قراءةالتعزية وإصلاحها من العيوب الشائنة والمحرمات الموبقة من الكذب وغيره‏وانتقاء الأحاديث الصحيحة الجامعة لكل فائدة ، فقام هذا الرجل يرمينا بأن هذاالطعن علينا بأننا نختلق الأحاديث ونمسخها ، وجاء بعبارته هذه التي جمجم فيهاوبترها وأبت نفسه إلا أن يذكرها واللَّه تعالى يعلم وعباده يعلمون وهو نفسه يعلم أننالسنا كذلك وأننا نسعى جهدنا ونصرف نفيس أوقاتنا وعزيز أموالنا في تأليف الكتب‏وطبعها ونشرها ، لا نستجدي أحداً ولا نطلب معونة مخلوق قصداً لتهذيب‏الأحاديث التي تقرأ في إقامة العزاء من كل كذب وعيب وشين ليكون الذاكرون من‏ الخطباء الذين تستجلب قراءتهم الأنظار وتستهوي إليها الأفئدة والأسماع‏ وتستميل الطباع ، وليكون أثرهم في النفوس بقدر ميلها إليها ولتكون مفخراً للشيعة لا عاراً عليهم ، ولتكون قراءتهم عبادة خالصة من شوب الكذب الموجب لانقلابهامعصية فإن إقامة شعائر الحزن بذكر صفات الحسين "ع" ومناقبه ومآثره ووصف‏شجاعته وإبائه للضيم وفظاعة ما جرى عليه وذكر المواعظ والخطب والآداب‏ومُستحسن أخبار السلف وغير ذلك والتخلص إلى فاجعة كربلاء على النهج‏المألوف مع تهذيبها عن المنافيات والمنكرات من أنفع المدارس وأقوى أسباب‏التبشير بالدين الإسلامي وطريقة أهل البيت "ع" وجلب القلوب إلى حبهم والسيرعلى طريقتهم والاتصاف بكريم صفاتهم. كما أن إقامتها على غير هذه الطريقة من‏أقوى أسباب التنفير عن دين الإسلام وطريقة أهل البيت "ع" يعرف ذلك كل‏منصف ونحن نذكر لك واقعة واحدة تكون نموذجاً لما نقوله وهي أنه اتفق وجودنافي مدينة بعلبك في وفاة بعض ألاء السادة من آل مرتضى فقرأ رجل من قراء التعزيةالذين عودناهم على عدم اللحن في القراءة خطبة من النهج في صفة الأموات، وكان‏بعض عرفاء المسيحيين حاضراً فقال لجلسائه "إنني لم أعجب من بلاغة هذا الكلام‏الذي هو غاية في البلاغة ولا من جري القارى‏ء في قراءته كالسيل ولا من مضامين‏هذا الكلام الفائقة وإن كان ذلك كله موضع العجب وإنماعجبت من عدم لحن هذاالقارى‏ء فيما قرأه على طوله".

    روايات ضعيفة

    يقول: إننا نزعم أن الكثير منهم بين مختلق للأخبار ثم يشتمنا بهذا القول!! وما ندري ما الذي يزعمه هو؟ أيزعم أنهم كلهم ليسوا كذلك؟! كيف وغالبهم عوام‏يخلطون الحابل بالنابل ولا ننكر أن فيهم الفضلاء الكاملين الذين يُفتخر بأمثالهم‏وقليل ما هم ولكن الكثير منهم ليسوا كذلك كما هو مُشاهد بالعيان، ويجهل أويتجاهل قراءتهم حديث "أين ضلت راحلتك يا حسان" الذي اختلقه بعض آل‏قفطان على سطح مسجد الكوفة، كما هومشهور عند فضلاء النجف وغيرهم. أوحديث "خرجت أتفقد هذه التلاع مخافة أن تكون مظناً لهجوم الخيل على مخيمنا يوم يحملون وتحملون" وإلا فليدلنا في أي كتاب هذا الحديث؟ وأي رواية جاءت‏به ضعيفة أو صحيحة؟ أم حديث "أن البرد لا يزلزل الجبل الأصم ولفحة الهجير لاتجفف البحر الخضم" أو حديث "قول شمر للحسين "ع" بعدك حياً يا ابن‏الخارجي" أو حديث "أي جرح تشده لك زينب". أو حديث "مخاطبة زينب‏للعباس حين عرض شمر عليه وعلى أخوته الأمان". أو حديث "مجي زين‏العابدين لدفن أبيه مع بني أسد". أو حديث "درة الصدف التي حاربت مع‏الحسين "ع"". أو حديث "مجي‏ء الطيور التي تمرغت بدم الحسين "ع" وذهبت‏إلى المدينة ومعرفة فاطمة الصغرى بقتل أبيها من تلك الطيور". أو غير هذه من‏الأحاديث الكثيرة التي تُقرأ على المنابر وهي من الكذب الصراح والتي يطول‏الكلام بالإشارة إليها في هذه العجالة. أم يزعم أن قراءة الأحاديث المختلقة خيرمن قراءة الأحاديث الصحيحة المروية قصداً للإصلاح؟!!

    وحاصل مقصود هذا المصلح الكبير أن لا ينبه أحد من قراء التعزية على ‏ترك قراءة الأحاديث المكذوبة ولا على ترك اللحن ولا على قراءة بعض ما ينفر السامعين ، بل يريد أن تبقى الأحاديث ممزوجاً صحيحها بسقيمها وغثّها بسمينها وصدقها بكذبها وخطأها بصوابها وقشرها بلبابها ولحنها بإعرابها، فحبذا هذا الإصلاح!! وما ندري ما الذي يسوؤه من حمل القراء على قراءة الأحاديث ‏الصحيحة وما الذي يعجبه من قراءة الأحاديث المكذوبة والملحونة وليس هو بقارى‏ء تعزية ولا أقامه القراء محامياً ووكيلاً عنهم؟
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)




  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    1,658

    افتراضي

    نص رسالة التنزيه‏ للعلامة الراحل محسن الامين رحمه الله (5)


    الحجامة والتطبير

    ومما قاله في تحسين لبس الأكفان وكشف الرؤوس وشقها بالمدى‏ والسيوف يوم عاشوراء: ما الذي نقموه على هذه الفئة وسفهوا لأجله أحلامها وأخرجوها به من دائرة الإنسانية؟ البسها لبس الموتى؟ فهذا عمل غير معيب عقلاًوهو مشروع ديناً في إحرام الحج ومندوب في كل آن تذكرة للآخرة وتأهباً للموت،وكفى به واعظاً ومن الغرور بالدنيا محذراً ومنذراً أم كشفها عن رؤوسها، وهذا أيضاًمستحسن طباً مشروع بالإحرام ديناً أم بضعها رؤوسها بآلة جارحة، وهذا أيضاًمسنون شرعاً إذ هو ضرب من الحِجامة والحِجامة تلحقها الأحكام الخمسة التكليفيةمباحة بالأصل والراجح منها مستحب والمرجوح مكروه والمضر محرم والحافظ للصحة واجب ، فقد تمس الحاجة إلى عملية جراحية تفضي إلى بتر عضو أوأعضاء رئيسية حفظاً لبقية البدن وسداً لرمق الحياة الدنيوية والحياة الدنيا بأسرهاوشيكة الزوال والإضمحلال؟ أتباح هذه الجراحة الخطرة لفائدة ما دنيوية ولا تباح‏جراحة ما في إهاب الراس لأعظمها فائدة وأجلها سعادة أخروية وحياة أبدية وفوزبمرافقة الأبرار في جنة الخلد (انتهى).

    قوله: الحجامة مباحة بالأصل، بل هي محرمة بالأصل لأنها ضرر وإيذاء للنفس ولا تحل إلا مع الضرورة لدفع مرض أو ألم أعظم منها وإلا كانت كفعل‏حجام ساباط الذي ضرب به المثل فقيل: "أفرغ من حجّام ساباط". وكان إذا لم يجدمن يحجمه حجم زوجته وأولاده.

    قوله: والمرجوح مكروه، فيه أنه يشمل المكروه والحرام ولم يبين متى يكون ‏مرجوحاً. قوله: والراجح مستحب، فيه أنه يشمل الواجب والمستحب. قوله:والحافظ للصحة واجب، فيه أنه لا يجب دائماً فمع الخوف على النفس يجب‏وبدونه يستحب. وحيث جعل شق الرؤوس نوعاً من الحجامة فهو إما واجب وذلك‏حينما يخشى الضارب على نفسه الهلاك لو لم يضرب نفسه ، بأن يخبره الطبيب‏الحاذق أن في رأسه مرضاً مهلكاً لا يشفيه إلا جرْحُ رأسه وشقه، أو مستحب بأن‏يكون الضارب محموماً حمّى شديدة ويخبره الطبيب الحاذق أن دواءه في شق‏رأسه وإخراج الدم منه ، ويشترط في هذين عدم التعرّض للشمس وشدة الحركةالذي قد يوجب شدّة مرضه أو هلاكه. وإمّا محرم وذلك حيث يكون إيذاءً صرفاًوضرراً بحتاً.

    وحيث إن الذين يضربون رؤوسهم وليس في رؤوسهم داء ولا في أبدانهم ‏حمى فانحصر فعلهم في الحرام. وإذا كان محرماً لم يكن مقرباً إلى اللَّه ولا موجباً لثوابه بل موجباً لعقابه ومغضباً للَّه ولرسوله "ص" وللحسين "ع" الذي قتل لإحياء شرع جده "ص". قوله: قد تمس الحاجة إلى عملية جراحية إلخ...، فيه أن العمليةالجراحية المفضية إلى بتر العضو أو الأعضاء تباح بل تجب لأنها مقدمة لحفظالنفس الواجب ، وتباح لأجل الضرورة فإن الضرورات تبيح المحظورات فيقدم‏الأهم وهو حفظ النفس على المهم وهو عدم الإيذاء والإضرار ويرتكب أخف‏الضررين ، ولكن الحرام لا يباح لإدراك المستحب فالاستحباب لا يعارض الحرمةولا يطاع اللَّه من حيث يعصى ولا يتقبل اللَّه إلا من المتقين. ومن ذلك تعلم أن قوله:أتباح هذه الجراحة الخطرة لفائدة ما دنيوية ولا تباح جراحة ما في إهاب الرأس‏لأعظمها فائدة وأجلها سعادة أخروية؟! كلام شعري فإن الفائدة الأخروية وهي‏الثواب لا تترتب على فعل المحرم فلا يكون في هذا الفعل إلا الضرر الدنيوي‏والأخروي.

    أين هذه من تلك ؟

    وما أشبه هذا الكلام الشعري بما يحكى أن رجلاً صوفياً سرق تفاحةوتصدق‏بها فسأله الإمام الصادق "ع" عن سبب فعله ذلك ، فقال إنه لما سرقهاكُتبت‏عليه سيئة فلما تصدق بها كتبت له عشر حسنات لأن من جاء بالحسنةفله‏عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ، فإذا أسقطنا سيئة من‏عشرحسنات بقي تسع حسنات ، فقال له الصادق "ع" إن هذا جهل؛ أوَما سمعت‏قوله تعالى : "إنما يتقبل اللَّه من المتقين" إنك لما سرقت التفاحة كتبت عليك سيئةفلما تصدقت بها كتبت عليك سيئة أخرى لأنك تصدقت بغير مالك أو ما هذامعناه.
    ثم قال(16) لا يقال إن السعادة والفوز غداً لا يترتبان على عمل ضرري غيرمجعول في دين اللَّه لأنا نقول أولاً الغير مشروع )كذا( في الإسلام من الأمور الضررية هو ما خرج عن وسع المكلف ونطاق طاقته لقبح التكليف حينئذ بغيرمقدور ، أما ما كان مقدوراً فلم يقم برهان عقلي ولا نقلي على منع جعله وكونه شاقاًومؤذياً لا ينهض دليلاً على عدم جعله ، إذ التكاليف كلها مشتقة من الكلفة وهي‏المشقة وبعضها أشد من بعضها وأفضلها أحمزها ، وعلى قدر نشاط المرء يكون‏تكليفه وبزنة رياضة المرء نفسه وقوة صبره وعظمة معرفته يكلف بالأشقّ فالأشقّ‏زيادة للأجر وعلواً للرتبة ومزيداً للكرامة ومن هاهنا كانت تكاليف الأنبياء أشق من‏غيرها ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل.

    وفي الخبر أن عظيم البلاء يكافئه عظيم الجزاء. وفي آخر أن أشد الناس‏ بلاء الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل من المؤمنين وعباد اللَّه‏ الصالحين، وهكذا إلى الطبقة السفلى وهي طبقة المستضعفين من الرجال‏ والنساء والولدان الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، فهم أخف تكليفاً من‏ سائر الطبقات. انتهى.

    قوله: لا يترتبان على عمل ضروري غير مجعول في دين اللَّه، فيه أن الجعل‏ للأحكام لا للأعمال فيقال هذا الحكم مجعول في دين اللَّه أو غير مجعول في دين اللَّه‏أو غير مجعول ولا معنى لقولنا: هذا العمل مجعول في دين اللَّه أوغير مجعول بل‏يقال جائز أو غير جائز أونحو ذلك.

    قوله: لأنا نقول أولاً الغير مشروع (كذا) في‏الإسلام إلخ...، فيه (أولاً) أن قوله الغير مشروع لحن غير مسموع تكرر وقوعه منه‏كما نبهنا عليه إذ لا يجوز دخول أل على المضاف إلا إذا دخلت على المضاف إليه‏كالجعد الشعر، (ثانياً) أنه ذكر أولاً ولم يذكر ثانياً.

    قوله: أما ما كان مقدوراً فلم يقم‏برهان عقلي ولا نقلي على منع جعله فيه (أولاً) أن الكلام في العمل الذي فيه ضرركما صرح به في قوله لا يترتبان على عمل ضرري والجعل للحكم لا للعمل كما مرفكأنه اشتبه عليه ما سمعه من أن اللَّه لم يجعل حكماً ضررياً بمقتضى قوله "ص" "لإ ضرر ولا ضرار" وما يريد أن يثبته من أن اللَّه يجوز أن يكلف بما فيه ضرر كشف‏ الرؤوس فخلط أحدهما بالآخر، )ثانياً( قوله: لم يقم برهان عقلي ولا نقلي‏على منع جعله إن أراد به أنه لم يقم برهان على جواز أن يكلف اللَّه بما فيه ‏ضرر فأين قول الفقهاء: دفع الضرر المظنون واجب؟ وأين اكتفاؤهم باحتمال ‏الضرر الموجب لصدق خوف الضرر في إسقاط التكليف؟ وأين قولهم بوجوب‏الإفطار لخائف الضرر من الصوم وببطلان غسل من يخاف الضرر لحرمة الغسل‏واقتضاء النهي الفساد في العبادة ووجوب التيمم حينئذ؟ وأين قولهم بوجوب‏الصيام وإتمام الصلاة على المسافر الذي يخاف الضرر على نفسه بالسفرلكون‏سفره معصية وقولهم بسقوط الحج عمن يكون عليه عسر وحرج في‏الركوب‏والسفرأو يخاف الضرر بسفره إلى غير ذلك من الأحكام المنتشرة في‏أبواب الفقه.

    قوله: وكونه شاقاً ومؤذياً لا ينهض دليلاً على عدم جعله، فيه أنه أعاد لفظ الجعل وقد عرفت أنه ليس له هنا محل وجمع بين الشاق والمؤذي وهما غيران‏حكماً وموضوعاً فالمؤذي وهو الضار يحرم فعله ولم يكلف اللَّه به ، والشاق الذي‏فيه عسر وحرج لم يكلف اللَّه به لقوله تعالى : "ما جعل عليكم في الدين من حرج"إلا في موارد مخصوصة لكن ربما يجوز فعله إذا لم يكن مضراً.

    ومن الطريف قوله: التكاليف كلها مشتقة من الكلفة فإن الكلفة إذا بلغت حد العسر أسقطت التكليف كما عرفت ، وإذا بلغت إلى حد الضرر أوجبت حرمة الفعل. وأفضل الأعمال أحمزها إذا لم تصل إلى حد الضرر وإلا حرمت فضلاً عن‏أن تكون أفضل أو غير أفضل. قوله على قدر نشاط المرء يكون تكليفه... إلخ، فيه أن‏تكاليف اللَّه لعباده واحدة لا تتفاوت بالنشاط والكسل وقوة الصبر وعظمة المعرفةفالواجبات يكلف بها الجميع لا يسقط واجب عن أحد بكسله وضعف صبره‏وحقارة معرفته، ولا يباح محرم لأحد بشي‏ء من ذلك ولا يجب مباح ولا يحرم على‏أحد بقوة صبره ونشاطه وعظمة معرفته، وكذا المستحبات والمكروهات. نعم‏الكسلان كثيراً ما يترك المستحب وقليل الصبر كثيراً ما يفعل المكروه والتكليف في‏الكل واحد ، وليس في الشريعة تكليف لشخص بغير الشاق ولآخر بالشاق ولشخص‏ بالشاق ولآخر بالأشق بحسب تفاوت درجاتهم ومراتبهم في النشاط والرياضةوالصبر والمعرفة ، ومن ها هنا تعلم فساد قوله: ومن ها هنا كانت تكاليف الأنبياءأشق من غيرها ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل. نعم كلف نبينا "ص"دون غيره‏بأشياء خاصة مثل صلاة الليل فكانت واجبة عليه كما أبيح له أشياء خاصة دون‏غيره منها الزيادة على أربع أزواج وباقي التكاليف يتساوى فيها مع غيره وأين هذامما نحن فيه.
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)




  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    المشاركات
    1,658

    افتراضي

    نص رسالة التنزيه‏ للعلامة الراحل محسن الامين رحمه الله (6)


    بين الابتلاء والتكليف‏

    قوله: وفي الخبر أن عظيم البلاء يكافئه عظيم الجزاء، هذا أجنبي عن‏المقام‏إذ المراد بالبلاء هو المصائب الدنيوية من موت الأولاد وذهاب الأموال ‏والقتل وتسلط الظالم وأمثال ذلك وأي ربط لهذا بما نحن فيه من التكليف بالشاق ‏أوما فيه ضرر؟ وهكذا خبر ان أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل‏فالأمثل، ليس معناه أشد الناس تكليفاً بل المراد بذلك المصائب والبلايا الدنيوية التي تصدر عليهم كما صدر على النبي "ص" وأهل بيته "ع" وأوليائهم.وفي‏أي لغة يصح تفسير البلاء بالتكليف. وهل الذين يشقون رؤوسهم من‏أمثل‏الطبقات حتى كلفوا بذلك والعلماء وخيار المؤمنين ليسوا كذلك فلم‏يكلفوابه ولم يفعلوه.

    وأما المستضعفون فهم القاصرون في الإدراك الذين رفع اللَّه عنهم بعض‏التكاليف التي لا يمكنهم معرفتها لقصور إدراكهم كما رفع التكاليف عن المجانين‏لحكم العقل بقبح تكليف الجميع فأين هذا مما نحن فيه؟

    قال : ولو كان الشاق وإن دخل تحت القدرة والطوق غير مشروع ما فعلته ‏الأنبياء والأولياء، الم يقم النبي "ص" للصلاة حتى تورمت قدماه؟ ألم يضع حجرالمجاعة على بطنه مع اقتداره على الشبع؟ ألم يحج الأئمة مشاة حتى تورمت ‏أقدامهم مع تمكنهم من الركوب؟ ألم يتخذ علي بن الحسين البكاء على أبيه دأباً والإمتناع من تناول الطعام والشراب حتى يمزجهما بدموعه ويغمى عليه في كل‏يوم مرة أو مرتين؟ أيجوز للنبي وآله "ص" إدخال المشقة على أنفسهم طمعاً بمزيدالثواب ولا يجوز لغيرهم؟ أيباح لزين العابدين أن ينزل بنفسه ما ينزله من الآلام‏ تأثراً وانفعالاً من مصيبة أبيه ولا يباح لوليه أن يؤلم نفسه لمصيبة إمامه؟

    أينفض‏العباس الماء من يده وهو على ما هو عليه من شدّة الظمأ تأسياً بعطش أخيه ولا نقتصّ أثره؟ أيقرح الرضا "ع" جفون عينيه من البكاء والعين أعظم جارحة نفيسةولا نتأسى به فنقرح على الأقل صدورنا ونجرح بعض رؤوسنا؟ أتبكي السماءوالأرض تلك بالحمرة وتأتي بالدم العبيط ولا يبكي الشيعي بالدم المهراق من‏جميع أعضائه وجوارحه؟ ولعل الإذن من اللَّه لسمائه وأرضه أن ينزف )كذا( على‏الحسين ما تشعر بترخيص الإنسان الشاعر لتلك المصيبة الراتبة أن ينزف من دمه مااستطاع نزفه إجلالاً وإعظاماً. وهب أنه لا دليل على الندب فلا دليل على الحرمة مع‏أن الشيعي الجارح نفسه لا يعتقد بذلك الضرر ومن كان بهذه المثابة لا يلزم بالمنع ‏من الجرح وإن حصل له منه الضرر اتفاقاً (انتهى).

    وقد عرفت أن المشقة إذا وصلت إلى حد العسر والحرج أوجبت رفع‏ التكليف بالإجماع. قال تعالى : "ما جعل عليكم في الدين من حرج" ولم توجب‏تحريم الفعل ، وإذا وصلت إلى حد الضرر أوجبت رفع التكليف وحرمة الفعل ، أمااستشهاده بقيام النبي "ص" للصلاة حتى تورمت قدماه فإن صحّ فلا بد أن يكون من‏باب الإتفاق أي ترتب الورم على القيام اتفاقاً ولم يكن النبي "ص" يعلم بترتبه وإلالم يجز القيام المعلوم أو المظنون أنه يؤدي إلى ذلك لأنه ضرر يرفع التكليف‏ويوجب حرمة الفعل المؤدي إليه وإلا فأين ما اتفق عليه الفقهاء من أنه إذا خاف‏المكلف حصول الخشونة في الجلد وتشققه من استعمال الماء في الوضوء انتقل‏فرضه إلى التيمم ولم يجز له الوضوء مع أنه أقل ضرراً وإيذاء من شق الرؤوس‏بالمدى والسيوف إلى غير ذلك. وأما وضعه "ص" حجر المجاعة على بطنه مع‏ اقتداره على الشبع فلو صحّ لحمل على صورة عدم خوف الضرر الموجب لحرمة ذلك لكن من أين ثبت أنه "ص" كان يتحمل الجوع المفرط الموجب لخوف الضرراختياراً مع القدرة على الشبع، وكذا استشهاده بحج الأئمة "ع" مشاة هومن هذاالقبيل. أما بكاء عل بن الحسين "ع" على أبيه المؤدي إلى الإغماء وامتناعه عن‏الطعام والشراب فإن صح فهو أجنبي عن المقام فإن هذه أمور قهرية لا يتعلق بهاتكليف وما كان منها اختيارياً فحاله حال ما مرّ. وأما نفض العباس الماء من يده‏تأسياً بعطش أخيه فلو صح لم يكن حجة لعدم العصمة، وأما استشهاده بتقريح ‏الرضا "ع" جفون عينيه من البكاء فإن صح فلا بد أن يكون حصل ذلك قهراً واضطراراً لا قصداً اختياراً وإلا لحرم. ومن يعلم أو يظن أن البكاء يقرح عينيه فلا يجوز له البكاء إن قدر على تركه لوجوب دفع الضرر بالإجماع وحكم العقل.

    أمإ قوله أتبكي السماء... إلخ فكلام شعري صرف لا يكون دليلاً ولا مؤيداً لحكم‏شرعي. أما قوله: وهب أنه لا دليل على الندب فلا دليل على الحرمة، فطريف لأن‏الأصل في المؤذي والمضر الحرمة. ودفع الضرر واجب عقلاً ونقلاً. ومثله قوله:مع أن الشيعي الجارح لا يعتقد بذلك الضرر فإن الجرح نفسه ضرر وإيذاء محرم ولايحتاج إلى اعتقاد أنه يترتب عليه ضرر أولاً، وذلك لا يتفاوت فيه الشيعي وغيره‏فالكل ذو لحم ودم لا دخل فيه للمذهب.

    لمَ تقولون ما لا تفعلون‏

    ثم نقول عطفا على قوله: أيقرح الرضا جفون عينيه ولا نتأسى به فنقرح على‏الأقل صدورنا ونجرح بعض رؤوسنا: إنا لم نركم جرحتم مرة بعض رؤوسكم ولاكلّها ولا قرحتم صدوركم من اللطم ولا فعل ذلك أحد من العلماء وإنما يفعله العوام‏والجهلة. "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" . "ياأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتاً عند اللَّه أن تقولوا ما لا تفعلون".

    ونقول عطفاً على قوله: أتبكي السماء والأرض بالحمرة والدم ولا يبكي‏الشيعي بالدم المهراق من جميع أعضائه: إننا ما رأيناكم أهرقتم دماً طول عمركم‏للحزن من بعض أعضائكم ولا من جميعها فلماذا تركتم هذا المستحب المؤكد تركاًأبدياً وهجرتموه هجراً سرمدياً ولم يفعله أحد من العلماء في عمره بجرح صغيركبضعة الحجام ولماذا لم يلبسوا الأكفان ويحملوا الطبول والأبواق وتركوا هذه‏المستحبات تفوز بها العوام والجهلة دونهم؟!

    قال: ولعل إمساك النكير من علماء الشيعة عن هذه الفئة التي شعار حزنها على الإمام الشهيد بتبضيع رؤوسها وإهراق دمائها إما لأنهم يرون أعمالها مستحبةتعظيماً لشعائر الدين الذي هومن تقوى القلوب.
    ونقول لو كان الأمر كذلك لكان ينبغي للعلماء أن يبادروا إلى هذا الفعل‏ ويكونوا هم المبتدئين به فيدقوا الطبول ويضربوا بالصنوج وينفخوا في الأبواق‏ويخرجوا حاسرين لابسي الأكفان ضاربين رؤوسهم وجباههم بالسيوف أمام الناس‏لتقتدي بهم كما اقتدت بهم في نصب مجالس العزاء وغيرها ، فهم أحق الناس‏بتعظيم شعائر الدين لو كان هذا منها وإذا لم يفعل الجميع ذلك فعلى الأقل واحد أواثنان أو ثلاثة من العلماء مع أنهم يعدون بالألوف.

    ولم تكن هذه الأعمال معروفة في جبل عامل ولا نُقِلَ أن أحداً فعلها فيه وإنما أحدثها فيه في هذا العصر بعض عوام الغرباء وساعد على ترويجها بعض من يرتزق‏بها ، ولم ينقل عن أحد من علماء جبل عامل أنه أذِن فيها أو أمر بها في عصر من‏الأعصار ، حتى في الأعصار التي كان جبل عامل يتمتع فيها بحريته التامة في عهدأمرائه من الشيعة الذين كان لهم فيه الحول والطول من آل علي الصغير والصعبيةوالمناكرة كعصر الأمير العظيم الشيخ ناصيف النصار شيخ مشائخ جبل عامل‏والأمير الشيخ عباس صاحب صور وحمد البك والشيخ علي الفارس وعلي بك‏ الأسعد وتامر بك وغيرهم رحمهم اللَّه تعالى أجمعين، مع كثرة العلماء في عصرهم‏ وشدة إطاعتهم لأوامرهم ولا في عصر أحد من علمائنا المتأخرين المعاصرين ‏كالشيخ عبداللَّه نعمة والشيخ محمد علي عزالدين والسيد حسن إبراهيم والشيخ‏موسى شراره الذي بذل جهده في نشر إقامة شعائر العزاء وأدخل فيها كثيراً من‏الإصلاح، والسيد علي محمود والسيد محمد محمود والسيد حسن يوسف‏وغيرهم من علماء جبل عامل الأعلام قدس اللَّه أرواحهم. بل لم ينقل ناقل أن أحداًفعلها من عوام الشيعة ولا أن أحداً أجازها من علمائهم في الأعصار التي كانت ملوك‏البلاد الإسلامية فيها كلها شيعة وذلك في العصر البويهي الذي كان ملك فارس‏والعراق وغيرها فيه لآل بويه ولم يكن لخلفاء بني العباس معهم إلا الإسم، وملك‏الشامات والجزيرة لبني حمدان وملك مصر وأفريقيا والمغرب للفاطميين وكان في‏عصرهم من أجلاء علماء الشيعة وعظمائهم أمثال الشيخ المفيد والشريفين‏المرتضى والرضي مع ما كان عليه بنو بويه من التشدد في نشر إقامة العزاء حتى‏كانت في زمانهم تعطل الأسواق في بغداد يوم عاشوراء وتقام مراسم العزاء فيهاوفي الطرقات ولم ينقل أحد أنّه وقع في زمانهم شي‏ء من جرح الرؤوس بالسيوف‏والمدى.

    قال: على أن جل أساطين علمائنا المتأخرين كشيخ الطائفة الشيخ جعفرفي (كشف الغطاء) والميرزا القمي في (جامع الشتات) والحجة الكبرى الشيخ ‏مرتضى الأنصاري في رسالته (سرور العباد) والفقيه المتبحر الشيخ زين العابدين‏الحائري في (ذخيرة المعاد) والعالم الناسك المتورع الشيخ خضر شلال في كتابه(الجنان) وحجة الإسلام الميرزا حسين النائيني في أجوبته لأهل البصرة وجميع‏ علمائنا المعاصرين.

    وقد جاءت أن في عبارته بدون خبر كما سمعت. أما نسبة ذلك إلى شيخ ‏الطائفة في (كشف الغطاء) فنسبة باطلة فإنه لم يذكر جرح الرؤوس وظاهرة الاستشكال في غيره بل في مطلق الشبيه.

    وأما نسبة ذلك إلى الميرزا القمي في جامع الشتات فنسبة باطلة أيضاً فإن‏ الذي في الكتاب المذكور في باب المتفرقات مخصوص بالتشبه بصورة الإمام "ع"وأعداء أهل البيت ولبس الرجال لباس نساء أهل البيت أو غيرهن وليس فيه ذكر جرح الرؤوس ودق الطبول وضرب الطوس ونفخ البوقات.

    هذا ما أردنا إثباته في هذه العجالة واللَّه ولي التوفيق وله الحمد والمنّة. وتم‏تسويدها بمدينة بيروت في الثامن عشر من المحرم سنة 1346 هـ على يد مؤلفها الفقير إلى عفو ربه الغني محسن الأمين الحسيني العاملي غفر اللَّه له ولوالديه ‏والحمد للَّه وحده وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وسلم.
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)




ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني