 |
-
"المقاومة" في العراق تتحدث عن نفسها
"المقاومة" في العراق تتحدث عن نفسها!
بقلم: رياض الحسيني/ كاتب وسياسي عراقي – كندا-
www.geocities.com/numnmat
كثر اللغط والحديث وخلط الاوراق تارة واللعب على مشاعر الابرياء والاوتار القومية والدينية حينا اخر فيما يخص ما يسمى "المقاومة العراقية" وما تقوم به من اعمال لاانسانية وجرائم بشعة وفقا لرأي الاغلبية الساحقة. ولانه ليس هنالك من يعطي الجواب الشافي لهوية وبرنامج هؤلاء "المقاومون". لذا فاننا سنعتمد قراءات واقعية من خلال المشاهد اليومية المتكررة التي يتحفونها بها ونضع النقاط على الحروف للخروج بما من شانه ان يزيل ولو بعضا من الضبابية التي تستر هؤلاء.
الحقيقة الاولى: بعد مضي قرابة العام ونصف على الاحتلال الامريكي للعراق بات من الواضح والمسلم به ان هذه الجماعات التي تدّعي "المقاومة" في العراق ماهي الا جماعات تابعة لخارج الحدود، وتنفذ برنامجا لجماعات ارهابية مهمتها الاساسية اثبات وجود مقابل الوجود الامريكي اينما حل من جهة، وتصفية حسابات وضغائن قديمة من جهة اخرى. هذا بغض النظر طبعا عن منطق الخسارة والربح والهزيمة والانتصار!
هنالك جماعات ضغط عنفية سياسية وجماعات ضغط عنفية ميدانية تتفاوت فيما بينها في درجة الارهاب والعنف وسبل التخريب على الارض العراقية. بعضها يندب حظ عاثر ويستميت لاستعادة مجد ضائع للابد، واخر يبحث عن الثراء السريع من جراء الخطف والسلب والنهب. كلا الطائفتين يستغلون الوضع الامني الاستثنائي الذي يعيشه العراق وما خلفته الحسابات الخاطئة للقوات المحتلة من قبيل حل الجيش والشرطة. ووسط غياب الحل الانجع للكارثة فان بعض هذه الجماعات العنفية الميدانية قد نجح في التغلغل ضمن جماعات الضغط الدينية والسياسية التي تمارس فعلها ضد الحكومة بحجة شرعية مقاومة الاحتلال. تلك الجماعات الارهابية تستغل هذا الغطاء الطائفي حينا والمناطقي حينا اخر لتمارس عملها وسط تاييد من جماعات الضغط العنفية السياسية. اما ما يثار من وجود لما يسمى "المقاومة العراقية" في الاعلام العربي ومن يقف معه من الارتباطات المعادية للحكومة العراقية وللشعب العراقي فانما يندرج ضمن اوراق الضغط من جهة والتبجح الفارغ والتمني من جهة اخرى. وفي المحصلة النهائية فان مصلحة العراق دولة وشعبا لاتندرج ضمن حسابات تلك الدول قطعا سواء الاقليمية منها او الدولية.
الحقيقة الثانية: لم يسمع احد بالبرنامج السياسي لهذه "المقاومة". بيد انها تفتقر من الاساس لتقديم اي برنامج اصلاحي فعلي وهذا مؤشر ليس في صالحهاحتما. المؤشر الاخر هو غياب القيادة الواضحة لتلك الجماعات الا ما خلا قوّاد تنظيم القاعدة الارهابي وعلى رأسهم الاردني ابو مصعب الزرقاوي الذي يتولى قيادة ما يسمى "جماعة التوحيد والجهاد" سيئة السمعة والصيت.علاوة على ما تقدم فان الاعمال التي تقوم بها تلك الجماعات هي اعمال وضيعة لاتنم عن خلق من يدّعي الجهاد باسم الدين الاسلامي ودفاعا عن قضايا الامة المصيرية. ترى هل كان ابو بكر او عمر بن الخطاب يمسك بسكينه ويذبح اسراه رغم كفرهم الصريح والعلني بالاسلام وبالنبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم؟! هل نقلت لنا السنة النبوية ولو رواية ضعيفة عن ذبح النبي لاسراه من الذين يعملون في اطار التنمية والتطوير وبناء الوطن المهدم، مع العلم ان لاعلاقة لهم بالقوات الامريكية وبالاحتلال؟! طلب الرسول الاكرم (ص) من اسراه ان يعلّم كل منهم عشرة من المسلمين الكتابة والقراءة حينما عجزوا عن دفع الفدية وعاملهم افضل معاملة رغم كفرهم العلني والصريح. هل يجوز هدر دم الانسان المسلم لمجدر شبهة التعاون والرسول (ص) يقول "ادرءوا الحدود بالشبهات" رغم انها حدود ولكن بسبب سعة صدر النبي وشريعة الاسلام السمحاء انما يكون ذلك ؟! اية مقاومة اسلامية هذه التي تجزر اسراها الواحد تلو الاخر امام عدسات الكاميرات وأعين امهاتهم وابنائهم وذويهم دونما خجل او وجل، بل وتعرضهم علنا على الفضائيات المدمنة متبجحة وكأنها قد عادت للتو من تحرير القدس دون ادنى شعور بالمسؤولية او حتى بعض انتماء للمجتمع الانساني؟
ببساطة شديدة ان الاعمال التي تقوم بها تلك الجماعات الارهابية على ارض العراق لايمكن ان يندرج عملها باي حال من الاحوال ضمن المقاومة الشريفة. ببساطة شديدة ان الخطف والسلب والنهب والمساومة على ارواح البشر الابرياء لايعد عملا شريفا في كل الاديان السماوية فضلا عن القوانين الوضعية. اما قطع الرقاب والتمثيل بالجثث فهذا مالم يفعله حتى اكلي لحوم البشر في الغابات الاستوائية او في مجاهيل افريقيا التي كانت مضرب الامثال في التخلف والبؤس والعنجهية والقسوة والجلف. فباي دين يدين هؤلاء وباي عقيدة يتسلح اولئك؟!
الحقيقة الثالثة: حين نأخذ المقاومة على مر العصور للامم الاخرى نجد ان المقاومة الشريفة انما تنطلق شرارتها من مثقفي الامة واعلامها، من قياداتها الدينية والمراجع العشائرية، من سياسييها وقادتها الميدانيين، باختصار من الشعب باجمعه. ترى والعراق لايجب ان يشذ عن تلك القاعدة فهل تنادي القيادات الدينية بوجوب مقاومة الاحتلال بالسلاح في هذا الظرف الحرج؟ هل الحكومة العراقية وما يتفرع عنها من الجمعية الوطنية الان وفي هذا الظرف العصيب بالذات تمثل اقلية الشعب العراقي ام اغلبيته؟ هل نادى المثقفون واعلام الامة العراقية برفع السلاح ضد القوات الامريكية اليوم؟ غالبية تلك الفئات الوطنية انما تدعو لتقليص مدة التواجد الامريكي على ارض العراق من خلال تحكيم العقل والتزام المعارضة السلمية والعمل ضمن المجموع للوصول الى بر الامان. لعمري لقد امتثل العراقيون لهذا الرأي الصائب والعقلائي، وما هذا الا دليل اخر على انتفاء ما يسمى "المقاومة" ضمن صفوف الجماهير العراقية على الاقل حتى هذه اللحظة.
ربما يجد البعض مخرجا من كل ذلك ليعلق الجرم المشهود على الشماعة الازلية فيما هي القوات الامريكية ويعتبر كل ما يحدث من افرازات الاحتلال! وقد يشط الخيال بالبعض الاخر الى ابعد من ذلك ليؤكد ان هذه الاعمال انما تصدر من اناس لا علاقة لهم "بالمقاومة العراقية" ولا يمثلون خطها "الشريف" وانهم دخلاء وما الى ذلك من هذا التسطيح والتبرير الغير مبرر! ترى اذا كان الامر كما يقول هؤلاء واولئك اليس الاولى "بالمقاومة الشريفة" ان تدافع عن اسمها وسمعتها وتصدر ولو بيان تنديد عابر او توضيح مقتضب يبين انهم ليس كمثل هؤلاء؟ الحقيقة الميدانية المرّة والغير مهضومة تقول ان "المقاومة العراقية" غير موجودة على ارض الواقع وان الوجود الفعلي هو لتنظيم القاعدة الارهابي واعوانه من بقايا النظام البعثي المنهار المدحور.
الحقيقة الرابعة: مع مرور الزمن يتوطد حكم الشعب لنفسه، وتتقوى المظاهر الديمقراطية للبلد، وتنتعش الحالة الاقتصادية بينما تتقوقع "المقاومة الشريفة" وتنكمش ويضيق عليها الفضاء. بمرور الوقت تستنزف تلك الجماعات مصادر تمويلها فضلا عن مرتزقتها الى ان تجف تلك المنابع ويقل الانصار ليكون امامها ليس سوى الموت ولاموت، خزي وذل وعار حيث تكلمت "المقاومة" عن نفسها واي كلام.
ايلاف
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |