ظُلِمْتَ و عندَ اللهِ رَدُّ المَظالِمِ ** فيا شعبُ كُنْ حَرْباً على كُلِّ ظالِمِ
و إنْ تَفْتَخِرْ فافْخَــــرْ بأنَّكَ عالَمٌ ** مِن المَجْدِ يزهو مُشرِقاً في العَوالِمِ
و كلُّ حَضـــــاراتِ الوجــودِ مَرَدُّها ** إليكَ لِما شَيَّدتَـــهُ مِنَ مَعـــــــالِمِ
حَضارةُ وادي الرّافدينِ ولم يَزَلْ ** لأمجادِهــــا فَخْــــرٌ بكلِّ المَواسِمِ
وما زلتَ في دنيا المُروءاتِ عِصْمَةً ** تُحيلُ الخطوبَ السّودَ بيضَ المَغانِمِ
عراقَ المَعالي أنتَ في الدَّهْرِ مُفْرَدُ ** ثوى فيكَ نُعمانٌ إلى جَنْبِ كاظِمِ(1)
يُساقيهِما مِن دجلةَ الخَيْرِ سَلْسَلٌ ** يلوحُ كَطَوْقٍ حِلْيَةً في المَعاصِمِ
و بينَ ضِفافِ النَّهْرِ عِشْقٌ مُقَدَّسٌ ** يُناغيهِ في الإصباحِ سَجْعُ الحَمائِمِ(2)
وَشائِجُ يأبى الدّينُ إلّا اتحادَها ** وإنْ نَفَثَتْ بالسُّـــــمِّ رُقْــشُ الأراقِــــمِ
ألا فاسألوا الآباءَ عن فَرْطِ حُبِّنا ** وَ وَحْدَتِنــــــا ضدَّ الصّـــروفِ النَّواقِمِ
وإنَّ العراقيَّ الذي ضاقَ عَيْشُهُ ** رأى الصَّبْرُ منهُ بأسَ شَهْمٍ وحازِمِ
عَصيّاً على الأهوالِ ما باعَ أرضَهُ ** لِبـــــاغٍ ولم يُقْهَــرْ بإرجافِ ناقِــــمِ
فيا ابنَ العراقِ الحُرِّ إنْ تَنْتَخِبْ فقد ** أذَلْتَ العِدى في خَوْضِ أزكى المَلاحِمِ
فَحَوْلَكَ حِقْداً ساسَةُ النِّفْطِ صيَّروا ** من النِّفْطِ ما يَرمي بِشَتّى العَظائِمِ
لقد أسرَفوا في القَتْلِ -لا دامَ حُكْمُهُمْ- ** عسى مَجْدُنا يُنْمى بِشَرِّ الهَزائِمِ
تَمالَوْا على الإرهابِ وَأْداً لِشَعْبِنا ** بأيدي بقايا البَعْثِ أهلِ الجَّرائِمِ(3)
فلا تَنْتَخِبْ من خاضَ في أبحُرِ الدِّما ** وأمعَنَ في قَتْلِ البَريءِ المُسالِمِ
و مَنْ هَمُّهُ تَمزيقَ شَعْبٍ موَحَّدٍ ** كريمٍ لهُ تُنْمى سَجايا الكرائِمِ
ليُرضي الأعادي صاغِراً تَسْتَحِثُّهُ ** لِبِيْعِ ضميرٍ حَفْنَةٌ مِن دراهِمِ
لو أنَّ أبا إسراءَ أغراهُ زَيْفُهُمْ ** و باعَ عراقَ المَجْدِ بَيْعَ المُساوِمِ
لَما جنَّدوا في حَربِهِ واجتِثاثِهِ ** مُسوخاً أتَوا في زِيِّ حُرٍّ مُقاوِمِ(4)
و مِنْ حَوْلِهِ العُربانُ نابٌ و مِخْلَبٌ ** فما حالُ بانٍ ضِدَّهُ ألفُ هادِمِ؟(5)
و إنّي أرى في نُصْحِهِ الشَّعْبَ صادِقاً ** فَكَمْ ذاقَ مِنْ جَوْرِ الطُّغاةِ الغَواشِمِ؟
لقد جاءَنا والأرضُ بورٌ و دورُها ** خَرائبُ والأعداءُ عَدُّ البَهائِمِ
و لو شَذَّبَ الأغصانَ مِنْ حَوْلِهِ ازدَهَتْ ** كَرائِمُ جادَتْ صَيِّباتِ الغَمائِمِ
فَيُقْصي أخا وُدٍّ كَذوبٍ مُماذِقٍ ** و يُدني أخا صَفْوٍ شَديدَ الشَّكائِمِ
وما قلتُ قبلَ اليومِ شِعْراً بِحَقِّهِ ** و لكنْ رأيتُ الجَّهْلَ صُلْبَ المَعاجِمِ
ولستُ أُحابي أو أُداجي و مَنْزِلي ** بَعيدٌ ولا لي إرْبَـةٌ في المَغانِمِ6
بعيدٌ عن الأهلينَ لا أبغي رَجْعَةً ** وإنْ كانَ شوقي غُصَّةً في غَلاصِمي
يُؤَرّقُني الطَّيْفُ المُقِضُّ مَضاجِعي ** يُجَدِّدُ ليْ ذِكْرى السّنينَ الرَّوائِمِ
أ جاءَ أبو إسراءَ أمْ جاءَ غَيْرُهُ ** سواءٌ فما أُغْرِمْتُ في مَدْحِ حاكِمِ
و لكنَّ قَوْلَ الحقِّ فَرْضٌ مُحَتَّمٌ ** إذا قلتُ لمْ أقْرَعْ لَهُ سِنَّ نادِمِ
يَميناً لو الشَّعْبُ المُفَدّى استخارَهُ ** لَفازَ بِعُقْبى الخَيْرِ عُقبى المَكارِمِ
وحَسْبي بِهِ مِنْ ضامِنٍ لا يَزيغُهُ ** عن الحَقِّ ما يَخشى بِهِ لَوْمَ لائِمِ
و مَنْ نافَسوهُ الشَّوْطَ لا شَكَّ مِنْهُمُ ** كُفاةٌ رُعاةٌ رأيُهُمْ رأيُ حازِمِ
لقد أخْلَصوا للشَّعْبِ عاشوا لأجلِهِ ** زَها نورُهُمْ في حالِكاتِ الغَياهِمِ(7)
فهذا عِراقُ الخَيْرِ أولى بأهلِهِ ** حُماةً فَكَمْ قاسى عِراقُ المَآتِمِ؟
فيا ربِّ بارِكْ شعبَنا في اختيارِهِ ** و أنزِلْ عليهِمْ مُجْزِلاتِ المَراحِمِ
و جازِ الّذي عاداكَ في ظُلْمِ شَعْبِنا ** و أشْغِلْهُمُ بالمُهْلِكاتِ القَواصِمِ
و باركْ لنا بالأمْنِ و الوَفْرِ سَرْمَداً ** بِحَقِّ الهُدى المَبعوثِ مِنْ آلِ هاشِمِ
شعر: عادل الكاظمي
(1)- النعمان هو أبو حنيفة أحد أئمة المذاهب الإسلامية والكاظم هو موسى بن جعفر
سابع أئمة الشيعة عليهم السلام.
(2)- ضِفَّةُ النَّهْرِ : جَانِبُهُ وبين ضفّتي الكاظمية والأعظمية حبٌّ لا تزيله الفقاعات
التي سرعان ما تزول لأن العراقي إذا لم يحب فهو لا يكره.
(3)- تمالوا: أي: تمالئوا، بمعنى: اجتمعوا واتفقوا
(4)- لا أعني المقاومة التي لها مواقف مشرفة وإنما أولئك الذين استعملتهم دول الارهاب
أداة لزعزعة الامن في العراق الحبيب.
(5)- العُربان: أهل البادية وسكانها من القبائل العربيَّة.. وهنا أعني السعودية وقطر على وجه الخصوص.
(6) الإربة: الحاجة
(7)- الغياهم والغياهب بمعنى واحد الظلمة الشديدة.