أنتَ يا بئرَ العطش
يا كنزاً أسودَ في فم الذئب
دعْ قنديلكَ الناطقَ بالأعاجيبِ يضيء اسمَ العراق، ارفعْ خرقتَكَ التي عصبتَ بها وجهَ بغدادَ، اجمعْ زينةَ الحربِ من عتباتِ البيوتِ، أجعلْ بنادقَهم مكانسَ لئلا يقتِلوا أو يقتَلوا، انفخْ سراجَك الذي يشعّ ظلمةً في ليل أمّي، ولا تتركْ حبيبتي تخرج خائفة من البيتِ إلى الجامعة ومن الجامعة إلى البيت، بل أختمْ على قلبِها بأبعدِ نجومِكَ حتى تعرفَ ـ وهي تشدُّ لك حجابَها ـ أنك العاصفةُ وقد ابتسمتْ أخيراً بعدَ طولِ خراب.
أنت أرعبتَ قلبَ صغيرتي وقد آنَ لها أنْ تلمسَ قلبَك.
أما ملائكتُك الجوّابون من زاخو إلى الفاو، الملائكةُ الملثّمون ذوو البراثن والأنياب، فأرجعْهم بأحزمتهم الناسفةِ إلى الصحراء، واجعلْ لهم بئرَ عطشٍ يستقون منها الى أبد الآبدين.
وإذا جاءتك نساؤنا بسلالهنّ ملأى بثمرات أرحامهنّ فلا تملأها بحصتك التموينيّة حَسَكاً وخبزَ مذلّة، ولكنْ بالقليلِ القليلِ مما في خزائن غيبِك المكنونِ، بنكهةِ الفجرِ املأْها ورفرفةِ طيورٍ بيضٍ يضربْنَ بأجنحتِهنّ في صلاة العشاء، أغرِقْ عيونَهنّ كُحلاً وقلوبَهنّ كركرةَ أطفالٍ لئلا ينشغلنَ عن الصلاة اليك بأسماءِ أبنائهنّ، من مات منهم ومن هربَ.
يابئرَ العطش
دُلَّ الهدهدَ ، هدهدَ آبائنا المعدانِ، على ينبوعِ الهواءِ السريِّ فقد تكسّرتْ أقدامُ أرواحِهم حزناً عليه،
اجعلْ جبالَ الأكراد ذهباً وشلالاتهم فضةً لأنهم منذ 1988 لم يختموا قرآنك ياربّ، كلّما وصلوا سورةَ الأنفال ماتوا وبيعتْ نساؤهم في الأنبار.
وبعدُ
فأنتَ أمرتَنا أن نبذرَ عظامَ أطفالنا وقلتَ انتظروا الحصاد، انتظرنا ولم يأتِ، أتى أعرابٌ بلحىً وقرآنٍ عربيّ كلّه أمراضُ دوابٍّ،
وها أنتَ ترى إلى الآشوريِّ منتحباً على أنقاض كنيسته، الرافضيّ مدمّىً في كربلاء، والمندائيّ يستغيث بماءٍ سوف تجفّفه شمسُ الغرباء.
انظرْ
نحن نكادُ ننقرض.
فيا كنزَنا الأسْوَدَ
يابئرَ العطشِ
أنتَ أرعبتَ قلوبَنا
وقد آن لنا أن نلمسَ قلبَكَ
قلبَك القديمَ الذي قرأناه في الكتب.