بسم الله الرحمن الرحيم
اجتماع الدين واللادين
من أجّل و أجمل الظواهر التي برزت بعد سقوط النظام الظالم في العراق هي ظاهرة التوجه الكبير نحو إقامة شعائر الدين والتي طالما حرم الشعب العراقي من إقامتها، و خصوصاً الشعائر الحسينية ومنها زيارة أربعينية الإمام الحسين(ع) و الزيارة الشعبانية يوم مولد الإمام المنتظر(ع) حيث لوحظ الملايين من المؤمنين يأتون سيراً على الأقدام لزيارة بضعة الرسول الأكرم وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين(ع) غير آبهين بما حولهم من تهديدات الزرقاوي(لعنه الله تعالى وأخزاه) ومن الظروف الصعبة التي يمرون بها في ظل الاحتلال، وإن كانت الوكالات العالمية منها والعربية تشير إلى كون عدد الزائرين لا يتجاوز الآلاف أو إن تكرمت بعضها فتقول بأنه عشرات أو مئات الآلاف وهم يعلمون بالحس واليقين من خلال مراسليهم بأن العدد بالملايين، ولكن ليقولوا ما يقولوا فإننا لا نرجو منهم شيئاً سوى الأمانة في النقل (( وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد))، وهذا التوجه المشرف إن دل فإنما يدل على أن من أزال النظام الظالم هو هؤلاء العراقيين أنفسهم لا القوات المحتلة ولا غيرها لأن هناك سنة كونية ثابتة وهي إن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإن غيروا أنفسهم إلى الخير والصلاح غيّر الله تعالى ما بهم كذلك إلى الخير وإن كان العكس فالعكس لأن الله تبارك وتعالى لا يظلم مقدار ذرة ولا يضيع أجر المحسنين في الدنيا والآخرة، ولكن من المعلوم والواضح إلى أن انفتاح الساحة العراقية على كل من هب ودب ودخول الكثير ممن لا ينفع مصالحهم هذا التوجه الديني لا بل يتقاطع معها، لذا بدأ هؤلاء بشن حربهم على الدين ورجاله ولكن لا بطرق ظاهرة جلية بل بطرق الدهاء والمكر فراحوا يلبسون الحق بالباطل حتى يشتبه على الناس ويدسون السم بالعسل فمن قضية حقوق وحرية المرأة والتي هي كلمة حق يراد بها باطل إلى دفع الأموال الطائلة لعقد المناظرات المخزية في القنوات الفضائية والتي لا يريدون منها إظهار الحق ولم الشمل كما يدعون بل إن غايتهم إلا تفرقة المسلمين وشحذ البغضاء بينهم من خلال الجدل العقيم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ولم يأتي بنفع للمسلمين من مئات السنين فالسنة يرون أنفسهم على الحق ولديهم دليلهم والشيعة يرون أنفسهم على الحق ولديهم دليلهم فلا هذا مستعد لأن يعتنق مذهب ذاك ولا العكس فلماذا إذن هذه المناظرات السلبية النتائج وفي مصلحة من يعود نتاجها، أليس من الأحرى بهم أن يعقدوا الندوات والمناظرات للتقريب بين المسلمين من خلال طرح مشاكل الإسلام العامة ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها أو أن تخصص هذه البرامج لدفع الشبه التي يثيرها أعداء الإسلام على الإسلام، أيُعقل أن تدافع امرأة عن الدين الإسلامي وعن مبادئه وهي ظاهرة على الفضاء لملايين المشاهدين وهي كاشفة عن رأسها وعنقها ويديها ووو .. كما ظهر ذلك في إحدى القنوات الفضائية ولا أريد ذكر اسم القناة احتراماً لما ورد في اتفاقية الاشتراك في هذا الموقع المبارك، أليس عنوان الكتاب يدل على ما فيه ؟! ، أليس أكثر هذه القنوات الفضائية تمول من أكابر الدول الإسلامية ؟! ألا يلاحظ سيادة الرئيس أو سمو الملك أو الأمير ما يُعرض في قناته الفضائية ومن هم الذين يديرونها أو يقدّمون برامجها ؟! أم من باب الحرية والديمقراطية أجتمع لديهم النقيضان الدين واللادين ؟!! ، لذا فعلى كل مسلم و كل عراقي بالخصوص غيور على دينه أن يكون يقضاً وحذراً من جميع هذه المحاولات الخبيثة التي غايتها إضعاف الدين وإماتته إن تمكنوا ولكن هيهات لهم ذلك وقد وعد الله جل وعلا بأن يظهره على الدين كله وإن كره المشركون وإن كره الكافرون وإن كره المنافقون، فالله الله يا أخوتي في دينكم والله الله في حججكم الشرعية فلا يذهبن بكم الهوى وحب الدنيا إلى ما لا يُحمد عقباه، فلا أللإلحاد أخاً للإسلام ولا العلمانية بنت بر تقية لتعاليم الدين الحنيف كما راحوا يروجون لذلك، حتى تجرأ أحد الأقلام المأجورة بأن يكتب في إحدى الصحف بأن القرآن كتاب خلق لزمن النبي (ص) فقط وإن قوانين الدول الآن يجب أن يكتبها هو وأمثاله ممن لا يرى إلا ما بين قدميه كماركس ولينين وغيرهم، مفضلاً إياهم بذلك على الله جل وعلى وعلى النبي الأكرم (ص) وعلى المعصومين(ع)، وليته يجد لي دستوراً غير الدستور الإلهي في العالم لم يُغير ولم يثبت خطأ أغلب ما فيه ؟ ، وليجد لي شخصاً واحداً من قدواته معصوماً لا يتأثر بمحيطه ومصلحته عند كتابة قانوناً أو دستور ؟ وراح يفرض هذا الكاتب على المسلمين وكأنه هو ولي أمرهم والحجة عليهم بأن يفصلوا الدين عن السياسة ونسي بأن الرسول الأكرم(ص) كان نبياً وقائداً للدولة ، وكذلك أمير المؤمنين(ع) ، وسيأتي قريباً بمشيئة الله تعالى وتفضله الحجة القائم ( عجل الله تعالى فرجه ) ، ولكن وكما قال أحد المعصومين(ع) ما معناه (( على لسان المؤمن نور يسطع وعلى لسان المنافق شيطان ينطق)) .
فيا آل الله تعالى اتقوا الله في دينكم ولا تفرق بكم السبل فتضلوا عن طريق الله ولنتحد على كلمة سواء ولننسى ما بيننا من اختلاف فما الدنيا إلا أيام معدودات وبعدها ينبأ كل امرء بما قدم وأخر ويجد كتابه الذي لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولنعمل صالحاً ولنقول صالحاً ولنكتب صالحاً، ومن الله تعالى التوفيق.
أخوكم : رياض الجياشي