 |
-
حين يتأمرك بعض العرب والكورد اكثر من الامريكيين
حين يتأمرك بعض العرب والكورد اكثر من الامريكيين!
ينشر بالتزامن مع صحيفتي ايلاف والقدس العربي اللندنية
بقلم: رياض الحسيني/ كاتب وناشط سياسي عراقي – كندا-
www.geocities.com/numnmat
بداية اضحكتني كثيرا تلك التهاني وتفريق الحلوى من بعض العرب والكورد على حد سواء (على حس) الرئيس الامريكي بوش لفوزه بفترة رئاسية اخرى واخيرة وكأنه لاشغل له ولامشغلة الا قراءة تلك التهاني البادرة! فامتطى بعض العرب الصهوة العربية ولم يتواني بعض الكورد في اعتلاء ظهر الجحش فتكلم هؤلاء باسم كل العرب والاكراد. شخصيا لم اوكل احد ليتكلم باسمي لسبب بسيط هو انني لازلت املك لسانا وحي ارزق وبالتالي فتسقط النيابة عني واظن عن غيري ممن هم على شاكلتي (اقصد الاحياء)، فالموتى ليس عليهم عتب بطبيعة الحال!
حين يقف نصف الشعب الامريكي ضد الرئيس بوش الابن الذي وصل الى سدة الحكم عام 2000 بقرار من المحكمة الامريكية العليا وحكمه مدة اربع سنوات، يبدو الامر مشروعا. وحين يقف النصف الاخر بالضد من غريمه الديمقراطي جون كيري لايخرج الامر كذلك عن دائرة الحرية والديمقراطية التي كفلها الدستور الامريكي لجميع مواطنيه. لكن الغريب والغير مهضوم مطلقا هو ان ينبري بعض العرب لتأييد مرشح على اخر وهم لا بالعير ولا بالنفير! بمعنى انهم ليسوا مواطنون امريكيون ولاتعنيهم السياسية الداخلية البتة! اي انهم غير مشمولين بقانون الرعاية الصحية ولا بزيادة فرص العمل او حتى تعديل قانون الضريبة؟! علاوة على ذلك فان العرب جميعا في سلة واحدة ومغضوب عليهم في السياسة الخارجية الامريكية، فلم التأييد والفرحة اذن والتأمرك اكثر من نصف الامريكيين وتعدادهم بالملايين؟!
لعمري انها كارثة حين يهنئ البعض قاتل ابنائنا بحجة "التحرير"! ربما يختلف الرئيس الامريكي عن صورة القاتل التي تحملها مخيلة العربي الذي لازال يصر على بدائيته في كل شئ، فالقاتل هذا يرتدي بدلة انيقة ورباط منمّق ويسيّر كلبا ودودا. بل يذهب البعض من هؤلاء بعيدا ليمطر المرشح الديمقراطي بوابل من الشتائم والاتهامات وكأن السيد بوش كوردي بشروال من كردستان او معقّل من الفرات الاوسط؟! والانكى من ذلك وبعد كل ماتبين يصر بعض من هؤلاء على تسمية الاحتلال الامريكي لارض ومقدرات العراق "تحرير" رغم اعتراف الادارة الامريكية باحتلالها للعراق وحسبما جاءت به كل مقررات الامم المتحدة ذات العلاقة، فضلا عن الاعراف الدولية والتقاليد الانسانية.
مايزيد الطين بلة كما يقولون هو ان تأتي ردود الافعال نكاية بالطرف الاخر؟! جلّنا على يقين ان اغلب الذين هنئوا الرئيس الامريكي على فوزه قد حبسوا انفاسهم وادّخروا جهدهم حتى تضع الحرب اوزارها! بمعنى انهم لم يفصحوا عما في دواخلهم تماما كبعض الزعماء العرب الا بعد ان اصبح مؤكدا وقطعا فوز الرئيس الامريكي بوش الابن على منافسه الديمقراطي جون كيري. بيد ان تهنئة الحاكم العربي انما تندرج ضمن بروتوكول الدبلوماسية واللياقة، لكن في اي قاموس توصف فرحتنا الغامرة وعدم ضبط ايقاعات مشاعرنا في تاييدنا المطلق للرئيس الامريكي الذي لم يسقط البعث وصدام حبا بالعراقيين كما نحن جميعا متأكدون ومتفقون في تلك القضية فليس ثمة حسن نوايا اذا وُجدت المصالح؟!
نعم نحن فرحون لسقوط الصنم وهزيمة الديكتاتورية التي قاومناها جميعا بالكلمة وبالبندقية لكن، هل يعني ذلك اننا ننسى ان الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه هذا الابن وبقرار من الاب كان السبب في حصد ابنائنا عام 1991 يوم كنا اقرب الى عنق صدام من اي شئ اخر؟! هل ننسى ان امريكا هي التي زودت صدام بكل الاسلحة التي هُدرت من اجلها ثروة العراق والتي استخدمها في حروبه الداخلية والخارجية وبالنيابة عن الاجندة الامريكية وتنفيذا لسياسات امريكا؟! هل ننسى المقابر الجماعية التي كانت على مرأى ومسمع من الاقمار الاصطناعية الامريكية التي كانت تراقب كل شاردة وواردة على ارض العراق؟ هل ننسى حلبجة التي ضربها صدام بالكيمياوي الامريكي؟ هل ننسى مديونية العراق التي بلغت اربعمائة مليار دولار بسبب امريكا؟ كيف ينسى هؤلاء منظر وزراء العهد الجديد وهم يستجدون الدول الاخرى بحفنة من الدولارات للعراق الذي يقبع على بحيرة من النفط؟! كيف ننسى ان يكون حالنا كالبعير الذي يحمل ذهبا ولايلهم الا عاقولا؟ نعم نختلف مع صدام في كل شئ ونمقته اشد المقت ولكن هل نحن مطالبون لان نغفر لبوش ولصدام ومن لف لفهما حين يسرقوا مقدراتنا وثرواتنا ويقتلوا خيرة شبابنا ويهجّروا اهلنا ويستولوا على ممتلكاتنا ويعبثوا بمقدساتنا؟!
متى يدرك العرب اصول اللعبة الدولية التي لامكان فيها للضعيف وابن السبيل؟ متى يدرك العرب ان خروج ابن لادن على الفضائيات مزبدا ومعربدا بقلب امريكا ساحة حرب وقبل سويعات من بدء حمى الانتخابات الامريكية انما هي لعبة امريكية استخدمها بوش واجادها ايما اجادة؟ كم نحتاج من الوقت لنميّز فيه بين العدو والصديق؟ متى نعلن ان دمنا ليس ارخص من الدم الامريكي؟ الى متى نبقى نبحث عمن نمجده ونحلف باسمه ونلهج بذكره ليل نهار؟ هل وصلت بنا الحال الى تقديس المستورد في حال غياب المحلي؟!
المفروض بنا ان نطالب بمحاكمة كل من تورط مع صدام في حروبه من الساسة الامريكيين وجنرالاتهم من تجار السلاح وسماسرة النفط؟ المنطق يقول ان امريكا مدانة للشعب العراقي بكل قطرة دم سقطت في حرب ايران واجتياح الكويت؟! كنت اتمنى ان يصدر بيانا ولو مقتضبا او خجولا عن هؤلاء يسألون فيه الادارة الامريكية عن عائدات النفط العراقي الذي حين كان سعره 25 دولار لم نر اي اثر له وحين قفز الى 52 دولارا لم يتغير شئ ايضا؟! لكن اموت وفي قلبي شئ من "لكن"! فالواقع المرير يقول غير ذلك ففي كل يوم ينبري "مثقف" ويمطر "الاخ" بوش بقصيدة كاللواتي امتدح فيها المتنبي كافور الاخشيدي او سيف الدولة! في كل يوم نقرأ من يتجاوز عن سيئات الادارة الامريكية و "يكرم" بدماء العراقيين وثرواتهم! يبدو ان الشرقمتوسطي لن يتخلص من وهب مالا يملك لمن لايستحق. يبدو كذلك!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |