كنت في مرة سابقة قد نقدت الشاعر عبدالله سرمد الجميل -الذي تبين لي انه طبيب وشاعر - نقدا حادا على قصيدته ( محلات اليهود ) التي كان يتحنن فيها على اليهود فيقول شدوا الخيام ويقول دموعي لكم تراق ويبكي أثارهم في الموصل \ الجانب الأيمن , ويتأسف لمغادرتهم والخ من القول , لكن براعته أعجبتني في هذه القصيدة التالية, فعلا يصف ما آل إليه العراق بفضل الأحزاب المتحاصصة وما جلبته من بؤس لشعب العراق.
في هذه أحييه على جرأة قلمه وصواب فهمه ودقته :
وشعبي طُغاةٌ قُساةٌ غُزاةٌ
عُراةٌ زُناةٌ، متى يندثرْ ؟!
فتحْتَ المظلَّةَ قبلَ المطرْ وتأبى تعانقُ إلّا الحجرْ
وحمَّلْتَ قلبَكَ ما لا يُطيقُ
فَرِفْقاً بنفسِكَ أنتَ بشرْ
تنامُ بعينٍ وتبكي بعينٍ
فتضحكُ منكَ عيونُ السهرْ
كطفلٍ تصيحُ: لماذا نموتُ ؟
لماذا لماذا لماذا القَدَرْ ؟
سيأتي الربيعُ وحدباؤُنا
ككلِّ ربيعٍ هنا تُحتَضَرْ
فكيفَ تؤرِّخُ يا ابنَ الأثيرِ
لهذا الزمانِ الذي يستَعِرْ ؟!
لقد نبشُوا قبرَكَ العاهرونَ
يُريدونَ تدنيسَ ماضي السِّيَرْ
وشعبي طُغاةٌ قُساةٌ غُزاةٌ
عُراةٌ زُناةٌ، متى يندثرْ ؟!
لترتاحَ أرضُ العراقِ العجوزُ
ويملَأَ لونُ الحياةِ الشجرْ
أُحبُّكِ ليلاً كثيرَ النجومِ
عميقَ السكونِ عديمَ القمرْ
أُحبُّكِ عشباً نما باتّئادٍ
على جسدَيْنا وكُلِّي انهمَرْ
لنفسي خُذيني، نَسِيْتُ الكلامَ
إذا ما لَثِمْتُكِ مثلَ الإِبَرْ
بعيداً بعيداً كزهرِ الغُبارِ
بنيْتُ الغيابَ ولم أنتظِرْ
سكوتي سكوتُ الغزالِ الجريحِ
فإمّا دنا ليثُها أنتَحِرْ !
أحقّاً يداكِ اختصارُ البحارِ ؟!
فهيّا المِسيني عسى أعتبِرْ !
غريبٌ وضوءٌ على راحتَيهِ
مشى والمدينةُ تُعشي البصرْ
رأى ما رأى من خرابِ النفوسِ
وروحِ المكانِ وموتِ الصورْ
فدحرجَ جثّةَ وقتٍ هناكَ
وألقى بها في حكايا النَّهَرْ
تريدُ الشعوبُ الحياةَ الحياةَ
وشعبي يريدُ نزولَ الحُفَرْ
لماذا إلهي خلقْتَ اللسانَ
وشعبي صَموتٌ ومرَّ العُمُرْ ؟!
ويحدُثُ أنَّ الغيومَ القِلالَ
تنِزُّ لهيباً متى تُعتَصَرْ
حزينٌ كمكتبةٍ في الزقاقِ
وما من زبونٍ يُطيلُ النظرْ
كنسمةِ ريحٍ قُبيلَ الغروبِ
كأمٍّ تُوَدَّعُ عندَ السفرْ
سآوي إلى مشتلٍ في الطريقِ
يقيني حياةَ النوى والخطرْ
وأرقُبُ نملةَ صيفٍ تجيءُ
بقطعةِ حلوى لتلكَ الزُّمَرْ
السيرةُ الذاتيةُ
- وُلِدَ الشاعرُ عبد الله سرمد الجميل في المَوْصِلِ عامَ 1993،
- تخرَّجَ في كليةِ طِبِّ نينوى،
- صدرَ له ديوانُ ( نازحون بأجنحة النوارس ) عن دارِ ( سطور ) في بغدادَ عام 2017 وفاز عنه بجائزةِ ( السنوسي ) كأفضلِ مجموعةٍ شعريّةٍ من بينِ 87 ديواناً مشاركاً من الوطنِ العربيِّ،
- فازَ بجائزةِ ( فوانيس الأمل ) لشعراءِ العراقِ الشبابِ وتُرجِمَت
قصيدتُهُ الفائزةُ إلى اللغةِ الإنكليّزيّةِ والكرديّةِ،
- حازَ المركزَ الخامسَ في مسابقةِ القصّةِ القصيرةِ لمَجلَّةِ ( العربيّ ) وأذيعَتْ في إذاعةِ ( مونتي كارلو )،
- تُرجِمَتْ بعضُ قصائدهِ إلى الفرنسيّةِ في مَجلَّةِ ( مشارف ) التونسيةِ،
- نُشِرَتْ قصائدُهُ في جرائدَ وصحفٍ ومَجلّاتٍ عربيّةٍ مختلفةٍ،
- شاركَ في مِهرجاناتٍ أدبيةٍ وثقافيّةٍ وشعريّةٍ وفنيّةٍ عديدةٍ،
- كُتِبَتْ عن تجرِبتِهِ مقالاتٌ نقديّةٌ.