خاص لبنان الجديد |
د. أحمد خواجة | 26 أيّار 2019
السيد قشاقش والمتاجرة بشهادة الإمام الحسين(ع)
وأخشى ما نخشاه أن يكون مقدار لسان السيد قشاقش فاضلاً عن مقدار علمه وعقله معاً.
ظهر السيد نصرات قشاقش في فيديو مسرّب وهو يتطاول بالقدح والذّم بمقام الراحل السيد محمد حسين فضل الله، كما يتبرّم من تصرفات بعض قادة حركة أمل بما يتعلق بمهنته"المُقدّسة" كقارئ عزاء في ليالي عاشوراء الحزينة، وقد أثار ما صدر عنه وتفوّه به من هذرٍ وافتراءٍ وتجنٍ موجة استياءٍ عارمة عند من لا زالوا يحفظون للراحل فضل الله في ذاكرتهم وضمائرهم التقدير والاحترام والاجلال. كما طالب البعض بمعاقبة قشاقش أسوةً بما نالهُ السيد بشارة الأسمر(رئيس الاتحاد العمالي العام السابق) عندما نال من هيبة وكرامة الراحل البطريرك مار نصرالله صفير، وقاسى جراء ذلك ما قاساهُ من تقريعٍ وعقابٍ تأديبي.
ها هنا، لا نُطالب بتعميم الإجراءات العقابية القاسية ضد كل من تفوّه باساءات مقصودة أو غير متعمّدة، وهذا لا يعني أن تمُرّ مثل هذه" التّجنّيات" مرور الكرام، إلاّ أنّ ما يوجِب معاقبة قشاقش عليه، ليس ما تفوّه به، بل يتوجّب مُعاقبته أدبياً وسلوكيّاً لقاء استغلاله لشهادة الإمام الحسين بن علي والمتاجرة بها، وأخذه أجوراً عالية عليها، مع الشّرط على ذلك، علماً أنّ المتشددين من القضاة كانوا يردّون شهادة من يتقاضى أجراً على تعليم قراءة القرآن أيام الإسلام المُبكّر، وقد يقول قائل بأنّ قراءة العزاء في هذه الايام باتت"مهنة" عادية يُتقنها البعض ويتمرّس بها، ولا بُدّ له من أجرٍ، وهذا قد يحتمل بعض العذر والتبرير والتّساهل، إلاّ أنّ السيد قشاقش الذي يتباهى بعلوّ كعبه في الأداء الإعلامي المسرحي، والتّهييج العاطفي واستدرار الدموع وإعلاء الضجيج والصخب في مناسبة يتوجّب فيها الخشوع والصمت والاعتبار بدل التشديق والتّقعير والتّقعيب، وقد أُثِر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: إيّاي والتّشادق( تكلُّف البلاغة)، وقال: أبغضكم إليّ الثرثارون المُتفيقهون( الذين يتصنّعون البلاغة بفتح أفواههم على وسعها)، كما عاب الفدّادين (شديدي الصوت) وانتحال سعة الاشداق وهدل الشفاه(إرسالها إلى أسفل).
ذكر محمد بن علي بن عبدالله بن عباس بلاغة بعض أهله فقال: إنّي لأكرهُ أن يكون مقدارُ لسانه فاضلاً عن مقدار علمه، كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضلاً على مقدار عقله، يُعقّب الجاحظ على هذا بقوله" وهذا كلامٌ شريفٌ نافع، فاحفظوا لفظه وتدبّروا معناه". وأخشى ما نخشاه أن يكون مقدار لسان السيد قشاقش فاضلاً عن مقدار علمه وعقله معاً.