صفقات تجارية هائلة بين الإمارات وإيران رغم "بروباغندا" التوتر
من النفط إلى الآلات والمعدات والتجهيزات حتى أصغر قطع الغيار وأدوات العدّة، عالم من التبادل التجاري والتمرير غير "المُجمرَك" في سوق موازية لا تُدوّن بياناتها في السجلات الرسمية ولا أنظمة المعلوماتية الإحصائية، لكنها حاضرة بعشرات المليارات بين
إيران المحاصرة أميركياً منذ عشرات السنين، وجارتها المقابلة، الإمارات، بخاصةٍ عبر بوابة دبي، منذ عقود مديدة لها أسبابها الجغرافية وضروراتها الاقتصادية وعوامل امتزاج الشعوب وتبادل المصالح والأرباح الخيالية بعيداً من الضرائب والرسوم وإضاعة الوقت في معاملات الروتين الإداري وأجهزة التفتيش.
يتحدّث البلدان عن تنسيق حدودي، وأجهزة مخابراتهما منخرطة في تسهيل عمليات التبادل وتعلم "الشاردة والواردة" فيها، فمن غير الممكن لعاقل أو ساذج أن يتقبّل فكرة نقل البضائع بهذه الكمّيات وانتقال الأشخاص بين الضفّتين ليلَ نهار من دون علم سلطات نظامين بلغت شدّة الخلاف العلني بينهما على الجزُر الثلاث وأمن المنطقة حدّ تفجير الناقلات والاستعانة بجيوش الشرق والغرب لدرء التهديد والتهديد المضاد.
وفقاً لأرقام 2017، تصدّرت الإمارات الدول العربية في التجارة مع إيران، برقم ناهز 13 مليار دولار، كما أن الإمارات هي أكثر دول العالم تصديراً لإيران، وتستحوذ دبي على 90% من إجمالي هذا التبادل، بينما بلغت الصادرات الإيرانية 5 مليارات دولار، مقابل صادرات إماراتية إلى إيران فاقت 7 مليارات دولار وتشكل 30% من واردات إيران، في حين كان من المتوقع أن تصل قيمة التبادل إلى 30 مليار دولار بعد توقيع الاتفاق النووي.
وشهدت العلاقة بين الجانبين انفراجاً مهماً في يونيو/ حزيران 2017، عندما حصلت إيران على مستحقات من شركة "إينوك" الإماراتية بقيمة 4 مليارات و105 ملايين دولار، فيما يقول مجلس الأعمال الإيراني إن الإيرانيين يمتلكون في الإمارات استثمارات وأصولاً تتجاوز قيمتها 200 مليار دولار، كما يشهد النقل الجوي حركة ناشطة بينهما، بمعدل فاق 200 رحلة أسبوعياً.
رسمياً، ووفقاً لهيئة الجمارك الإيرانية للأشهر التسعة الأولى (إبريل/ نيسان - ديسمبر/ كانون الأول) لعام 2017، بلغ التبادل التجاري بين الجانبين 11.114 مليار دولار، شكلت الصادرات الإيرانية منها 4.458 مليارات دولار، أما الواردات من الإمارات فقد بلغت 6.656 مليارات دولار.
كما بلغت نسبة التجارة الإماراتية مع إيران 16% من إجمالي حجم التجارة الخارجية الإيرانية غير النفطية خلال تلك الفترة والبالغة 69 مليار دولار تقريباً، منها صادرات بقيمة 31.63 مليار دولار وواردات بقيمة 37.57 مليار دولار.
في تقرير لها أواخر تموز/ يوليو الماضي، أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" أن دبي لطالما مثّلت مركز عمل شركات "الأوف شور" الإيرانية، وقدّرت تجارة الإمارات مع إيران بسبعين مليار درهم، تعادل 19 مليار دولار، عام 2018، نقلاً عن مسؤولين رسميين. إلا أن توترات المنطقة في الآونة الأخيرة وانهيار قيمة الريال الإيراني ومخاوف الشركات من خرق العقوبات الأميركية، اجتمعت لتسبب تراجعاً حاداً في التجارة الثنائية بين البلدين.
عادة ما تشكو الشركات الصغيرة والأفراد الإيرانيون من تعليق خدماتهم المصرفية أو إلغائها بسبب تصورات أنهم يشكلون مخاطر.
ومع الانفتاح العلني الأسبوع الماضي من باب التنسيق الحدودي باتجاه أبعاد تبدو أوسع من ذلك بكثير وبغطاء أميركي، ربما، نقلت الصحيفة عن مسؤول إماراتي قوله إن عدد الإيرانيين الذين يعيشون في الإمارات انخفض من 117 ألفاً قبل 3 أعوام، إلى 73 ألفاً الآن، بينما انخفض عدد الزوار الإيرانيين في الإمارات إلى النصف، من 700 ألف وافد إلى 350 ألفاً.
وبنتيجة تصاعد الخلاف العلني في الآونة الأخيرة، بدأت شركات إيرانية وشركات أجنبية تُركز على إيران، بتغيير خياراتها باتجاه التجارة مع إيران عبر سلطنة عُمان وتركيا وماليزيا، بدلاً من المرور بالإمارات التي دفعها هذا التحوّل من جهة، وتصاعد التهديد الأمني والتلويح بأعمال حربية تضرّ خياراتها الاقتصادية الكبرى، من جهة أُخرى، إلى إعادة النظر في حسابات العلاقة مع إيران، خوفاً من الفاتورة الهائلة التي يمكن أن تتكبّدها من اندلاع حرب في المنطقة.