[align=center]الباقيات الصالحات[/align]

"الباقيات" جمع الباقية. وهي لفظة مشتقة من مادة «بقي» اللغوية التي لها اصل معنوي واحد هو الدوام أو ما يقابل الفناء والنفاد، والباقي اسم من أسماء الله (جل جلاله) وهو الأبدي الوجود، وعلى هذا فالبقاء لله (تعالى) وحده، والعالم مما يجوز عليه الفناء والنفاد، كما قال (عز وجل): {كل من عليها فان، ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام}.
وتأسيسا على هذا أن البقاء هو الوجود المستمر المتحرر من الفناء والنفاد والزوال.. ما دام متصلاً بالوجود الباقي المقدس الذي لا يفني ولا يزول. والله (تبارك وتعالى) يدعو الإنسان أن يتصل به باطنا وظاهرا ليبقى ببقائه، وليفوز بسعادة الوجود الذي لا يقطعه الفناء: {وتوكل على الحي الذي لا يموت، وسبح بحمده}.
ووصفت هذه الباقيات بـ«الصالحات».. دلالة على نقاوتها من شوائب الفساد.
وهذا الصلاح المنزه من لوثة الفساد اقترن في آخر سورة الكهف بالإخلاص.. باعتبارهما ضرورة لازمة للعروج الباطن إلى لقاء الله الذي هو آخر مراحل الكمال في السير والسلوك المتأله: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}. وصلاح العمل لا يتحقق إلا بعد صلاح الباطن: المعرفة والقلب.
الباقيات الصالحات تعبير عن حقائق عليا باقية خالدة عند الله، يبلغها المؤمن بإخلاص توحيده ونقاء باطنه، واستقامته في الحال وفي العمل.
{المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا}.
{ويزيد الله الذين اهتدوا هدى، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا}.
وقد تعددت مصاديق «الباقيات الصالحات» فيما ورد من كلمات رسول الله (ص) وأئمة المسلمين، وفيما عبّر عنه المفسرون.
وهذا ابرز ما وصل إلينا من مصاديق باقيات الله الصالحات:
1. أنها التسبيحات العظيمة الأربع: سبحان الله والحمد لله، ولا اله إلا الله والله اكبر.
2. أنها الصلوات الخمس.
3. أنها القيام في الليل لصلاة الليل ومناجاة الله في الأسحار.
4. أنها الإيمان والعبادات الخالصة والأعمال الصالحة.
5. أنها العلوم المتألهة، فهي خير عند الله مثوبة، لأنها توصل إلى التجليات الإلهية والجنات العقلية. وهي خير مردا بالرجوع إلى الذات الاحدية المقدسة.
6. إن الباقيات الصالحات هي مودة أهل البيت (رضي الله عنهم) الذين طهرهم الله (تعالى) إلى الأبد {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.