ملايين الناخبين بالعراق يتحدون القنابل ويدلون بأصواتهم
Sun January 30, 2005 6:15 PM GMT+02:00
بغداد (رويترز) - تحدى ملايين العراقيين المسلحين الذين هددوا بحمام دم وأدلوا بأصواتهم يوم الاحد في أنحاء العراق حيث جاء بعضهم يتوكأ على عكازين في حين سار آخرون عدة أميال كي يصلوا الى مراكز الاقتراع وناضلوا لقراءة بطاقات الاقتراع.
وقتلت التفجيرات الانتحارية وقذائف المورتر 27 شخصا على الأقل ولكن الناخبين ظلوا يتدفقون بأعداد غفيرة للمشاركة في أول انتخابات متعددة الاحزاب بالعراق منذ 50 عاما. وهلل الناخبون في بعض مراكز الاقتراع فرحين باول فرصة تتاح لهم للادلاء بأصواتهم في انتخابات حرة وفي أماكن أخرى وزع الناخبون على بعضهم قطع الحلوى.
وحتى في مدينة الفلوجة السنية الواقعة غربي بغداد والتي كانت معقلا للمسلحين الى ان شنت القوات الامريكية هجوما عليها في نوفمبر تشرين الثاني الماضي خرج عدد كبير من الناس للمشاركة في التصويت بشكل خالف التوقعات. ووقفت صفوف من النساء تمسك كل منهن ببطاقة الاقتراع في انتظار الادلاء بأصواتهن.
وقال احمد جاسم وهو يبتسم بعد التصويت "
نريد أن نكون مثل باقي العراقيين. لا نريد أن نكون دائما في موقف المعارضة."
وفي بعقوبة المدينة المتمردة شمالي بغداد أخذ الناس يصفقون ويهللون عند أحد مراكز الاقتراع.
وفي الموصل التي شهدت عددا من أسوأ هجمات المسلحين في الاشهر القليلة الماضية قال مسؤولون أمريكيون وعراقيون ان الاقبال على التصويت كان كبيرا بشكل مدهش.
وكان الرئيس العراقي غازي الياور من بين أول من أدلوا باصواتهم في الانتخابات في لجنة بالمنطقة الخضراء الحصينة نحو الساعة السابعة صباحا (0400 بتوقيت جرينتش).
وخرج الياور مبتسما بعدما أدلى بصوته وقد بدت آثار الحبر الأزرق على اصبع يده اليمنى دلالة على أنه أدلى بصوته وتسلم علما عراقيا صغيرا من مسؤول.
وقال في تصريحات للصحفيين "الحمد لله. امل أن يدلي الجميع باصواتهم ان شاء الله."
وفي المناطق الكردية بشمال العراق حيث الحالة الامنية أفضل والناس أقل خوفا من وقوع هجمات تواصل تدفق الناخبين على اللجان. وفي اربيل جاء سعيد رسول وهو رجل أمي يبلغ 76 عاما ليصوت ولم يسمح له بالمشاركة نظرا لعدم قدرته على قراءة بطاقة الاقتراع. وقال انه سيعود برفقة شخص آخر لمساعدته.
وقال مسؤولون انه حتى فيما يسمى "بمثلث الموت" وهو معقل المسلحين السنة بجنوب بغداد كان الاقبال مستمرا.
وفي البصرة الشيعية ثاني كبرى مدن العراق اصطف مئات العراقيين في صفوف أمام مراكز الاقتراع. وقال الشاب سمير خليل ابراهيم "لست خائفا. الامن جيد. أنا حقا سعيد. انه كعيد لكل العراقيين."
وفي بغداد أخذ حشد من الناس يهتفون وزغردت النساء للشريف علي بن الحسين سليل آخر أسرة ملكية أُطيح بها من حكم العراق في أواخر الخمسينات وهو يتجه للجنة انتخابية في جنوب العاصمة للادلاء بصوته. وهو يشارك في الانتخابات بقائمة الملكية الدستورية.
وفي غرب العاصمة اصطفت طوابير طويلة من الناخبين. وأدلى أغلبهم بصوته بصورة آلية ومضى الى حال سبيله سريعا.
وأصر سمير حسن (32 عاما) الذي فقد أحد ساقيه خلال انفجار سيارة ملغومة في أكتوبر تشرين الاول على التصويت. وقال في مركز اقتراع في غرب بغداد "كنت سآتي الى هنا زاحفا لو اضطررت لذلك. لا أريد أن يقتل الارهابيون عراقيين آخرين مثلما حاولوا قتلي... اليوم أصوت من أجل السلام."
وفي مدينة الصدر الحي الفقير بشمال شرق بغداد الذي تصاعدت فيه حدة الاستياء على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية تشكل صفان من الناخبين للدخول الى أحد مراكز الاقتراع. وكان احدهما للنساء اللاتي اتشحن بالعباءات السوداء والآخر للرجال.
وكان رجال الشرطة من بين أول من أدلوا بأصواتهم في شتى أنحاء البلاد ليتفرغوا لتأمين العملية الانتخابية. وفرض المسؤولون الأمريكيون والعراقيون اجراءات أمنية مشددة وحظروا دخول سيارات المدنيين بعض الشوارع وأغلقوا الحدود والمجال الجوي ونشروا عشرات الالاف من رجال الأمن المدججين بالسلاح.
وفي سامراء المضطربة شمالي بغداد حيث يعيش مزيج من السُنة والشيعة سمع دوي اطلاق نار لدقائق بعدما فتحت اللجان الانتخابية أبوابها.
وبعد بضع ساعات لم يدل بصوته سوى مئة ناخب في واحدة من اللجنتين الانتخابيتين في المدينة. وأبدت امرأة منتقبة اعتزازها بالمشاركة في الانتخابات.
وفي بيجي القريبة لم يتمكن البعض من المشاركة في الانتخابات بسبب تغيب المسؤولين الانتخابيين. وقال موظف في اللجان الانتخابية معتذرا لحشد من الناخبين "ننتظر وصول المدير بالمفتاح".
وفي النجف سار المئات بهدوء الى اللجان الانتخابية. وفرضت السلطات أشد الاجراءات الامنية حول المدينة.
وقالت الناخبة سعاد سالم في مدرسة العقاد الاعدادية التي حولت الى لجنة انتخابية "سأصوت لقائمة الائتلاف العراقي الموحد لان السلطة الدينية تدعمها. لسنا خائفين من أي قنابل." ويتوقع أن يأتي هذا الائتلاف الشيعي في مقدمة الفائزين في الانتخابات.
وقالت غيداء حمزة المنتقبة "هذا يوم عرس لكل العراقيين. أُهنيء كل العراقيين على حريتهم وديمقراطيتهم الجديدة."
ويشكل الشيعة نحو 60 في المئة من سكان العراق.
وفي مدينة كركوك التي يقطنها العرب والاكراد والتركمان أقبل الاكراد باعداد كبيرة على التصويت بينما بدت مؤشرات على ان العرب والتركمان استجابوا لتهديد بالمقاطعة تعبيرا عن غضبهم مما رأوا فيه تحيزا لصالح الاكراد في القواعد الانتخابية.
وكانت واحدة من أكبر المفاجآت في الموصل ثالث كبرى المدن العراقية والتي تتألف من عرب سنة وأكراد وتقع في شمال البلاد. وقال ضابط امريكي "حتى الان تمضي الامور بصورة طيبة للغاية أفضل مما كنا نتوقع."
وغلبت الفرحة علاء التميمي رئيس مجلس مدينة بغداد لارتفاع نسبة الاقبال على التصويت في مجلس البلدية حيث قال ان الالاف كانوا يحتفلون.
وقال للصحفيين "لا يمكن أن أصف ما أراه. انه أمر لا يصدق. هذا تصويت للمستقبل وللابناء ولسيادة القانون وللانسانية وللحب."
(شارك في التغطية اليستر بول في البصرة وايبون فيليلابيتيا في سامراء ولين نويهض في النجف وفارس المهداوي في بعقوبة وصباح البازي في بيجي وشامل عقراوي وسيريل كارتييه في اربيل وفاضل بدران في الفلوجة وعارف محمد في كركوك ومريم قرعوني ومصعب الخير الله في بغداد وسامي جميلي في كربلاء)
من لوك بيكر