[align=justify] هذا هو الحسين *** الفصل الاول
( ولاتحسبن الذين قتلو في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )
منذو الخلق الاول لأبينا آدم (ع) مرت العديد من الانعطافات التاريخية التي كان لها الأثر ألأكبر في صياغة الانسان نحو الكمال والصلاح . وكان ابطال هذا الرحلة المضنية والشاقة هم الانبياء والأئمة ( عليهم الصلاة والسلام )
ونحن نعيش واقعة الطف كربلاء لابد من أ لقاء الضوء على كربلاء 0 هطلت في ارضها سحابة الدم الحر الشهيد فأنبتت أجيال الشهداء الثوار و هاهي اصداء الصوت الأبي الذي أطلقه الحسين بن علي ابن ابي طالب ( عليهما السلام ) تترددفي وادي الطفوف وتقرع مسامع الأجيال وتطوف في ربوع التاريخ إعصارا يعصف بالطغاة وبركان دم يهز عروش الظالمين ويوقظ الضمائر الحرة هاهو صوته يدوي ويملأ مسامع الزمن : - ( لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا أقر اقرار العبيد ) . ان رجل التاريخ اللامع هذا واسطورة الملاحم والكفاح وكلمة الآباء والشرف هو الحسين فمن هو هذا الحسين ؟ (ع) وما هي معالم هذه الشخصية الفذة العملاقة : - هوالحسين السبط بن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) بن عبد المطلب بن هاشم وأمه فاطمة الزهراء ( ع) بنت محمد رسول الله (ص) ولد الحسين (ع) الشهيد في المدينة المنورة في الخامس من شعبان السنة الرابعة من الهجرة وقيل الثالث من شعبان ولد الحسين (ع) فاستقبله الأسرة النبوية بروح الحب والحنان فسماه رسول الله (ص) ( حسين) نشأ وترعرع في احضان رسول الله (ص) وبين امير المؤمنين علي (ع) وفاطمة الزهراء (ع) فارتضع أخلاق النبوة وشب على مبادىء الرسالة الاسلامية العظيمة مبادء الحق والعدل والاباء آحاطه رسول الله في طفولته بمشاعر الحب والحنان وكان يحمله وأخاه الأكبر( الحسن ) (ع) على صدره الشريف ويصرح أمام أصحابه ويعلن عن هذا الحب الآبوي الكريم ويقول ( اللهم إني أحبهما وأحب من أحبهما ) ويقول في عبارات اخرى ( أن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا ) وكان رسول الله ذات يوم يصلي والحسن والحسين عليهما السلام يتناوبان على ظهره الشريف فباعدهما الناس عن ظهره فقال ( دعوهما بأبي هما وأمي من أحبني فليحب هذين ) وهكذا يعرف بالحسين الشهيد (ع ) في طفولته ويشخص مقامه للامه لئلا تعتذر يوما عن الجريمة الكبرى بحقه0 هذا هو الحسين في قلب رسول الله وفي عرفه وشريعته وقد نشأ في بيت من أكرم بيوتات الاسلام وأعزها وهوبيت رسول الله (ص) وتربى على خلقه ومبادئه فكان مثال الورع والتقوى وقدوة الاخلاص والزهد والعبادة قوي الشخصية شجاعا غيورأ على الاسلام والأمة ذات شخصية قيادية عظيمة شديد التمسك بالحق قوي الارادة لاتأخذه في الله لومة لائم فبهذه الصفات العظيمة وبهذه الشخصية العبقرية وبهذا المكانة الاجتماعية الفريدة صار الحسين (ع) قوه فعالة في ضمير التاريخ الاسلامي واراده حية تؤثر عبر الاجيال لقد نحت له هذا المجد العظيم تمثالا في قلوب كل حر أبي يعرف للانسانية حقها وللمبادىء والقيم قيمتها فهو مثال الحر الأبي ومثال الثائر المنتصر للمستضعف المظلوم وهو احد القربى الذين أمر الله سبحانه وتعالى بحبهم حيث قال في محكم كتابه الشريف ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزدله فيها حسنا ) وهو أحد أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس حيث قال تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) هذا هو الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام فهو شعار مدرسة وتيار كفاح وجهاد رسالي وسياسي فريد في تاريخ الاسلام لذلك ان دوره كبيرا وأثره عظيما فقد كان قوة دافعة ومحركة في احداث التاريخ الاسلامي وخصوصا الجهادي منه على مدى أجيال وقرون عديدة ولم تزل نهضة وحركته ومبادئه تتفاعل وتؤثر في ضمير الامة ووعيها 0 السياسة الاموية وواقع الانحراف الذي خطط له الطاغية معاوية وتبناه بشكله المرعب فور موته بتولي ابنه يزيد الحكم الموروث أن منح يزيد السلطة ليقود الامةالاسلامية ويخطط لمستقبلها ويحدد مسارها معناه الإنهاء العملي للوجود الاسلامي على الأطلاق وردة واقعية عن مبادىء السماء وعودة للجاهلية ولكن في ثوب جديد فيزيد هذا كما تؤكد المصادر التاريخية يغلب عليه طابع الشذوذ في شتى أفكاره وممارساته ومشاعره وان يزيد لم يتوفر له أي انفتاح واع على الرسالة الاسلامية وأهدافها العليا التي تحقق أرقى صياغة للانسان كفرد وكعضو في المجتمع ومن الجدير بالذكر ان يزيد بن معاوية هو بن ميسون النصرانية الذي ربى في حجرها وعند قومها النصارى ويحدثنا التاريخ على نشاطات مشبعة بروح الانحراف عن الاسلام مما كان بن معاوية ابن اكلة الاكباد يمارسها على مسمع ومرأى من كثير من المسلمين في بلاد الشام كاللهو الماجن واللعب الخليع وشرب الخمور ومنادمة الفتيات والغناء وكان يلبس كلابه أساور الذهب واشتهربالمعازف والصيد واتخاذ الغلمان والقيان والكلاب والدباب والقرود ومامن يوم يمر الا يصبح فيه مخمورا0 قرر معاوية أن ينصب ابنه يزيد هذا الوزغ المنحط خلقيا خليفة على المسلمين ويأخذ له البيعة بنفسه خلافا للآعراف والآحكام الاسلامية المتبعة في تعين الخليفة فأثار هذا القرار الرأي العام الاسلامي وخصوصا الشخصيات الاسلامية البارزة كالحسين (ع) وعبد الرحمان بن ابي بكر وعبد الله بن عمر وشخصيات أخرى0 ذلل معاوية الصعاب وأحكم القبضة بكل ما أوتي من وسائل المال والدهاء والارهاب ونقل ا لسلطة ورئاسة الدولة إلى ولده يزيد الفاسق مما حفز الامة للثورة وجعلها تتهأ لخلع يزيد الحاكم المفروض عليها وطبيعي عندما تشتد المحن وتتوالى الشدائد ويطوق الامة طوق الارهاب والتسلط السياسي الجائر تتجه الانظار الى رجال المعارضة وقادة الرأى التي تحمل روح الثورة والتضحيه وتعيش من أجل المبادىء والقيم ولم يكن في الامة يومها من رجل كالحسين بن علي ( عليهما ا لسلام فهو سيد قريش وسبط الرسول وأبن امير المومنين وخير رجال الامة علما وورعا وكفاءة وخلقا وليس في المسلمين من يجهل مقامة الشريف أولا يعرف شخصيتة ويزيد يعرف تعلق الامة بالحسين (ع) وشدة الحسين وعنفه وروح الوثبة والثورة فيه فكتب في الايام الاولى من تولية السلطة وبعد هلاك الطاغية معاوية رسالة الى الوليد بن عتبة بن ابي سفيان والي المدينة آنذاك كتابا جاء فيه : - أما بعد فخذ حسينا وعبد الله بن عمر وابن الزبير بالبيعة أخذا شديد ليس فيه رخصة حتى يبايعوا ) استلم الوليد رسالة يزيد وقرأ فيها نعي معاوية وعلان البيعة ليزيد وتكليفه بمهمه سياسية كبرى استدعى مستشاره مروان ليبلغه نبأ هلاك معاوية وعلان البيهة ليزيد وفي كيفية مواجهة الحسين وتنفيذ قرار يزيد فأشارعليه مروان ( أرى ان تدعوهم الساعة وتامرهم بالبيعة فأن خلعوا قبلت منهم وان أبو ضربت أعناقهم ) فارسل الوليد عبد الله بن عمر بن عثمان وهوغلام حدث الى الحسين (ع) وابن الزبير يدعوهما للحظور فقالا انصرف الأن ناتيه 0 لم يكن هذا الاستدعاء اعتياديا ولم يكون الحسين ليغفل عنه ؟ وماذا يريد الوليد في هذا الساعة أحسه الامام الحسين وابن الزبير بخطورة الموقف وأدركا أن امرا جديد قد حدث وظن الحسين (ع ) ان الطاغية معاوية قد هلك فبعث الينا لياخذ بالبيعة منا قبيل ان يفشوا في الناس خبر هلاك الطاغية معاوية وهكذ استقبل الحسين (ع) الخطه الاموية وتهأ للمواجة وأدرك المباغتة وعرف لغة التعامل مع هذا الحزب ثم قال ( لا أتيه إلا وأنا قادر على الامتناع ) ثم بعث الحسين الشهيد الى أهل بيته وحاشيته فاجتمع من حوله ثلاثون فارسا فكانو كوكبة ابطال ورجال ثورة ثم سار الى الوليد ومعه حرسه ورجاله مستعدا للدفاع متأهيا للمواجهة بهذه الروح وبتلك العزيمة وبالموقف الشجاع وبالتحدي والرفض ومن الوهلة الاولى قرر الحسين (ع) ان يجابه تسلط يزيد ويرد على الموقف السياسي الخطير فهو يعرف يزيد ويدرك عمق المأسات ويعلم ان لابد من السيف والدم والثورة والجهاد وسحب الصفة الشرعية من هذا المتسلط الطاغية بأي ثمن كان فليس في نفس الحسين (ع) الثائر الشهيد رضى ولا مهادنة وليس في لغته ضعف ولا وهن فبين جنبيه قلب علي بن ابي طالب وفي يده سيف الحق وفي نفسه نفحة النبوة وعزة الامامة وشرف الرجولة سار الحسين ليحدد الموقف ويعلن القرار ويحسم النزاع ويقول كلمة الرفض وهويمثل إرادة الأمة وينطق بلسان الشريعة ومن حوله حاشيته وأهل بيته موحيا بالمواجهة وملوحا بالموقف الصعب ومهددا بالعنف والثورة سار موكب الحسين حتى وصل ديوان الوليد وقد حضر مروان ابن الحكم 0 فاقتحم الموكب الحسيني مجلس الوليد وروح الرفض والتحدي ظاهرة على الحسين الشهيد(ع) وأجلس حرسه ورجاله في موضع بحيث يرون مكان ويسمعون قوله لئلا يؤخذ غدرا أويهاجم على حين غرة ثم احتاط للامر وأعد رجاله وحرسه للوثوب والهجوم ووضع كلمة سر بينه وبينهم 0 بدأ الحوار بعد ان سلم عليهم وجلس عليه السلام وأخبر الوليد الحسي=E[/align]
بقلم محمد كاظم الجادري