صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 16
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow رسائل عاشوراء " محمد كاظم الشهابي " !! ..

    رسائل عاشوراء (1)

    رغم ان المؤشرات السياسية في الوضع العراقي تشي بأحداث كثيرة متسارعة وتطورات دراماتيكية هامة، ومن بينها ما يتردد من معلومات من مصادر أمريكية وتحليلات من داخل العراق تعكس قلقا كبيرا عند بعض التيارات العراقية التي أيدت بكل قوة وحشدت بكل كثافة لانتخابات المجلس الوطني الأخيرة لاحتمال وقوعها في فخ التصديق بوعود الاحتلال بإقامة نظام سياسي ديمقراطي يضمن للعراقيين حريتهم،

    وهذا ما توقعناه وحذرنا بعض الاخوة العراقيين من خطر الوقوع في دسائسه، وقد يكون تأجيل اعلان نتائج الانتخابات الذي كان مقررا له يوم أمس الخميس واجابات وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد في مقابلته مع شبكة N.B.C الأمريكية مساء الأحد الماضي 6 فبراير التي تميزت بمنتهى الصراحة والوضوح فيما يتعلق بشروط النظام العراقي الذي تسعى الادارة الأمريكية لإقامته ودعمه، وهي بمنتهى البساطة لا تخرج عن كونها إملاءات أمريكية، ولا تشكل مفاجأة إلا لمن يريد ان يغض نظره عن الدوافع الحقيقية للاحتلال وطبيعته العدوانية ويريد ان يجافي المنطق السياسي في أبسط صوره، قلت، قد تكون المؤشرات السابقة ليست إلا البداية ليكتشف بعض إخوتنا الأعزاء في العراق ان الموقف السياسي لا يمكن ان يبنى على التمنيات أو افتراض حسن النية في الطرف الآخر، وكان بودي في الحقيقة الاستمرار في تناول التطورات في المسألة العراقية لولا تزاحم ذلك مع ضرورة الحديث حول موسم عاشوراء الذي داهمنا بسرعة وتزامنت بداية السنة الهجرية هذا العام مع أول أيام عام الديك حسب التقويم الشمسي الصيني في التاسع من فبراير، والشيء المشترك الوحيد في هذه المصادفة هو كثرة الزيجات وحالات الاقتران بين الجنسين التي يرتفع معدلها بشكل كبير بين المسلمين الشيعة في كل عام قبل حلول موسم الأحزان الذي يبدأ بأيام عاشوراء، وذروتها يوم العاشر من المحرم حيث ذكرى استشهاد الامام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) في موقعة تاريخية مشرفة ودموية بليغة حدثت في العام 61 للهجرة النبوية الشريفة، ويمتد موسم الأحزان حتى الثامن والعشرين من شهر صفر وهو ذكرى وفاة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وخيار صحابته وسلم)، وبين هذين التاريخين من كل عام يحجم المسلمون الشيعة عن ابداء مظاهر الفرح ومنها التزاوج احتراما لموسم الأحزان، وليس باعتباره عملا محرما، ولذلك فهم يبادرون لاستكمال هذا النوع من مناسبات الفرح قبل الموسم، كما فعل الصينيون هذا العام فقط، ولكن هروبا مما يعتقدونه وفقا لأساطيرهم نذير شؤم للمتزوجين رغم أنه (عام الحظ السعيد) بشكل عام، ويطلقون عليه (عام الديك). المفارقة الجميلة ان الكثيرات من النساء يبادرن لعمليات تحسين مظهرهن قبل حلول الموسم تحسبا لشهرين هما محرم وصفر جرى العرف بعدم ممارسة أي نوع من التجميل خلالهما، وهكذا تشهد صالونات التجميل رواجا كبيرا قبل حلول الموسم، وكأن الجميع يستعد لمناسبة مميزة. وفي هذه المناسبة المجيدة بحلول ذكرى الهجرة النبوية الشريفة نتوجه للجميع بالتهنئة، ونقدم التعازي للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وخيار صحابته وسلم) وأهل بيته الأطهار وكل المسلمين لمناسبة ذكرى استشهاد الامام الحسين (عليه السلام)، متمنين على جميع المؤمنين أن يعكسوا في احتفائهم بهذه الذكرى العظيمة المستوى الروحي والمنهج الفكري الذي أسسه صاحب المناسبة بعطائه اللا محدود، حيث ضحى بالأهل والنفس والنفيس طلبا لرضا الرب، وهو القائل: وهل بعد ذلك من تضحية؟.. أجل.. هذه أخته السيدة زينب (عليها السلام)، ورفيقته في الدرب وهي تقف بكل شموخ وإباء عند مصرعه الشريف، وهو جسد بلا رأس بعد أن احتز الخبيث شمر بن ذي الجوشن رأسه الكريم ليحظى بجائزة الطاغية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، أجل ها هي السيدة زينب (عليها السلام) تنحني في مشهد مهيب وتضع كلتا يديها الطاهرتين لترفع الجثمان الشريف وترمق السماء بعيون دامعة مخاطبة الجليل في عليائه: (اللهم تقبل منا هذا القربان، إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى).

    اخبار الخليج 12 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    رسائل عاشوراء (2) حيدر.. حيدر..

    خلال العام الماضي كتبت أربع مداخلات حول قضايا تتعلق بوزارة الصحة وأهمها حول قضية الأدوية الفاسدة التي تصرف لبعض المرضى، وكان موقف الوزارة في البداية الصمت، فكتبت مداخلة أخرى بعنوان: (وزارة الصحة والصمت المريب)،

    وبقيت الوزارة على صمتها، وبعد الكتابة مرة ثالثة عن نفس المشكلة والاشارة الى ما وردني من معلومات تتصل بالموضوع وفضائح أخرى تحت عنوان: (وزارة الصحة والفساد)، وألمحت الى بعض المعلومات التي تطوع بعض الموظفين في الوزارة بتسريبها لي قامت قائمة البعض في الوزارة وجرى الاتصال بي فيما يبدو للتأكد فقط من ان أشخاصا بعينهم ليسوا ضمن المشار اليهم في مداخلتي، وبعد اجتماع وتداول في الموضوع مع أعلى المراتب من أكبر الموظفين القدامى في الوزارة حيث إن الوزيرة كانت حديثة التكليف بمهامها، ولا يعقل أن توجه لها اتهامات عن فساد سابق لتعيينها، اقترحت في نهاية الاجتماع طريقة قانونية ومناسبة لكشف جوانب الفساد التي أشرت اليها فيما كتبت دون أن أقوم بدور المخبر كما طلب مني، وأخيرا اتفقنا على جزئية وهي ان تقوم الوزارة بتحقيق حول قضية الأدوية الفاسدة لأهميتها، وتلقيت وعدا بنشر نتائج التحقيق تأكيدا لانتهاج الوزارة في عهدها الجديد أسلوب الشفافية. ومر عام تقريبا وحتى الآن لم أسمع أو أقرأ شيئا عن التقرير الموعود، وللأمانة لم أكن أتوقع منذ البداية ان ذلك سيحدث، وليس من المعقول ان نتوقع أداء مميزا من وزارة أو هيئة معينة يختلف عن مستوى الأداء بشكل عام في عموم المرافق، ورغم ذلك فالواجب يحتم معاودة المحاولة المرة بعد المرة عسى أن يتغير الحال، وعملا بالمثل الشعبي: (كثر الطق يفج اللحام)، وفي الآونة الأخيرة قرأنا عتبا لوزيرة الصحة حول تركيز الصحافة على ابراز السلبيات في وزارة الصحة دون التطرق للإيجابيات، وتأكيدات بأن الوزارة على استعداد لسماع كل الملاحظات، وهذا ما حدا بنا لإعادة مخاطبة الوزارة ممثلة في شخص الوزيرة ندى حفاظ بما سبق وتوجهنا به للوزير السابق حول ضرورة التنظيم لمواكب حيدر وحماية الصحة العامة من أخطار جدية تهدد الجميع، وهنا لابد من الاشارة الى الخلفية التاريخية لإقامة شعائر العزاء الحسينية التي بدأ بعضها بعد وقت قليل من فاجعة كربلاء لدى المسلمين من أتباع أهل البيت (عليهم السلام) كشعار لإظهار الندم لتخلفهم عن نصرة الإمام الحسين (عليه السلام)، وتطورت لاحقا بأشكال وأساليب مختلفة حتى ابتدعت مواكب حيدر التي يضرب فيها المعزون بالسيوف على رؤوسهم، وكذلك مواكب الجمر التي يرصف فيها بعض المعزين ممرا بالجمر ويمشون عليه وهم حفاة إمعانا في تعذيب أنفسهم والشعور بأقصى درجات الألم، وغاية ما يمكن التبرير به لمثل هذه الممارسات هو تأكيد الاستعداد للتضحية في سبيل المبادىء والأهداف التي استشهد من أجلها الإمام الحسين (عليه السلام)، ويمكن القيام بذلك من خلال التبرع بالدم للمرضى الذين هم في أمس الحاجة إليه، وكم هو رائع ومفرح للرسول الأكرم وأهل بيته (عليهم السلام جميعا) تنظيم حملات التبرع بالدم في ذكرى عاشوراء باسم الإمام الحسين (عليه السلام)، التي كان للجمهور البحريني شرف الريادة في تنظيمها، وهي خير وأفضل ألف مرة من هدر الدماء في موكب تراجيدي يثير استنكار الكثيرين من أتباع مذهب أهل البيت فضلا عن الآخرين، ويشوه سمعة المسلمين ككل وأتباع مذهب أهل البيت بصفة خاصة.

    اخبار الخليج 13 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    رسائل عاشوراء (3) حيدر.. حيدر.. مرة أخرى

    في العام الماضي توجهت - من خلال هذا العمود - بمناشدة خاصة لسماحة الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني للتدخل في سبيل دعم اقتراح يمثل حلا وسطا بين المتشددين لموقف استمرار موكب (القامة) بالشكل التقليدي (التراجيدي الدموي) وبين الداعين لوقف تسييره بشكل نهائي،

    وذلك بعدم اراقة الدم في المواكب مع استمرار لبس الأكفان وحمل السيوف، وكنت أتمنى أن يلقى الاقتراح تجاوبا كبيرا من لدن سماحته لأهمية موقعه وتأثير موقفه في قطاع كبير من المنظمين لموكب (القامة) والمشاركين فيه، فمعظمهم إن لم يكن جميعهم هم من الإخوة المؤمنين من اتباع الخط الشيرازي، إلا ان سماحته أكد لي بأنه: (ليس مع ولا ضد تسيير موكب (القامة)، وأضاف أن الأجواء الانفعالية لا تسمح في الظرف الراهن بالتدخل في هذه القضية)، وقبل كتابة هذه المداخلة (مساء الجمعة 11 فبراير) حرصت على الاتصال بسماحته مجددا فأعاد عليّ وجهة نظره السابقة مؤكدا على أهمية استمرار الحوار في كل القضايا المتعلقة بموسم عاشوراء لتحقيق أقصى درجة من الاستثمار الروحي والأخلاقي للمناسبة، ولا يخفى أن اصرار بعض المنظمين والمشاركين لموكب (القامة) يمثل في أحد جوانبه حالة رد فعل - كما يقول بعضهم - لمحاولات اقصائهم أو مناكفتهم من قبل خطوط فقهية أخرى. ومما يؤسف له في هذا المجال أن يلوذ كثير من المعنيين بالأمر وخاصة علماء الدين وخطباء المنابر الحسينية، ومؤسسات المجتمع المدني وخاصة الاسلامية منها بالصمت المطبق حول هذه القضية، أو مقاربتها بطريقة لا تخلو من الحذر الشديد والخشية من الحديث بصراحة إما مجاملة وإما خوفا من ردات فعل سلبية، في حين ينبري بعض أقطاب التجهيل للدعوة بشكل سافر لتوسيع هذه الممارسة من خلال استضافة بعض الاخوة المؤمنين الوافدين من دول الجوار الشقيقة التي تمنع جميعها هذا النوع من العزاء للمشاركة في موكب (القامة) في البحرين، وهذا ما يبرر ما يتداوله الناس من أخبار حول ترخيص وزارة الداخلية لاستيراد عدد 80 سيفا اضافيا لمواجهة الطلب المتزايد من قبل بعض الوافدين من الدول الشقيقة المجاورة للمشاركة في موكب (القامة)، وبما يعتبر في المحصلة النهائية تشجيعا لهذه الممارسة، وفي هذا السياق نتوجه الى أصحاب السماحة العلماء الأجلاء للقيام بالدور الشرعي المناط بهم حيال هذه المسألة بشكل مباشر، وكذلك من خلال الهيئات والتفاهمات التي جرى الاعلان عنها مؤخرا لتأكيد فاعلية دورهم في مجال يعتبر الأكثر خصوصية بهم، وهذه اقتراحات قدمناها للمسئولين في وزارة الصحة العام الماضي ونعيد نشرها اليوم عسى ان تلقى الاهتمام المناسب: أولا: القيام بحملة عاجلة ومكثفة وبالتنسيق مع وزارة الاعلام، ومن خلال وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة لتوضيح الآثار الصحية لهذه الممارسة، مع التركيز على احتمال انتقال قطرات الدم بين افراد الموكب أو الى الجمهور المتواجد عادة في الطرقات ومعظمها ضيقة جدا. ثانيا: توجيه رسائل عاجلة الى كافة الحسينيات وخاصة التي اعتادت تنظيم مواكب (القامة) تشرح فيها ما يترتب على هذه الممارسة من مخاطر صحية، والطلب منهم نشرها في مداخل الحسينيات، وتوزيعها على الجمهور. ثالثا: إلزام من يصر على تنظيم موكب للقامة بضرورة استخراج بطاقة صحية خاصة تصرفها الوزارة للراغبين في المشاركة بعد اجراء فحوصات طبية لهم لتحديد فصيلة دم كل مشارك، وللتأكد من مدى قدرته على المشاركة، وخلوه من أي امراض يمكن ان تنتقل عن طريق تناثر قطرات الدم وخاصة الخطيرة منها كمرض نقص المناعة (الايدز). وأخيراً فلابد من تحية نوجهها لصندوق النعيم الخيري وبقية الصناديق والهيئات التي عملت طيلة السنوات الخمس الماضية على طرح البديل الحضاري لموكب القامة من خلال تنظيم حملات التبرع بالدم التي التي وصل حجمها في العام الماضي الى ما يساوي 20% من احتياطيات بنك الدم المركزي، وبدأت قبل خمس سنوات بصندوق النعيم الخيري ليصل عدد الصناديق المشاركة فيها هذا العام الى 19 صندوقا، ولنا عودة للحديث عن الموضوع خلال الأيام القادمة.

    اخبار الخليج 14 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    رسائل عاشوراء (4) مجالس الإمام الحسين بين الماضي والحاضر

    تنويه: خلال اليومين الماضيين تلقيت عددا من الاتصالات الهاتفية والاستفسارات فيما إذا كنت أنا (محمد الشهابي) الذي ورد اسمه ضمن المرشحين أنفسهم لعضوية الأمانة العامة للمؤتمر الدستوري، وعليه أوضح للجميع ومنعا لأي التباس:

    أولا: لست أنا الشخص المقصود. ثانيا: لست عضوا في أي جمعية سياسية. من أبرز المتغيرات التي طرأت على مراسم إحياء موسم عاشوراء في السنوات الأخيرة هو تراجع دور المنابر الحسينية التقليدية حيث كان يجتمع جمهور المشاركين في الحسينيات بكثرة ليستمعوا الى ما يعرف بالمجلس الحسيني، ويبدأ بتلاوة ما يسمى (الحديث)، وهو عبارة عن سيرة مكتوبة، وتقرأ مباشرة من كتاب مشهور يسمى (الفوادح الحسينية)، بصوت شجي وإيقاع مميز، ثم يرتقي المنبر المتحدث الرئيسي وهو الخطيب او (الملا) ويبدأ بالصلاة والسلام على الرسول الأكرم وأهل بيته (عليهم السلام) ثم ينشد أبياتا من الشعر الفصيح حول قضية كربلاء لإلهاب حماس الجمهور المستمعين، ويتحول بعد ذلك الى إنشاد بعض القريض وهي أبيات من الشعر الشعبي تكون في الغالب باللهجة المحلية وتتناول التفاصيل الدقيقة لتراجيديا الفاجعة، ثم يدخل في صلب الموضوع الذي كان في الماضي يقتصر على سرد السيرة التاريخية لواقعة كربلاء مع التركيز على جانب المظلومية الشخصية للإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، ولا يخلو العرض من مبالغات في تصوير بطولات خارقة للمقاتلين من أتباع الإمام الحسين (عليه السلام) قد تصل عند بعضهم إلى قتل آلاف من الجيش الأموي بواسطة مقاتل واحد من أتباع الإمام الحسين (ع)، وعندما تبتر اليد اليمنى لأحدهم فلم يكن مستهجنا ان يبالغ الخطيب في تأكيد شجاعة المقاتل بالقول: انه استمر يقاتل بيده الشمال، وإمعانا في تأكيد بطولة المقاتل لم يكن يشعر بالحرج كثير من الخطباء سابقا وقليل ومنهم مازالوا في الساحة ان يضيف: وعندما فقد شماله أمسك السيف بنواجذه!!!، وينتهي المجلس التقليدي عادة بفقرة مهمة يجري فيها ذكر مصارع المقاتلين الأبطال من أهل البيت النبوي ومناصريهم شعرا ونثرا، وفي هذه الفقرة كانت مهمة الخطيب قديما تتمثل في إبراز قدرته الفائقة على إثارة مشاعر الجمهور، واستدرار عواطفهم بالبكاء والنحيب، وفي السابق كان يقاس مدى تمكن الخطيب في صنعته بقدر ما يسيطر على عقول المستمعين بسحر بيانه أثناء الحديث، وجمال صوته وشجوه الحزين وهو يترنم بالأبيات بحيث يدفع المستمعين لتفريغ شحناتهم الانفعالية من خلال البكاء الذي ليس فيه حرج مادام على الإمام الحسين (ع)، ثم تبسط السمط ويجرى تقديم وجبات الطعام التي كانت بسيطة جدا فيما مضى، أما الآن فقد انقرض الى درجة كبيرة الجيل القديم من الخطباء وتغير كل شيء ابتداء من مادة المجلس الحسيني وما يتناوله الخطيب من جوانب مختلفة تاريخية وفكرية وسياسية ايضا، وكذلك اسلوب الخطابة فقد تقدم كثيرا في الشكل والمضمون، وأصبحت لدى العديد من الخطباء أساليب مميزة واتجاهات فكرية وسياسية يدعون إليها بشكل مباشر أحيانا او غير مباشر، ولم يعد المجلس الحسيني كما كان في السابق انفعاليا وميالا الى المبالغة والتهويل، إلا أن اللافت في الأمر ان إقبال الناس على الحضور في المجالس الحسينية وفي المجتمع البحريني بشكل خاص قد تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة، إلا في حالات محدودة إذا كان الخطيب مميزا في مستوى مجالسه او محاضراته، ولا شك ان هناك أسبابا كثيرة تكمن خلف هذا التغير الملحوظ، وقد يسمح لنا المجال بتناول بعضها على الأقل خلال ما تبقى من هذه المداخلات ضمن سلسلة (رسائل عاشوراء)، وبالمقابل هناك إقبال كبير وخاصة من فئات الشباب على المشاركة بكثافة في المواكب الحسينية التي تجوب الشوارع خلال موسم عاشوراء بوتيرة متصاعدة تبدأ من الليلة الرابعة وتبلغ ذروتها في اليوم العاشر من المحرم، وتنعقد ايضا خلال بعض أيام العام في مناسبات وفيات أهل البيت عليهم السلام، وفي السنوات الأخيرة أصبح دور (الرادود) وهو الشخص الذي يقوم بالإنشاد في الموكب أهم كثيرا من الخطيب، وكل رأس مال هذه الصنعة صوت قوي وشجي وجميل، فإذا كان شكله جميلا كان ذلك من عوامل نجاحه بصورة أكبر، ويجرى تداول انتاجه من الأشرطة والأقراص المدمجة بشكل واسع، وقد وصلت مبيعات أحدهم في دول مختلفة الى أكثر من مليون نسخة في العام، ولا يقتصر الشغف بهؤلاء على منطقة دون أخرى حيث تتنافس في كل عام المؤسسات الحسينية الشيعية في أنحاء العالم بما فيها بعض الحسينيات في أوروبا على استضافة المشهورين من (الرواديد)، وبعضهم صار الآن ينافس نجوم الفن.

    اخبار الخليج 15 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    رسائل عاشوراء (5) المنبر الحسيني والتحديات الراهنة

    كنت أود تسليط الضوء في هذه المداخلة على كتاب الصحفي الألماني جرهارد كنسلمان كوجهة نظر غربية في قضية عاشوراء والدور التاريخي للإمام الحسين (عليه السلام) في فضح السلطة الأموية، وحفظ الرسالة المحمدية الأصيلة على المدى البعيد من خطر التشويه والتحريف،

    إلا أني غيرت رأيي في اللحظة الأخيرة بعد ان تلقيت عبر الايميل تعقيبا من احد القراء حول مداخلتي الأخيرة بعنوان (المجالس الحسينية بين الماضي والحاضر)، ويبدو ان صاحب التعقيب وربما غيره ايضا قد التبس المعنى عليهم فيما ورد بحديثي حول بعض الخطاب الحسيني التقليدي وما يشوبه من مبالغات احيانا، وهذا ما يؤكد ضرورة المراجعة والنقد للخطاب الحسيني بوعي متعقل، وبدون تحسس او تعصب. بداية من باب الرؤية القاصرة النظر الى المنابر الحسينية كحالة مذهبية تخص الشيعة وحدهم دون غيرهم من اتباع المذاهب الاسلامية الأخرى، وليس من المبالغة القول إن القراءة المنفتحة لقضية الامام الحسين (عليه السلام) والتوظيف المتقدم لدور المنبر الحسيني يمكن ان يتجاوز بعطائه الثر الدائرة الاسلامية ليرفد كل التيارات الاجتماعية التواقة للعدالة وإعلاء مفهوم الكرامة والحرية كقيم انسانية يسعى الجميع للعيش في ظلالها، انطلاقا من مقولة الامام علي عليه السلام (الناس صنفان أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)، إلا ان المنبر الحسيني كغيره من وسائل التغيير الاجتماعي والمنابر الاعلامية بحاجة مستمرة لإعادة التأهيل والقيام بعمليات مراجعة وتقويم وهيكلة بنى، كما يجب إخضاعه لعمليات النقد والنقد الذاتي وبآليات بناءة، واقلام مخلصة، لا تسعى للنيل من هذا الأثر الاجتماعي الخالد، وذلك للارتقاء بالواقع المنبري الى مستوى رسالته الشريفة، وغاياته النبيلة، وضرورة مواكبته للتجديد والإصلاحات، ونبذ او تهميش المواريث البالية، فمازال بعض الخطباء اليوم يرددون ذات المقاطع التي يمجها العقل السليم، وذات الأسلوب الهرم والألفاظ المندثرة والمفردات التي تحتاج الى مخضرم ليترجمها الى الجيل الجديد، اما الوقائع والقصص التي يرويها بعض الخطباء فلا تكاد تختلف عن قصص الخيال الاسطوري، فتعرض دونما احترام لعقول المستمعين وتقدير لأذواقهم، المهم هو إبكاء الحاضرين، والأدهى من ذلك ان بعض هذه الروايات اصبحت مستهجنة عرفا ويمجها الذوق السليم، بل وتثير الاشكاليات عند ابسط الطبقات الاجتماعية، ناهيك عن الحشو واللف والدوران والخروج عن الموضوع، كلها تعد من ادوات الخطيب (الفهلوي) متناسيا ان سرقة اوقات المؤمنين في المجالس اخطر من سرقة المال في الأسواق. فالخطيب الحسيني اليوم مدعو لأن يتسلح بكل الأسلحة الشرعية والسياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها بل ينبغي ان يكون منظومة مفاهيم حركية، قبل ان يتسنم اريكة المنبر الوثيرة، لأن ابعاد معركتنا اليوم والتحديات التي تواجهنا كمسلمين اخذت بالاتساع على الصعيد الفكري والسياسي والعسكري، وصرنا في موقف مواجهة حضارية تتطلب كل مقومات الاستعداد لها والتعبئة العامة لمقاومتها من خلال ملء كل الفراغات والثغرات التي يحتمل تسلل الفكر والآلة المضادة من خلالها. عشرة ايام من شهر محرم الحرام حرام ان تُقضَى كل عام بنفس الوتيرة ونفس الروتين وذات الرواية ونفس الممثلين من دون ان نأخذ منها نقاط انطلاق في حياتنا العملية، وباعثا لنهضتنا الفكرية، وتفعيلا لكوامننا الذاتية. للحديث صلة.

    اخبار الخليج 16 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    1,216

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نصير المهدي
    رسائل عاشوراء (5) المنبر الحسيني والتحديات الراهنة

    كنت أود تسليط الضوء في هذه المداخلة على كتاب الصحفي الألماني جرهارد كنسلمان كوجهة نظر غربية في قضية عاشوراء والدور التاريخي للإمام الحسين (عليه السلام) في فضح السلطة الأموية، وحفظ الرسالة المحمدية الأصيلة على المدى البعيد من خطر التشويه والتحريف،


    اخبار الخليج 16 - 2 - 2005
    سيد العزيز نصير المهدي
    جرهارد كنسلمان عرض سيرة الائمة و تاريخ التشيع بشئ من المغالطات بحيث لا يصح الاستدلال برأيه فقد قرأت كتابه حول الشيعة و هو سياسي بالدرجة الاولى تحدث فيه عن ايران و لبنان و لكن مهد له بمقدمة دينية تاريخية عن نشاة الشيعة و الحال ان ما طرحه عن الامام الحسن عليه السلام مما يشمئز منه القلب و يتحرج عن ذكره خاصة في سبب موته عليه السلام و كيف سمته زوجته.
    مقالات قيمة للاستاذ الشهابي و دولة البحرين تتميز بعقليات واعية يندر وجودها في الخليج
    السلام عليك يا ابا عبدالله

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    شكرا اخي المبجل بهبهاني على ملاحظتك القيمة ..

    ارسائل عاشوراء (6) المنبر الحسيني والتحديات


    يقول الكاتب الإسلامي ماجد كبه «أغلب الطبقات الاجتماعية الشيعية تربت على الحس المنبري الحسيني«. ثم يتساءل: ولكن كم تمثل نسبة من يعرف أسرار عاشوراء، وخفايا كربلاء؟ كم منهم من يستطيع أن يدرأ شبه بعض المضللين ويستشكل على اشكالات المنحرفين، فحتى جزء كبير من النخبة المثقفة من الشيعة فهي التي ازيحت من حيث لا تدري من تحت مظلة المنبر الحسيني بعد شعورها بالملل والضجر والسأم من بعض المواد المتداولة فيه،

    عندما شعروا بأن هذه المجالس لا تناسب ما يطمحون إليه عقليا ولا تفي بسد حاجاتهم العقيدية والثقافية والسياسية، فاُستفرِغ المنبر لأسباب كثيرة من الكوادر الطموحة ذات الرؤية المنفتحة والطموحة، وانتعشت من جديد بضاعة الاجترار التاريخي في المنبر الحسيني، والسؤال إلى متى سيستمر تغليب الجوانب الشكلية في مواسم عاشوراء على حساب قيم التضحية والفداء، والدعوة للإصلاح التي جسدتها نهضة الإمام الحسين، ومن يتحمل مسئولية التصدي والمعالجة لظاهرة الاستفراغ هذه؟ ومن سيقوم بسد منطقة الفراغ الراهنة؟ معظم خطبائنا هم غير مفكرين، وهذا ما لا عيب فيه، ولكن لمَ لا يكونون نقلة فكر، فالحمد لله تاريخنا يزخر بالأسماء اللامعة في مجال الفكر الإسلامي، وها هي مؤلفاتهم العملاقة في الشاردة والواردة منهل عذب لمن يرغب أن يرتوي، فما المانع أن يجشم بعض المنبريين من الخطباء أنفسهم ويقرأوا على سبيل المثال فكر مرتضى مطهري في ملحمته الحسينية الخالدة وأهم أطروحاته العاشورائية، وقدمها بأسلوب ينسجم مع كل المستويات المنبرية، ولمَ لا تدرج الحوزات العلمية في برامجها للخطباء مقررا كأضواء محمد الصدر وشذراته في تاريخ الثورة الحسينية ليستعينوا بها في تقويم مجالسهم؟ وإلا فإن الواقع المنبري اليوم أشد مرارة من كل مراحل تاريخه قياسا بالظروف السياسية والاجتماعية الراهنة وحجم التحديات التي تفرض نفسها علينا جميعا كمسلمين، بل وليس من المبالغة القول إن المنبر الحسيني كما يقول الكاتب الإسلامي ماجد كبه «يمر بانعطافة مزرية لا تغيظ الصديق إلا بقدر ما تفرح العدو«. المجتمع الإسلامي بحاجة إلى منبر نوعي لا كمي، وخطباء خواص لا عوام، وطليعة واعية لتتمكن من بث الوعي لا بلهاء غاية مبتغاها هو البكاء والعويل فقط. حتى الأمس القريب كانت الكثير من الأنظمة السياسية في مجتمعات إسلامية لم تألُ جهدا في محاربة القوى الإسلامية الجادة بكل ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، ومع ذلك لم تمنع من إقامة المجالس الحسينية في الحسينيات والمساجد والبيوت لأنها لا تشكل على الأنظمة السياسية الفاسدة أي خطر يذكر، ولم يكن غريبا أن تبادر بعض الأنظمة السياسية بمشاريع دعم لبعض المنابر الحسينية بهدف احتوائها وتوجيه خطابها الحسيني كأبواق دعائية تسخر للأنظمة، ونفس الشيء ينطبق على بعض منابر الجمعة، ولو قارنا بين الخطيب (الحسيني) وخطيب الجمعة لاكتشفنا في حالات كثيرة تطابقا في الدور والمهمة، فالخطيب (الحسيني) أصبح مهدئا للأعصاب، مستدررا للدموع، مستفرغا للكبت النفسي، مثيرا للعاطفة لا أكثر. والقليل من خطباء المنابر الحسينية من نراه مستشحذا للهمم، معبرا عن الإرادة الشعبية، مجاهرا بالمظلومية، مطالبا بالحقوق، مفعلا للوعي، مجسدا لقيم كربلاء، ورمزا للتضحية والفداء، كما هي مواقف الإمام الحسين (عليه السلام).

    اخبار الخليج 17 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    رسائل عاشوراء (7) موائد الإمام الحسين


    من المتغيرات في موسم عاشوراء خلال السنوات الاخيرة حجم الانفاق الكبير على الأطعمة، فقد تضخمت ظاهرة موائد الامام الحسين (عليه السلام) حتى أصبحت بانتشارها الواسع وتنوعها تنافس البرامج العاشورية من محاضرات ومجالس حسينية، ودخلت ضمن معايير تقويم نجاح الموسم ككل،

    وصارت تحرص معظم الحسينيات على تقديم الوجبات للحضور، وبات من المألوف ان يتجمهر الناس حول المصاطب التي يتطوع بعض الإخوة المؤمنين بتثبيتها خلال الموسم في التقاطعات التي تمر بها المواكب الحسينية، وفي الطرقات التي يسلكها جمهور المعزين، حيث يُقدم لهم وبالمجان كل أنواع الطعام بدءا من الشاي ويمتاز الإخوة الإيرانيون بتحضيره على الطريقة التقليدية فيخدّر على نار الفحم الهادئة، ويقدم في بعض المصاطب مع بعض السندويشات أو وجبات أخرى خفيفة، في حين تحرص الحسينيات وخاصة الكبيرة منها على تقديم وجبات طعام كاملة فور انتهاء مجالس العزاء التي تنعقد قبيل فترة الغذاء وطوال الفترة المسائية حيث تمتد إلى ما بعد منتصف الليل وخاصة في ليالي السابع والثامن والتاسع والعاشر من محرم الحرام، ومن الطبيعي جدا مشاهدة «كابينات« يجرى فيها إعداد وجبات سريعة كالسندويشات بأنواعها والشاورما، وهناك من يقدم الآيسكريم والعصائر المختلفة، ويتنافس الجميع كل على قدر استطاعته على التبرع بالمال أو اعداد وجبات الطعام طلبا للتبرك، ومن الظواهر اللافتة في المجتمع البحريني التي تؤكد التلاحم الفريد خلال موسم عاشوراء المشاركة الواسعة من قبل كل المواطنين سنة وشيعة في التبرع لموائد الامام الحسين (عليه السلام)، وكذلك في توزيعها وتناولها بنية التبرك، وهناك الكثير من عوائل الطائفتين الكريمتين سنة وشيعة من المواطنين والأجانب ممن يعتقدون باستجابة نذورهم التي تخصص لدعم موسم عاشوراء تقربا إلى الله تعالى، والغريب هو الغياب الكامل للمساهمة من قبل الشركات الأجنبية ومطاعم الوجبات السريعة التي تحقق أرباحاً خيالية من مبيعاتها للمواطنين. لاحظت في احدى حسينيات العاصمة وهي (حسينية السماكين) يجرى تقديم ثلاث وجبات رئيسة يوميا، واحدة في فترة الظهيرة، ووجبة عشاء بعد انتهاء المجلس الحسيني مباشرة، ووجبة عشاء أخرى تقدم بعد انتهاء محاضرة المفكر الاسلامي سماحة الشيخ محمد سند، ولا يقتصر تقديم الطعام في هذه الحسينية أو غيرها على الجمهور المتواجد خلال المحاضرة، أو على طائفة معينة دون غيرها، فكل من يصادف تواجده أو مروره اثناء تقديم الطعام يدعى لتناوله، وهناك بعض المتولين على إحدى الحسينيات يقومون بتوجيه دعوات خاصة لمجاملة بعض المسئولين والأصدقاء من علية القوم، طمعا في كسب ودهم لتناول وجبات غذاء على نظام البوفيه المعد من قبل فنادق الدرجة الأولى في أيام معينة خلال الموسم، والتمويل من ميزانية الحسينية، ورغم ان هذا التقليد متبع في مجتمعات أخرى وفي مناسبات مختلفة، الا ان الهدف منه هو تشجيع من توجه لهم الدعوة لدعم برامج المؤسسة التي تقوم باستضافتهم وبالذات ماليا، في حين لا يساهم المدعوون عندنا بتقديم أي شيء. الظاهرة المؤسفة التي لاحظناها خلال السنوات الأخيرة نتيجة التوسع المطرد لموائد الامام الحسين (عليه السلام) هي كثرة العلب البلاستيكية الفارغة في الطرقات التي يزدحم فيها الجمهور وتمر فيها المواكب الحسينية، واحياناً تتكدس بعض الفضلات مما ينتج عنها انتشار روائح كريهة لا تتناسب وقدسية المناسبة، ورغم ما تبذله المؤسسات الرسمية البلدية والجهات التطوعية من تنظيم لجمع القمامة إلا انها مازالت حتى العام الماضي على الأقل دون المستوى، والمطلوب مضاعفتها، ويمكن لتلافي هذه المشكلة التي تعكس صورة غير حضارية ان يساهم خطباء المنابر و(الرواديد) في المواكب الحسينية في توجيه الجمهور لقواعد النظافة العامة وعدم رمي الفضلات في الطرقات. وأخيراً يبدو أن المستفيدين من موائد الامام الحسين بالدرجة الأولى هم بعض اصحاب المطاعم والمطابخ الشعبية التي تجيد طهي البرياني والأنواع الأخرى المطلوبة في أيام العشرة، ويشهد بعضهم رواجا كبيرا خلال موسم عاشوراء، وكذلك بعض ربات البيوت والخدم حيث يتمتع اكثرهم بفترة استراحة خلال الموسم.

    اخبار الخليج 18 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    رسائل عاشوراء (8) (يا سيوف خذيني)


    شاء الله سبحانه وتعالى أن يبدأ الإمام الحسين (عليه السلام) حركته التصحيحية المباركة من البيت الحرام ليكمل مسيرة التضحية والفداء التي بدأها أبوالأنبياء ابراهيم الخليل (عليه السلام) حين استجاب لرؤياه المؤجلة بأن يذبح ابنه اسماعيل (عليهما السلام)، كما ورد في قوله تعالى:

    (لما بلغ معه السعي قال يا بني أني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)، ويمتثل ابراهيم لأمر ربه، وما ان يشرع عليه السلام في المهمة المقدسة ويضع حد السكين على عنق سيدنا إسماعيل حتى يأتيه الأمر المقدس بالتوقف وتنزل الآية الكريمة (وفديناه بذبح عظيم)، ويجتاز ابراهيم الخليل واسماعيل الذبيح الامتحان الرباني الرهيب بنجاح.. وتستمر مسيرة الأنبياء والأولياء والصالحين حتى يأتي الدور على الامام الحسين (عليه السلام) ليقدم نفسه الزكية فداء للدين وقربانا لكل قيم الفضيلة والحرية والكرامة، ولكن قبل ذلك كان عليه ان يجتاز الامتحان المهيب فيشهد مصرع اثنين وسبعين من أولاده واخوانه وأهل بيته وانصاره في مثل هذا اليوم العظيم العاشر من محرم الحرام لسنة 61 للهجرة النبوية الشريفة. في المشهد العاشوري المهيب هاهم أهل البيت عليهم السلام يتقاسمون المعاناة ويعتصرهم الألم، لقد اطبق فرعون العصر كماشته على معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) وضيق السبل ومنع الماء والطعام. ويطلق الامام الحسين (عليه السلام) نداءه الميداني الأول ليكمل الحجة على أعدائه: (يا شيعة آل ابي سفيان، إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا عربا كونوا احرارا في دنياكم). قالها صلوات الله وسلامه عليه وقد امتزجت بصوت بكاء الأطفال وعويل النساء لكثرة ما اصابهم من العطش والجوع، فأرسل كلماته لتلامس قلوب القوم قبل آذانهم، ولكن هيهات لقد ذهبت كلماته ادراج الرياح وعادت صدى إلى حيث انطلقت، لأنها ببساطة لم تجد قلوبا، بل وجدت حجارة صماء لها شكل قلوب. وما هي إلا لحظات حتى انهال وابل من السهام وسيل من الرماح وهتافات بالحياة للطاغية والموت للخارجين عن الطاعة والرافضين لبيعة الطاغوت. هكذا كان الجواب. ويقف ابوعبدالله بين اصحابه قائلا: انها رسل القوم اليكم، قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بد منه، ويتسابق الأنصار، وكل يستأذن الحسين قبل المبارزة، الاصحاب يريدون إثبات اخلاصهم، السابق منهم يوصي اللاحق بالموت دون الحسين واهله إلى ان قضوا جميعا رحمهم الله، الفارس تلو الفارس. ويأتي دور الاخوة، فكانت ملحمة ابي الفضل العباس يقتل الأعداء ببسالة، ويكشف الجيش عن نهر الفرات، يملأ القربة ويمنعه نبله وشهامته من تذوق الماء حتى يشرب أطفال الحسين واهله، يكمن له أحد الأعداء خلف نخلة، يقطعون يساره ويمينه ثم يحزون رأسه الشريف، ولا تصل إلى الحسين قطرة ماء. وترتفع الأصوات في الجيش الأموي: الله أكبر، الله أكبر، لقد قتلنا عباسا. (يفرح النمرود ويحزن ابراهيم.. يضحك معاوية ويبكي اسماعيل.. ويقهقه يزيد سكران فيما يتأوه الحسين عليه السلام). لقد قتل حامل اللواء، ولم يبق الا غلام يافع في مقتبل العمر وهو علي الأكبر ابن الحسين بي علي، وهذا هو الحسين يودعه في مشهد مؤثر.. عناق حميم ودموع ساخنة ولثم على الجبين والوجنات والعيون، وانين وحنين من النساء اشفاقا على الفارس الصغير مما سيلاقيه من ضربات السيوف وطعنات الرماح. لم تكد تمضي ساعة الا وعلي الأكبر مضرج بدمه، وينادي بخفيض صوته ابتاه ادركني.. ويقف على مصرعه الامام الحسين بكل ثبات وتسليم بقضاء الله وقدره يؤبنه يضمه ويقول (اللهم اشهد عليهم لقد قتلوا اشبه الناس خلقا واخلاقا بنبيك نبي الرحمة، ويضيف ابوعبدالله: لقد كنا كلما اشتقنا إلى رسولك نظرنا إلى علي الأكبر).

    اخبار الخليج 19 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    رسائل عاشوراء (9) (يا سيوف خذيني)


    وتستمر ملحمة العطاء والتضحية.. ها هي عقيلة الطالبيين زينب بنت علي وهي تحتضن القمر الصغير عبدالله الرضيع وهو يفطر القلوب ببكائه من شدة ما أصابة من العطش فقد جف حليب أمه، ها هي بطلة كربلاء تتقدم نحو اخيها الحسين وتخاطبه: اطلب لهذا الرضيع قليلا من الماء فقد غارت عيناه من شدة العطش، ولعل في هؤلاء القوم ضميرا أو بقايا ضمير.

    ضمه الامام الحسين (عليه السلام) إلى صدره وتوجه نحو الجيش الأموي ثم رفعه مناشدا القوم: خذوا هذا الطفل الرضيع واسقوه بأنفسكم إن كنتم تخافون ان تصل الينا قطرة من ماء، جعجع القوم واختلف الرأي بينهم، ولم يجد قائد الجيش الأموي عمر بن سعد بأفضل من حرملة المشهور بدقة تصويب السهام لحسم الخلاف.. شد حرملة القوس واطلق سهمه الغادر، وتسمر الامام الحسين (عليه السلام)، لقد شق السهم نحر الرضيع. وصاح عمر بن سعد في القوم: (اقتلوهم ولا تبقوا لأهل هذا البيت باقية). وقرأت زينب عليها السلام بصوتها المفجوع: (قل لا اسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، أهكذا تفعل بآل الرسول يا عمر بن سعد؟، والله لو قلبت ظهر الأرض على باطنها ما وجدتم آل قربى للرسول غيرنا. نادى الإمام الحسين (عليه السلام) من تبقى من أهل بيته: تأهبوا للوداع.. تأهبوا للوداع، انه الوداع الأخير، اليوم سيكتمل البناء، اليوم يوم الفداء، اليوم يوم ذبح الكبش من آل محمد يوم الذبح العظيم. قال تعالى: (وفديناه بذبح عظيم)، وهل أعظم منك ذبيحا يا سيدي يا أباعبدالله؟ ويعيد الحسين العظيم نداءه للمرة الأخيرة ليؤكد الحجة على عبدة الطاغوت وأعداء الله، هل من ناصر لله؟ هل من ناصر لجدي رسول الله؟ هل من ناصر ينصرني؟ نداء شق الأسماع والفضاء وصعد إلى عنان السماء، نداء ايقظ آدم ونوحا ليشهدوا ملحمة الفداء، ملحمة مصاب محمد وعلي وملحمة وارث الانبياء، نداء مازال يجلجل عبر التاريخ، ويثير كل الضمائر الحية، أما من ناصر؟

    ان كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني فإذا كان للحب والعطاء والثبات والتضحية قمة فموقفك يا سيدي في يوم عاشوراء كان ذروة القمة، وإذا كان للفداء العظيم نموذج يحتذى فأنت النموذج يا سيدي، وإذا كان للفروسية مثال فأنت المثال، وإذا كان للأحرار قدوة فمن غيرك يا أبا الأحرار؟ انتحى الرجل بنفسه جانبا لبرهة كي يلتقط أنفاسه سلام الله عليه. فأتاه حجر من ابوالفتوح ليشق جبهته، وتلاه السهم المثلث المسموم ليخترق قلبه المتعب، وليسقط بعدها الإمام الحسين (عليه السلام) صريعا على بوغاء كربلاء. تقدم إلى مصرعه الشريف عدد من الأعداء ليحتزوا رأسه الشريف، ولكنهم كانوا سرعان ما يترددون هيبة ورهبة ويصابون بالرجفة كلما رمقهم الإمام الحسين، حتى تقدم الشمر ابن ذي الجوشن وجمع كل قواه الشيطانية، وقلب الجسد الشريف وأعمل السكين فأخذت تشق طريقها بين اوداج سبط النبي المصطفى انه الذبح العظيم وهو الفداء والقربان ليكتمل حج الإمام الحسين (عليه السلام) بأشواطه السبعة: شوط القرار، شوط المواجهة، شوط الثبات والاصرار، شوط العطش والجوع، شوط التضحية بالأهل والأنصار، شوط التضحية بكل مباهج الحياة، وأخيراً شوط التضحية بالنفس، والجود بالنفس اقصى غاية الجود. يقول الشاعر:

    فالسلام عليك يا أبا عبدالله يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.

    اخبار الخليج 20 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    رسائل عاشوراء (10-10) «وجهاء« صعاليك وأرقام قياسية


    هذه بعض ملاحظات عابرة حول موسم عاشوراء الذي ودعناه بالأمس بكل ايجابياته وبعض سلبياته، ولست هنا في وارد التقييم للموسم بشكل عام وأداء المؤسسة الدينية خلاله بكل مفرداتها ورموزها، وذلك ما يتطلب عمليات استقصاء واسعة للبرامج العاشورية وتحليلا لمعطياتها كنتائج مباشرة تترك أثرها الكبير في واقعنا الاجتماعي والسياسي ايضا بما يشكل جهداً كبيراً ومسئولية يفترض ان تنهض بها المؤسسات المعنية بالأمر كالمجلس العلمائي والجمعيات الدينية وغيرها من الجهات ذات العلاقة المباشرة بإحياء الموسم.

    وتأسيسا على هذا، سيكون من المفيد جدا الخروج بدراسة عميقة ومستفيضة، ومؤسسة على معايير علمية دقيقة ترصد تفاصيل الموسم العاشوري في جوانبه المختلفة، وتكشف مدى التقدم وحجم الايجابيات التي حققها الموسم نحو اهدافه الرسالية، ومن جانب آخر فمن الأهمية بمكان تسليط الضوء على جوانب الخلل والتقصير او السلبيات املا في تلافيها او التقليل منها في الأعوام القادمة، قلت سيكون الخروج بدراسة من هذا النوع او ربما أكثر من دراسة واحدة اذا لقيت هذه الدعوة آذانا صاغية من المعنيين بالأمر علامة فارقة ومؤشر تقدم في اداء التيار الاسلامي بصفة عامة وفي المقدمة منه أصحاب السماحة العلماء بصفة خاصة. 1- كي لا يكون احياء مناسبة عاشوراء جعجعة بلا طحين، سيشكل الاهتمام بقضية المراجعة والتحليل والتوثيق لفعاليات الموسم دليلا على ان هناك ادراكا لضرورة التصدي وتوجها فعليا لمغادرة الأساليب الخطابية التقليدية وطرح الشعارات التي تعتمد على استثمار المزاج الشعبي فقط، والتحول الى التعامل الجاد باعتماد الوسائل العلمية واستثمار الامكانيات الفكرية والبشرية والمادية الضخمة المتاحة في موسم عاشوراء وغيره من المناسبات والمواسم الدينية، وفي هذا السياق لابد من التذكير بأن القدرات الشخصية مهما عظمت لا يمكن ان تغني لا على المدى الراهن ولا على المدى المنظور فضلا عن المدى الاستراتيجي عن العمل المؤسسي المنظم، ويكفي ان نتصور كيف يمكن ان يكون المشهد العاشوري في حال لا قدر الله غياب بعض الشخصيات الكبيرة الفاعلة عن مسرح الاحداث لأي سبب كان، مع ملاحظة ان حجم التحديات التي تواجه التيار الاسلامي والأخطار التي تحدق به تزداد كل عام، وكذلك ثقل المسئولية يتعاظم باطراد. 2- من المفارقات اللافتة في موسم عاشوراء 2005م النجاح الكبير الذي حققته حملة التبرع بالدم التي نهض بمسئوليتها صندوق النعيم الخيري، فقد تبرع المواطنون بكل الدماء التي يحتاج إليها بنك الدم المركزي، ومنها ما نسبته 30% من الفصائل النادرة، حيث تجاوز عدد المتقدمين للتبرع بالدم اكثر من ألف شخص ناهيك عن عدد كبير ممن وصلوا بعد الساعة التاسعة فاعتذر لهم القائمون على الحملة بسبب شدة الانهاك الذي تعرضوا له، وفي هذا السياق كان من المؤسف جدا ان يقتصر الدعم الرسمي من قبل وزارة الصحة على توفير جانب من مركز النعيم الصحي وبعض المعدات وعدد قليل جدا من الموظفين لم تتعد نسبتهم 25% من الكادر الذي قام بالعمل، والمعنى المهم الذي يعبر عنه النجاح الكبير لهذه الحملة هو قدرة المؤسسات الأهلية - بإمكانياتها المتواضعة - على تحقيق اهداف كبيرة تعجز عنها المؤسسات الرسمية رغم ضخامة إمكانياتها. 3- رغم النجاح المنقطع النظير الذي حققته حملة التبرع بالدم كبديل حضاري عن ممارسة التطبير فمازالت التقديرات لعدد المشاركين في هذه الممارسة الدموية المثيرة للجدل كبيرا ويبعث على مزيد من القلق، وخاصة لجهة خلفية بعض فئات المشاركين، مما يضع على كاهل المتصدين لقيادة المؤسسة الدينية مسئولية مضاعفة للعمل الجاد والمبكر لترشيد هذه الممارسة التي يتفق الجميع على أنها سبب في توهين الدين، وليس الاكتفاء بإصدار النشرات أو ابداء الرأي في الوقت الضائع. 4- من اللافت خلال موسم عاشوراء الماضي تضخم ظاهرة من يمكن توصيفهم بـ : «الوجهاء« الصعاليك، فقد شهدت المناسبة بروزاً قوياً لبعض الزعامات التي تقتات على دماء الامام الحسين (عليه السلام) من خلال هيمنتهم على بعض الحسينيات وتوظيف علاقاتهم ببعض المؤسسات للاستيلاء على تبرعات ومساعدات مخصصة للموسم والتلاعب بها لتشجيع ممارسة التطبير او مخادعة الجمهور لكسب بعض الشعبية والنفوذ بين أوساط البسطاء بتوزيع بعض الطعام في مناطق معينة، فقد كان منظر بعض النساء والأطفال مثيرا للشفقة وللضحك في نفس الوقت وهم يزدحمون امام بيت احدهم في منطقة جدعلي بانتظار وصول (عيش الحسين) وقديما قيل شر البلية ما يضحك. 5- كان جميلا جدا ان تدخل البحرين سجل جينيس للأرقام القياسية في مناسبة عاشوراء من خلال لوحة (لبيك يا حسين) وهي مشروع لأكبر لوحة تعبر عن موقف التضامن مع قضية الامام الحسين (عليه السلام)، وكذلك مشروع اكبر شمعة حيث بلغ طولها 73 مترا، وقد اضيئت ليلة العاشر من المحرم، ولكن ما يخشاه الكثيرون هو ان تأتي هذه المبادرات القياسية كرد فعل غير مباشر لما يستشعره الكثيرون ايضا من تراجع في الجوانب الأساسية وقصور في مقاربة الأهداف الرسالية المتوخاة من احياء موسم عاشوراء العظيم او على حسابها.

    اخبار الخليج 21 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    الانتصار الأكبر لسبط الرسول العظيم

    سلمان الحايكي

    لم تعد ثقافة الإمام الشهيد الحسين (عليه السلام) تراوح مكانها كما كانت قبل عشرات السنين في بلادنا بالذات.. فهي ثقافة لم تنقطع جذورها وديناميكيتها منذ ان قرر الإمام الشهيد الخروج بهدف الاصلاح في أمة جده حتى يومنا الحاضر هذا.

    صحيح ان هذه الثقافة كانت قبل ربع قرن متقوقعة في العشر الأوائل من شهر محرم الحرام من كل عام وتمارس كعقيدة دينية راسخة فقط.. رغم ذلك فإنها اوجدت لنفسها مساحات زرعت في كل مساحة نبتة خضراء سرعان ما اثمرت وتنوعت ثمراتها وصارت بساتين حسينية تنعم بظلالها الأمة الاسلامية. إن السرد التاريخي لقضية الإمام الشهيد تبدو في وقتنا الحاضر كسرد الروايات الابتدائية للأجيال الناشئة.. ولا ضير في ذلك إذا كان الجيل الحالي يحتاج إليها لكن الواقع اليوم اختلف اختلافا جذريا فقلما تجد طفلا مسلما لم يتعرف بعد إلى قضية تاريخية جليلة في مستوى قضية الإمام الشهيد سبط الرسول الاعظم.. ففي بيت كل مسلم تجد اسم الحسين لامعا متلألئا فهو يمثل قمة وصدق الشهادة المرتبطة بالإصلاح الجذري الإداري والسياسي والفكري. هذا الجيل الناشىء يعيش اليوم مرحلة جديدة منحته قضية الإمام الشهيد استشرافا واسعا للمستقبل فهو يربط خروج الحسين بالمناهج التحديثية الآنية.. فالإمام خرج للإصلاح والأنظمة السياسية تستلهم هذه المبادىء الحسينية لأن المجتمعات البشرية مهما ازدادت وعيا وإدراكا بالنظم والقوانين لا تخلو من المفسدين الذين يستغلون الثغرات لتقويض المجتمعات للحفاظ على مكاسبهم اللاشرعية. إن الحسين في المنظور العلمي الحديث أو الايديولوجيات المعاصرة لا يقارن بأي رجل يحمل فكرا سياسيا قياديا كما كان يتصف به الإمام الشهيد.. فالظروف التي احاطت بالإمام من قلة الانصار إلى قلة العتاد إلى العهود والمواثيق الكاذبة والخداع والظلم والاستهتار بالرسالة المحمدية وتغليب المصالح الذاتية والجشع وحب الدنيا والانغماس في الشهوات المادية والجسدية، كل تلك العوامل مجتمعة فضلا عن ادراكه الفطري وحسب تعليمات جده العظيم ان الأمة ستغدر به وتهشم جسده في يوم كذا ووقت كذا تجعل الإمام قوي الإرادة في المضي قدما لترسيخ عملية الاصلاح دون ان تشترط هذه الحركة السيطرة على الحكم كما أشاعها بعض الروايات التاريخية الموضوعة. كان بإمكان الإمام الشهيد قراءة الواقع السياسي الذي يعيشه حينذاك.. كما قرأه الإمام الحسن عليه السلام.. لكنه كان يعلم أن ظرف صلح اخيه يختلف جذريا عن ظرفه وما آل إليه ذلك الظرف التاريخي عندما حنث معاوية بكل الشروط ووضعها تحت قدميه والاسقاطات التي تلت فيما بعد.. لذلك آثر الإمام الشهيد ان يمضي في طريقه وهو يعلم مصيره المحتوم. لابد هنا ان ندرس نقطة هامة هي ان الإمام الحسين لا يمكنه ان يخالف التسلسل المنطقي للإمامة كما هي متواترة في السنة النبوية الشريفة واحاديثه الكريمة كما تؤكد بعضها ام سلمة زوج الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكما اشار إليها خاتم الأوصياء الإمام علي عليه السلام بأن سبط رسول الله سوف يقتل ها هنا على ارض تسمى كربلاء.. كل ذلك جعل طريق الإمام الشهيد ممهدا كي يقدم نفسه قربانا لنصرة الدين وهو يعلم الفارق العددي بين سيوف الأعداء وسيوف الأنصار.. والكثرة في السياسة تغلب القلة في السياسة ايضا.. ولا دخل للشجاعة في منطق الحرب إلا إذا كانت سيفا بسيف كما طلب ذلك الإمام علي في موقعة صفين وقال عمرو بن العاص يومها لمعاوية قد انصفك الرجل.. لكن معاوية رفض رفضا باتا لأنه يعرف قلب علي وشجاعته! ليس الإلمام بحركة التصحيح الحسينية يكفي لبناء مجتمع عادل وسليم.. وقد مضى على هذه الحركة الثورية قرون ومع كل عام تتجدد المسيرة لكن الإلمام يقتضي الإيمان بأهداف هذه الحركة، ولا شك ان علماء الدين المسلمين مازالوا يبذلون الطاقات ونجحوا في عدة مسائل وقربوا الكثير من وجهات النظر في السنوات القليلة الماضية بعد ان تعصرنت حركة الإمام الشهيد واتسعت هيبتها ونُقيت من الشوائب القديمة الكلاسيكية واعادوا فتح ملفاتها بأساليب الترغيب لا الترهيب ويوم ان كانت مادة علمية لا يمكن التفكير فيها صارت اليوم مادة شائقة تستوعب النقد النظري من الاتجاهات كافة.. بمعنى ان المسلمين في الشرق والغرب يمكنهم إعادة صياغتها بما يتلاءم وينسجم مع عصر التصحيح السياسي في المجتمعات البشرية الحديثة وهو اكبر انتصار إنساني لسبط الرسول العظيم للتاريخ الكوني الشامل.

    اخبار الخليج 18 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    البكاء بين يدي الإمام

    السيد زهره
    ثورة الحسين بن علي في كربلاء ليست شأنا شيعيا وحسب، ولا هي حتى شأن إسلامي عام فقط، وانما هي ثورة إنسانية عامة تخص البشرية بأسرها. بمعنى ادق، هي ثورة تمثل مصدر الهام متجدد جيلا بعد جيل لكل شعوب العالم في اي مكان وايا كانت دياناتها.

    هكذا تعلمنا، وهكذنا قرأنا في كل ما كتبه عن الامام الحسين وثورته عرب ومسلمون واجانب. لماذا؟.. لماذا احتلت ثورة الحسين هذه المكانة في تاريخ البشرية؟. الجواب يعلمه الجميع ونستعيده دوما في الخطب والكتابات كلما اتى ذكر الحسين.. لأن الامام الحسين حين خرج الى كربلاء في نفر قليل من صحبه، وسالت دماؤهم الطاهرة على ارضها، لم يخرج قائدا لحركة تمرد باحثا عن سلطة، كان هو الاجدر بها.. بل ، ولم يخرج كي يحقق نصرا عسكريا، فقد كان الامام هو اعلم الناس باختلال ميزان القوى بالمعنى العددي والتسليحي بين معسكره، معسكر الحق، ومعسكر الطغيان والظلم. الامام خرج الى كربلاء كي يرسي مبادئ عامة هادية ليس للمسلمين وحدهم، وانما لكل البشرية... مبادئ عامة هادية للبشر حين يتعلق الامر بظلم تفشى، وطغيان تجبر، وحين يتعلق الامر بصراع بين الحق والباطل، وبين العدل والطغيان. وهذا بالضبط هو الذي اعطى لثورة الحسين طابعها الانساني العام وجعل منها مصدر الهام متجدد. والمبادئ الانسانية العامة التي ارستها ثورة الحسين معروفة للكل، ونستعيدها ايضا في كل مناسبة نذكر فيها الامام. اولها، ان رفض الظلم والطغيان والباطل هو واجب على كل انسان في مطلق الظروف والاحوال. وثانيها، ان الدفاع عن الحق والعدل، والجهاد في مواجهة الباطل والظلم هو واجب على كل انسان في مطلق الظروف والاحوال ايضا، وايا كانت موازين القوى، ومهما امتلك الباطل من اساليب قوة وبطش. وثالثها، ان الانسان حين يرفض الظلم ويجاهد دفاعا عن الحق، فانه ينبغي ان يفعل ذلك دفاعا عن مبدأ وعن قيم اسلامية وانسانية اساسية عامة لا يجوز التفريط فيها او التخلي عنها ، لا أن يفعل ذلك جريا وراء مصلحة شخصية او اطماع دنيا او بحثا عن سيطرة وحكم وسلطة وسلطان. لهذا قال الامام انه انما خرج طلبا للإصلاح في امة جده. ولم يقل انه خرج طلبا لحكم او سلطة وسلطان. والذي فهمناه دوما اننا حين نبكي الحسين وصحبه في كل عام حين تحل ذكرى كربلاء، لا نبكي سلطة ضاعت ولا سلطانا لم يتحقق، وانما نبكي شهداء سقطوا دفاعا عن حق وعن انبل القيم في مواجهة الظلم والباطل.. نبكي رجالا ونساء من اشرف الخلق وانبل الخلق، كان ينبغي ان ينصرهم الجميع، لكنهم تعرضوا للخذلان. هذه هي مبادئ الحسين التي تربينا عليها.. وهذه هي ثورة الحسين كما فهمناها وفهمها العالم دوما.. وهذا هو مغزى استعادة ثورة كربلاء في كل عام. اليوم، في عامنا هذا بالذات، حين يتأمل المرء مبادئ الحسين ومعنى ودروس ثورته على هذا النحو، ويتأمل الحال الذي وصلت اليه الامة العربية والاسلامية، وعلى وجه الخصوص ما يجري في العراق الرازح تحت الاحتلال، يجد المرء نفسه حائرا اشد ما تكون الحيرة.. يحاول ان يفهم ، فيعجز.. ويسأل، فلا يجد جوابا. .. هؤلاء الذين ايدوا احتلالا امريكيا همجيا غاشما للعراق وقدموا له التبريرات والذرائع.. هؤلاء الذين لم يحرك لهم ساكنا ابادة مدن وافظع صور التعذيب وانتهاك الكرامة الانسانية في المعتقلات ونهب الثروات والاقوات، بل واعتبروا كل هذا «تحريرا«.. هؤلاء الذين لم يترددوا في اعتبار رفض هذا الطغيان والقهر ومقاومته ليس الا «ارهابا«.. هؤلاء الذين لم يجدوا بأسا في التحالف مع المحتل الغاصب والمطالبة ببقائه لا لشئ الا على امل الوصول الى الحكم والسلطة.. هؤلاء، هل يحق لهم ان يعتبروا ثورة الحسين مرجعية لهم؟.. هل يحق لهم ان يزعموا استلهام المبادئ والقيم التي ارساها الامام بثورته وبدمائه الطاهرة لكل البشرية؟. اليوم في ذكرى كربلاء ، يجد المرء نفسه حزينا باكيا بين يدي الامام. .. يا امام.. ياسيد الشهداء، قل لنا.. ان كان الباطل قد اصبح حقا لدى البعض منا.. وان كان الظلم والقهر والبطش والعدوان قد اصبح «حرية«.. وان كانت مقارعة هذا الاجرام ومقاومته قد اصبح رذيلة.. وان كان وضع اليد بيد المحتل الغاصب الهمجي قد اصبح سياسة حكيمة.. فما الذي تعلمناه اذن من ثورتك يا امام؟.. ما الذي ابقيناه لنا وللبشرية من مبادئك وقيمك يا امام؟. .. يا امام.. ياشهيد البشرية كلها، علمنا.. كيف يمكن ان نسترد ثورتك ونستعيد مبادئك؟.. كيف يمكن ان نوفي دينا في اعناقنا لدمائك الطاهرة ودماء كل الشهداء التي سالت على ارض كربلاء؟.

    اخبار الخليج 19 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    ثورة المبادئ تتجدد

    عبد الله الأيوبي
    لم تكن ثورة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام مجرد حركة احتجاج سياسي على تولي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان مقاليد الحكم بعد وفاة والده معاوية، فالحسين لم يقم بهذه الثورة من أجل كرسي الملك،

    وإنما من أجل مبادئ كبيرة ورثها عن جده وأبيه في قمتها العدالة الإنسانية لذلك بقيت ذكرى الحسين حية في قلوب المسلمين وغير المسلمين الذين قرأوا ثورته بمنظار إنساني مجرد من كل الانتماءات السياسية، لهذا ليس غريبا أن يقول الكاتب الإنجليزي المعروف جارلس ديكنز عن ذلك «لو كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذاً فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام«، أي أن الإمام بن الإمام خرج دفاعا عن المبادئ التي تربى عليها في بيت بني هاشم. لقد شكلت ثورة الحسين بالنسبة إلى يزيد بن معاوية حدثا خطيرا يهدد أركان حكمه على المدى البعيد من حيث أن مبادئها تعني السواد الأعظم من أبناء الدولة الإسلامية، أي أبناء الطبقة المسحوقة التي هي الإفراز الطبيعي لاتساع نفوذ وثروة الطبقات الحاكمة التي كان يزيد خير ممثل لها، فهذه الثورة تنتمي لهذا السواد وبالتالي فإن المبادئ التي قامت من أجل الدفاع عنها ستكون باستمرار المحرك القوي لهذه الطبقات، بغض النظر عن النتيجة التي آلت إليها معركة كربلاء. فالمنطق العسكري يقول باختلال موازين القوى بين الفريقين المتقابلين على ضفتي الفرات في المنطقة المعروفة الآن بكربلاء، وأن القادة العسكريين ليزيد يعرفون هذا الاختلال خير معرفة ويدركون أن نتيجة المعركة عسكريا هي لصالحهم، مهما أبدى الإمام الحسين وأنصاره من مقاومة، وهي كانت بالفعل مقاومة بطولية، ومع ذلك لم يكتف القادة العسكريون للخليفة الأموي بتحقيق النصر العسكري بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك حين مارسوا تمثيلا شنيعا بالضحايا بما في ذلك الأطفال والنساء الذين لم يسلموا من سطوة ونشوة «النصر« الذي تحقق ليزيد في تلك المعركة غير المتكافئة عسكريا. كان يزيد بن معاوية يدرك أن لثورة الحسين أبعادا سوف تتخطى نتائجها ما سوف تسفر عنه هذه المجابهة العسكرية في منطقة كربلاء لذلك أعطى أوامر واضحة وصريحة لقادة جيوشه بممارسة كافة أشكال البطش والتنكيل والقتل بخصومه بهدف توجيه رسالة إلى من سيفكر بعد الحسين في السير على نهج الإمام، أي في المعارضة العلنية والمسلحة للحكم الأموي الذي أرساه والده معاوية معلنا ميلاد دولة جديدة خارج المركز الإسلامي الرئيسي، أي شبه الجزيرة العربية، التي بالفعل بقيت مركزا رغم نقل الإمام علي بن أبي طالب دار الخلافة إلى مدينة الكوفة في العراق. مثل هذه الرسائل ليست سياسة ثابتة ومعروفة على مدى الأزمان يسلكها القادة الطغاة كلما اشتدت مقاومة خصومهم وخرجوا على سياستهم، فالبطش والتنكيل بالخصوم هدفه توجيه رسائل إلى الحاليين منهم ومن سيخلفهم في حمل أفكارهم ومبادئهم، فيزيد سار على نهج والده في مقاومة محاولات ثنيه عن تثبيت ركائز الدولة الأموية، لكن هذا الأخير كان يتصف بالحنكة السياسية التي جعلته يتحاشى الصدامات الوحشية مع خصومه، إنها رسائل الطغاة والديكتاتوريين المتجددة في كل العصور والأزمان. فلو كانت ثورة الحسين من أجل الحكم فقط، لكانت قد انتهت بانتصار يزيد بن معاوية في معركة كربلاء، لكنها كانت ثورة مبادئ إنسانية ستبقى محركا تاريخيا للشعوب التي تعيش ضحية القمع السياسي والاستغلال المادي، فمثل هذه المبادئ باقية متى ما بقي هذا الاستغلال ومتى ما كان هناك حكام ديكتاتوريون يبطشون بشعوبهم وينكلون بخصومهم، فلم يشهد التاريخ البشري ثورة شعبية إلا وكانت العدالة هي المطلب الذي يتصدرها، وبالتالي فإن مبادئ الحسين التي هي ثورة العدالة والمساواة، سوف تبقى كتابا مفتوحا لكل من يعيش وطأة العذاب والحرمان وتسلط الديكتاتوريين.

    اخبار الخليج 19 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    ثورة الحسين.. مبادىء وأهداف

    حسن العطار
    لكل ثورة جذور في نظام ومؤسسات المجتمع الذي اندلعت فيه، ولكل ثورة ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية معينة، ومن ثم نتائج سياسية وفكرية وآثار مادية ومعنوية. في هذا السياق جاءت ثورة الإمام الحسين «عليه السلام« صورة حية من واقع تاريخ الصراع الإنساني ككل، كما هي صورة من صور الحسم في ميادين المواجهة المتواصلة بين جبهة الحق والعدل وجبهة الباطل والظلم وكل أشكال التعسف والعدوان.

    يقول الحسين: «واني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين«. يعتبر هذا البيان الساطع للإمام الحسين بمثابة أساس الدوافع وخلاصة الأهداف النبيلة لما خط من أجلها مسيرته الثورية التي انطلق بها من المدينة المنورة الى كربلاء. وكان الإصلاح الشامل هو هدف الثورة الأسمى لتحقيق ما يلي: 1 ــ وقف وإنهاء الظلم ومصادرة الحريات. 2 ــ رفع الاضطهاد وممارسات التجويع والحرمان. 3 ــ وقف عملية اختلاس المال العام والتلاعب بالاقتصاد وخيرات الأمة. 4 ــ القضاء على مؤامرة تحريف الدين. وقد بقي الحسين ملتزما بهدف الإصلاح الشامل، عسى أن يتدارك الله به أمة جده محمد «صلى الله عليه وآله وسلم« فينقذها من مهاوي الضلال والاستعباد. هذه النبرة النضالية لدى الحسين كان من شأنها ان تعلو بالفكر الإنساني إلى مستوى الإحساس وصحوة الضمير بعد ذلك التخدير السياسي الذي استولى على الشعور والوعي، وقد كان الحسين هو المؤهل الوحيد لهذه المهمة الصعبة عقيدة ورجولة. يقول الفيلسوف الألماني «ماربين« في كتابه «السياسة الإسلامية«: «لم يذكر لنا التاريخ رجلاً ألقى بنفسه وأهله وأبنائه وأحب الناس إليه في مهاوي الهلاك، إحياء لدولة سلبت منه، إلا الحسين، ذلك الرجل الكبير الذي عرف كيف يزلزل ملك الأمويين الواسع ويقلقل أركان سلطتهم«. كان المبدأ الإنساني لثورة الحسين كونها نبهت المشاعر الإنسانية الى ضرورة تغيير الواقع المدمر لحريتها وتراثها وحضارتها، ودفعت بالعاملين من أجل التحرر الإنساني شوطا بعيدا في مسار الوعي الذاتي لإنقاذ البشرية من الظلم والطغيان. هذا العنصر الفاعل يدعو الى الاعتقاد الجازم بأن الثورة قد حققت نصراً شمولياً للجنس البشري تغذيه روح النضال والتضحية والعزم على الإخلاص، ويبتعد به عن روح الهزيمة التي ظلت مسيطرة على كيانه ووجوده. من هذا المنظور، تكون ثورة الحسين قد حافظت على مبادئها وحققت أهدافها، وظلت شعلة متوهجة تنير الطريق للأحرار في العالم ما بقي الدهر.

    اخبار الخليج 19 - 2 - 2005
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني