رسائل عاشوراء (1)
رغم ان المؤشرات السياسية في الوضع العراقي تشي بأحداث كثيرة متسارعة وتطورات دراماتيكية هامة، ومن بينها ما يتردد من معلومات من مصادر أمريكية وتحليلات من داخل العراق تعكس قلقا كبيرا عند بعض التيارات العراقية التي أيدت بكل قوة وحشدت بكل كثافة لانتخابات المجلس الوطني الأخيرة لاحتمال وقوعها في فخ التصديق بوعود الاحتلال بإقامة نظام سياسي ديمقراطي يضمن للعراقيين حريتهم،
وهذا ما توقعناه وحذرنا بعض الاخوة العراقيين من خطر الوقوع في دسائسه، وقد يكون تأجيل اعلان نتائج الانتخابات الذي كان مقررا له يوم أمس الخميس واجابات وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد في مقابلته مع شبكة N.B.C الأمريكية مساء الأحد الماضي 6 فبراير التي تميزت بمنتهى الصراحة والوضوح فيما يتعلق بشروط النظام العراقي الذي تسعى الادارة الأمريكية لإقامته ودعمه، وهي بمنتهى البساطة لا تخرج عن كونها إملاءات أمريكية، ولا تشكل مفاجأة إلا لمن يريد ان يغض نظره عن الدوافع الحقيقية للاحتلال وطبيعته العدوانية ويريد ان يجافي المنطق السياسي في أبسط صوره، قلت، قد تكون المؤشرات السابقة ليست إلا البداية ليكتشف بعض إخوتنا الأعزاء في العراق ان الموقف السياسي لا يمكن ان يبنى على التمنيات أو افتراض حسن النية في الطرف الآخر، وكان بودي في الحقيقة الاستمرار في تناول التطورات في المسألة العراقية لولا تزاحم ذلك مع ضرورة الحديث حول موسم عاشوراء الذي داهمنا بسرعة وتزامنت بداية السنة الهجرية هذا العام مع أول أيام عام الديك حسب التقويم الشمسي الصيني في التاسع من فبراير، والشيء المشترك الوحيد في هذه المصادفة هو كثرة الزيجات وحالات الاقتران بين الجنسين التي يرتفع معدلها بشكل كبير بين المسلمين الشيعة في كل عام قبل حلول موسم الأحزان الذي يبدأ بأيام عاشوراء، وذروتها يوم العاشر من المحرم حيث ذكرى استشهاد الامام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) في موقعة تاريخية مشرفة ودموية بليغة حدثت في العام 61 للهجرة النبوية الشريفة، ويمتد موسم الأحزان حتى الثامن والعشرين من شهر صفر وهو ذكرى وفاة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وخيار صحابته وسلم)، وبين هذين التاريخين من كل عام يحجم المسلمون الشيعة عن ابداء مظاهر الفرح ومنها التزاوج احتراما لموسم الأحزان، وليس باعتباره عملا محرما، ولذلك فهم يبادرون لاستكمال هذا النوع من مناسبات الفرح قبل الموسم، كما فعل الصينيون هذا العام فقط، ولكن هروبا مما يعتقدونه وفقا لأساطيرهم نذير شؤم للمتزوجين رغم أنه (عام الحظ السعيد) بشكل عام، ويطلقون عليه (عام الديك). المفارقة الجميلة ان الكثيرات من النساء يبادرن لعمليات تحسين مظهرهن قبل حلول الموسم تحسبا لشهرين هما محرم وصفر جرى العرف بعدم ممارسة أي نوع من التجميل خلالهما، وهكذا تشهد صالونات التجميل رواجا كبيرا قبل حلول الموسم، وكأن الجميع يستعد لمناسبة مميزة. وفي هذه المناسبة المجيدة بحلول ذكرى الهجرة النبوية الشريفة نتوجه للجميع بالتهنئة، ونقدم التعازي للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وخيار صحابته وسلم) وأهل بيته الأطهار وكل المسلمين لمناسبة ذكرى استشهاد الامام الحسين (عليه السلام)، متمنين على جميع المؤمنين أن يعكسوا في احتفائهم بهذه الذكرى العظيمة المستوى الروحي والمنهج الفكري الذي أسسه صاحب المناسبة بعطائه اللا محدود، حيث ضحى بالأهل والنفس والنفيس طلبا لرضا الرب، وهو القائل: وهل بعد ذلك من تضحية؟.. أجل.. هذه أخته السيدة زينب (عليها السلام)، ورفيقته في الدرب وهي تقف بكل شموخ وإباء عند مصرعه الشريف، وهو جسد بلا رأس بعد أن احتز الخبيث شمر بن ذي الجوشن رأسه الكريم ليحظى بجائزة الطاغية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، أجل ها هي السيدة زينب (عليها السلام) تنحني في مشهد مهيب وتضع كلتا يديها الطاهرتين لترفع الجثمان الشريف وترمق السماء بعيون دامعة مخاطبة الجليل في عليائه: (اللهم تقبل منا هذا القربان، إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى).
اخبار الخليج 12 - 2 - 2005