يبدو أن الحبال كثيرة جداً في العمارة.... لهذا كما يقول هذا التقرير في صحيفة المنتدى أن
شباب ميسان يحجمون عن الزواج
ميسان / محمد الحمراني
الكثير من الشباب يتأخرون عن الزواج في محافظة ميسان لأسباب مجهولة.. علماً بأن أبناء هذه المدينة وفي السنوات الماضية كانوا الأكثر نسبة في الزواج المبكر بسبب جذورهم الريفية التي تشجع على كثرة الأولاد وكثرة الزيجات، ولأنهم يعدون المرأة يداً عاملة ترتقي بالوضع الاقتصادي للعائلة. وسجلت آخر إحصائية في محكمة بداءة العمارة زواج أكثر من (300) شاب تتراوح أعمارهم بين 30 إلى 40 عاماً ولكن لماذا تأخر هؤلاء الشباب عن الزواج هذا ما حاولنا التعرف عليه هنا.
حديث متناقض
أحمد ماجد من مواليد 1966 تحدث لنا عن سبب تأخره عن الزواج قائلاً: لقد أمضيت أكثر من عشرة أعوام في إيران بسبب هربي بعد انتفاضة عام 1991 واعتقال الكثير من اصدقائي. وفي إيران عزلنا في أحياء خاصة بالمهجرين العراقيين ولم يسمح لنا بالعمل في المدن الإيرانية خاصة في الدوائر الحكومية ولم يكن بمقدوري توفير وضع معيشي جيد مما جعلني أرفض فكرة الزواج لأنها ستحملني أعباء جديدة غير أعباء الغربة وبعد سقوط النظام السابق بأسابيع عدنا إلى أرض الوطن وحين عرف الأهل والأقارب بأنني مازلت غير متزوج زوجوني بفتاة من أقربائي، وأنا سعيد معها وأضاف: لولا ظروفي الصعبة التي عشتها لتزوجت قبل هذه الفترة لأن في الزواج استقراراً نفسياً وعاطفياً. مواطن آخر اسمه (فؤاد أحمد) وهو من تولد عام 1968 قال بخصوص هذا الموضوع: كنت أرغب في الزواج قبل هذه الفترة ولكن العوز المادي جعلني أصرف النظر عن الموضوع... فأنا عاطل عن العمل منذ سنوات وتعتمد عائلتي على راتب والدي التقاعدي وكان لا يكفي حتى لمعيشتي وأضاف: بعد تخرجي في معهد المعلمين عملت في مهن عديدة ولكنها لم تكن تلبي طموحي وبعد سقوط النظام عملت مع منظمة إنسانية ليصبح وضعي المادي جيداً وأنا بانتظار التعيين واعتقد بان الذي كان وراء زواجي هو تحسن وضعي المادي وفي نهاية كلامه قال: أنا ضد الزواج المتأخر ولكن لم تكن في اليد حيلة، فالذي يتزوج مبكراً يكبر أولاده معه ويحققون له الكثير من الطموحات وهو يتمكن من بناء عائلته بصورة أحسن. وفي حديث مع شاب آخر اسمه (مرتضى علي) وهو من مواليد 1964 قال: ان وضعه المادي جيد، لأنه موظف في أحدى دوائر الدولة ويملك مع شقيق له منزلاً كبيراً ولكن سبب تأخره في الزواج هو عدم قناعته بالكثير من الفتيات اللواتي تعرف عليهن، وخلال أكثر من عشر سنوات لم يعثر على فتاة أحلامه ويضيف: حين أعثر على الفتاة المثقفة والمتفهمة لن أتأخر بالزواج.. فالرجل إما أن يتزوج من امرأة ناضجة تساعده على الحياة وإما يمتنع!
أحلام وردية
مجموعة أخرى من الشباب التقتهم (المدى) للحديث بشأن تأخر زواج الشباب في محافظة ميسان فكان أول حديث لشاب اسمه (ضياء نوري) وهو من مواليد 1967 وكان الحديث يأخذ منحى سياسياً فقال: كنت هارباً من الخدمة العسكرية وحاولت أن أحل هذه المشكلة بطرائق عديدة كأن أعطي مبلغاً من المال أو أخدم لفترة في معسكر آخر ولكن المحاولات باءت بالفشل وبقيت أتحسس الخوف والمصير المجهول الذي ينتظرني، وكان الزواج في تلك الفترة يحتاج إلى موافقات أمنية ومراجعات إلى العديد من دوائر الدولة وأغلب هذه الدوائر تطلب مستمسكات إنهاء الخدمة الألزامية ولهذا أمضيت فترة حكم النظام السابق بلا زواج لأنني كنت أحلم يومياً بأنني سأقتل أو أن هناك من يركض خلفي أو يريد إعدامي وأضاف: كنا نعيش في وضع حياتي بائس وأغلب الشباب لا يعرفون مصائرهم وهذا ما جعلهم يضربون عن الزواج المبكر وينظرون إلى حياتهم ومستقبلهم نظرة سوداوية. مواطن آخر اسمه (أمير حسون) من مواليد 1969 قال: لم تكن لدي مشكلات سياسية أو عائق نفسي إزاء الزواج ولكن منزلنا كان مملوءاً بعوائل أخوتي الثلاثة الذين تزوجوا مبكراً وجعلوا المنزل يضج بالأطفال مما جعل منزلنا غير مهيئ لاستقبال عائلة جديدة وهذه المشكلة هي التي كانت وراء رفضي الزواج لأنني كنت أطمح إلى الحصول على شقة صغيرة أو مشتمل، وبعد سنوات من العمل والجهد تمكنت من شراء شقة صغيرة وبعد ذلك تمت مراسيم زواجي وأنا الآن في وضع أكثر استقراراً. شاب آخر من مواليد 1966 واسمه (علاء خيون) كانت مأساته أكبر فقد أمضى (7) أعوام في سجون النظام وكاد يموت ولكن العفو الأخير الذي أصدره صدام أعاد إليه الحياة وبعد خروجه من السجن قرر أن يزاول حياته ولكنه وجد الكثير من العوائل ترفض أن تزوج بناتها لشخص كان سجيناً ولهذا تأخرت أمنيته بالزواج إلى ما بعد زوال النظام وقال: العوائل التي رفضت أن تزوجني بناتها اتصل بعضها بي قبل زواجي بأسابيع وطلبوا مني أن اتقدم إلى بناتهم وبدأوا يصفونني بالمناضل والمجاهد.. فعرفت بأن هذه العوائل كانت تخاف من المستقبل الغامض الذي يعيشه كل من يخرج من سجون صدام. فكيف يعطونه بناتهم بعد ذلك؟
كلام سري
بعض الذين تحدثوا إليه قالوا لي بعض الأوضاع السرية التي لا يودون الحديث عنها ومنها قلة الدعم المادي الذي يتلقونه من الأسرة وعدم إعجاب بعض الفتيات بهم، وطلب أحدهم أن تقوم الدولة بدعم الشباب غير المتزوجين ولاسيما أولئك الذين بعمر أكبر من (35) عاماً وأن تتبنى بعض المنظمات الإنسانية زواج الشباب الجماعي والمعمول به في بلدان مختلفة من العالم.. إن معالجة مشكلات مثل هذه ستسهم في استقرار الوضع النفسي للشباب العراقي.