راقي هاشم:
قلة المواهب الكروية في ملاعبنا اصبحت تثير الاسى والألم، بعد ان كانت كرتنا ولودة بهذه الطاقات بشكل مستمر، وشكلت دعائم قوية لمنتخباتنا الكروية في الوقت السابق، لتظل لمساتها المميزة في ذاكرة الجمهور الى الان..وشهدت كرتنا عبر الاجيال السابقة نخبة رائعة من اللاعبين الكبار الذين ودعوا الملاعب ومنهم الان من يعمل في وسطنا الكروي او خارجه، وكانت آخر ولادة للكرة العراقية تلك المواهب التي تكفلت بحصول العراق على المركز الرابع في الاولمبياد الاخيرة.وربما يتساءل احد كيف حظينا بهؤلاء الموهوبين؟ ولماذا لا يقف في الافق امل بأن نحظى بمثيلهم على المدى المنظور؟

ومن اجل الاجابة علينا ان نعرف كيف وصل هؤلاء النجوم لهذه المكانة، وعند ذلك لن نحتاج لاكثر من وقفة تأمل لواقعنا الحالي، لنهيء الاجابة عن السؤال الثاني.. فالمتتبع لمسيرة نجومنا الكبار يعرف جيداً الخطوات الاولى التي بدأوها على المستطيل الاخضر بدءاً من المدرسة التي كانت تهيء للطالب القدرة على تقديم موهبته الصغيرة ليتم بعدها استقطابها لكي تتدرج على سلم التطور.وبجانب المدرسة كانت هناك فرق للفئات العمرية تداعب الكرة بين اسوار الاندية بعيداً عن عمليات التزوير التي انتشرت في الاونة الاخيرة.. فضلاً عن وجود مدربين مهرة، ومختصين لصقل المواهب يعملون بجد بعيداً عن المصالح الشخصية التي ينتهجها الان البعض من مدربي فرق الفئات العمرية لغرض تحقيق غاياتهم قبل كل شيء وترك المواهب تتلظى، وتتحسر على من يدلها على الطريق الصحيح..
وبالاضافة الى ما ذكر فأن هناك الدعم والرعاية، والاهتمام وتهيئة التجهيزات الرياضية لتقدم هذه الفرق بعد رعايتها خلاصتها في تقديم الافضل لمنتخبات الفئات العمرية التي كانت تشارك في منافسات محلية وخارجية لتدرج وفق صيغ وضوابط صحيحة من فرق الاشبال، والناشئين مروراً بالشباب الى ان تجد لها مكاناً في صفوف منتخبنا الوطني وهذا الامر معمول به في كل بقاع الارض.فعلى هذا الطريق سار حسين سعيد واحمد راضي وحبيب جعفر وليث حسين وعماد محمد، وغيرهم من النجوم والمواهب الرائعة.. حيث لا يمكن استدعاء اللاعب لصفوف المنتخب دون المرور بهذه الحلقات والمراحل، وهذا ما لا يحصل عندنا الان..
وبعد هذا المرور السريع على بعض خطوات صناعة المواهب الكروية التي تألقت في السنوات السابقة فأننا لا نحتاج الى تأمل طويل للاجابة عن تراجع واختفاء المواهب في الوقت الحاضر.. فالرياضة المدرسية لفظت انفاسها الاخيرة واصبح درس الرياضة لا يعد سوى اسماً يوضع في جدول الدروس.
اما حال فرق الفئات العمرية الان فحدث ولا حرج لا بل يرثى لها وهناك الكثير من عمليات التزوير،التي طالت هذه الفئات في محاولة من المدربين تسجيل نتائج آنية لا تشفع لنا في المستقبل وهناك مدربين دون مسوغاً الطموح يشرفون الان على فرق الفئات العمرية سواء في الاندية او الاتحادات.. لا سيما وان الكثير منهم غير قادر على قيادة هذه المواهب ابتداءً من المحطة التربوية وانتهاءً بالمسألة الفنية!!
فلم نستغرب الان عندما يكون الطريق للمنتخب الوطني سهلاً بعد ان فقدت كرتنا ركائزها الاساسية في عملية البناء والتدرج.
ويبقى الامل مشرعاً على فرق الفئات العمرية التي شكلها اتحاد الكرة مؤخراً.. حيث يجب ان تنال الاهتمام والرعاية والدعم.. كما نأمل من انديتنا واتحاداتنا الفرعية البدء في بناء فرق الفئات العمرية بشكل يضمن صناعة المواهب.. والا فستكون تشكيلة المنتخب الوطني حقلاً للتجارب وهذا ما لا نتمناه..