بيان لجمع من مجاهدي فيلق بدر
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في كتابه الكريم:( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) 57/المائدة
وقال تعالى في سورة النساء:(بشر المنافقين بان لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا) 140/النساء
لقد وصلت الاتصالات مع الإدارة الأمريكية المجرمة إلى ذروتها وأخذت بعدا خطيرا للغاية ومن الواضح أن هذا الأمر جاء نتيجة عمل متواصل وتدريجي حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت أليه.
كانت تصدر في السابق بعض المواقف شبه الصريحة محذرة من هذا المسلك الخطير ومع شديد الأسف وفي هذه اللحظة الحساسة وبعد أن أصبحت الاتصالات مع الإدارة الأمريكية بشكل علني ورسمي وعلى مستويات عالية وباسم جهة تمثل موقعا مهما في الساحة والأدهى من ذلك أن يقوم بذلك أشخاص يحملون على رؤوسهم العمامة الشيعية التي عرفت بمواقفها العنيدة والصلبة ضد القوى المستكبرة وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا, والتي كان لها شرف التصدي الأول لمحاولات هيمنتها على البلدان الإسلامية , في هذه اللحظة تغيب المواقف الواضحة وتختفي وراء عموميات وعبارات مبهمة مع بعض الإشارات الخجلة هنا وهناك, ويتعاظم الفدح عندما تنخرط إحدى الشخصيات البارزة مع مجموعة الستة للتخفيف من قبح المشاركة واعطائها طابعا أوسع ومن ثم لتأتي الأخبار بان بعض الجهات المهمة عقدت في لندن اجتماعا مع مسؤولين أمريكيين مما يعني أن الاستمرار بالسكوت قد يؤدى إلى استسلام الساحة شيئا فشيئا للمخططات الأمريكية المشؤومة.
ومن هذا المنطلق كان الكثير من المخلصين والعاملين يعيش حالة من التفكير المستمر فيما هو الواجب, وبعد متابعة وتقييم وجدنا من الضروري أن ننطق ولو بكلمة لتبرأ ذمتنا أمام الله سبحانه وتعالى والتاريخ وفي هذا الصدد نضع النقاط التالية:
1- هل نسينا موقف علمائنا ومراجعنا عندما دخلت القوات الإنكليزية إلى العراق في الحرب العالمية الأولى وكيف نهضوا جميعا للوقوف بوجهها بالرغم من أن شعب العراق وشيعة العراق كانوا يعانون الأمرين من سياسة الأتراك العنصرية والقمعية والطائفية علما أن الإنكليز عندما جاءوا إلى العراق وكما هو معلوم قالوا (جئنا محررين لا فاتحين) و اصدروا بيانات رسمية في ذلك ولكن علمائنا لم تنطل عليهم شعارات الإنكليز الخداعة واستمروا على خط المقاومة حتى تفجرت ثورة العشرين المجيدة وفي الوقت الذي قاوم علماء الشيعة غزو الإنكليز للعراق تحالف الشريف حسين معهم بعد أن وجدها فرصة مناسبة للتخلص من الحكم التركي الظالم وبعد أن حصل على وعود قاطعة بتأسيس مملكة عربية مستقلة في مراسلاته الشهيرة مع (مكماهون) فماذا كانت النتيجة؟ ألم يضحك عليه الإنكليز وأعطوا فلسطين لليهود وسوريا للفرنسيين وحركوا عليه ابن سعود ومن ثم مات منفيا في جزيرة قبرص وذهبت جهوده والعشرون ألف شهيد التي قدمها العرب هباء منثورا .
2- إن العقل والمنطق والتحليل السليم وتجارب الماضي والحاضر توجب الابتعاد عن أمريكا ومشاريعها وعن إقامة أي اتصال معها بأي شكل من الأشكال لانه من غير المحتمل وبأي درجة كانت أن تقوم أمريكا بعمل لصالح شعبنا وقضيتنا خصوصا وأننا نعتبر أنفسنا نتحرك في خط الإسلام المحمدي الأصيل الذي هو في تناقض كامل مع أمريكا . نعم يمكن أن يرتفع هذا التناقض بيننا وبين أمريكا وذلك في اليوم الذي نتخلى فيه عن إسلامنا وأصالتنا وهو ما أشار إليه المولى في كتابه الكريم حيث قال:(ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ) وهو ما عبر عنه الإمام الراحل (رض) بقوله:( علينا أن نقيم العزاء في اليوم الذي تبادر فبه أمريكا لمدحنا) فمن الخطأ الفادح والغباء والحمق كما عبر السيد القائد الاعتقاد بان اقامة اتصالات بأي شكل من الأشكال مع أمريكا فيه فائدة ومصلحة لشعبنا وقضيتنا ونقول كما قال الإمام الراحل (رض) : (نسأل من الله أن يوقظ أولئك الحالمين بأمريكا).
3- من الواضح أن مثل هذه القضية الحساسة والخطيرة على فرض وجود مصالح معينة وضرورات خاصة لابد أن تحظى بتأييد العلماء الأعلام والمرجعية الدينية بشكل واضح وهذا مالم نجده بل ثمة مواقف هنا وهناك يظهر منها المخالفة , والعجيب إن من يحمل لواء الحوار مع أمريكا كان يتشدق أبدا ودائما بشعار الولاية وقيادة ولي أمر المسلمين دام ظله ولاندري هل نسي هذا الشعار أو تناساه فان موقف الولاية من هذه القضية واضح جدا وبإمكان الاخوة الذين يعتبرون أنفسهم متمسكين بهذا الخط السؤال والتحقيق فان من المقطوع به أنه لا يوجد من الولاية أي تأييد لقضية الحوار بل توجد اكثر من قرينة على أن الموقف سلبي.
4- إننا لا ندعو إلى الوقوف بوجه أمريكا فيما تزعم القيام به من إسقاط صدام بل نعتبر يوم سقوطه يوم عيد لنا ولشعبنا مع غض النظر عمن يسقطه ولكننا نرفض المشاركة في أي مشروع تتصدى له أمريكا المجرمة ولسان حالنا يقول : ( اللهم اشغل الظالمين بالظالمين ) نعم علينا الاستعداد التام للقيام بواجبنا فيما لو سقط النظام وسنحت لنا فرصة للتواجد مع شعبنا والدفاع عن حقوقه ووحدته واستقلاله أمام أطماع الأجانب ومؤامراتهم .
5- إننا نرفض وبكل قوة فكرة ( هدفنا إقامة حكم وطني ديمقراطي يحترم الإسلام ) ونعتبره انحرافا واضحا وخطيرا عن مبادئ حركتنا الجهادية والسياسية , وخيانة لدماء شهدائنا وتضحية مجاهدينا , ونصر على أن هدفنا إقامة حكم الإسلام في العراق ولولاه لما تحركنا وجاهدنا وتحملنا كل هذه المتاعب والتضحيات , كما أننا نعتقد أن الحكم الإسلامي هو الذي يحقق العدالة والسعادة والكرامة للشعب العراقي بكافة قومياته وأديانه , نعم إننا لا نفرض خيارنا على الشعب العراقي بالقوة بل الشعب له الحق في اختيار شكل ونوع الحكم الذي يريد ولابد من فسح المجال أمامه ليختار ما يريد .
6- لاشك أن الذين ذهبوا للتحاور مع أمريكا يتصورون أن في ذلك خدمة لقضيتنا وشعبنا وهم في ذلك مخطئون بلا ريب ولذا ندعوهم لاعادة النظر والانسحاب بشكل رسمي وعلني والتوجه بدلا عن ذلك إلى توثيق علاقتهم بشعبهم وجماهيرهم فانهم القوة الأساسية بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى التي يمكن بواسطتها حماية الشعب ودرء الأخطار عنه وليعلموا أن الكلمات المعسولة والاحترام المزعوم الذي لا قوه ما هو إلا فخ وضع لهم لجرّهم إلى الحضيض وتمرير المخططات المشؤومة من خلالهم .
واخيرا نقول إن شعبنا العراقي وجماهيرنا المؤمنة ومجاهدينا الأبطال الذين تربوا في مدرسة الشهيد الصدر الأول والإمام الخميني ستبقى متمسكة بخطها الأصيل لا تحيد عنه قيد شعرة وها هي كلمات الشهيد الصدر الثاني (رض) ترن في اسماع كل العراقيين: كلا كلا أمريكا كلا كلا إسرائيل.
والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين
جمع من مجاهدي فيلق بدر الظافر
شعبان المعظم 1423 هـ
رد مع اقتباس
