معد فياض في ميزان مقالته
في التحقيق الذي نشره معد فياض في صحيفة الشرق الأوسط حول قصة مقتل الخوئي في النجف الاشرف يضع القاريء أمام اعلامي وصحفي تتلمذ على يد الاعلام البعثي الذي دائما وأبداً يصف نفسه بالبطولات واستحقاقات انواط الشجاعة وأوسمة أمهات وأخوات المعارك , كما ويضع خصمه - الذي يريد منه أن يكون خصمه - يضعه في خانة الشرير والغوغائي والمتعطش للدماء .. وهذه هي الرؤية الاعلامية البعثية التي كانت تتربع على اعلام العراق في حقبة التمثال المهزوم وما نقرأه انعكاس وبقايا ومخلفات تلك الحقبة .. وهاهو يعترف بنفسه أنه عمل مراسلاً حربيا لمدة ثمان سنوات : "فقد كنت قد عشت احداثا اكثر خطورة من هذه خلال الحرب العراقية الايرانية عندما كنت ولثماني سنوات مراسلا حربيا" .
لا أدري كيف عمل مراسلاً حربيا لمدة ثمان سنوات وهو يقدم نفسه في هذا التحقيق تحت عنوان ابن آية الله اسحاق الفياض ,, واسحاق الفياض عالم افغاني يُقيم في النجف الأشرف !! .. ويبدو أن شعوبية معد الفياض طفحت في مقاله التحقيقي هذا فهو يقول : "كانت صورة صدام حسين قد رفعت من باحة المرقد ووضعت بدلا عنها صورة محمد محمد صادق الصدر المرجع الشيعي الذي كان صدام حسين قد فرضه على الحوزة كونه عراقيا وليس اجنبيا، ثم انقلب على النظام وتمت تصفيته وسط مدينة النجف قبل اكثر من عامين مع اثنين من ابنائه." .. وليس من الصعب اكتشاف شعوبية هذا المعد حين يلغي مرجعية السيد محمد محمد صادق الصدر ويعزو انتشارها الى أن سبب فرضها من قبل صدام كون الصدر عراقيا ! مستخدما بذلك أدوات اعلامه الحربي الذي مارسه لثمان سنوات يصفها هو بالعبثية , وقد كان أصاب بشكل أصح لو وصفها بالبعثية .. معد الفياض مستاء من مرجعية الصدر الثاني حتى بعد استشهاده ومستاء جداً لأن صور سيده الرئيس قد تم استبدالها بصور الشهيد الصدر الثاني .. ولم يكتف معد الفياض بهذا بل يوجه اللوم للسيد الشهيد الثاني لأنه تصدى سياسيا ويعتبر هذه سبة على الحوزة وبدعة وخروج عليها وعلى تقاليدها العريقة .. وليس غريباً أن يعتبر الفياض تصدي الصدر الثاني خروج عن تقاليد الحوزة العريقة .. تلك التقاليد التي لا تفارق السراديب .. كل هذا ليس مهماً لكن الأهم هل سأل معد الفياض نفسه حول أن يأتي من ينتسب للحوزة بالدبابات الأمريكية وهل هذه من التقاليد العريقة للحوزة ! يبدو أن تقاليد الحوزة العريقة أصبحت عند معد الفياض أن تأتي بدبابة أمريكية وتحمي المجرمين من أصدقاء صدام وأكثر من ذلك أن تطلق النار على الجماهير برصاص الرشاش والمسدس الموضوعان لحماية مكتب الكليدار كما اعترف في مقاله .. وفات معد الفياض أن هذا السلاح هو سلاح البعثيين وهذا المكتب هو مكتب رجال الأمن وقد لا يعلم الفياض كم من الآلاف من أبناء العراق الصالحين تم اقتيادهم من الصحن الشريف الى سجون وأقبية التعذيب البعثي من خلال بوابة هذا المكتب الكليداري ! ..
ويتماهى معد الفياض حين يصف الحوزة والعلماء الذين يتصدون للعمل السياسي والاجتماعي بأنه تورط بأمور السياسة وأن الحوزة لم يُعرف عنها أن تورطت بهذا يوما من الأيام .. لا أدري عن أي حوزة يتكلم وعن أي علماء يهرف هذا المعد وكأنه لم يقرأ التاريخ بدءً من المستبدة والمشروطة في ايران وفتوى التنباك الشهيرة ومرورا بثورة العشرين في العراق وليس انتهاءً بالصدر الأول ومرجعية الامام الخميني والسيد محسن الحكيم !! . بالتأكيد أن مثل معد الفياض يعرف كل هذا التاريخ وأكثر خاصة وانه ابن أحد العلماء ورجال الحوزة لكنه بالتأكيد أيضا يريد أن يضع القاريء أمام الصورة التي يريدها وانطلاقاً من الخط الذي يمثله وهو ذاك الذي لا يريد أن يتورط بالأمور السياسية .. ويعود السؤال مرة أخرى مشابها لما مضى : هلا سأل هذا الفياض نفسه حول تصرف صديقه مجيد الخوئي واجتماعاته ببلير ورجالات واشنطن ودخوله العراق بالطريقة المعروفة مع ثلاثين من رجال المؤتمر الوطني نوع من التورط بأمور السياسة أم هي عين تقاليد الحوزة العريقة عند الفياض ؟! .
ومرة أخرى يتماهى الفياض في غيه ليصف بطريقة تعميمية أن أتباع الصدر الثاني والذين يرفعون صوره وشعاراته هو من الطبقة غير المثقفة من الشيعة ويحاول التقليل من شأنهم ليقول أن عدد من الطبقة غير المثقفة اعتبروا الصدر رمزاً للتحدي .. ولا يخفى على كل حصيف ما في هذه العبارة من اساءة الى الصدر الثاني نفسه فهو يصيب رمزية التحدي قبل أن يطعن بحملة هذا الرمز ليصفهم بالغوغاء وغير المثقفين .. وليس غريباً هذا الذي يهرف به الفياض ولا جديداً في نفس الوقت فقد اتهموا الصدر في حياته بأنه عميل لصدام ولما تبين خلافه اتهموه بأنه مرجع المعدان .. وكلنا يعرف ما هو المقصود من "المعدان" حين تطلق الحوزة العريقة هذا اللفظ .
وفي الجانب الثاني من المقال المتعلق بوصف حادثة الاغتيال فيحاول الفياض أن يبذل جهداً استثنائيا للصق التهمة بالسيد مقتدى الصدر ليس لسبب الا لأن الصدر وآل الصدر من الخوارج الذين خرجوا على تقاليد الحوزة العريقة وتورطوا بالسياسة ! .. يحاول جاهداً أن يلصقها بالصدر بالرغم أنه تراه مرة يقول كان أحد المتحمسين للقتل من فدائيي صدام ! وتراه يتخبط مرة ليقول سمعنا مبشراً بمجيء مقتدى الصدر ثم يسهب بالحديث واذا بنا نكتشف من مقاله أن الصدر كان في بيته ! ورغم تخفي فياض وسط الجماهير كما يقول كي لا يعرفه أحد والمفروض أن يكون قد انسحب لينفذ بجلده الا أنه ومن أجل اعطاء صورة شاهد عيان لمقاله التحقيقي هذا تسترق أذناه الاسماع وسط كل هذه الحشود والفوضى ليسمع أن رسولاً من بيت الصدر جاء لينقل قرار قتلهم !! .
لعب بمشاعر الناس , اهانة للعقول , تحميل وفرض بالقوة للصق تهمة علم القاصي والداني براءة السيد مقتدى الصدر منها .. الا أن معد فياض يصر لغاية في نفسه ولتنفيذ أوامر أسياده فكما نفذها وذهب مرافقا بتلك الرحلة , ينفذها اليوم لتكمل اللعبة القذرة التي يُراد منها صراعاً شيعياً شيعياً وسيطرة الخط الشعوبي على الحوزة في العراق ..
لم يبق الا مجموعة من الأسئلة لا يجيب عليها الا معد الفياض نفسه :
الأول : لماذا كان مجيد الخوئي يلبس الدرع الواقي خاصة وأنه اصطحب الكليدار للمكتب ولم يظهر الكليدار قبل ذلك اليوم ؟ ومن أين أتى الخوئي بالدرع الواقي ,, من الأمريكان أم من الكليدار ؟
الثاني : لماذا ترك الثلاثون شخص المرافقون للخوئي الميدان ؟
الثالث : حسب المقال وحسب اتصال لكم سابقا بأحد الفضائيات أنكم أول من بدأ اطلاق النار ولم تستسلموا حتى نفذ العتاد .. والسؤال هنا ماهو المغزى من أوامر الخوئي لكم بالتقشف باستخدام الرصاص ؟
الرابع : طريقة حل وثاقك بهذه الطريقة التي وصفتها أمر مضحك .. فهل فك الوثاق أحد الثلاثين الذين تركوا الميدان قبل اطلاق النار لينفذ احدهم دوره ويحل وثاقك لتكمل أنت الدور ؟ .