أموال حركة الوفاق تتجول في عمان بحثا عن فلل وشقق ومكاتب , و عمان تتحول الى ملتقى لرفاق الأمس أعداء اليوم, سرقوا أموال العراق و يسكنون أرقى البيوت
تشهد الساحة الأردنية هذه الأيام تواجدا مكثفا لعدد كبير من الشخصيات العراقية التي عادت لبغداد او شاركت في الحكم الجديد بعد سقوط نظام صدام حسين وتحول فندق الرويال ابرز فنادق العاصمة عمان والمملوك للمليونير العراقي نظمي أوجي لمحطة إستقبال نادرة تجري فيها يوميا عشرات الإجتماعات تحت عناوين متعاكسة ومتناقضة أحيانا لكنها جميعا عناوين تخص الملف العراقي. ويجتمع في أروقة وأجنحة الفندق المشار إليه حاليا معارضون لصدام حسين ومنسحبون من مشهد الإحتلال الأمريكي وغاضبون علي الحكومة المؤقتة وأنصار أقوياء لصدام حسين كما يحضر هذه الإجتماعات زعماء قبائل ورجال أعمال وصحفيون ومثقفون وأعضاء اجانب في هيئة الدفاع عن صدام حسين. وينجح فندق الرويال يوميا في إستقبال وإحتضان إجتماعات ولقاءات مضادة لها وأصبح محطة للتلاقي بين أعداء الأمس وحلفاء اليوم وإصدقاء المستقبل وتكرس كمكان تجتمع فيه نخبة العراق سواء أكانت معارضة لصدام او مؤيدة له او معارضة للإحتلال او محسوبة عليه.
وفي سياق هذه الإجتماعات التي تنطوي علي الكثير من المفارقات تصدر بيانات وتحصل تقاطعات وخلافات وتولد تحالفات جديدة لكن أبرز ما حصل مؤخرا هو تقاطعات المشهد الذي يخص تحديدا حركة الوفاق التي عارضت صدام وحكمت العراق قبل تشكيل الحكومة الأخيرة. وكانت أنباء قد ترددت عن قرار رئيس حركة الوفاق إياد علاوي مغادرة بغداد بصورة دائمة حيث حضر الرجل إلي عمان مع جميع أفراد عائلته وأقام فيها لفترة طويلة من الوقت في فيلا خاصة يملكها في عمان وتحظي بحراسة أمنية خاصة، لكن علاوي الذي يردد حاليا ملاحظات (نقدية) علي ما يجري في بلاده وعلي بعض شركائه في العراق الجديد غادر عمان ويتواجد حاليا في بيروت في إطار مهممة تقول المصادر المقربة منه أنها سياسية وتنظيمية لكنها غامضة الأهداف.
وتقول مصادر خاصة ومطلعة بان علاوي بدأ يعيد التفكير بالإهتمام بحركة الوفاق التي يترأسها علي أساس الإستعداد للمشاركة في الإنتخابات المقبلة في العراق وعلي اساس خلق (مسافة أكبر) بين الحركة كتيار سياسي وبين الإحتلال الأمريكي ومخرجاته بعد خلافات مشهودة ومعروفة بينه وبين الأمريكيين وبعض شركاء العراق الجديد. وتؤكد المصادر لـ القدس العربي ان علاوي يسيطر سيطرة مطلقة علي كمية كبيرة من الأموال التابعة لحركة الوفاق ويعتبر الموجه الوحيد في إنفاق اي دولار من حصة حركة الوفاق سواء التي ملكتها قبل الإحتلال أم بعد الإحتلال وهذه السيطرة تسببت بخلافات وإحتجاجات حتي داخل فصيل الوفاق وجماعتها الصلبة. ويتردد ان أموال حركة الوفاق وتحديدا الموجودة خارج العراق تستخدم حاليا في تمويل وشراء مرافق وشقق ومكاتب فخمة وفلل داخل محيط العاصمة الأردنية التي تشهد نهظة في أسعار العقارات بسبب تزايد الطلب العراقي علي العقار الأردني ومــن كل الإتجاهات. ويبدو ان علاوي يخطط لإستئناف نشاطه السياسي والإعلامي تحت عنوان حركة الوفاق وإحياء هذاالنشاط خارج العراق وتحديدا في الساحة الأردنية التي كانت الساحة العربية الوحيدة التي إستقبلته قل التمكن من حكم بغداد لفترة قصيرة من الزمن.
وعلي ضوء ذلك إستعد مقربون من علاوي لشراء عدد من العقارات الأردنية في عمان العاصمة لتجيهزها كمقرات إقليمية لحركة الوفاق التي تستعد لإعادة نشاطها الإعلامي والسياسي بقوة في محيط العراق وتحديدا في الأردن ويري مراقبون ان علاوي في طريقه لإنتاج صورة جديدة عن نفسه وعن حركة الوفاق قد تنطوي علي تقديم رؤية (وطنية) إلي حد ما لحل الأزمة الحالية في العراق وهي رؤية ستكون بكل الأحوال بعيدة نسبيا عن الإحتلال الأمريكي. ويبدو ان التغيرات التي حصلت علي نفسية علاوي وسلوكه السياسي بعد خروجه من التحاصص الأخيرة للمواقع العليا في بغداد مؤشر قوي علي ان الرجل في طريقة (لمعارضة) الإحتلال الأمريكي أو للعب هذا الدور إذا لم يستدرك الأمريكيون وأعوانهم وحلفاؤهم الأن الأمر ويعيدون الرجل وجماعته إلي كعكة القرار والنفوذ. وكان علاوي قد غادر بغداد وسط إشاعات تشير لإنه يفكر فعلا بالأقامة خارج العراق لفترة قد تطول ولأسباب أمنية خصوصا بعد تردي الأوضاع الأمنية هناك وحصول عدة هجومات علي المنطقة الخضراء ويملك علاوي الأن تقييما سلبيا للأحداث ويتحدث عن إنهيارات أكثر متوقعة في الجانب الأمني في العراق ويشير في الحلقات الضيقة للمقربين جدا منه لفشل ما حصل في عملية بناء الشرطة.
ويبدو ان علاوي ولأسباب متعددة يتنافر مع (حصة النفوذ الكردية) التي تتزايد في العراق، الأمر الذي ساعد في مغادرته الطويلة لبغداد وفي (حرده) حسب بعض المصادر ويعزز ذلك ملاحظة المراقبين بان الرئيس العراقي الجديد جلال الطالباني لم يلتق علاوي خلال زيارته الأخيرة للأردن رغم ان الأخير تواجد في عمان بنفس وقت الزيارة. وفيما ظهرت مؤشرات علي ان علاوي يخطط لإستئناف النشاط الإعلامي والإستقطابي في عمان تحت لافتة حركة الوفاق جرت إتصالات تحت نفس اللافتة إستضافها فندق الرويال المفضل للعراقيين وجرت إتصالات موازية تحت لافتة خلافات من عدة طرز في الهامش العراقي وفي إطار الوضع الداخلي .