[align=center]لا السيستاني ولا الحكيم .. نريــد واويــنا القـديـــم[/align]
كتابات - شمس الدين *
من المؤكد إن بعض ضعاف النفوس والعميان من الشيعة سيتهمونني بذات التهمة الشنيعة من أنني (بعثي) بعد قراءة هذه الحقائق التي أخذتها من الناس ؛ لكني درّبتُ نفسي على هذه التهم السخيفة لأنها سلاح الخاسرين والمهزومين الذين لا يستطيعون المواجهة الصريحة بموضوعية وعلمية ، فيلجؤون الى هذا الإشهار الذي بات القاريء على مختلف درجات وعيه على بيّنة منه .
(1)
" لا السيستاني ولا الحكيم / نريد واوينا القديم " هوسة جديدة وصيحة اعتراض مريرة تطلقها الحناجر المعذبة وترددها الألسن المكتوية بلوعة الخراب الجديد الذي جاءت به إيران عبر عملائها الشيعة . والعراقيون عندما يرددون هذه الهوسة أو الترديدة فإنهم يقصدون أن يسمعها الجميع ومن يعنيهم الأمر على وجه التحديد ، وهي رسالة صغيرة ، لكنها فصيحة وبليغة واضحة المعاني والدلالات ، بعدما وصلت الحياة اليومية القاسية الى ما وصلت إليه من سوء واستهتار واستهانة بأرواح ومشاعر العراقيين ، كما لو أن الإسلاميين الذين جاؤوا مع الأمريكان لا همّ لهم سوى أن يعلموننا أصول ديننا الحنيف ويفرضوا علينا الطقوس الفارسية المقيتة التي أكل الدهر عليها وشرب ، دون أن يلتفتوا الى بناء دولة عصرية تتوفر فيها كل الإمكانات المادية والبشرية والعلمية والمعنوية حتى تلتحق بالعالم الكبير وإنجازاته الفائقة في شتى الميادين وتحقق لنا طفرة نوعية في صياغة الإنسان الجديد الذي عذبته الحروب الصدامية وأكلت العسكرية خيرة شبابه ورجالاته .
(2)
هذه الترديدة المنتزعة من قلب المعاناة تؤشر على الكثير مما يجب أن يفهمه السياسيون الشيعة ، إذا كان هناك سياسيون فعلاً ، لا رجالاً معممين فقط ، أو حتى إذا توفر سياسيون هواة لكن بشرط أن ينزعوا العمائم الجاهلية لتلفحهم شمس تموز العراقية لا الفارسية .
(3)
الهوسة أو الترديدة التي وضعتها عنواناً للمقال هي نكتة مُرّة يتداولها العراقيون على نطاق واسع لاسيما أهل الجنوب ، بعدما تداولوا منذ وقت مبكر من سقوط الطاغية ترديدة أولى معروفة لديكم هي : ( لا علاوي ولا الجلبي / نريد مزة ولبلبي ) بإشارة صريحة الى نفور الرأي العام من العمائم والمعممين الظلاميين القادمين من كهوف إيران والمبللة أفخاذهم بمني المتعة الذي لا ينقطع ! حتى لو لم يرد اسم الشيعة في الترديدة ، بل ورد اسما علاوي والجلبي وكلاهما شيعيان علمانيان مشبوهان وأمريكيان بامتياز وغنيان عن التعريف ، الأول جاء لينتقم من صدام شخصياً ويثأر من عملية اغتياله القديمة والثاني لص دولي شهير دسّ نفسه بين الشيعة فصار نائباً في الحكومة لعله يخمط ما يستطيع أن يخمطه من حقول النفط السائبة الى الأغراب .
(4)
كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يستمع الى النكتة كما يقال ، وإن لديه فريقاً مختصاً لهذا الغرض وهو فريق ينقل له نبض الشارع المصري مهما كان النبض سلبياً ومهما كانت النكات قاسية عليه ، لكنه يسمع ويحلل ويستنتج ليفهم الحكمة والدرس والمغزى ، فالنكتة لديه هي صوت المعارضة الحقيقية الداخلية الصريحة وهي الهم الاجتماعي الذي قد يفتقده وهو في رأس السلطة ، فهل توفر لدينا الى الآن مثل هذا الزعيم الذي ينصت الى نكتة الشارع وهوسة الشارع ؟
وهل عرف الحكيم ومن لفّ لفه أن العراقيين ألّفوا عليه مجلداً كاملاً من النكات؟
وهل عرف الطالباني أن العراقيين أعادوا النكتة الكردية القديمة ووضعوه في قمتها بعدما إنشغل العراقيون في وقت من الأوقات الماضية بالنكتة الدليمية ؟
وهل عرف مقتدى الصدر الهوسات التي تناولت شخصه إبان معارك النجف التي حصدت أرواح مئات الأبرياء ؟
وهل عرف الجاسوس الضاري والسدارة البغدادية والسنة المتطرفون في أي مقام وضعتهم النكتة العراقية الجديدة ؟
وهل عرف علاوي ماذا تحدث عنه العراقيون إبان فترة استيزاره القصيرة بعدما خرب ما خرب وما أشاعه من فساد إداري بين وزاراته المتهمة الآن باللصوصية ؟
وهل أدرك غازي الياور حجمه في الشارع العراقي عبر أسخر النكات التي طالته ؟
(5)
هذه الترديدة التي تتناقلها الموبايلات بين الرجال والنساء والشباب والصبيان هي نكتة في فحواها ، ولكنها نكتة مريرة وقاسية تمخضت عن معاناة وعذابات حقيقية جعلت الناس تستنجد بـ(الواوي) القديم !! والواوي القديم هو الكارثة صدام حسين كما لا يخفى عليكم !
فأي ألم هذا الذي يعاني منه المواطن العراقي !
وأية بربرية زرعها بيننا المعممون من جماعة الحكيم والصدر والإيرانيون وبقية الأحزاب المتشدقة بالإسلام !
وأية كارثة يريد أن يلحقها بنا أهل السنة المتطرفون في مطاليبهم التي فاقت الحد بعد الدلال الذي قدموه لهم !
وأية مأساة وطنية يريدها الأكراد بإنفصالهم عن الوطن ويريدون أن يقنعوا الجنوب الشيعي بالانفصال تحقيقاً لمآربهم المشينة !
(6)
ما الذي دفع الناس من الشيعة والسنة وبقية الأقليات أن تستغيث بالواوي القديم؟
ألأنهم يعرفون مساوئه فيتجنبونها مثلاً ؟ وهو الطاغية والدكتاتور وابن الزنا وبطل المقابر الجماعية والمتسلط الدموي الأرعن !
لماذا يتمنى الناس عودة ذلك الواوي وهو بتلك الصفات المرعبة المشار إليها في أعلاه ؟
هل تساءل القادة العراقيون من الأحزاب كلها هذا السؤال ؟
هل تساءلت القيادات الشيعية هذا السؤال وبحثت في تضاعيفه عن سبب كره العراقيين لنواياهم المكشوفة ؟
هل يعرف الشيعة إنهم غير مرغوب بهم أن يكونوا على رأس السلطة ؟ أتساءلوا لماذا ؟
هل أجروا استفتاء سرياً للوقوف على النتائج الاجتماعية التي تمخضت منذ مجيئهم على الدبابات الأمريكية وحتى الآن ؟
هل يعرفون أنهم سبب البلاء في البلاد لا سيما في الجنوب الشيعي الذي راهنوا عليه وإنهم فشلوا حتى اللحظة بأن يكونوا قياديين بمستوى غير طائفي ضيق ؟
هل يعرفون أنهم افشلوا الجعفري في مهمته لأنهم لا يتفقون مع حزب الدعوة في الكثير من التفاصيل الفكرية والسلوكية ؟
هل يعرفون أن حزب الدعوة هو الأنظف بين الأحزاب الشيعية ؟ وهو الأذكى والأكثر مشروعية بينهم ؟ وهو الأكثر مقبولية في الشارع العراقي لتاريخه النضالي المشرّف في زمن الطاغية صدام حسين ؟
هل عرف السنة أنهم جرّوا البلاد الى ويلات وويلات برموزهم الطائفية كحارث الضاري وعبدالله الجنابي وغيرهما ؟
هل عرفوا أنهم آووا الإرهاب بالفلوجة والرمادي ودعموه وأوصلونا الى كارثة إنسانية خطيرة ؟
هل عرفوا بخطأهم الكبير بعدم دخولهم الانتخابات التاريخية ؟
هل عرفوا أن وجهاءهم قدموا الدعم اللوجستي للزرقاوي والعصابات السلفية المنحرفة التي تذبح الناس على الهوية ؟
هل عرفوا أنهم سيجروننا الى فتنة طائفية لا مثيل لها بين الشعوب ؟
هل عرف الطالباني أنه كاريكاتير رئاسي ثقيل الوزن !
وهل عرف الأخوة الأكراد أنهم ماضون في طريق مسدود سيكونون فيه لقمة سائغة الى الأتراك !
(7)
ترى ماذا فعل كل هؤلاء حتى تهوّس الناس بعودة واوينا القديم ؟!!!
وماذا فعلت الميليشيات الشيعية والكردية والتجمعات السنية الطائفية بالعراقيين حتى يتمنوا عودة واويهم المخلوع ؟؟؟؟
(8)
واضح أن القيادات الجديدة في العراق على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الطائفية والدينية والعقائدية هم (واوية) جدد ولكن من النوع الذي لا يستسيغه العراقيون المنفتحون على الحياة ، المتطلعون الى الحرية بأبهى صورها المشرقة ، الحالمون بالديموقراطية الفعالة التي تساوي بين الجميع على أساس المواطنة وليس على أساس الطائفة والعِرْق والقومية والمذهب .واضح أيضاً أن الغالبية القادمة مع الاحتلال هم ( صداميون) متسترون بأغطية كثيرة ليس أقلها غطاء الدين الذي فضحهم في نهاية الأمر . فإذا كان صدام حسين (صدامياً ) بالفطرة ، فإن هؤلاء (صداميون) بالخبرة والقصد المسبق !
(9)
الكثير من الأسباب التي جعلت العراقيين يتذمرون من الوضع السياسي الحالي وليس أقلها الانتشار الشيعي المخيف الذي تسانده إيران بكل ثقلها المخابراتي والمالي ، وانتشار ميليشياتها كفيلق بدر وميليشيات المهدي التي تروع الناس وتفرض عليها قيوداً جديدة بقوة السلاح ، والغريب أن ميليشيات المهدي جلّها من فدائيي صدام ، ونحن نعرف القسم الأعظم منها في البصرة والناصرية في أقل تقدير ؛ لكنهم انقلبوا من ذباحين مؤازرين الى عدي المقبور الى أبطال يقتدون بمقتدى الصدر ويطاردون الناس في بيوتهم ؛ كما أن الحالة السنية (المدللة) ليس لها ما يسوغها الآن ، فعليهم الانخراط بالعملية الدستورية ويكفونا شرورهم ، مع دعمنا الكبير لهم في إفشال فقرة الفيدرالية التي تعني التقسيم القادم والعياذ بالله ، وثالثة الأثافي هم الأكراد الذين يشعلون فكرة التقسيم من خلال مطالب غير مشروعة ، منتهزين فوضى الأمن وفوضى التحزبات المتناسلة كالأرانب البيتية .
مثلث الخراب : الشيعة
السنّة الأكراد
أي أن المكونات الرئيسية الحاكمة هي سبب البلاء الأسود الذي نحن فيه ، وهي مكونات طائفية وانتهازية ومصلحية ، ولا عجب أن تكون ردود الفعل بداية بالهوسات والنكات ؛ ثم ستتطور الى رد فعلٍ أعنف والى ما لا تحمد عقباه !
* البصرة الفارسية