علماؤنا والعمل السياسي المقبل في العراق (1)
غالب حسن
في هذا الوقت العصيب ، حيث تتزاحم أرقام التوقعات المتناقضة ، فيما يخص عراق الإئمة عليهم السلام ، يتراشق علماء الشيعة العراقيون سهام النفي المتبادل، سهام بقدر تلك التوقعات المجهولة ، وعلى سعة المحنة الضاربة من شمال العراق الى جنوبه ، والشيعي العراقي يعاني من محنة الموقف ، يقف حائراً ، تتناوش السهام المتراشقة إرادته بين إقدام وأحجام ، لا يدري ما هو المصير !
أكتب هذه السطور وأسأل ...
هل يمكن لمثل هذه الحالة ان تُتَرسَّم خطى مستقبل واعد لشيعة العراق المساكين ؟ وهل يمكن في ظل معادلة يتيمة ، أنْ تستقيمَ رؤيةُ طائفة ، تتطلع الى غد مشرق ، بعد تاريخ من المصائب والمحن ؟ وهل هناك عذر بعد هذه التجربة المرّة ، أنْ يتهاوى مبدأ القدوة الشخصيّة ، كي تحل محلها قدوة الفكر والموقف ؟
أعتقد أنَّ التاريخ مظلم بالنسبة لدور علمائنا في عراق المستقبل ، لم تجمعهم المحنة ، وإذا كان الأمل عامل تلاقي ، فلأنه ضعيف المأخذ من إرادة المشارك ، لا يكلف شيئا ، فيما تبرهن الحاجة الملحة ، على أنَّ آية الصدق هو التنازل عن الذات في لحظة الاننصارالقلقة !
كاتب هذ ه السطور شأنه شأن ملايين من شيعة العراق الحائرين ، عامّي ، يستجدي حلاً من علمائه الكرام ، تُرى كيف ستواجهون المستبقبل يا سادتنا ؟ أنّ التاريخ فرصة نادرة ، والأيام لا تتكرر ، ومن ثم ، ما هي عُدّة مستقبل غامض عسير ، لا يستطيع أنْ تواجهه إرادة عالمة
بما تريد ، تملك من صلاحية القرار ، ما يسمح به القرار نفسه ، فكيف بإرادة حائرة ، تجاه نظيرها في الزي والهدف والمضمون ؟
العمل السياسي خرج من دائرة اللعبة الشاطرة ودخل دائرة الخطة الذكية ، والجمهور الشيعي بدأ يعي مهام القيادة ودورها ، وقوى التاريخ تعددت وتعقَّدت ، والخطاب السياسي تحوَّل الى علم ، وقراءة الأحداث لا تعتمد مقاييس حجية الظهور وخبر الثقة ، وقد علمنا شهيد الزمن المغدور الصدر العظيم ، فن التعاطي مع الواقع بلغة الواقع ، ولكن يبدو ، إنَّ قانون المصالحة بين مهضوم الحق وهاضمة ، هو التي يجب أنْ يسود ، وهي لغة مرفوضة ، سوف تتعامل معها الجماهير الجديدة بعين ناقدة ، وقد يتجاوز النقد حدوده لا سامح الله ، فتضيع تجربة ما زالت على تخوم الوعد ، أفلا نتعض من تجربة وفَّر لها التاريخ من اسباب الانتصار ما كان يحلم بها نابليون في وقته ، ولكن التعامل مع التاريخ بمنطق الانا قتل كل هذه الممكنات الرهيبة ؟!
أنَّ علماءنا مدعوين الى تدارك الأمر ، كي لا نضيع ، وما قاله أية الله فضل الله حقظه الله ، حول مفارقات التاريخ بين ثورة العشرين وهذا الزمن ، لا يستقيم على تجربة ، لأنُّنا نعلم جميعا، أن الصراع يطيح بالضعيف مهما كانت هوية التاريخ . معذرة علمائنا الكرام ، نفثة مصدور ، وصدقوني سوف نخسر جميعا ، إذا لم نتدارك الأمر باسرع وقت .