غريبة هذه الرمزية... رمزية لا يمكن أن ترتبط بصدفة، لأنها ليست صدفة.
موسى بن جعفر يقتل فيوضع جثمانه على جسر يربط الرصافة بالكرخ في بغداد، ثم ينادي منادي السلطة الطائفية حينها "هذا إمام الرافضة موسى بن جعفر".
موسى بن جعفر يموت مسموماً في سجن الضمير، لا لسبب إلا لأن الخليفة الطائفي لم يرض عنه.
تفصلنا عن يوم وفاته عليه السلام 1243 سنة. ومع هذا الفاصل الزماني الطويل، إيبقى لهذا الإمام، لهذا الرجل الصالح محبة لدى العراقيين بشكل لا يمكن فهمه بسهولة ، جعلتهم ينهالون إليه من كل حدب وصوب حباً وولاءً وتضحية وفداء.
غريبة هذه الرمزية، إذ يستشهد ما يقارب عددهم عدد السنين التي تفصل بيننا وبين سنة وفاته عليه السلام، شهيد واحد أو شهيدة واحدة مقابل كل سنة بين 183 للهجرة وبين 1426 للهجرة. ما هذه الرمزية يا إلهي؟ هل هي رمزية التعانق بين الشيعي المخلص بولائه وبالرمز الذي أخلص له الولاء؟ أم رمزية تعانق المظلوم الذي سكن في قعر السجون وتعانق المظلومين الذين سكنوا قعر سجن كبير إسمه العراق؟ هل هي رمزية إلتفاف من يحمل روح قيم السماء العظيمة مستشهداً ربما على نفس مكان الجسر الذي وضع عليه الجسد الطاهر 1426 مع من حمل روح وصفاء وعظمة قيم السماء، روح من كظم غيظه وجسد إسلامه سنة 183؟
إنها تضحية أمة قررت أن تندك بإمامها فوهبها ربها الشهادة، رمزية أرواح تسامت عن الأرض فلم تستطع إلا اللحاق بروح من إلتزمت به وإعتقدت بعقيدته. يالها من رمزية تثير الفضول، فضول من يريد أن يتعب عقله وجسده وروحه. فضول الباحث عن قوانين السببية والعلية وسنن التأريخ. على الجسر نجد الإجابة ... هاهنا سجي الجسد الشريف ... وها هنا صيح عليه هذا إمام الرافضة... وهنا وقفت جماهير هذا العبد الصالح... موسى بن جعفر الكاظم تجدد له الولاء والبيعة... وتجدد له وقفة عناد المظلوم في وجه كل ظالم...وقفة تبرز كالشوكة في وجه السندي بن شاهك وهارون الرشيد وفي وجه صدام وأيتام السندي بن شاهك. وقفة تقول ... هنا على الجسر إنتصر موسى بن جعفر بمظلوميته...وهزم هارون الرشيد بظلمه...
هنا على الجسر بين الرصافة والكرخ إنتصرنا... اليوم...يوم وفاتك سيدي موسى بن جعفر...وهذه الأرواح التي عرجت للسماء تشكي إلى الله من قتلها...ترسل إلينا بشرى الإنتصار ضد من تعدّى فقتل ظلماً وعدوانا. لقد هزم عدو موسى بن جعفر وشيعة موسى بن جعفر في هذا اليوم. هذا هو همس الأرواح ... الأرواح البريئة... إنها تهمس لقد إنتصر أحفاد موسى بن جعفر على أحفاد هارون والسندي بن شاهك يوم 25 رجب سنة 1426 في بغداد كما انتصر موسى بن جعفر على هارون والسندي بن شاهك يوم 25 رجب سنة 183 في بغداد أيضاً.
لا تصدقون... إقرأوا التأريخ !