حاوره أسامة مهدي: الحوارمع رئيس الوزراء العراقي السابق وزعيم حركة الوفاق الوطني العراقي الدكتور اياد علاوي ممتعا لجهة صراحته وعدم حرجه من الاجابة على اي سؤال يوجه له بصراحة وتفصيل يشعر خلالها محاوره انه رجل مؤمن بافكاره ويعرف مايريد.. ثم قدرته على منح محاوره شعورا بانه قريب منه حين يخاطبه بكنيته او بابو فلان واستخدامه للكلمات والامثال الشعبية الدارجة في اللهجة العراقية
ولد اياد علاوي في بغداد عام 1946 من عائلة شيعية معروفة وكان والده الدكتور هاشم علاوي طبيبا ولذك التحق هو في بكلية الطب في جامعة بغداد وتخرج منها عام 1973.. ثمانتقل الى بريطانيا عام 1974 للحصول على شهادة الدكتوراه في الطب وفي لندن اصبح مسؤولا عن التنظيم الطلابي البعثي في انكلترا وايرلندا لكنه اختلف مع النظام في عام 1977 لاسباب يقول انها فكرية وتنظيمية فترك الحزب الذي اصدر قرارا فيما بعد بفصله من صفوفه. وفي العام التالي 1978 اقتحم منزله في لندن رجلان وطعناه عدة طعنات في انحاء جسمه كادت تقضي عليه مما استدعى مكوثه في المستشفى لمدة عام قبل شفائه من اصابات خطيرة خاصة في الساق حيث عرف فيما بعد ان محاولة الاغتيال كانت من تدبير المخابرات العراقية عقابا له على تركه حزب البعث ومباشرته العمل ضده.
وظل منذ ذلك الوقت يعمل سرا ضد نظام صدام حسين مع مجموعة من البعثيين خاصة الذين خرجوا على النظام وفي عام 1990 وبعد غزو صدام حسين للكويت اسس في لندن حركة الوفاق الوطني العراقي مع مجموعة من الناشطين العراقيين بينهم وزراء ومسؤولين رسميين وحزبين سابقين واصدر صحيفة اسماها بغداد. ثم نقل نشاطه بعد ذلك الى الاردن فكانت حركته الاولى بين القوى العراقية المعارضة لصدام التي تفتتح لها مكتبا من عمان في شباط (فبراير) عام 1996 واصدر منها صحيفة المستقبل الناطقة باسم الحركة كما انشا اذاعة معارضة موجهة الى العراق في نيسان (ابريل) من العام نفسه هي اذاعة المستقبل وقد استقطبت الصحيفة والاذاعة الكثير من المثقفين والكتب والسياسيين العراقيين.
ويحتفظ اياد علاوي بعلاقات خارجية جيدة.. وهو يتميز بالبساطة والتواضع ويحظى بعلاقات سياسية جيدة مع معظم القوى السياسية العراقية ووقف بقوة ضد قرار سلطة التحالف بحل الجيش العراقي. واياد علاوي طبيب متزوج وله ولد وبنتان وقضى حوالي ثلاثين عاما في لندن.. وهو رجل عصري وعلماني وديمقراطي.
في عمان وفي مكتب حركة الوفاق التي يقودها منذ عام 1990 ضد نظام الرئيس المخلوع صدام حسين.. منح علاوي "ايلاف" متسعا من الوقت لتوجه له ما في جعبتها من اسئلة هي في الحقيقة مثار تساؤلات قرائها.. وليدوم الحوار اكثر من ثلاث ساعات شملت تجربته في السلطة وتنظيمه بنجاح للانتخابات الاخيرة وبرنامجه السياسي للانتخابات المقبلة.. كما تحدث عن التدخل الايراني في شؤون العراق والدستور والمرجعية وعلاقتها بالقوى السياسية وموقف القادة العرب ومخاوفهم من اندلاع حرب اهلية طائفية في البلاد.. وقضايا الفساد المالي المثارة ضد بعض الوزراء السابقين اضافة الى الموقف من البعثيين واسلوب التعامل مع المسلحين والحوار معهم.. فكانت الاسئلة التالية واجابة الزعيم السياسي العراقي عليها:
اسباب عدم الفوز بالاغلبية في البرلمان
* ماهي الاسباب التي تعتقد انها تقف وراء عدم فوزكم في الانتخابات الاخيرة وعدم حصولكم على الاغلبية في البرلمان الحالي؟
- لقد كنت مشغولا برئاسة الحكومة والاعداد لاجراء الانتخابات في موعدها المحدد وفي اجواء امنة ونزيهة اضافة الى مسؤولياتي في ادارة الدولة فلم اعطي جهدا كافيا للحملة الاعلامية او الدعائية لقائمة العراقية التي اقودها..اضافة الى الاستعجال في ترتيب هذه القائمة نتيجة ابتعادي عنها بالانشغالات الرسمية.. ثم ان هناك بالمقابل قوائم اخرى اتفقت في تحالفات واسعة.. وعلى سبيل المثال فان قائمة الائتلاف وبحسب قولهم تضم 20 حزبا وشخصيات وطنية واسلامية وممثلين لسماحة المرجع الشيعي اية الله العظمى السيد علي السيستاني.. واضافة الى هذا جاء دعم المرجعية لها والذي ساعدها كثيرا على الفوز.. اما نحن فقد خضنا الانتخابات لوحدنا وبدون تحالفات باستثاء شخصيات وطنية خاضتها معنا. وفي الجهة الاخرى تم الدفع باتجاه الدعاية تحت غطاء المرجعية التي ماكان يجب ان يقحم بها لانها بعيدة عن هذا الموضوع.. فتم استغلال اسمها بشكل مقصود.. وطبعا كان هناك استثمار لبعض الاخطاء في حكومتي القصيرة الزمن والتي حصلت فيها ايجابيات وسلبيات.. لكنه تم استغلال هذه الاخطاء واستثمارها في الدعاية الانتخابية.. بينما لم يكن لنا اجهزتنا الانتخابية والاعلامية الكافية وعلى العكس فان جهات اخرى خاضت الانتخابات وكان وراءها دول معينة دعمتها.. فكان وضعنا ضمن امكاناتنا..كل هذا جزء من النتائج التي وصلنا اليها في الانتخابات. (حصلت القائمة العراقية بقيادة علاوي على 40 مقعدا في الجمعية الوطنية "البرلمان" من مجموع المقاعد البالغة 275)
برنامج علاوي الانتخابي
* وماهي استعداداتكم للانتخابات المقبلة؟ وماهو البرنامج الذي ستخوضونها به؟
- نحن الان في حوار مع اطراف سياسية واسلامية وليبرالية موجودة في داخل العراق وهذا الحوار بدا يتصاعد ويتطور باتجاهات عملية نحو تعاون مشترك تمخض عن التفكير لاعداد مؤتمر وطني يضم معظم شرائح المجتمع العراقي المختلفة بشكل يبتعد عن المحاصصة والطائفية وان يكون الارضية لتشكيل قائمة انتخابية تمثل كل العراقيين.. انا اعتقد انه ستكون هناك اتجاهات واضحة في الانتخابات المقبلة من التوجهات الوطنية الليبرالية التي تتبنى مشروعا وطنيا في تعاملها.. وفي المقابل ستكون هناك القوى التي تسيس الدين وتريد ان تكون من العراق جمهررية اسلامية.. ومع احترامنا لهذه القوى فنحن نختلف معها في هذه الرؤى وبطبيعة الحال ستصطف القوى الليبرالية الوطنية في مشروع وطني وهذا مانحاول تحقيقه في العراق حاليا. فالبرنامج الذي سنعتمده في الانتخابات هو برنامج وطني تتلخص ملامحه الاساسية في:
اولا: تعزيز وتكريس وتوثيق الوحدة الوطنية.
ثانيا : بناء الدولة العراقية ومؤسساتها القوية القادرة على فرض الامن ومعالجة تدهوره المستمر.
ثالثا : اعادة وتحريك الحياة الاقتصادية وعلى راسها ايجاد فرص العمل وتضييق رقعة البطالة واعتماد المشاريع التنموية.
رابعا : اتخاذ مواقف واضحة تعكس امتدادات العراق العربية والاسلامية.. وسنعمل على ان تكون لنا علاقات متوازنة على الامتداد العربي والاسلامي للعراق وان لاتكون هذه العلاقات لصالح جهة على حساب اخرى وان يعود العراق الى ممارسة دوره في المنطقة والعالم.
هذه هي الملامح الاساسية لبرنامجنا الانتخابي وستنبثق عن كل واحدة منها مفاصل كثيرة ومهمة منها : الجانب الاقتصادي وقضية الفساد وتصفيته ومعاقبة المفسدين.
لماذا تاجيل مؤتمر الوحدة الوطنية
* كان من الفترض ان تعقدوا مؤتمرا موسعا باسم "الوحدة لوطنية" في بغداد خلال الاسبوع الحالي ولكنكم اجلتموه.. ماهي الصعوبات التي واجهتكم ومنعتكم من عقده في موعده خاصة وانه يتردد انكم لم تنجحوا في جمع القوى الكافية لانعقاده في وقت لوحظ خلو قائمة المشاركين فيه من الاحزاب الكردية؟
- بالعكس فان اشتراك القوى السياسية والشخصيات الوطنية في المؤتمر شيء اكثر من مفرح وكانت مفاجاة لي عندما حضرت اول اجتماع موسع للجنة التحضيرية له حيث كان هناك عدد كبير من المشاركين مما دعاني الى اقتراح تصغيرها. اما الدافع الرئيسي لتاجيل المؤتمر فهو السبب الامني.. فبعد احداث الجريمة البشعة في الكاظمية وبعد تزايد العنف وعدم قدرة السلطات الامنية على حفظ الامن ارتاينا انه من غير المعقول ان تحضر الف شخصية وطنية في مكان واحد ويحصل لاسامح الله ما يؤذيها فقررنا ان نتحدث مع القوات المتعددة الجنسيات ومع شركات امنية خاصة وهؤلاء طلبوا منا التريث لحين استكمال اجراءاتهم الامنية لحماية المؤتمر والمشاركين فيه.. ونحن لانريد طبعا ان نجازف بحياة الماطنيين.
اما بالنسبة للاخوان الاكراد فانهم اغبون بقوة في حضور المؤتمر والمشاركة فيه والاخ الدكتور محمود عثمان (قيادي كردي مستقل عضو الجمعية الوطنية عضو مجلس الحكم السابق) هو احد الاعمدة الرئيسية في اقرار مشروع المؤتمر والتحضير له وشارك في جميع اجتماعاته التحضيرية الاولى مع بقية القادة السياسيين العراقيين.. فالاكراد غير مغيبون على الاطلاق عن المؤتمر ونحن نعتبر القوى الكردية بالنتيجة شريك معنا في الخندق نفسه وهي قوى ليبرالية ديمقراطة تؤمن بمشروع وطني عراقي.. صحيح لها خصوصيتها لكنها بالعموم هي قوى ليبرالية ديمقراطية وطنية ولهذا نحن حريصون على ان يكون الاخوة الكرد معنا ومنذ الخطوات الاولى كان لهم تمثيل في التحضير لهذا المؤتمر.. وهنا يجب ملاحظة ان القائمة الاولى التي نشرت عن المشاركين فيه كانت اولية ولم تضم اسماء جميع القوى والشخصيات.. فعلى سبيل المثال هناك العديد من الاتحادات والنقابات المهنية المشاركة لم تدرج ضمن القائمة وفي اجتماعاتنا التمهيدية يحضر ممثلون عن مختلف الانتماءات من الموصل الى البصرة وكربلاء والنجف منهم الاسلاميون السياسيون ومن كوادر الدعوة وحزب الفضيلة ورجال دين افاضل واسلاميين ديمقراطيين.
الموعد الجديد للمؤتمر
* ومتى قررتم عقد المؤتمر؟
- انا ساعود الى بداد خلال يومين وسادرس الوضع الامني اولا وابت مع القوات المتعددة الجنسيات والشركات الامنية.. ولا اتوقع ان يتجاوزذلك الثلاثة اسابيع اي بحوالي منتصف الشهر المقبل لان جميع التحضيرات قد اكتملت لانعقاده.
نصائح بعدم العودة
* ما مدى صحة مايشاع عن قيام اطراف عربية بنصحك بعدم العودة الى بغداد في الوقت الحاضر لاسباب امنية؟
- لا بالعكس.. ليس من المعقول ان لا اعود الى بغداد.. ونحن اصبحنا نتعامل مع الخطر حتى عندما نكون خارج العراق فنحن نواجه الخطر وانا تعرضت لعدة محاولات اغتيال سواء عندما كنت رئيسا للحكومة او خارجها ولكني شخصيا, يا ابو اشرف، اعتبران الاشهر الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة للعراق وللمنطقة واذا لم ننجح نحن العراقيين بالخروج من عنق الزجاجة فستحصل لاسامح الله تداعيات خطيرة وانا نبهت لذلك في اكثر من مناسبة حتى ان قسما من الاخوة قالوا لي انك(مستعجل) فاجبت كلا.. انا ارى الصورة بشكلها الدقيق لهذا انا اعتقد ان جهودنا وجهود كل القوى في العراق وحتى في خارجه التي تساهم في المعركة وهذه مسؤولية كبيرة على عاتق كل عرقي.. فيجب ان نتعب للعمل من اجل عدم حصول لك.
ماذا لو فاز الائتلاف الشيعي مجددا
* ماذا سيكون عليه موقفكم اذا فاز الائتلاف الشيعي في الانتخابات المقبلة من جديد خاصة وانكم حذرتم من ان العاق يتجه نحو كارثة.. وهل تقد بصحة مايقال ان ايران اعتبرت عودتكم الى السلطة خطا احمر ستمل على عدم تجاوزه؟
- هذا صحيح بالاكيد وانا قد تبلغت من قبل اخوة اعزاء وقادة سياسيين عراقيين من ان بعض الاطراف الايرانية, وانا لااعرف اذا كان هناك موقف ايراني موحد من هذه السألة وعنده اعتراض علي وقالت ان علاوي خطا احمر وهذا حصل قبل الانتخابات الاخيرة.. اما بالنسبة لفوز الائتلاف مهما تكن النتائج نحن نحترم قرار الشعب العراقي وما يريد.. لكني اعتقد ان الائتلاف بسياقاته الحالية هو المتسبب في هذه المسالة ولكن هناك ضعف في الاداء الحكومي ادخل العراق في فوضى عارمة وهذا امر اصبح معروفا للقاصي والداني وحتى المؤسسات التي قمنا بتشكيلها تم حلها مؤخرا.. مثل بعض الوحدات العسكرية التي اسسناها واعدنا لها العسكريين بطلب من عشائرها للحفاظ على الامن وامتصاص البطالة.. كما اننا انشانا وحدات للمغاوير وابلت بلاء غير اعتيادي في بعض المعارك لكنها حلت وسرح شرطتها.. كما تم تسريح 160 من قادة كوادر وزارة الداخلية من الفنيين بحجة ان اعمارهم وصلت الى الخمسين حتى ان احدهم كان مديرا للجنسية اي تكنوقرط وكفوء وتعاون مع المعارضة في زمن صدام.. كما اني عينت 20 مستشارا في مؤسسات مجلس الوزراء وهم جميعا من القوى الديمقرطية الوطنية ومن الذين ناضلوا ضد صدام اومن القوى السياسية الاسلامية في الحكومة الحالية ومنهم وزير الداخلية الحالي (بيان جبصولاغ) الذي عينته مستشارا في مؤسسة الاعمار وباستشنائه اخرجوا جميع الخبراء الاقتصاديين والاعلاميين والامنيين وهؤلاء ليست لهم اي علاقة بالبعثيين ومنهم حتى اسلاميين.. الاجهاز على هذه المؤسسات ادى الى التداعي الحالي وحالة الفوضى والتخبط الذي يعيشه العراق الان.
نحن مع احترامنا واعتزازنا بالاخوة الذين ناضلوا معنا لسنوات طويلة وقدموا تضحيات كبيرة لكني لحد الان لم اقرا او اطلع على شيء اسمه برنامج حكومي واضح وما يجب ان تقوم به الحكومة الحالية وانما طرحوا برنامجا عاما عبارة عن كلام انشاء تم تقديمه الى البرلمان وحصلت عليه تعديلات كما قدمنا نحن تعديلات مكتوبة لكنه لمي طرح للمناقشة مرة اخرى.. وكل هذا يدل على ان العراق الحالي كانه يعيش في سفينة بلا ربان تسير في بحر هائج.. فلهذا نحن بغض النظرعمن يفوز في الانتخابات المقبلة نعتقد ان المهم هو تجاوز الاخطاء وبناء الدولة العراقية القوية وبناء وتعزيز وتكريس الوحدة الوطنية لان هذه الوحدة مهددة الان وليس هناك شي اسمه وحدة وطنة وانما محاصصات عرقية وطائفية واسماء لم نسمع بها من قبل.. فلا يمكن للبلد ان يبنى بهذه الطريقة او يبنى بواسطة العقاب الجمعي لان هناك الان اقصاء واسع.
منقول من ايلاف