[align=center]
لماذا أصوت بـ نعم للدستور الجديد[/align]

أرض السواد - طاهر الخزاعي


الدستور العراقي الجديد والذي سيتم التصويت عليه في يوم السبت القادم بـ نعم أو بـ لا حسب قرار المواطن العراقي وقناعته بفقرات هذا الدستور . فالناس أصناف في هذا المجال : منهم من قرر أن يقول لا دائما وأبداً مادامت أيام عزه قد تمرغت بوحل الحفرة التي قطنها قائده الضرورة لثمانية أشهر ونيف ! .. ومنهم من قرر أن يقول لا دائما وأبداً حتى يحصل على منصب في عراق ما بعد صدام ومتى ما توفر له ذلك تجده يبصم بــ نعم دون أن يناقش ! .. ومنهم من قرر أن يقول لا دائما وأبداً بغضا منه لهذه الحكومة أو لنتائج الانتخابات الماضية .. ومنهم من يقول لا دائما وأبداً حتى يزول الاحتلال نهائيا حسبما يدعي .

آخرون قرروا أن يقولوا نعم دائما وأبداً في عراق مابعد صدام فهم يرون أن نعم يستأهلها كل شيء ما بعد صدام على عكس ما كانوا عليه أيام معارضته .. ومنهم من يقول نعم لأن له منصبا ومكانا في حكومات مابعد صدام ! ومنهم من يقول نعم على طريقة (حشرٌ مع الناس عيد) وهكذا الناس أصناف ومذاهب .. وكل له الحق في رأيه .

وصنف من العراقيين وأدعي أنني منهم قرروا أن يقولوا نعم لهذا الدستور رغم كل التفصيلات . فالدستور ليس كل الطموح , والدستور ظهر الى النور في أيام معدودات وعلى عجل من أمر لجنة كتابته للالتزام الاجباري بالمواقيت والأهلة التي رسمها بريمر ! .. والدستور فيه من الفقرات التي ينبغي ألا تكون , مثل منح الجنسية لابن أمه العراقية ! ومنها عدم الوضوح الكافي في مسألة اللامركزية , وأتحفظ حتى على تقسيم السلطات كمجلس الرئاسة وتفاصيلها ومجلس الوزراء وبعض تفاصيله , وعلى أعدد اعضاء المجالس البلدية في المحافظات والأقاليم والصلاحيات المناطة بهم . بل وأتحفظ على بعض المؤسسات كالوقف الشيعي والسني ووقف الأديان الأخرى , وكان يجب أن تضمهم وزارة أوقاف ينبثق عنها مديريات عامة واحدة لهذا الوقف وثانية لذاك الوقف وهكذا درءً لتكريس الطائفية والمحاصصات.

نعم هناك بعض سقطات وثغرات في الدستور الجديد ولا يخفى على العراقيين الظروف التي رافقت كتابته والضغوطات الجمة التي وقعت تحتها لجنة كتابة الدستور . لكن يتوجب أن لا نلغي الايجابيات والجوانب المشرقة في الدستور وهي كثيرة أيضا وتفوق ثغراته. فهو دستور كتبته أيادٍ عراقية منتخبة وهو يضمن كافة الحقوق والحريات للمواطن ويكفل حرية الرأي والفكر والعقيدة . وأثبت هوية العراق كما حفظ بشكل متوازٍ عدم تشريع قوانين تخالف المجمع عليه من أحكام الاسلام أو تخالف مباديء الديمقراطية . ومن هنا فقد حفظ الدستور ماء وجه الاسلاميين وغير الاسلاميين معا . وفي الدستور تثبيت لمبدأ اجتثاث البعث وهذه غاية من غايات من اكتووا بنار البعثيين وفيها تثبيت لبعض مظالم الشهداء وضحايا البعثيين لعقود ثلاث مضت .

كما من المهم أن نعرف أن رفض الدستور يعني العودة الى الوراء وهدم مرحلة كاملة من المراحل التي قبلها العراقيون اضطراراً ! .. ورفض الدستور يعني تكالب البعثيين والتكفيريين أكثر فأكثر , كما يعني الرفض هبوب سموم الحرب الأهلية الصفراء وأعاصير التقسيم . بعبارة أخرى رفض الدستور يصب في صالح البعثيين ومن تحالف معهم بالدرجة الأساس ولا يجني الشعب العراقي من هذا الرفض أية فائدة تُرتجى . بينما نرى في التصويت لصالح الدستور لكمة قوية لأعداء الشعب العراقي .. ولأن في الدستور الكثير مما يستحق (نعم) بجدارة .. ولأن العقلاء وضعوا قاعدة مفادها ( ما لا يُدرك كله لا يُترك جله ) توجب عليَّ أن أقول : نعم للدستور , شريطة أن أرفع صوتي عاليا بعدها مطالبا من يمثل الشعب في المرحلة اللاحقة أن يعالج الثغرات غير المقبولة في الدستور .



kza_tahir@yahoo.com