[align=center]في البدء كان العراق...

تحالفات مابعد الاستفتاء على الدستور العراقي


أرض السواد
: نجاح محمد علي
[/align]


بعد مخاض عسير، وسجال طويل ، نجح الشيعة والأكراد بدعم من مكونات عراقية أخرى،في تمرير الدستور العراقي خلال الاستفتاء الذي جرى يوم 15 اكتوبر الماضي دون دماء.

الدستورقبلته الغالبية العراقية، ورفضه معظم السُنّةولكن هذا لايعني أن الدستور لن يكون للعراقيين جميعا خصوصا وان السُنّةأعلنوا أنهم سيشاركون في الانتخابات المقبلة والتي ستجري وفق قانون إدارة الدولة وقد وضع في عهد الحاكم المدني السفير الأمريكي بول بريمر.

ومهما يكن الموقف من طريقة اسقاط نظام صدام حسين، ومن النظام البديل الذي يُراد تأسيسه في العراق الجديد، ومن الانتخابات السابقة التي جرت أواخر يناير الماضي، فان الاستفتاء على الدستور شكل من وجهة نظر العديدين ، بداية لعهد جديد يمكن أن يساعد على حل الأزمة الداخلية، وما أصبح يعرف بقضية "المغيبين" أو " الغائبين" عن تلك الانتخابات.

الاستفتاء جرى وسط اجراءات أمنية مشددة، جعلت العديد من العراقيين يتمنى لو إن كل الأيام العراقية تحولت الى أيام استفتاء، بعد أن عززت قوى الأمن من طريقتها في حماية العراقيين، ليصبح بالفعل "استفتاء بلا دماء".

مشاركة الحزب الاسلامي في الاستفتاء، ودعوته الى التصويت بـ"نعم" على الدستور، وحجم المشاركة الكبيرة في الرمادي وتكريت، والتصويت في هاتين المحافظتين وفي نينوى أيضا بـ"لا" عليه، يعكسان قدرة الشعب العراقي على التأسيس لديمقراطية جديدة لبلادهم، بشرط مشاركة الجميع فيها، وأن يجري ذلك تحت سقف العراق الموحد، بعيدا عن الخيمة الأميركية!صحيح أن النتيجة النهائية للاستفتاء أشارت الى اصطفافات طائفية وقومية، حيث أيد غالبية الشيعة والأكراد تمرير الدستور، ورفضه معظم السُنّةالعرب، الا أن الأبرز في كل ذلك هو أن الذين تحالفوا لرفض الدستور ولم ينجحوا في اسقاطه، هم خليط من البعثيين السابقين، وأتباع النظام المخلوع ورجال مخابراته وفصائلها، ومن يخشى تغيّر موازين العملية السياسية، أو تصحيحها (من وجهة نظر الشيعة والأكراد)، وثلة من الصادقين.

بكلمة أخرى: هناك من المعارضين للدستور، من يخطط لإعادة عقارب الساعة الى الوراء، ويعمل على إعادة أركان النظام السابق وثقافته الى العراق. كما أن من بين "الرافضة" للاستفتاء، جماعات طائفية تتهم منافسيها بممارسة هذا الوباء الخطير، وهي تقوم به وتجعله قبلتها ووجهتها كل حين.

والأكثر غرابة هو أن العديد ممن يرفع اليوم لواء معارضة الاحتلال، يعمل معهم ويتلقى أموالهم، ويعقد معهم صفقات تجارية، وبعضهم لا يرفض التعاون مع " الشيطان " الأمريكي إذا مُنح زمام المبادرة، وعاد كما كان الى الواجهة.

وبين الفترة والأخرى تتسرب معلومات من هنا وهناك عن مفاوضات بين الأميركين وشخصيات تعارض الاحتلال، وذلك من أجل " ضبط" ايقاع العمليات التي لا تفرق بين عراقيين واحتلال، وتستهدف في الغالب...الأبرياء.

مصالحة ومكاشفة

عدد مهم من الذين عارضوا الاحتلال واسقاط صدام عن طريق غزو العراق، ورفضوا المشاركة في الانتخابات الماضية ، دعوا الى مصالحة وطنية لا تحمي القتلة والمجرمين، ومنهم من أيد فكرة المؤتمر الذي اقترحه أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى للحوار الوطني..والمصالحة، لبناء عراق جديد للعراقيين جميعا من دون استثناء .

لقد أفرز الاستفتاء على الدستور كنتيجة طبيعية ، اصطفافات جديدة ، وخارطة سياسية تختلف كثيرا عن تلك التي شاهدناها في الانتخابات الماضية.

العلمانيون اصطفوا خلف أياد علاوي ومؤتمره الذي عقده بمباركة ودعم امريكي وبريطاني ومن دول اقليمية معروفة.ويقال إن بعض الاسلاميين الشيعة أيضا ممن لم تظللهم عباءة الائتلاف الشيعي، انضموا الى جبهة علاوي التي تريد منافسة التيار الاسلامي الشيعي في الانتخابات المقبلة.

الائتلاف الشيعي..اعادة ترتيب البيت

الاسلاميون الشيعة أعادوا ترتيب بيتهم وانتجوا عدة تحالفات جديدة أكبرها هو الائتلاف العراقي الموحد، وأعلنوا رسميا عن تحالفات جديدة للائتلاف وذلك من سبعة عشر كيانا ساسيا اضافة الى عدد من الشخصيات لخوض الانتخابات.

واختار الائتلاف السيد عبد العزيز الحكيم لرئاسته، وأبرز ما في برنامجه هو التأكيد على بناء اقليم الجنوب حتى يكون متوازنا مع اقليم كردستان وضم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق ،والتيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر،وحزب الدعوة الاسلامية المقر العام،وحزب الفضيلة الاسلامي وزعيمه الروحي الشيخ محمد اليعقوبي،وحزب الدعوة تنظيم العراق،ومنظمة بدر، وجماعة العدالة، وحركة حزب الله في العراق، وحركة سيد الشهداء،وحزب تجمع الوسط، وحركة الوفاء لتركمان العراق ،والاتحاد الاسلامي لتركمان العراق،و حركة المساوة ،وحركة الديمقراطيين العراقيين وملتقى الاصلاح والبناء، وحزب احرار العراق،ومستقلين .

الاطراف السياسية المشاركة في الائتلاف اتفقت على اعتماد القوائم المشتركة في بغداد والمحافظات ،وضمت مرشحين من المدن .
وياتي هذا الاصطفاف الجديد داخل الائتلاف العراقي الموحد، ليسحق الصغار الذين كانوا في الائتلاف قبل أن يجدوا انفسهم فجأة خارجه، لأن التيار الصدري أشترط زيادة عدد مقاعده البرلمانية الى ثلاثين ، والمشاركة في الحكومة المقبلة بعدد أكبر من الحقائب الوزارية، وفي المقابل فانه كان لزاما التضحية بالصغار من أمثال علي الدباغ وابراهيم بحر العلوم لإاسس كل منهما تحالفا جديدا، وخرج أيضا احمد الجلبي من الائتلاف بعد تخفيض عدد المقاعد التي كانت مخصصة له.

منظمة العمل الاسلامي الشيعية انسحبت ايضا من الائتلاف الشيعي لأن مقاعدها أيضا في البرلمان المقبل باتت قليلة جدا بسبب شروط الصدريين حول المقاعد.

التيار الشيرازي أسس " الائتلاف الاسلامي" بعد أن اعتبر تجنب السيستاني تأييد قائمة معينة في الانتخابات القادمة، بمثابة ضوء اخضر لكسر احتكار الكبار للتمثيل الشيعي . ومن هنا جاءت القائمة الشيعية الجديدة وهي قائمةالائتلاف الاسلامي حيث تم تسجيلها
في المفوضية العليا للانتخابات مساء يوم الجمعة ، وضمت عددا من التنظيمات والحركات ، منها : رابطة علماء الدين ، ومنظمة العمل الاسلامي ، وحركة الرفاه والحرية ، والاكراد الفيليين ، واتحاد الهيئات الحسينية ، والرابطة الاسلامية للطلبة ، ومستقلين .

هذا الكيان السياسي الجديد ، مدعوم من المرجعية الشيرازية وتحديدا من اية الله السيد صادق الشيرازي(مقره قم) ، والسيد محمد تقي المدرسي(مقره كربلاء)،وربما كان السبب وراء الاعلان عنه الان لخوض الانتخابات المقبلة هو وجود احتكار للتمثيل الشيعي في الائتلاف العراقي الموحد ، من قبل بعض الاحزاب والتنظيمات الشيعية مثل المجلس الاعلى وحزب الدعوة ، الذين لم يرغبا كثيرا بضمه للائتلاف الجديد ، ولم يسعيا حتى الى الاتصال به ، وهذا الامر دعا اعضاء في الائتلاف العراقي الموحد الى توجيه الانتقادات لقيادة الائتلاف لتجاهله قوى شيعية لها تاثيرها في الشارع العراقي.

الانتخابات القادمة هي الحاسمة جدا خصوصا وان من يسمون أنفسهم بمعارضي الاحتلال،سيشاركون فيها، بواجهات تخفي تحتها شخصيات بعثية حاولت أن تنأى بنفسها عن حزب البعث والنظام السابق، لكن كل تصرفاتها تصب في الدفاع عن محاولات لاعادة البعثثين من جديد الى الواجهة في العراق الجديد.