النتائج 1 إلى 11 من 11
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي أقرأ كتاب " حكومة الجعفري ... تحديات في الواجهة " ...........مجموعة من المؤلفين....

    [align=center]

    [align=center][/align][/align]
    [align=center]حكومة الجعفري ... تحديات في الواجهة
    * مجموعة من المؤلفين
    04 / 11 / 2005
    [/align][align=center]اصدار: افكار[/align]


    [align=center]المحتويات

    كلمة أفكار.................................................. ... بقلم: افكار
    حكومة الجعفري.. معركة التشكيل.......................... سليم الحسني
    هل كلها تحديات؟............................................ غالب الشابندر
    ثلاث جدليات أمام حكومة الجعفري........................ د. فخري مشكور
    حزمة التحديات... الأسماء والهوية .................... د. مهدي رشيد
    حكومة الجعفري في مواجهة التحديات .................. ماجد الغرباوي
    الجعفري بين حيوية الأداء والاعلام المريض........... نزار حاتم
    تحديات داخلية تواجه الجعفري.......................... د. أحمد عبد المطلب
    تحديات من الخارج....................................... فؤاد عبد الكريم
    الاتجاهات الدينية وحكومة الجعفري ................... بشرى الحداد
    توقعات الشارع العراقي ................................. سمير عبد العزيز
    [/align]


    [align=center]أفكار
    07 / 10 / 2005
    بعد إعلان موقع أفكار عن مشروع الكتابة عن التحديات التي تواجهها حكومة الدكتور إبراهيم الجعفري، في سياق ملفات متتالية، تعالج المشهد العراقي في مفاصله الأساسية، تلقينا عدداً كبيراً من المساهمات، كانت تمتلك العمق في الطرح، والموضوعية في المعالجة. وكما أعلنا فقد تم مراجعة المقالات والأبحاث من قبل لجنة تحكيم، وكان لها قرار إختيار هذه الفصول التي يتألف منها الكتاب، ملتزمة بإختيار العدد المحدد من المساهمات. أما الكتابات التي لا يتضمنها الكتاب، فسنقوم بنشرها على موقع أفكار تباعاً، لكي لا يحرم أصحابها من إبداء رأيهم في هذا القضية التي تهم كل عراقي.
    نشكر كافة السادة الذين تفضلوا بالمساهمة في هذا الملف، وقد كانت الإستجابة مشكورة ومشجعة الى حد كبير، فالمحور الذي تمت معالجته يحظى بإهمية خاصة.
    للعراقيين ولكل المهتمين بالشأن العراقي، نقدم هذا العمل الذي يعبر عن توجهات وآراء مجموعة من الكتَاب يختلفون في الرؤى والتصورات، عالجواً محوراً واحداً، ذلك هو التحديات التي تواجه الدكتور إبراهيم الجعفري في مهمته الصعبة.

    أفكار
    www.afkar.org
    info@afkar.org[/align]





  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]حكومة الجعفري.. معركة التشكيل
    * د. سليم الحسني
    07 / 10 / 2005
    [/align]

    تأخر إختيار رئيس الحكومة أكثر مما كان متوقعاً، وبدأ الضجر يسيطر على الشارع العراقي، وكان له الحق كاملاً في ذلك. فلقد إنتخب العراقيون ممثليهم، من أجل أن تبدأ العملية الديمقراطية، ولو عرفوا أنها ستتحول الى محاصصة لما ألقوا في صناديق الإقتراع قصاصة واحدة. إذ لا معنى للإنتخابات طالما أن هناك محاصصة تستفرغ العملية الانتخابية من محتواها الحقيقي، وتتجاوز الاستحقاق الانتخابي الذي يمثل مظهرها الأكبر.

    طال الانتظار بهم، كانوا يسمعون أخبار الصباح والظهيرة والمساء، على أمل أن تبدأ الجمعية الوطنية إجتماعاتها، وعلى أمل أن يعلن النواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.. كانوا يسمعون خبرا كل ساعة، لكن الجديد لا يأتي.. إنتظار طويل ممل، وأزمات متصاعدة تخنق العراقي حتى الموت.
    في ساعات الترقب تلك، تفجرت حرب المحاصصة، واحدة من أخطر الحروب وأشدها فتكاً بالدول والشعوب.

    كان الكلام يدور في غرف مغلقة، وسرعان ما يصل الى الأسماع، فيحزن العراقي على ما يسمع، ويحاول أن يقاوم شعوراً كاسحاً بالإحباط والضجر.

    لجان تفاوضية تتشكل، إجتماعات متواصلة تعقد وتنفرط، والكل يقول أن الاتفاق بات وشيكاً، وأنه لم يعد أمام إختيار المناصب الرئاسية سوى لمسات بسيطة. لكن الصباح يطلع على المتفاوضين وهم يركسون في نقطة البداية من جديد.. لقد غير الكرد موقفهم ورفعوا سقف مطالبهم.. هكذا كان العراقي يسمع.

    لقد قررت القائمة العراقية برئاسة الدكتور علاوي المشاركة في الحكومة.. هكذا يتردد في الشارع العراقي.

    وكان اليوم الواحد يشهد عدة متغيرات وتبدلات في المواقف.

    في أجواء حرب المحاصصة تلك، كانت هناك مجموعة من الأسماء تغطي على ما حولها، أسماء عرفها الشارع العراقي من قبل، وكان لها حضورها في الساحة السياسية، وبدا الأمر محصوراً بينها في تولى مناصب السيادة في الدولة الجديدة.

    الدكتور أحمد الجلبي.
    الدكتور إبراهيم الجعفري.
    الدكتور إياد علاوي.
    الدكتور عادل عبد المهدي.
    الشيخ غازي الياور.


    أما الكرد فكان الأمر يكاد ان يكون محسوماً لصالح الزعيم الكردي جلال الطالباني، بعد أن تعززت الأنباء عن رغبة الزعيم الكردي الآخر مسعود البارزاني بتولي الزعامة في إقليم كردستان، على أن تحفظ حصة رجاله في الوزارة المزمع تشكيلها.

    الشيخ غازي الياور، لم يكن منافساً للآخرين على رئاسة الوزراء، الموقع الأهم في الدولة الجديدة. وصار واضحاً للجميع أنه يتعامل مع المناصب على حد سواء فلا فرق عنده بين هذا وذاك، وما لبث أن أعلن في أجواء النار تلك، أنه يوافق برئاسة الجمعية الوطنية، وقد سهل بهذا الإعلان المهمة على الآخرين. لكنه قبيل عقد جلسة الجمعية الوطنية، أعلن رفضه لهذا المنصب، فتجددت الأزمة، وأوشكت أن تحدث شرخاً في قائمة الإئتلاف، فقد برز اسم الشيخ فواز الجربا، أحد أعضاء قائمة الإئتلاف ليكون هو البديل الذي يتولى رئاسة الجمعية. غير أن إعتراضاً شديدا من القوى السنية على أي مرشح سني من قائمة الإئتلاف، الامر الذي حال دون توليه رئاسة الجمعية، فلقد أعلن السنة الذين لم يشتركوا في الإنتخابات رفضهم لأي شخصية سنية داخل قائمة الإئتلاف، وهو ما تسبب في إحراج كتلة الإئتلاف، وكاد أن يوجد فيها شرخاً عميقاً، حيث رأى الشيخ فواز الجربا، أن الكتلة التي ينتمي إليها داخل الجمعية الوطنية، تستجيب لضغوطات من خارج الجمعية الوطنية.

    حاول السيد عبد العزيز الحكيم زعيم كتلة الإئتلاف، أن يحافظ على تماسك الإئتلاف، وبذل مساعيه لإقناع الشيخ الياور بتولي رئاسة الجمعية، لكن الياور كان قد حسم أمره بتولي منصب نائب رئيس الجمهورية.

    إرتبكت الأوضاع، وكان لا بد من إجراء سريع، فموعد إجتماع الجمعية بات وشيكاً، ولا يمكن تأجيله أكثر مما جرى، فتوصلت الأطراف المتنافسة الى أول إتفاق، وهو أن يتولى رئاسة الجمعية الدكتور حاجم الحسني.


    أقوى المرشحين

    في أجواء الصخب تلك، صار واضحاً أن رئاسة الجمعية ستكون للعرب السنة، وبذلك إنطفأت النار في إحد رؤوس المثلث، وبقيت شعلتان متأججتان ينذر لهيبهما بالإتيان على المثلث كله.

    ظهرت بارقة أمل كبيرة، وافق الكرد على رئاسة الوزراء للشيعة، لقاء تعهدات وإلتزامات، كانت تكبر وتتراجع ثم تعود لتكبر، في دورة غير معلومة النهاية.

    إنتقلت الأزمة الى داخل كتلة الإئتلاف، فمن هو المرشح لتولي رئاسة الوزراء؟.

    أربع شخصيات بارزة يدور حولها الإختيار:

    أحمد الجلبي.

    عادل عبد المهدي.

    إبراهيم الجعفري.

    إياد علاوي، الرئيس الفعلي.


    كان إياد علاوي يتحرك في مساحاته الخاصة، وهي مساحات واسعة تمتد حيثما إمتدت دائرة الإهتمام بالعراق، شرقاً وغرباً، وصولاً الى واشنطن.

    وكان واضحاً أن حرب المحاصصة لو طال بها الزمن، فإنه سيكون الرابح الأكبر، إذن فالوقت كان لصالحه.

    وكان واضحاً أيضاً أنه لن يستطيع أن يدخل المنافسة فقائمته هي الثالثة من حيث عدد المقاعد، وأنه حتى لو كسب القائمة الكردية لجانبه، فإنه بحاجة الى مقاعد أخرى. فلا خيار أمامه إذن سوى الإنتظار وكسب الوقت.

    زعيم كتلة الإئتلاف السيد عبد العزيز الحكيم، فاجأ الجميع بسحب مرشح المجلس الأعلى عادل عبد المهدي، لصالح إبراهيم الجعفري. وقد وافق عبد المهدي على مضض، ويقال أنه مال بسبب هذا الموقف الى الكرد، وأنه بدأ يسعى لتشكيل كيان سياسي خاص به، يتحرر فيه من المجلس الأعلى وسلطة زعيمه السيد عبد العزيز الحكيم.

    وكان الدكتور عبد المهدي قد استطاع في فترة قصيرة سابقة، أن يقنع الأميركيين بشخصيته، حتى أن السفير الأميركي نغروبونتي، أبدى رغبته في تولي عبد المهدي رئاسة الوزراء في جلسة خاصة مع بعض السياسيين والاعلاميين، في منزله في المنطقة الخضراء.

    في واشنطن كانت الإدارة الأميركية تتابع عملية الترشيح بدقة وقلق، وكان تشيني نائب الرئيس الأميركي، قد أعلن عن معارضته لتولي الجعفري رئاسة الوزراء، وقد أعلن موقفه بصراحة وصلابة، أما كونداليزا رايس فبدت متحفظة على ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء.

    أميركياً كان الجعفري هو الأقل نصيبا من بين الآخرين، لكن رأي الشارع كان يمنحه قوة كبيرة، ولعل هذا هو ما جعل المجلس الأعلى يسحب مرشحه لصالح الجعفري، من أجل إرضاء الشارع العراقي.

    لم يبق سوى الدكتور أحمد الجلبي، في دائرة المنافسة، فقد أصر الجلبي على خوض المنافسة داخل قائمة الإئتلاف، مدعوماً بمجموعة من الأعضاء، لكن الجلبي ومن بعد اصرار، تراجع فجأة بعد ما يقرب من إسبوعين، فقد أعلن الجلبي أنه ينسحب لصالح الدكتور الجعفري، وبعد أن كادت الأمور تصل الى التصويت داخل الإئتلاف.


    تجريد الجعفري من أسلحته

    لم تكن الأمور قد حسمت بعد، صحيح أن الجعفري صار هو مرشح الإئتلاف لرئاسة الوزراء، فقد بدأت حرب المحاصصة ترفع من مدياتها الى الدرجة القصوى، وقررت قائمة الإئتلاف أن تتفق مع القائمة الكردستانية لإنهاء كل شئ.

    هنا بدأت مرحلة معقدة من التفاوضات أصابت الشارع العراقي بإحباط كبير، وتعالت صيحات النقد والضجيج الى جانب دوي الإنفجارات والحرائق وتفشي الفساد الإداري.

    قررت قائمة الإئتلاف تشكيل وفد تفاوضي مع القائمة الكردية، حول تشكيل الحكومة، لم يكن الجعفري ضمن الوفد التفاوضي.

    بهذه الخطوة يكون الإئتلاف بدون علم منه قد جرد الجعفري من سلاحه، ويكون بالنتيجة قد خسر امكانيات الجعفري المتميزة في التفاوض.
    فالرجل معروف بقدرته على الحوار والإقناع، ولقد خاض الحوارات الصعبة من قبل، وخرج بنتائج جيدة. وكانت مثل هذه الظروف تستدعي أن يباشر بنفسه الحوار، بل أن يكون هو المسؤول عن العملية الحوارية برمتها.

    وقد تبع ذلك بروز حالة من التفكك داخل قائمة الإئتلاف، فقد راح يهدد بعض الأعضاء بالانسحاب من كتلة الإئتلاف، ومال بعضهم الى ترشيح الدكتور احمد الجلبي ثانية لمنصب رئيس الوزراء، لكن الجلبي وهو الرجل المعروف بذكائه في قراءة المعادلات الصعبة من حيث الربح والخسارة، أدرك أنه لن يكون المنافس الراجح مع الجعفري، وأدرك بحسه المرهف وتقييمه الدقيق، أنه لو خسر المنافسة مع الجعفري، فربما يخسرها الى الأبد، فقرر الإنسحاب بإنتظار المشاركة في جولات قادمة. ولقد عكس بموقفه هذا واقعية سياسية، وقدرة على التشخيص والقراءة لما يجري وسيجري.

    كانت منافسة الجعفري على منصب رئاسة الوزراء، واضحة النتائج سلفاً، فاستطلاعات الرأي، وصوت الشارع وهمس الدوائر السياسية كلها تشير الى أنه الأقوى بدون منازع. وقد أدرك الجميع ذلك ففضلوا التسليم للأمر الواقع.

    رجل واحد فقط لم يؤمن بهذه الحقيقة، وقد يكون له الحق في ذلك، إذا نظرنا للعملية السياسية بمعاييرها الخاصة، إنه الدكتور إياد علاوي رئيس الوزراء المنتهية ولايته، لم يكن من السهولة عليه أن ينسحب من المنازلة بسهولة، وهو الذي يقوم بمنصب رئاسة الوزراء فعلياً، ويستند الى عناصر قوة كبيرة، إقليمية ودولية، وله الحصة الثالثة في الجمعية الوطنية، حيث يسير خلفه أكثر من أربعين رجلاً وإمرأة تحت قبة البرلمان، وتستجيب له عواصم عربية ودولية، أقام معها أفضل العلاقات وارفعها مستوى.

    وكان له الحق أن يرى في نفسه مرشحاً قوياً ونداً منافساً للجعفري، وهذا ما جعله يدخل المنافسة دون أن يصرح بذلك علناً، إنما جعل الآخرين يفهمون ما يريد.

    تعقد الموقف كثيراً.. وبدأت حرب جديدة أشد ضراوة، إنها حرب الأعصاب في فترة متوترة.

    عند هذه النقطة، إلتقط الجعفري بضعة أنفاس، ففي حروب الأعصاب يكسب الجعفري مهما كانت الظروف، ربما لم يكن ذلك معروفاً عنه على نطاق واسع، لكنها الحقيقة بشكلها الدقيق، فالجعفري خاض من قبل تحديات داخل حزبه، وفي المعارضة، وعندما تصل الأمور الى لعبة شد الأعصاب، يكون هو المنتصر.


    الولاء للحزب لا للرئيس

    تم الإتفاق على تولي جلال الطالباني رئاسة الجمهورية، وأن يتولى الشيخ الياور والدكتور عبد المهدي نيابة الرئيس.

    ثم أعلنت هيئة الرئاسة تكليف الدكتور ابراهيم الجعفري بمهمة تشكيل الحكومة، وكان عليه أن يقدم التشكيلة الوزارية للجمعية الوطنية خلال مدة لا تزيد على الشهر، فإن تصرمت أيام الشهر دون أن ينجح في تشكيلها، يتم تكليف شخص آخر برئاسة الوزراء.

    عند هذه النقطة تأججت حرب المحاصصة ثانية، كانت هذه المرة أكثر ضراوة من السابقة، فقد كانت تدور بين المكونات السياسية، ثم تدور أخرى داخل الجهة الواحدة. وكانت الوزارات السيادية مبتغى الجميع وهدفهم.

    خضع الجعفري لضغوط كبيرة، لم يكن أمامه خيار الرفض، فالرفض يعني إشعال النار في العملية السياسية وتحويلها الى كومة من رماد. وتساوى الأمر بين الأغلبية والأقلية النيابية، بل تساوى الأمر بين من يحظى بمقاعد في الجمعية الوطنية، وبين من لم يشترك في الانتخابات. فلقد عطلت المحاصصة نتائج الانتخابات، وصار الكلام كله يدور حول مناصب وزارية يجب أن يحصل عليها المطالبون.

    كانت المحاصصة من نوع غريب، فلا هي طائفية، ولا هي قومية، فقد جمعت بين الإثنتين مما زادها تعقيدها وصعوبة.

    لم تكن عملية تشكيل وزارة على أساس قناعات وإختيارات رئيس الحكومة، إنما كانت أشبه بلعبة بناء هرم من مكعبات ملونة.
    وكان ذلك يعني قضم المساحة التي يقف عليها الجعفري، وإغلاق الطرق أمامه، وبذلك كانت الأطراف المتنافسة، تحاول أن تحصل على مكاسبها السياسية، لكنها في المقابل كانت تضع قيوداً على الجعفري.. قيود تعيق حركته، وتقلل خياراته عندما سيباشر عمله رسمياً وفعلياً.
    لقد أصبح على الجعفري أن يعمل بوزراء لم يخترهم.

    وأصبح لزاماً عليه أن يحافظ على هذه التشكيلة من الإنفراط لأن أي خلل سيأتي على التشكيلة كلها، ويعيد الأمور الى المربع الأول، حيث تبدأ جولة جديدة من المحاصصات الصارمة. وكاد ذلك أن يحصل في أكثر من مرة، فمثلاً في الخلاف الحاد حول رئاسة إقليم كردستان، هدد الزعيم الكردي مسعود البارزاني بسحب وزرائه من الحكومة فيما لو لم يتم الإستجابة لمطالبه في مفاوضاته مع الرئيس الطالباني.

    كما أن الكرد هددوا بالانسحاب من التشكيلة الوزراية بعد أداء اليمين الدستورية، معترضين على حذف كلمة الفيدرالية.

    من هنا كان الوزراء يتعاملون على أنهم يتبعون أحزابهم وليس الحكومة، وأن سلطة الحزب عليهم أقوى من سلطة رئيس الوزراء، وكان هذا لوحده أكبر تحد واجه الدكتور الجعفري. وكان عليه أن يحافظ على التشكيلة من التفتت، لأن عقدها لو انفرط فإن العملية السياسية في العراق تصبح في جوف الإعصار، وربما يتعذر تجميع المكعبات الملونة مرة ثانية.

    والأكثر من ذلك أن المحاصصة قد أفقدت الحكومة إنسجامها، فكل وزير جاء الى الوزارة وقد إنتزع المنصب إنتزاعاً من الآخرين، بدعم من حزبه، وهذا ما يتمثل بصورته الكبيرة في الوزارات السيادية، حيث دار عليها صراع طويل دام ثلاثة أسابيع.

    عامل آخر برز بوجه الجعفري، فالائتلاف بدأ يتعامل معه على أنه سلطة فوق سلطته، فبدل أن يمنحه قوة القرار وحرية الحركة، كانت الخلافات الخفية داخل الإئتلاف تلقي ظلالها الثقيلة عليه، وكان على الجعفري أن يتعامل معها بمرونة ليحافظ على الإئتلاف من التصدع.
    ويبقى العامل الأخطر وهو ما يدور في أجواء سرية، فقد جاء تشكيل الوزارة دون أن يرضى الجميع بهذه التشكيلة، وتم إختيار رئيسها ضمن محاصصة لم ترض الجميع.

    لقد كان على الجعفري أن يواجه تحديات خفية.. تحديات غير معلنة لكنها واضحة، ترتسم على الوجوه والشفاه، وتعتمل في القلوب، لتتفجر مواقف خفية، يراد منها حصر رئيس الوزراء في أضيق دائرة من مكتب الرئاسة، وقتل الخيارات التي يملكها واحداً تلو الآخر.
    تلك هي السياسة في بلد مضطرب يراد بناءه في ظروف مضطربة.

    بدأ الجعفري مهمته، يحمل ثقل المحاصصة، ونتائج معركة المنافسة، وينوء فوق هذا وذاك، ببلد ينزف من كل جزء فيه، ويتربص به قوم هنا وقوم هناك، يريدون للحكومة أن تفشل بأي شكل.. أن تتلكأ في مهمتها، وليحدث للعراق ما يحدث، وليصيب الناس ما يصيب من موت ودمار وفقر.

    تحديات يصعب حصرها، تتحرك في الشوارع والزوايا، تتنقل هنا وهناك، بعضها عشوائي وبعضها مبرمج، تصدر من الداخل، وتأتي من الخارج، لكنها في النهاية تتجمع مع بعضها، تهدف لتحقيق رغبة واحدة، هي أن الشيعة يجب أن يفشلوا في إدراة الدولة، وأن الجعفري الذي جاء برصيده الجماهيري، لا بد أن يبقى أسير التحديات والعقبات حتى لا يتحول رصيد الجماهير الى صوت مسموع مؤثر في الغد.





  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]هل كلها تحديات؟
    * غالب حسن الشابندر
    07 / 10 / 2005
    [/align]


    قبل أن نوغل بالكلام عن التحديات التي تواجهها حكومة الجعفري يجب وبحكم ضرورة التدقيق بحدود الكلمات، ليس في ضوء اللغة ومتاهتها في كثير من الأحيان، بل في حدود الموضوعية العلمية والأخلاقية، حيث كثيراً ما تتيه الحقيقة وتضيع، وكثيراً ما تصدر أحكام خلافا للواقع والضمير فيما إذا لم ننطلق من حقائق سابقة، من حقائق واضحة جلية.

    أقول ذلك لأننا يجب أن نحسم أمرنا بما نقصده من تحديات، تلك طامة كبرى إذا انطلقنا من كل ما يعانيه العراق من مشاكل تهد الجبال، واعتبرناها بمثابة تحديات تواجه حكومة الدكتورالجعفري، في حين هي مشاكل بحجم الوطن، بل بحجم المنطقة، بل بحجم العالم، وتحتاج إلى جهود خارقة لملامسة أطرافها وليس جوهرها.

    يقولون أن التحدي الأول الذي يواجه حكومة السيد الجعفري هو الأمن، ترى أي أمن هذا، وبأي مصطلح، وبأي حدود؟.. والأمن يعاني من فلتان رهيب يعم المنطقة كلها.

    هل العربية السعودية في مأمن من هذا الفلتان المخيف؟.

    هل الكويت في نأي بعيد منه؟.

    هل سوريا في رغد أمني؟


    إن الكلمة صعبة، وفي تصوري أن الأمن في العراق ليس تحديا لحكومة الجعفري، بل هو تحد لكل العراق، بحكومته وأحزابه وقومياته وطوائفه، ولذا ليس الحكومة وحدها مسؤولة عن درء هذا الخطرالكبير، خاصة وأن وقتها قصير، وصلاحياتها عليلة.

    هل ننكر ذلك؟

    لقد أطلقت الحكومة خطة البرق وغيرها من الخطط ونجحت إلى حد كبير، ولو على صعيد إثبات أن الدولة في العراق تملك قوة قادرة على النزول للشارع لمواجهة خطر الموت الذي خطه أعداء الله على البشر في هذه الأرض، فضلا عما أنجزته من انتصارات تمخضت عن إعتقال قيادات بارزة من أعمدة الشر، إضافة إلى ذلك كشفها عن الكثير من مخابئ السلاح الرهيبة، التي كان من المحتمل أن تفجر العراق لهبا مستطيرا.

    إن مواجهة مثل هذا التحدي الكبير، لا يعني القضاء عليه قضاء مبرما، فهو لم يكن مجرد إرهابيين وسلاح ومال، بل هو دول وأنظمة وعصابات وفكر زائف وقدرات، وبالتالي، من يدعي أن هذا تحديا على مستوى إمكانات الحكومة يخطا كثيرا. نعم، هو تحد للحكومة، ولنا الحق في محاكمتها فيما لو كانت الحكومة حقا في سياق مكنة طبيعية، ترتفع إلى مستوى التحدي بالذات.

    إن الثقافة السياسية هي التي تجيب على هذا السؤال، وليس المعارضة ذات النسق الشرق الأوسطي، أو المواطن العادي المشغول بهمه اليومي، وذلك من حقه بطبيعة الحال، فتلك هي سياقات البشر بشكل عام، ولكن الثقافة السياسية المنصفة سوف تنظر بعين الإعتبارالواقع والممكن، سوف تبصر المطلوب على مستوى المبدأ، على مستوى المثل الأعلى، ولكن سوف تبصر ما يمكن إنجازه بالفعل.. وإلاّ هل يمكننا أن نتجاوز الواقع؟ وهل بإمكان حكومة أو حاكم أن يعد بالمعجزات؟ أو بما هو أقرب إلى المعجزات.

    لقد كان تشكيل الحكومة مسألة في غاية التعقيد، وقد راهن الكثيرون على فشل الدكتور إبراهيم الجعفري في تشكل هذه الحكومة، حتى أن بعضهم كان ينتظر هذا الفشل بكل بداهة وبساطة، ولكن الرجل قاوم أكثر بصلابة رائعة، وقد أنتج حكومة لا نحتاج إلى الكثير من العناء لنثبت أنها نتيجة قدرة كبيرة على الجمع بين المفارقات والتناقضات، فإن المحاصصة الطائفية والحزبية والقومية مسألة في غاية التعقيد في مجال تأسيس الحكومات، وهل لبنان بعيد عنا؟ فرغم أن السياسي اللبناني لاعب من الطراز الرفيع، وهناك قوى دولية إلى جانبه، والمحاصصة الطائفية تملك تاريخا مرسوما بشكل قاطع لحد كبير، ولكن استغرق تشكيل الحكومة اللبنانية زمنا معقدا، سقطت فيها رؤوس كبيرة، لها قدرة فذة على خوض المعارك السياسية الكبرى.

    إن بعض التحديات يمكن تجاوزها بالنسبة للسيد الجعفري، ولكن بعض هذه التحديات لا يمكن تجاوزها بالمرة، نعم يمكن التخفيف من وطأتها، تحجيمها، تقليص آثارها.

    وإذا كان تشكيل الحكومة تحديا قد تم تجاوزه بالنسبة للسيد الجعفري، فأن مشكلة العزلة التي كان يعيشها العراق بعد سقوط النظام البائد قد عالجها الرجل بحكمة وحيوية، لقد كان قرارا مدروسا أو محبوكا من قبل هذا النظام أو ذاك لمحاصرة العراق، ومن ثم عزله.

    ولكن حكومة السيد إبراهيم الجعفري تمكنت بمديات جيدة من فك هذا الحصار الظالم، فإن زيارته لتركيا ومن ثم إيران ومن قبلها الكويت، وبين هذه وتلك حضوره مؤتمر بروكسل إنما مهدت لفك هذا الحصار.

    ولا ننسى أن مثل هذه الزيارات ليست سهلة كما يتصور البعض لموقف هذه الدول السلبي من النظام السابق، ذلك أن لهذه الأنظمة عقد مستعصية مع العراق، وقد كان الرجل قويا صريحا في هذه الزيارات، حيث قدم مصلحة العراق على كل مصلحة، ولم يخضع لابتزاز، فيما كان يراهن البعض أن الجعفري بحكومته سوف يقدم تنازلات أو ربما يساوم بشكل وآخرعلى مصلحة بلده، ولكن الرجل كان حاسما، ولعل موقفه في رفض التوقيع على معاهدة الجزائر، وتسليم مجاهدي خلق وغيرها من المواد الصعبة الأخرى تشهد له على ذلك.

    لا يشك اثنان أن الدكتور الجعفري استلم المسؤولية والوضع بشكل عام لا يحسد عليه، وهل ننسى أن الدكتور إياد علاوي خلف الكثير من العقد والمشاكل التي كان سبباً بها من حيث يشعر ومن حيث لا يشعر؟

    هل ننسى أن حكومة الجعفري استلمت وزارة الداخلية وهي ملغمة بما يحمل كل مواد التفجر بوجهه وبوجه حكومته؟

    وبالتالي، يجب علينا ونحن ندرس هذه التحديات أن نضع النقاط على الحروف، فليس كل تحد للعراق هو تحد للحكومة بشكل مجرد، هل يخفي أعداء السيد الجعفري بأنهم هم جزء من التحدي الذي يواجه حكومته؟.

    فأين إذن مواقفهم التي من شأنها معالجة هذا التحدي؟.

    وبناء على ذلك، أن عدم معالجة حكومة الجعفري بعض هذه التحديات، ليس لأنها خارج حدود الطاقة وحسب، بل لأن هناك طعنة من الخلف لهذه الحكومة من قبل الذين كان واجبهم دعمها ونصرتها.

    إن التحديات التي يواجهها الجعفري ليست تحديات تخص حكومته، بل تخص العراق كله، ومن المهم أن يكون الجواب عليها هو جواب العراقيين كلهم، ولكن هل حصل ذلك فعلا؟

    أين هي مواقف المعارضة التي من شأنها إعانة الحكومة مثلا على إنهاء أزمة الطاقة؟

    أين هي خدمات الأحزاب، حتى الأحزاب الموالية في حشد الجماهير للقيام بعمل جماهيري مسؤول لمواجهة خطر التسيب الإداري والمالي؟.
    يجب أن نكون منصفين.





  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]ثلاث جدليات أمام حكومة الجعفري
    * د. فخري مشكور
    07 / 10 / 2005
    [/align]


    جدلية الإنتماء والولاء

    لمن ينتمي الدكتور إبراهيم الجعفري؟

    إنه رجل عراقي، فهوينتمي للعراق، ومسلم، فهوينتمي للاسلام، وشيعي فهوينتمي للشيعة وهورئيس حزب الدعوة، فهوينتمي إلى فئة حزبية، وهو.. فهو.. الخ.

    وبالرغم من كل هذه الإنتماءات فالمطلوب منه أن يكون رئيس وزراء للعراقيين جميعا ينظر إليهم نظرة واحدة، دون ان تؤثر عليه جميع هذه الانتماءات عدا الانتماء للعراق.

    فما هي أبعاد هذه الإشكالية متعددة الإنتماءات في مرحلة متعددة المشاكل يمر بها شعب متعدد الاثنيات والاديان والمذاهب؟

    في حادثة لها دلالتها، جرت لأحد المعارضين زمن الدكتاتور المخلوع في السفارة العراقية في بيروت عام 1976 عندما اضطر لتمديد جوازه الذي كان قد تلاعب بتاريخ ميلاده، فقد سأله القنصل العراقي عن سبب التشوّه الطفيف الذي ظهر على تاريخ الميلاد أجابه المعارض:

    - سقطت عليه قطرة شاي

    - ولماذا سقط الشاي هنا ولم يسقط هناك؟

    ـ لوسقط هناك لسألتني نفس السؤال ولقلت: لماذا سقط هناك ولم يسقط هنا.

    لابد لأي رئيس وأي وزير وأي موظف أن ينتمي إلى مدينة وطائفة وقومية ودين ومذهب واتجاه.

    ولا اعتراض على ذلك، لأننا لو اعترضنا على هذا الانتماء لجاز الاعتراض على أي إنتماء اخر كما أجاب صاحبنا المعارض للقنصل المعترض على مكان سقوط قطرة الشاي، فلا ينبغي أن يكون الإنتماء سببا كافيا للرفض (كما لا ينبغي أن يكون سببا كافيا للقبول فمن أين نأتي برئيس لا ينتمي إلى زمان أومكان أومجموعة بشرية؟ وهل يصلح هكذا رئيس ـ على فرض وجوده ـ لأية مهمة؟

    إنما الكلام يقع في المواصفات بقطع النظر عن الإنتماء، وقد أشار القرآن لضرورة النظر إلى المواصفات أوالمعيارية دون الإنتماء:

    (إن خير من استأجرت القوي الأمين).

    ولم يكلف الناس إطاعة النبي بسبب إنتمائه بل بسبب صفته كرسول: (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، (وما ينطق عن الهوى إن هوإلا وحي يوحى)، فكل من يوحى اليه تجب طاعته.

    وربما يكون هذا هوالسبب في عدم ورود إسم النبي محمد (ص) في القرآن المكي ولا مرة بينما وردت كلمة رسول في القرآن المكي ما لا أحصيه من المرات.

    وسار النبي (ص) على نهج القرآن عندما حذر ابنته الحبيبة من الركون إلى الإنتماء وترك المعيارية:

    (يا فاطمة اعملي فوالله لن يغني عنك أبوك من الله شيئا).

    وسحق النبيُ (ص) الإنتماءَ أمام مبدأ (المساواة أمام القانون) حتى لوكان هذا الإنتماء في ذروة الشرف:

    (والله لوسرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها).

    ليس الإنتماء إذن هوالمهم ، لكنها المعيارية.

    إن الإخلاص للأمانة التي يتحملها رئيس الوزراء هي المعيار للثقة به وليس إنحداره الطبقي أوالإثني أوالمذهبي.

    إنه الولاء لا الإنتماء.

    هل ولاؤه للوطن والمواطن؟ أم لحزبه وطائفته وقوميته ومحافظته؟

    يحق لكل فرد أن ينتمي لأي جماعة فكرية أو إجتماعية أو سياسية فهو حر في ذلك، ولكنه ليس حرا في أن يوالي جماعة دون جماعة وهو يحتل مركزا يتطلب الموالاة لجميع الذين يشملهم هذا المنصب بمقولة الحقوق أومقولة الواجبات.

    ومن يتابع أقوال الجعفري يجد فيه صورة صارخة للولاء للعراق لكافة طبقاته وقومياته وأديانه ومذاهبه ومناطقه، إذ لم يترك الجعفري ثغرة واحدة يمكن من خلالها إتهامه بالولاء لغير العراق والعراقيين.

    جدلية الحقوق والواجبات

    تعودت أغلب شرائح الشعب العراقي ان تعيش حياة تؤدي خلالها جميع الواجبات التي تكلف بها، والواجبات التي لا تكلف بها، دون ان تكون لها حقوق تعطى لها، اوحقوق تأخذها بنفسها.

    على العراقي ان يطيع الحكومة منذ نعومة اظفاره، فيخدم الحكومة، ويخدم الحاكم، ويخدم العلم، ويخدم الرئيس، والمدير، والعريف، والضابط، والرفيق الحزبي، ويؤدي لهؤلاء جميعا كل ما يفرضون عليه من واجبات ورغبات وشهوات، فردية أو جماعية، عدوانية او سلطوية، وليس له شيء من الحقوق...لا كرامة، ولاضمانا اجتماعيا، ولا صيانة للممتلكات، ولا للاعراض، ولا للدماء، ولا يخفف عنهم العذاب ولا ينصرون.
    هذه واجبات العراقيين تجاه الداخل، تجاه السلطة، من رأسها الى أخمص قدمها، على نحوالاستغراق التام، والاستقراء الكامل...ولا حقوق تقابلها.


    أما واجباتهم تجاه الخارج فهي تقوم على نفس القاعدة: واجبات بلا حقوق، فعلى العراقيين ان يضحوا بكل مصالحهم للحفاظ على مصالح المسلمين، ويضحوا بانفسهم في الدفاع عن دولتهم، دون ان يكون لهم اي حق في دولة الاسلام، اوعند مسلميها.

    وعلى العراقيين ان يضحوا في سبيل كل العرب باموالهم وانفسهم، وان يغذوا اقتصاد الاردن وسوريا ومصر وغيرها، ومثقفي الكوبونات وسلاطين الفضائيات، وليس لهم اي حق على هذه الدول والمثقفين والفضائيات.

    وعلى العراقيين أن يضحوا بكل شيء من اجل الفلسطينيين، وليس لهم حق عليهم، بل عليهم ان يفرحوا لإقامة الفاتحة لعدي وقصي في فلسطين، ولا يحق لهم ان يوجهوا كلمة عتاب واحدة لمن كـرّموا جلاديهم، بل عليهم ان يواصلوا حسن ضيافتهم في العراق حتى لوفجروا مساجدهم واسواقهم.

    هكذا العراقي دائما: واجبات بلا حقوق.

    ان ثقافة (العراقي واجبات بلا حقوق) ضاربة في عمق وجدان دول الجوار العربية منها والاسلامية، وكون العراق والعراقيين مستودعا لنفطهم، اوبنكا لتمويلهم، اوحطبا لنارهم، اوجنودا لمعاركهم، اوساحة لحربهم، هومن ابسط واجبات العراقيين التي يدركها العقل بالبداهة ولا تحتاج الى برهان... وما مطالبة العراقي بحقوقه الا ضرب من التخريف (برأي العرب)، اوالتجديف (برأي المسلمين).

    ثقافة (العراقي واجبات بلا حقوق) تريد ان تفرض على العراقيين كل واجباتهم تجاه العروبة والاسلام وفلسطين ولبنان والصحراء الغربية وما وراء النهر والري وجرجان وبلاد السند والهند وما لا تعلمون.

    حكومة الجعفري مطالبة باجتثاث هذه الثقافة من جذورها، وهي مهمة شاقة لا بسبب رسوخها في اذهان العرب والمسلمين فحسب بل – وهذا هوالاهم- بسبب رسوخها في العقل العراقي الباطن.

    جدلية الاعلام والارتزاق

    الاعلام هو السلطة الرابعة التي تركت عرشها الفضي الذي كانت تجلس عليه في العقد المنصرم، الى العرش الذهبي في عصر الفضائيات.
    اذا اخذنا بنظر الاعتبار الموارد الضخمة التي وضعها الدكتاتور المخلوع تحت تصرف اكبر فضائية رائدة في العالم العربي، وشريحةٍ واسعة من المثقفين العرب، ادركنا عمق الكارثة وابعاد النكبة التي حلت بهؤلاء الاعلاميين بسقوط ولي نعمتهم.

    فلا لوم إذن على الجزيرة، ومصطفى بكري، وعبد الباري عطوان، والمسفر، والعشرات من امثالهم لمواقفهم من القوات الأمريكية التي يرونها في العراق ولا يرونها في قواعد العيديد والسيلية في الدوحة عاصمة قطر، فـ(رؤيتهم) هذه تعبر عن (وفاءٍ) للنظام السابق الذي يدعم الاعلام، و(عتبٍ) على النظام الجديد الذي لا يدعم هذا الإعلام المتميز بـ(الحياد والدقة والموضوعية) ويقدم (وبكل تجرد) الرأي والرأي الاخر، لا بل يذهب أبعد من ذلك فيقدم أكثر من رأي.

    الإعلام اليتيم (بعد وفاة معيله) أصبح متمرسا في توجيه الرأي العام، فهو اليوم يستقطب المجتمعات البعيدة عن واقع العراق وعن واقع هذا الإعلام الذي يدعم -تحت الطاولة- بن لادن والزرقاوي وسائر ما يسمونهم بالمجاهدين والمقاومين من امثالهم.

    هذا الإعلام اليتيم له القدرة على تسويق الشيطان لعالم المؤمنين بإعتباره ملاكا مظلوما قضى عمره في خدمة قضايا الأمة، وأن يصور الحرية بإعتبارها خيانة لله ورسوله والمؤمنين الصادقين من مثقفي الكوبونات وقيادات حزب البعث والحرس الجمهوري.

    لقد توجـَّهََ الإعلام اليتيم للعراق الجديد بصورة عامة ولحكومة الجعفري بصورة خاصة بمعاول الهدم لطمس كل نقطة مضيئة وتضخيم وتوسيع كل نقطة سوداء إمعانا في نصرة القائد الملهم الذي انتخب بصورة شرعية ولا تجوز محاكمته لأن الدستور الذي كتبه بيده يمنع محاكمته.





  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]حزمة التحديات... الأسماء والهوية
    * د. مهدي رشيد
    07 / 10 / 200
    [/align]


    تواجه حكومة السيد إبراهيم الجعفري الكثير من التحديات بسبب ظروف استثنائية مر بها العراق، فالعراق بلد مثخن بالجراح، جراح الديكتاتورية التي أفقدت أبناءه الشعور الداخلي بالأمن، وعسرت عليهم أيامهم في كل ما تستوجبه وتتطلبه الحياة الحرة الكريمة، وجراح الحروب التي لم ينفك صدام يزج في نارها الجهنمية الشعب العراقي حربا بعد حرب. وأخيرا فإن إسقاط صدام رافقه انهيار كبير للدولة بكل ما تعنيه الدولة من معنى سياسي وقانوني.

    حقيقة أن الجعفري يواجه تحديات صعبة وشائكة ومعقدة ومتداخلة، فحكومة الجعفري تواجه فراغ شبه شامل على صعيد أجهزة الدولة، كما أن ما موجود منها يكاد يكون ضعيفا بكل معنى الضعف، فهناك أزلام النظام السابق الذين قد يتعمدون الإساءة والتخريب بشكل وآخر، وهناك ضعف الأداء بالنسبة للموظفين الجدد، وهناك كثرة المشاكل التي ينبغي على هذه المؤسسات معاجلتها، ثم قلة المصادر المالية التي يجب أن تتوفر سائلة كي تؤدي هذه المؤسسات عملها بانسيابية واستمرارية فاعلة، وأخيرا، مشكلة الأمن.

    إن التصوير الحقيقي لوضع العراق أنه بلد أزمة، الأزمة قائمة في كل مكان في العراق، ومن صميم هذه الأزمة هذا الاختلاف الكبير في الرؤى والتصورات في مسائل حساسة تمس مستقبل العراق ومصير أبنائه، وذلك مثل شكل الحكم، والفيدرالية، وعلاقة الدولة بالدين، وليس من شك أن التركيبة العشائرية للبلد تزيد من تصعيد وتائر الأزمة، وتعقد من طبيعة التحديات، فإن بلداً تحكمه القيم العشائرية يصعب معه إلى حد ما تحكيم القانون بدرجة تبعث على الاطمئنان، ثم، لا ننسى أن لرجال الدين كلمة قوية في عمق الضمير العراقي، ورجل الدين في العراق لا يعتبر نفسه قوة روحية وحسب، بل هو قوة تشريعية، يجب أن تكون له كلمة ربما فاصلة في قضية الحكم والدستور، ومن هنا وهناك تبرز القضية الإثنية لتشكل تحديا صارخا، لا يواجه الدكتور الجعفري وحكومته فقط، بل يواجه العراق كله، لتقف إلى جانبها القضية الطائفية التي برزت قوية شاخصة بعد سقوط صدام حسين.

    يخطئ القول من يرى أن هذه التحديات جديدة، بل هي تحديات قديمة، وهي ليست تحديات تخص السيد الجعفري وحسب، بل هي تحديات تواجه الشعب العراقي برمته، تواجه جغرافية العراق، وتواجه وحدة العراق، ومصير العراق.

    إن التحدي العنصري الإثني كان تحديا غامرا، خفيا، في الأعماق، فليس سراً، أن الحكومات العراقية ومنذ أن تأسس الشكل القانوني للعراق كدولة لم تتمكن من علاج القضية الكردية بشكل منطقي وعادل، بل تعاملت مع هذه القضية بمنطق الحديد والنار، وكأنها مصرة على أن الأكراد والتركمان مواطنين من الدرجة الثانية، الأمر الذي ولد احتقانا مزعجا في ضمير كل كردي، ربما يصل إلى الكفر بالتراب العراقي، ومن هنا قد لا نستغرب مطالبة الكثير من هؤلاء بدولة كردية، قد لا يكون ذلك في نطاق حس قومي خالص، وقد لا يكون ذلك من منطق حق الشعوب في تقرير مصيرها، بل قد يكون بسبب هذه السياسة الهوجاء التي دمرت الأمل، وزرعت اليأس في نفوس الآخرين، وكانت لسياسة صدام أكبر الأثر السيئ في توتير النفس الأخرى، فعمليات الحرق والتطهير العرقي، وطمس معالم القوميات الأخرى.. كل ذلك ساعد على توتير الإجتماع العراقي في العمق، وكانت تنتظر الفرصة لكي تخرج إلى السطح لتعمل عملها الخطير.

    إن التحدي الطائفي لم يكن هو الآخر جديدا، بل كان يفور في داخل الجسم العراقي، فلقد حرم الشيعة من حقوقهم السياسية والمدنية والوظيفية عبر عشرات السنين، فيما هم بناة الدولة في نواتها الأولى، وقد عرفت مناطقهم بمعالم الأكواخ الطينية، والحرمان الخدمي، فضلا عن سلسلة الاضطهاد التي لم يخل بيت شيعي من بلائها، ولعل آخرها مجازر القتل المئوية الذي تشهد عليه هذه المقابر الجماعية التي تملأ الجغرافية الشيعية بشكل موجع ومؤلم إلى حد كبير.

    لقد كان الشعب العراقي مقسم طائفيا في الباطن، في الداخل، في العمق، كان ذلك من بداية التأسيس، تأسيس الدولة وحتى هذه اللحظة، ولكن صدام عمق هذا الانقسام، عمقه بعنف، وذلك بسبب عمليات الذبح الرهيبة التي أقامها بأهالي الجنوب والوسط من الشيعة، وقد شن عليهم حملة إعلامية قاسية اتهمت شرفهم وتاريخهم ودينهم، وبالتالي، فأن سقوط صدام فسح المجال لما كان يريد أن يخرج إلى الفضاء، إلى العلن، فكانت الكارثة.

    مما يزيد في تعقيد هذا التحدي، أن بعض السنة العراقيين يحلمون بالمجد الغابر أو المجد الذي أفل قريبا، ومن هنا فإن التحدي الطائفي ذو أبعاد تاريخية، وذو وقع في النفوس والضمائر، وهو يدخل اليوم ضمن دائرة التجاذب الاجتماعي والثقافي والسياسي القوي، المخيف.

    هناك تحد مهم، تحد خفي خطر، وهو تحد له قابلية النمو، أقصد تحدي حزم المنتفعين من النظام السابق، من ضباط كبار، ومن تجار سلاح، وحزبيين كبار تمكنوا من استثمارات ومجالات استغلال واستحواذ كبيرة ومهمة وخطيرة، ومصدر التحدي في هؤلاء، كونهم أصحاب ممكنات مادية ونظمية متقدمة، ولأن هناك أنظمة خارجية تدعمهم، وقد صرح أبو قتيبة الأردني صراحة أن أكثر ضباط الجيش العراقي المنحل انضموا إلى ما يسمونه بالمقاومة، وهؤلاء يملكون خبرة عسكرية في حرب العصابات، كما أنهم تعلموا على القسوة بشكل لا مثيل له، ولهم تجارب حرب شرسة مع إيران وفي الكويت، وفي دعم ميشيل عون في لبنان، وكان الكثير منهم خريج مدرسة المخابرات السرية، التي كانت تعمل بأعلى الاختصاصات، من قتل سري، واختراق مجموعات، وتنظيم عمليات خطف وترويع في العراق، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه.

    هذا التحدي مزدوج، طائفي في كثير من سمته، وانتفاعي في كثير من سمته أيضا، ومن قدراته علاقته بالخارج، أي بعض دول الجوار، وما يمكن أن ينشئه من علاقات بالخارج، وربما قد يغري حتى بعض صناع القرار الأمريكي والبريطاني، على صعيد كونه رقما مهما في المعادلة السياسية العراقية المستقبلية، بل في المعادلة السياسية العراقية وهي سارية على الأرض الآن.

    إن تحدي الخدمات المدنية الشعبية مثل الكهرباء والماء والصحة وغيرها من الموضوعات الأخرى خطيرة وذات وقع على الموقف الشعبي بشكل عام، وهذه التحديات في الحقيقة ليست لها صلاحية إثارة المواطن العادي بلحاظ حقه فيها، أي بلحاظ كونها حقوق يجب أن تُلبّى، بل لأنها أيضا مادة مهمة بيد الأعداء لاستخدامها الذكي ضد الدولة.

    فهؤلاء يمكنهم استخدام هذا التردي كوسيلة للإثارة، وكوسيلة لتأكيد فشل الحكومة، من قبل الأعداء التقليديين، ومن المعارضة التي إذا لم تتسلح بالقيم الديمقراطية تدخل في مملكة الشغب السياسي، حيث تعتمد المزايدة والتشهير.

    إن تحديات الخدمات العامة مشكلة معقدة، فهي تثير الناس بلحاظ كونها داخلة في حومة الحق الطبيعي، وهي سلاح بيد الآخرين، كما أنها تساهم مساهمة مؤثرة في تعطيل النمو الأقتصادي، وتعقيد المشاكل الحياتية، وزرع اليأس والإحباط في النفوس .

    كيف يمكن التعامل مع هذه الحزمة الهائلة من التحديات؟

    من الصعب إقناع الآخرين بأن بعضها ليس تحديا للحكومة بقدر ما هو تحد للعراق ككل، وإن على الجميع دعم الحكومة بما تقوى عليه من حل لهذه الأزمة أو تلك، ومن الصعب إقناع الناس أن بعض هذه الأزمات يرجع تاريخها إلى الماضي، وهي من صناعة سنين عجاف، ترجع إلى ماض عتيد، لأن الناس تريد خبزا، وتريد أمناً...

    إن حكومة الجعفري تواجه هذه التحديات كلها، والناس تطالب الحكومة بالتعامل مع تحديها الذي يقرب من حسها، ولا تهتم بالتحديات ذات المنظور البعيد، كوحدة العراق، وما شابه ذلك، ومن هنا فإن الواجب الكبير الذي ينبغي أن تضطلع به الحكومة هو الخبز والأمان.

    إن معالجة التحدي القريب بداية لمعالجة التحدي البعيد، وكان الواجب على حكومة الدكتور الجعفري أن تجند كل طاقتها لمواجهة هذين التحديين، كان عليه أن يتجاهل ولو على علم كل أمر خارج هذين الدائرتين المهمتين، وينصرف كليا باتجاههما وحسب.

    وكان له أن يشترط على القوات المتعددة الجنسيات بأن تدعمه إلى ابعد الحدود في إنجاز هذين المهمتين، وذلك ضمن خطة يشرف عليها بنفسه، ومن خلال طاقم حكومي قوي، متعدد القوى السياسية والحزبية، وبالتعاون مع تجمعات وطنية ودينية محلية مؤقتة، وأن لا يكتفي بطاقمه الحكومي، ولو أنه خطى هذه الخطوة لوفر على حكومته الكثير من المتاعب الجمة.

    إن القوات المتعددة الجنسيات الموجودة على الأرض العراقية تتحمل قسطا كبيرا من مسؤولية عدم تحقيق مساحة كبيرة من الإنجاز على هذين المستويين، فإن حكومة الجعفري وأي حكومة عراقية لا يمكنها أن تعالج كل هذا الخرق الرهيب الذي بات يهدد العراق برمته.





  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]حكومة الجعفري في مواجهة التحديات
    * ماجد الغرباوي
    07 / 10 / 2005
    [/align]

    ثمة تحديات تواجه حكومة الدكتور الجعفري، تتفاوت في درجة خطورتها واهميتها. وهي تحديات متعددة ومتنوعة فرضها الراهن العراقي، او انها انقلبت الى تحد بفعل حداثة تجربة الحكم. واكثر هذه التحديات تناولتها الاقلام بالنقد والتحليل، باعتبارها ظاهرة وحقيقية، كالوضع الامني، الاستقرار، الكهرباء، الصحة، البطالة، العنف، الارهاب، شبكات السرقة والسطو والاختلاس والتلاعب بالاموال، واستغلال المناصب الحكومية وغيرها ومواجهة هذه الانماط من التحديات يعتمد على حزم رئيس الوزراء وحنكته وادائه، وحجم التعاون بين افراد حكومته، وقدرة الائتلاف الذي ينتمي له على تجاوز خلافاته، والامكانيات المتاحة، وحجم هذه التحديات، ومقدار تأثيرها على الوضع.

    ان بقاء هذه المصفوفة من التحديات سيفقد الحكومة مصداقيتها، بعد ان كانت شعاره الانتخابي، ورهانه الذي على اساسه اعتلى سدة الحكم. وما لم ير الواقع انجازات حقيقية تكون شاهدا على نجاحه فلا تستطيع التبريرات والاعتذارات اقناع الشعب بجدارته، وبالتالي سيكون من الصعب على رئيس الوزراء احراز ثقة الجماهير به (اذا كان انتخابه من قبل الشعب مباشرة)، او كسب ثقة الجمعية الوطنية (اذا كان الانتخاب غير مباشر).

    من هنا فهو مدعو الى اعادة النظر في مشاريعه لتسوية تلك التحديات، والاستفادة من التجارب الماضية وادراك قيمة الوقت لوضع حلول اكثر عملية وجدارة.

    ونعتقد هناك ثلاثة تحديات لها الاولية راهنا، وعلى المدى القريب، وهذا لا يعني عدم وجود تحديات ربما اخطر منها، لكن هناك متسع من الوقت لمعالجتها. وهي:

    اولا: الوضع الامني

    عندما نتأمل التحديات المتقدمة نجد اكثرها خطورة الامن والخدمات، بل ان الثانية تتوقف على الاولى. فمسألة العنف والارهاب (او الوضع الامني) باتت تهدد مستقبل الحكومة، وبات الارهابيون يراهنون على اسقاطها او زعزعة مصداقيتها من خلال الاستمرار بالعمليات الارهابية المسلحة.

    من هنا تبدو خيارات الجعفري للقضاء على الارهاب محدودة، واي واحد منها سيكون مكلف بحد ذاته. فأما ان يتخلى عن الحكم، ويعترف بضعفه وهزيمته امام تحديات الوضع الامني، او يختار التفاوض مع الاطراف المسلحة، فيجب عليه الرضوخ لمطالبهم واشراك القتلة والمجرمين بالحكم، وهو خيار ترفضه اكثرية الشعب.

    غير انه خيار الحكومة الامريكية وخيار المعارضة السياسية بقيادة الدكتور اياد علاوي والاطراف السنية الاخرى.

    او الاستمرار بمكافحة العنف، وهو افضل الخيارات ربما بنظر طيف واسع من السياسيين والمثقفين، لكنه خيار يستغرق كل ما تبقى لحكومة الجعفري من وقت لاثبات مصداقيتها، وربما اطول، وحينئذ لا تستطيع الحكومة انجاز أي شيء في ظل تواصل العنف.

    اضافة الى نفقات الحرب، واستهلاك الطاقات، وبقاء القوات العسكرية في حالة استنفار متواصل، وبقاء حالة الانذار القصوى، وانفلات الوضع الاداري بسبب الارباك الامني، وربما سيفضي الوضع في هذه الحالة الى تمرد الشعب.

    والاخطر من كل ذلك على الحكومة الحالية، خطاب المعارضة السياسية، التي تستغل الظرف الراهن للاطاحة بالحكم، أي انها توجه انظار الشعب الى نقاط ضعف الحكومة فيندفع في تمرده ورفضه لها، والمطالبة باستقالتها او تنحيتها، سيما حينما تلوح المعارضة للشعب بوجود بدائل هي قادرة على تنفيذها وانجاحها لانهاء حالة الحرب في البلاد. فخيار الاستمرار في مكافحة الارهاب بهذه الطريقة اذن ليس اسهل الخيارات بل اصعبها، وربما يكون السبب في سقوط الحكومة، فضلا عن ارباكها وتقهقرها.

    من هنا ربما يكون خيار الحوار السياسي مع المسلحين افضل الخيارات، رغم فداحته من الناحية النفسية، لكثرة ايجابياته، وقدرته على استتباب الامن والسلام.

    والمسلحون على قسمين: الاول وهم بقايا النظام الفاشي ومن التحق بهم لمحاربة القوات الامريكية. والحوار مع هؤلاء ممكن اذا رضخوا لمطالب الحكومة، ولم يرتكبوا اعمالا عدوانية ضد الشعب.

    والاتفاق معهم على شروط معينة، سيساهم في خفض نسبة العمليات العسكرية كثيرا. سيما في المناطق السنية والعاصمة بغداد وما حولها من مناطق ملتهبة. وستضع الحكومة يدها على جميع قدراتهم، وتتعرف على قياداتهم، وتنزع فتيل الازمات المتفاقمة بسبب العنف، وتفكك الالتفاف الجماهيري الموالي لهم، وتستطيع تطويق باقي التحديات لتسويتها، وتسريع المشاريع الخدمية. او كحد ادني ان الحوار سيحيـّد ما يعرف بالمقاومة ويحجم دورها، ويساعد على الاستقرار الامني، ويساهم في خفض ميزانية الانفاق العسكري.

    واما القسم الثاني او ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ومن تبعه من التنظيمات الاسلامية المتطرفة، فلا يمكن التحاور معه، لتورطه بدماء الابرياء، وارتكابه جرائم وحشية بحق الشعب العراقي، واصراره على قتال الشيعة وافراد الحكومة. وهؤلاء اساسا يعتمدون في وجودهم على القسم الاول في توفير المال والسلاح والاماكن والتخطيط. ونجاح الاتفاق مع أولئك سيؤثر سلبا على القسم الثاني، بل سيؤدي الى تراجعه وتحجيمه، وربما اكتشاف حقيقته وتحديد حجمه وقدرته.

    لكن التفجيرات والاغتيالات لا تنتهي، لانهم عدوانيون، دمويون، استمرءوا قتل الابرياء، واستسهلوا الاعتداء على الحرمات. وهنا تبدأ مهمة التشكيلات السرية واجهزة الشرطة لملاحقتهم وتعقب وجودهم. فوجودهم مخل بالامن لكنه لا يعرقل اداء الحكومة. ويكفي اليقظة والحذر وتكثيف العمل الامني والوقائي في تشتيتهم والقضاء عليهم مستقبلا.

    والمهم ان الشعب بات يعي هؤلاء، ويعي دوافعهم ونواياهم، وهو الى جانب الدولة في مطاردتهم والقضاء عليهم. ومهما يكن فان العنف سينخفض الى ادنى مستوى. وستتمكن الحكومة اداء شيء من مشاريعها الخدمية لاثبات مصداقيتها، وتشترك بالانتخابات القادمة اعتمادا على رصيدها الشعبي وما حققته من انجازات على ارض الواقع.


    لكن هل يستطيع الدكتور الجعفري الاقدام على هذه الخطوة؟

    اعتقد سيضطر رئيس الوزراء الى هذه الخطوة، باعتبارها افضل الخيارات كما تقدم، وقد باركت امريكا خطوات الانفتاح، ودفعت بعض الجهات نحو الحوار مع المسلحين، بل جرى بعضها باشرافهم كما ذكرت الاخبار. ثم اذا لم يستجب الجعفري لمشروع الحوار سيخسر المعركة لتفاقم الوضع الامني، ويخسر التأييد الامريكي لانه السبب في عرقلة الحوار وتفاقم الامن، وستتخذه المعارضة ذريعة للتشهير به، وتعلن استعدادها للحوار من اجل انهاء العنف في البلاد. والدكتور الجعفري يدرك ذلك جيدا، لكنه مرتبط بائتلاف، بعض اطرافه لا يفقه من السياسة شيئا، ويعيش حالة من الغطرسة والكبرياء لا مثيل لها. وبعضها لا يطيق التقارب مع البعثيين، وهو محق، لكن للسياسية احكامها وضروراتها، وبعض مرتبط بارادة خارجية، والجميع يعلم ان مصلحة دول الجوار في وجود وضع مرتبك غير مستقر في العراق لتفويت الفرصة على الامريكان. فهم مع بقاء العمليات المسلحة، ولا يهمهم مستقبل العراق وشعبه. والمطلوب من الجعفري احراز رضا الائتلاف الذي ينتمي له، او لا اقل اغلبيته كي يستطيع السير قدما في مشروعه. واعتقد انه سيلجأ الى ذلك حتى لو اقتضى الامر مخالفة الائتلاف، فمصلحة الحكومة وامن البلاد متقدمان على مصلحة الائتلاف.

    ثانيا: الفساد الاداري

    اذا كان العنف اساس التحديات المرتبطة بحياة الشعب العراقي فثمة تحديات من نوع آخر، تواجه الحكومة، اهمها مسألة الفساد الاداري التي صرح نائب الجمعية الوطنية قبل فترة بان الفساد الاداري في البلاد وصل حدا لا يطاق. والفساد الاداري قضية قديمة، وكان يفترض اجراء خطوات قوية ورادعة من اجل استتباب الوضع، لكن لم تشهد البلاد تحولا كبيرا واساسيا في هذا المجال. وحينما يتفاقم الفساد الاداري تنخفض الخدمات، ويزداد تبرم الشعب، وتفشل المشاريع، وتنعدم الثقة، وتتبدد الثروات، ويسود الانفلات الاداري، ويرتبك اداء الدوائر والمؤسسات، وبالتالي تتضعضع اركان الحكومة وتنهار.

    اذن فالفساد الاداري تحد آخر اضافة الى العنف يعصف بحكومة الدكتور الجعفري ويتطلب ارادة صلبة لمواجهته. وما لم تعالج الحكومة الفساد سيبقى دليلا قويا على ضعف الحكومة، مما يفقدها مصداقيتها، ويعرقل ادائها.

    ثالثا: الشرائح الثورية

    يبقى اخيرا تحد ثالث كما نعتقد يؤثر في مستقبل الحكومة الجعفرية، وهو الشرائح الثورية، والكيانات السياسية والدينية، التي لا تلتزم بالقانون، بل وتعتبر نفسها فوق القانون، فتفرض شروط على الشعب لا ترتكز الى أي اساس قانوني. فقد سألت احد الاصدقاء يوما عن العراق، وهو رجل خبير وفي موقع متقدم في الحكومة، فقال العراق باختصار: امارة طالبان في الجنوب، وامارة طالبان في الوسط، والسلفيون التكفيريون يسيطرون على الغرب. مما يعني ثمة ارادة مستقلة تنافس الحكومة ارادتها ووجودها، فكيف يمكنها بسط سيطرتها على الوضع؟ سيما اذا اخذنا بنظر الاعتبار، ان هذه الجماعات مرتبطة بخطوط سياسية، وقد ارهقت الحكومة يوما ما بتمردها، ولا يرغب أي مسؤول حكومي اثارة الخلاف معها باي شكل من الاشكال. فالحكومة الان بين خيارين اما تفكيك تلك الشرائح الدينية والسياسية، وهذا يعني اثارة سخطها والدخول في مواجهة معها ثانية، وهذا ليس من صالح الحكومة. او السكوت عليها، وبالتالي ستعلو ارادتها فوق ارادة الحكومة والشعب، وستنتهي الحال الى نتائج وخيمة مستقبلا، اذ سيتهم الشعب الحكومة بالضعف والتواطؤ، مما يفقدها مصداقيتها.

    هذه ثلاثة تحديات نعتقد لها الاولوية على غيرها راهنا وبشكل مستعجل، وهناك تحديات من نوع آخر، سيكون لها تأثير اقوى على المدى البعيد. وبالتالي فحكومة الدكتور الجعفري هي حكومة تحد، واصرار، قد تكالبت عليها ظروف داخلية واخرى خارجية، واي خطوة تقوم بها يعد انجازا كبيرا قياسا بالوضع المتأزم. وايضا سيكون من الطبيعي وجود اخطاء كبيرة وفادحة، لكن ليس من الطبيعي الاهمال والتواطؤ والاستغلال والتقصير، وهو موضوع آخر لا تسعه المساحة المحددة لهذا المقال.





  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]الجعفري بين حيوية الأداء والاعلام المريض
    * نزار حاتم
    07 / 10 / 2005
    [/align]

    دشّن الدكتور ابراهيم الجعفري مسؤولية رأس الهرم الحكومي الراهن في وقت كان العراقيون يتطلعون الى الكثير من تحقيق أمانيهم على يد حكومته لا سيما في مجالات لجم العنف ووقف العجلة الدموية، ومعالجة البطالة، وتأمين الخدمات العامة.

    والى حد بعيد يكتسب هذا التطلع قسطا كبيرا من المشروعية انطلاقا من كون هذه الحكومة هي الأولى المنتخبة وعليها بصمات الناخبين العراقيين الذين هبوا الى صناديق الأقتراع في تحد واضح لتهديدات الأرهابيين الذين كانوا توعدوا في تفجير المراكز الانتخابية.

    وهنا تحسن الاشارة الى ضرورة اطلاع الشارع العراقي على التحديات التي رافقت حكومة الجعفري منذ ولادتها، فحالت دون تحقيق الكثيرمن الرغبات والتمنيات العراقية المشروعة.

    وأحسب أن معرفة العراقيين بالمشكلات التي واجهتها حكومتهم كفيلة في توجيه طموحاتهم توجيها واقعيا سيسهم اسهاما فاعلا في دعم هذه الحكومة ومساعدتها في اجتياز المطبات الكبيرة التي كانت حصلت وستحصل في الطريق المؤدية الى صوغ العراق الجديد عقب عقود من حكم الدكتاتوريات المتعاقبة على مقاليد الحكم في هذا البلد.

    ان اطلاع المجتمع العراقي على السلب والايجاب، على القصور والتقصير، على العصي الموضوعة في دولايب العجلة الحكومية، يعني فيما يعنيه حالة من التماهي المطلوب بين الحاكم والمحكوم، كما يعني أيضا زج أبناء الشعب في المساحات التي تتحرك فيها الحكومة، لتكون مثل هذه المساحات مكشوفة لعموم المواطنين حتى تكون أحكامهم المستقبلية على الأداء الحكومي نابعة من نظرة موضوعية بعيدة عن الأحكام المتسرعة والمشوبة بالأخطاء.

    ولأني لست معنيا هنا في استعراض ما تعرضت له حكومة الجعفري من ضغوط قاهرة، بقدر عنايتي في وضع اليد على قضية أزعم أنها مهمة وبالغة الحساسية تتعلق بعدم توفر الجعفري على طاقم اعلامي مهني كان بأمكانه لو توفر أن يضع رئيس الحكومة وأبناء الشعب في مركب واحد لمواجهة التحديات.

    لا أنا ولا غيري يستطيع القول ان السيد الجعفري قد حقق للعراقيين أمنياتهم وتطلعاتهم خلال هذه الفترة القصيرة من توليه رئاسة الوزراء، لكن في المقابل لا يقوى أحد على تجاهل كثير من المنجزات التي بذل جهدا كبيرا من أجل تحقيقها خصوصا على صعيد العمل المتواصل من أجل مكافحة الأرهاب وملاحقة القتلة، الى جانب فتح ابواب التعيينات في كثير من الوزارات أمام العاطلين العمل.

    لكن النقطة الجوهرية الجديرة بالاهتمام تكمن في البحث والتساؤل عن الخطة الاعلامية التي كان يجب أن ترافق رئيس الحكومة في تسليط الضوء على هذه منجزاته، ومواجهة الأعلام المضاد الذي يجهد بشكل واضح في مصادرة كل خطوة ايجابية قد اتخذها، والتركيز على كل ما هو سلبي لالصاقه بالحكومة بدوافع سياسية معروفة.

    أين الخطة الأعلامية التي يتعين عليها اعانة الجعفري في مشواره الملئ بالألغام؟

    والمؤسف حقا أننا نرى بعض المدافعين بأقلامهم عن الجعفري - وبحسن نية – في بعض النشرات والمواقع الالكترونية أنهم يسيؤون الى الرجل من حيث لا يشعرون من خلال اعتمادهم الأسلوب الغريزي والتركيز على كلمات ماعادت نافعة في اساليب العمل الاعلامي المعاصر، على حساب القضايا الجوهرية التي ينبغي معالجتها اعلاميا.

    لا أحسب ان السيد الجعفري بحاجة الى عبارة "سيادة رئيس الوزراء" بقدر حاجته الى طرح همومه اليومية أمام الشعب، وسعيه الحثيث الى معالجة البطالة وتوفير الخدمات رغم الظروف الأمنية والاقتصادية الخانقة.

    انه بحاجة الى اعلام يؤكد محاسبته للوزراء المقصرين، الى اعلام يذكر بلا تحفظ خطوات الجعفري الرامية الى ضبط المخالفات القانونية وسوء استغلال الموقع لهذا الوزير أو ذاك من اجل المكاسب الشخصية.

    الجعفري بحاجة الى حركة اعلامية تفسر للناس وجهة نظره الداعية الى عدم اخراج قوات المتعددة الجنسيات مالم يتوفر البلد على قدرات ذاتية في مواجهة العنف.

    الجعفري بحاجة الى اعلام ينتقد اداءه السياسي حيال هذه المشكلة أو تلك، وما الضير في أن يأخذ الطاقم الاعلامي التابع للجعفري على عاتقه خطة اعلامية خاصة في مواجهة الارهاب واحداث اختراقات في صفوف الارهابيين.

    الجعفري بحاجة الى تأسيس مشروع اعلامي يلغي فيه مفهوم اعلام السلطة لأنه كريه وغير مؤثر ودكتاتوري متملق.

    ولو انجز رئيس الحكومة مثل هذا المشروع لكان أرسى واحدة من أهم دعائم الديمقراطية في العراق.

    ان فترة ليست قصيرة قد انصرمت على تولي السيد الجعفري مهامه دون ان نلحظ أي عطاء اعلامي جدير بالتنويه قد غطى بفاعلية حركته السياسية وتعاطيه مع الصعاب التي تواجهه بشكل موضوعي مؤثر.

    ان الأسلوب المدائحي الهزيل الذي عمد اليه البعض في تناول مسيرة رئيس الحكومة لايمكن وصفه بغير الأعلام المضر الذي سيشكل عبئا مستقبليا على السيد الجعفري دون أن يكون له ذنب في صياغة هذا اللون من الأعلام الرث.

    ومن حقنا أن نتساءل لماذا لم يقدم الكتاب والصحفيون التابعون لمكتب رئيس الحكومة أي تحليل سياسي يتضمن وجهة نظره حيال الثقافة، التعليم، حقوق المرأة، الحركة الأدبية، السينما الخ؟.

    ومن حقنا أن نتساءل أيضا هل فتح هؤلاء الاعلاميون قنوات اتصال بين مكتب الجعفري وشرائح المجتمع العراقي المختلفة؟

    ولا أدري هل يقدمون له تقاريرصحفية يومية عما ورد في وسائل الاعلام العربية والأجنبية حيال تعاطيه مع مجمل الأحداث الداخلية والخارجية، ليبدي رأيا فيها يمكن أن يكون مادة اعلامية مهمة في ايديهم للرد عليها بأسلوب صحفي مهني؟

    حتى المعنيون في الأعلام الخارجي ليست لديهم مادة صحفية صادرة عن مكتب رئيس الحكومة يمكن اعتمادها في الحوارات والتحليلات التي تجري عبر وسائل الاعلام بشأن المشهد السياسي العراقي.

    مؤسف جدا أن ينصب اهتمام الطاقم الاعلامي التابع لمكتب رئيس الوزراء على قضايا هامشية ليست عميقة، وتحديدا في التركيز على "استقبل وودع، واستنكر، وأشاد".

    لا اريد التطفيف من اهمية هذه الأمور، لكن التركيز عليها واهمال القضايا الحساسة التي تشغل بال رئيس الحكومة هي الأهم، وهي الأقرب الى وجدان الناس ومشاعرهم.

    حتى اللحظة لم يصدر عن الدائرة الاعلامية في مكتب دولة الرئيس وجهة نظر تحليلية تتبنى رؤية رئيس الحكومة بالنسبة لقضية كركوك التي تناولها الاعلام الخارجي على أساس أنها تمثل نقطة خلافية حادة بين رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، فيما ظلت الحيثيات التي اعتمدها الجعفري في معالجة هذه القضية طي التساؤلات لتفتح نوافذ شتى لتحليلات خاطئة مقصودة او غير مقصودة،يدفع الجعفري ثمنها بالمجان، بسبب غياب الأقلام المحسوبة على مكتب رئيس الحكومة عن تناول هذه القضية تناولا موضوعيا ومعمقا يسهم في ايقاظ العراقيين على وجهة نظر رئيس حكومتهم المنتخبة، ويضعهم في صورة "اللخبطة"، والتشويش التي تحدثها بعض القنوات الاعلامية لدى تناولها مثل هذا الموضوع.

    حتى اللحظة لم يبادر الفريق الاعلامي المشار اليه الى طرح المتبنى السياسي لدى الجعفري حيال الفيدرالية وامكان تعميمها على المحافظات غير الكردستانية.

    هل يعقل أن ينتظر المتابعون ما سيدلي به الجعفري من تصريحات مقتضبة حول كل هذه الأمور، فيما لا يحرك هذا الطاقم ساكنا شأنه شأن المتابعين عن بعد؟.

    عجلة الاعلام المتلكئة في مكتب السيد رئيس الحكومة بحاجة ماسة الى دفعة قوية لترتقي بمستواها الى مصاف المسؤولية الملقاة على عاتقها في مساعدة السيد الجعفري ووضعه بصورة الأشياء على حقيقتها، وأحسب أن مثل هذه الخطوة تحتاج الى جهود مضاعفة على يد كفاءات محترفة بامكانها استثمار الفترة المتبقية من عمر الحكومة إستثماراً سليماً.





  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]تحديات داخلية تواجه الجعفري
    * د. أحمد عبد المطلب
    07 / 10 / 2005
    [/align]

    ثمة تحديات ملموسة وظاهرة تواجه حكومة الدكتور الجعفري كالوضع الامني، والفساد الاداري، والخدمات. فيما هناك تحديات يمكن تسميتها تحديات داخلية، ترتبط بالائتلاف الذي ينتمي له الجعفري، او بعلاقاته بالاحزب والجهات الاخرى. وربما يكون القسم الثاني من التحديات أشد تاثيرا، عندما يتعلق الأمر ببرنامج الحكومة.

    وهنا يمكن أن نرصد من بين التحديات الداخلية تحدي الائتلاف الذي ينتمي له الجعفري، وهو قسمان:

    تحديات ائتلاف الاحزاب الشيعية:

    ينتمي الجعفري الى ائتلاف يتكون من 17 مجموعة سياسية ما بين حركة وحزب وتنظيم، وقد خاض الانتخابات السابقة تحت لافتة الائتلاف الوطني الموحد. وعندما نقول ائتلاف فهذا يعني هناك اهداف دعت الى توحد جميع الاطياف السياسية في اطار سياسي واحد. فهي تشترك مع بعضها في عدد من الاهداف السياسية بينما تفترق في مساحات فكرية واستراتيجية وسياسية اخرى. ودخولها في الائتلاف لا يعني تنازلها عن جميع قناعاتها، او التخلي عن اهدافها الاستراتيجية، رغم التباين بينها في نوعية ومستوى اولوياتها. وهذا يؤكده مسألة توزيع المناصب الحكومية اذ استمر التجاذب بين اطراف الائتلاف حول الوزارات الى فترة ثلاثة اشهر.

    ان التباين في وجهات النظر بين اطراف الائتلاف يشكل تحديا خاملا، سرعان ما يتفعل وينشط عندما تتقاطع المصالح، ولا تتفق الخيارات. وهذا بلا شك يؤثر سلبا على برنامج السيد رئيس الوزراء. ولا يمكنه اهمال او تهميش القوى الممثلة فيه سيما اذا كانت تتمتع بثقل حقيقي كالمجلس الاعلى. لأن وجود الحكومة يتوقف على وجود الائتلاف، وعندما ينهار الائتلاف سوف تسقط الحكومة، وهو التحدي الاكبر والاخطر في المسألة.

    ومثال ذلك مسألة العلاقة بايران، العلاقة بالمرجعية الدينية، العلاقة بالاحزاب والتنظيمات العراقية، الموقف من المسلحين او ما يسمى بالمقاومة، الموقف من الرؤية الامريكية، الموقف من دول الجوار، وغير ذلك.

    فعندما يتخذ الجعفري موقفا سياسيا ازاء أي قضية من القضايا الآنفة يجب عليه اولا، احراز موافقة اطراف الائتلاف الذي ينتمي له، وتتعقد الامور اذا كان لكل طرف حساباته السياسية وموازناته الاستراتيجية، فكيف لا يتحول الائتلاف الى تحد كبير بالنسبة الى حكومة الجعفري عندما تتقاطع المصالح. فهل يستطيع الجعفري مثلا اتخاذ موقف صارم جدا من بعض الدول، وفي داخل الائتلاف من يعتبر امتدادا لتلك الدول داخل العراق؟

    أو هل يستطيع الجعفري تحييد القوى الدينية مع وجود احزاب دينية تسعى حقيقة الى اقامة دولة دينية، وعدم الاكتفاء بتوطيد العلاقة مع الاحزاب والجهات الدينية. او هل تتمكن الحكومة اتخاذ خطوات رادعة بحق مجموعات تعبث في البلاد ارتكازا الى قوة تمثيلها في الحكومة؟
    لا شك ان أي خطوة غير محسوبة سوف تقضي على الائتلاف الذي ينتمي اليه الدكتور الجعفري، وبالتالي سقوط الحكومة ذاتها.

    من هنا صنفنا هذا النمط من التحديات على التحديات الداخلية، لانها تحديات غير منظورة، بينما تأثيراتها كبيرة وواسعة، فلا غرابة ان يسارع الجعفري بين فترة واخرى لمقابلة عبد العزيز الحكيم ويقدم تقريرا مفصلا عن الوضع، لأنه شريك أساس في الحكم، ولا يمكن للجعفري تجاوزه او تخطيه، بل يجب عليه كسب قناعته وتوظيفها باتجاه برنامج الحكومة. وهذه ضريبة الائتلاف أي ائتلاف حكومي حاكم.

    وقد يتصورها البعض امرا طبيعيا، ونحن ايضا نعتبرها كذلك، الا انها تحد بكل المقاييس لشخص رئيس الوزراء. ولنا شاهد أقوى اذ نجد أفرادا من خارج الائتلاف يصرحون باسم الحكومة والاتجاه الشيعي ارتكازاً الى قوة الاطراف التي ينتمون لها، مما يسبب ارباكا للحكومة ومشاريعها.
    ولا يمكن لرئيس الوزراء تفادي تبعات الائتلاف وتحدياته الداخلية الا بمزيد من المرونة وأحياناً تأجيل أو تجميد بعض خططه في برنامج الحكومة، اذا ما عجز عن اقناع الائتلاف الذي ينتمي له بجدوى مشروعه.

    والمشكلة الاساس هنا تعدد الاتجاهات والاستراتيجيات والولاءات والمصالح والاهداف.

    ثم لا ننسى الصراع والتنافس بين رموز الائتلاف على المناصب الحساسة الذي يدفع دوما باتجاه التقاط الاخطاء وملاحقة نقاط الضعف والعمل على افشال البرامج الحكومية، وادانة ادائها السياسي. وهذه عملية مستمرة تتطلب من رئيس الوزراء جهودا اضافية للتصدي لمنافسيه، والبرهنة على صحة أداء الحكومة وإنجازاتها. وهي جهود ليست قليلة، وقد تصل حد التأثير على مستوى متابعة برامج واعمال الحكومة.

    ويبقى هذا النمط من التحديات أخطر وأصعب التحديات، اذ لا يمكن البوح به والكشف عن نقاط ضعفه، لأن فيه ادانه للذات امام الآخر المتربص، كما ان مشكلته الاخرى عدم استعداد الشعب لفهم واستيعاب هذا النمط من الصراعات والتنافس الداخلي. بل لا يتأخر في ادانتها وادانة الاطراف المشتركة بها. فبدلا من التأني في تفهم المشكلة يسارع الى تسقيط واتهام الرموز السياسية بالصراع على السلطة والتخلي عن الشعب ومشاكله الحقيقية، وهي ادانة كبيرة تفقد معها الرموز السياسية مصداقيتها.

    تحديات الائتلاف الحكومي

    تمثل الحكومة الحالية في العراق ائتلافاً موسعاً يشارك فيه الائتلاف الوطني، وهو مجموعة الاحزاب الشيعية، اسلامية وغير اسلامية، اضافة الى الاحزاب الكردية، اذ لم يستطع أي طرف من الاطراف احراز نسبة مريحة تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده، من هنا كان الاتفاق بين الاتجاهين السياسيين. ولا نشك في ايجابيات الائتلاف الموسع الذي استطاع استيعاب اكبر عدد من الاحزاب والحركات السياسية، اذ انعكس ايجابا على الوضع القلق في العراق، وله مردودات صبت في صالح الوطن.

    لكن عندما نتحدث عن التحديات التي تواجه حكومة الدكتور الجعفري يمكن ان نعتبر الائتلاف الحاكم تحديا داخليا، بل ومؤثرا جدا وقويا وفاعلا. ويكفي ان نتذكر ان عدد المرات التي هدد فيها الاكراد بالانسحاب من لحكومة، ويعني الانسحاب انهيار حكومة الدكتور الجعفري.
    من هنا يواجه رئيس الوزراء تحديا داخليا اسمه مطالب واهداف ومصالح واستراتيجيات الائتلاف الحاكم، فمثلا رفضت الاحزاب الكردية تصنيف البيشمركه (وهي القوات العسكرية التابعة للاحزاب الكردية) مليشيات مسلحة واعتبرتها قوات تحرير، وفرضت وجودها على الحكومة.

    نحن لا نشك بحاجة الدولة الى قوات مخلصة كالقوات المسلحة الكردية او قوات بدر، باعتبار تاريخها النضالي ومشاركتها في اسقاط الطاغية، لكن موقف الدولة النهائي هو موقف جميع الاحزاب وليس فقط الاحزاب التي تمتلك قوات عسكرية، وكانت نسبة عالية من الاحزاب العراقية رافضة لدخول المليشيات المسلحة في الحكومة، لكن هل يتمكن الجعفري التصدي للارادة الكردية في هذه المسألة او أي مطلب كردي آخر؟.

    لا يمكنه ذلك لسبب بسيط انه يحرص على الحفاظ على الحكم من الانهيار، لأن ذلك يعني إنهيار العملية السياسية بكاملها.

    وهنا نذكر أن الاخوة الاكراد يدركون جيدا اين يقفون على الخارطة السياسية، وكيف يتحركون ومتى، ما داموا يمسكون بالورقة الرابحة، وبيدهم مصير الائتلاف الحكومي، سيما اذا اخذنا بنظر الاعتبار قدرة الاكراد على الائتلاف، فيما اذا انهار الائتلاف الحكومي الحالي، فبامكانهم التنسيق مع الاحزاب والحركات الاخرى سيما بعد عودة الاخوة من ابناء المناطق الغربية (العرب السنة) الى الحكم.

    اذن بالحسابات السياسية يعتبر الائتلاف الحكومي تحديا كبيرا بالنسبة الى رئيس الوزراء، اذ لا يكون معه مطلق الصلاحيات الى حد تقديم خططه السياسية على مصالح الائتلاف الذي ينتمي له.

    غير ان هذا التحدي الداخلي ربما يستطيع تأجيله رئيس الوزراء اذا كان يتمتع بلباقة وقدرة سياسية عالية، وهذا ما أثبت قدرته عليه حتى الآن، لكنه يبقى تحديا حقيقيا، وله تجلياته الواضحة من خلال اداء الحكومة، او من خلال كتابة الدستور. فمطالب الاكراد اليوم مطالب عملاقة وهي اقرب الى الانفصال منها الى الفدرالية، سيما بعد مطالبتهم باستقلال الميزانية من النفط وغيرها من المطالب العريضة.

    التحديات الحزبية

    هناك تحد ثالث يمكن تصنيفه ضمن التحديات الداخلية التي تواجه حكومة الدكتور الجعفري، انه التحديات الحزبية، وهو ايضا من التحديات غير المنظورة او التي يمكن رصدها بسهولة، الا انه تحد ربما يكون على درجة كبيرة من الخطورة. فالجعفري في حزبه هو ضمن الائتلاف الوطني الموحد، وفي حكومته ضمن الائتلاف بين الشيعة والاكراد، انه بشخصه هو احد قيادات حزب الدعوة الاسلامية، وهو مرشحهم الى الائتلاف والحكومة ورئاسة الوزراء.

    وقد صرح بعيد ترشيحه بانه سمع من وكالات الانباء ترشيح الحزب له لمنصب رئيس الوزراء، وقد وقف حزب الدعوة بصلابة من اجل انجاح فوز مرشحه داخل الائتلاف الوطني، فيما كان ينافسه، الدكتور عادل عبد المهدي من المجلس الاعلى وله ثقله الحقيقي، والدكتور احمد الجلبي، واخيرا حسم النزاع لصالح الدكتور الجعفري. وعندما يكون الاخير مرشحا لحزب سياسي، فهو خاضع لسلطته وارادته، ومتى ما تخلى الحزب عنه سيفقد نسبة كبيرة من ثقله السياسي، لذا فهو مضطر الى التنسيق في موقفه مع الحزب، ومجبر على التشاور، على الاقل في الخطوط العريضة لسياسته مع قيادات الحزب. وحينما تتشكل ارادة داخل الحزب منافسه او متعارضة ستشكل تحديا لشخص رئيس الوزراء، هي ضمن التحديات الداخلية والصامتة، لا يمكن الغاؤها او التعالي عليها. اذ ربما تتفجر في لحظة ما خلافات تطيح به كمرشح عن الحزب. وبالتالي سينعكس ذلك على موقعه في الحكومة.

    من هنا نعتقد ان حكومة الدكتور الجعفري واجهت وتواجه اضافة الى التحديات الظاهرية تحديات داخلية، قد لا يشعر بها المواطن العادي، الا انها تعمل سرا وتعيد تنظيم الاولويات بشكل قد يؤثر على خطط الحكومة.

    ولنا من علاقة العراق بايران مثال على ذلك، فقبل زيارة رئيس الوزراء الى ايران صرح السفير العراقي في طهران، وهو عضو في المجلس الاعلى، بان الجعفري سيوقع اتفاقية الجزائر مع ايران. فكان السفير يعكس ارادة الخط السياسي الذي ينتمي له، من هنا توقع المراقبون ان الجعفري سيوقع الاتفاقية استجابة لارادة المجلس الاعلى، لكن شاء التاريخ ان يخلد الدكتور الجعفري، ويضع مصلحة العراق فوق مصلحة الائتلاف ورفض توقيع الاتفاقية، لكن الجعفري الذي استطاع تحدي اطراف الائتلاف في هذه المسألة هل سيسمح له الوضع العراقي بتحدياته الخارجية اتخاذ موقف يزعزع ثقة الاطراف الداخلة في الائتلافين، الوطني او الحكومي؟

    لا شك ان الجعفري لا يستطيع عمل كل شيء، ولا يستطيع انجاز كل مفردات مشروعه السياسي، لكن تبقى قدراته وكفاءاته واداؤه السياسي يتحكم في مستقبله كرمز عراقي قد يتمكن خوض الانتخابات ثانية والعودة الى الحكم لاكمال ما تبقى من خطوات في برنامجه السياسي. لكن المطلوب من الحزب الذي ينتمي له الجعفري والائتلاف الذي يشارك فيه الجعفري العمل على اصدار خطاب سياسي يقول الحقيقة ويفهم الشعب بالتحديات المتوارية خلف الائتلاف، ودرجة خطورتها، كي يعي الشعب لماذا لا تستطيع الحكومة انجاز اشياء تبدو في نظر الجماهير أكثر أهمية.





  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]تحديات من الخارج
    * فؤاد عبد الكريم
    07 / 10 / 2005
    [/align]

    كان من أبرز معالم السياسة الخارجية لصدام حسين هي خلق محيط إقليمي متوتر، على أن يكون العراق هو جوهر هذا التوتر، وهذا يعني في النهاية، خلق محيط إقليمي يعادي العراق، ويعرقل حركته الدبلوماسية والسياسية خارج حدوده، وقد انعكس هذا بشكل واضح على العلاقات بين الشعب العراقي والشعوب المجاورة له، سواء من العرب أو غير العرب. لقد شن صدام حسين حربا على إيران بلا سبب منطقي أو قانوني، وغزا الكويت بلحظة جنونية طاغية، وكان يصدر الإرهاب والمتفجرات إلى سوريا، وقد تدخل لصالح ميشيل عون في حربه مع السوريين، ولم ينس الأردن شغبه بين فترة وأخرى، وقد استضاف المعارضة السعودية لسنوات طويلة... كل هذه الممارسات عقٌدت علاقة العراق مع جيرانه، وهي حالة نادرة، حيث لا يوجد مثل العراق كدولة تعيش حالة تنابذ مع جيرانها، والأصل في كل ذلك تصرفات صدام حسين غير المسؤولة.ِ

    هذا الموقف المعقد بين العراق وجيرانه خلق له مشاكل كثيرة، منها العلاقات المشوبة بشي من الحذر بين الشعب العراقي وهذه الشعوب، وحمٌٍل اقتصاد العراق بمشاكل ضخمة، حيث بذٌر صدام حسين ثروات العراق على هذه الحروب والتدخلات، كما أنه أثقل كاهله بالديون والتعويضات.
    هذه المشاكل التي خلقها صدام حسين تتواصل مع مشاكل أخرى، لتشكل في النهاية سلسلة من التحديات التي تواجه حكومة السيد إبراهيم الجعفري وكل حكومة تتولى المسؤولية في هذا البلد.

    المشكلة الأولى أن بعض دول الجوار لا ترتاح لوجود القوات المتعددة الجنسيات في العراق، وعلى رأسها إيران، حيث ترى في هذا التواجد خطرا على أمنها القومي، وسوريا بطبيعة الحال على ذات المنوال. وهي نقطة كثيرا ما أثارها الإيرانيون، بل كثيرا ما دفعوا الشعب العراقي لمواجهة هذا التواجد الأجنبي الاستعماري على حد تعبير بعض صناع القرار السياسي الإيراني.

    وبالتالي، فهو يشكل أحدى تحديات السياسة الخارجية بالنسبة للسيد الجعفري وحكومته، ذلك أن إيران لا يمكنها أن تسكت، وهي جادة في لعب دور المشاغبة السياسية وربما غير السياسية من أجل عرقلة هذا الوجود، أو إتعابه... في حين أن حكومة الجعفري تجد في هذا الوجود ضمانة أمنية قصوى، وإن العراق في حاجة ماسة إليه حتى يستكمل العراق بناءه الأمني والعسكري والسياسي، ولذا يجب على الجعفري أن يوائم بين التوجه الإيراني من جهة وبين حاجة الشعب إلى القوات المتعددة الجنسيات. التحدي الثاني هنا، يتعلق بمسالة الحدود، حيث تريد إيران التوقيع على معاهدة الجزائر التي مزقها صدام حسين إبان حربه على إيران، تلك المعاهدة التي وقعها في سنة 1975، بإشراف الجزائر.

    العراق يؤكد من جانبه أن سوريا تعمل على توريد المقاتلين الأجانب، وسوريا ترفض هذا الاتهام، ولكن يبدو أن إدعاء العراق موثق، وهناك تواجد كبير للبعثيين العراقيين في سوريا، وهناك في النظام السوري من يدعم هؤلاء، ويقدم لهم الممكنات الضخمة، وبالتالي، تشكل هذه المفارقات تحديا لحكومة السيد جعفري، كيف يتعامل مع السوريين؟ وهل بإمكانه أن يقنع السوريين بالتخلي عن هذه السياسة المتعبة للحكومة العراقية؟ حقا، إنه موقف صعب، ويحتاج إلى جهود غير عادية.

    هناك أيضا العلاقة مع تركيا، فهي محكومة بقضية كبيرة وشائكة ومعقدة، تلك هي قضية كركوك، فالأكراد يصرون على أنها جزء من إقليم كردستان، وإقليم كردستان ليس بهذه الحدود المزعومة، ولكن تركيا تراقب بدقة ماذا سيكون عليه مستقبل كركوك التي ترى فيها أنها مدينة تركمانية في الدرجة الأولى، وتحذر من توسيع رقعة الحكم الذاتي للأكراد، لأن ذلك يعطي ذريعة لأكراد تركيا بالتحرك الجاد من أجل المزيد من الحقوق، بل ربما يشجعهم على التمرد والعودة إلى سنة الكفاح المسلح.

    العلاقة بالكويت ليست على ما يرام كما يتصور البعض، هناك قضية التعويضات، لقد تنازل الكويتيون عن ديونهم مشكورين، ولكن هناك مسألة التعويضات، فإن الكويت قلقة على تعويضاتها، وتطالب بها، كما أن الكويت قلقة جدا من التغلغل الإيراني في جنوب العراق، فهناك كما هو معلوم نفوذ إيراني قوي في البصرة والعمارة، والكويت تحسب لهذا النفوذ حسابا كبيرا، لأنه يشكل خطرا على أمنها الوطني بشكل واخر، وربما تثار هذه القضية بشكل صريح وقوي مع الحكومة العراقية التي سوف تقود العراق بعد عملية الانتخابات المقبلة، وهو موقف طبيعي من قبل الحكومة الكويتية.

    هناك تحديات أخرى بالنسبة للحكومة الحالية بقيادة السيد الجعفري، ومنها تباطؤ بعض الدول في إتمام علاقتها الدبلوماسية مع بغداد، فمصر سحبت سفيرها من بغداد بحجة الأمن، وهناك أكثر من دولة تتحجج بهذه الحجة من أجل أن تبرر عدم إرسال سفيرها إلى العراق. أن تقلص الحجم الدبلوماسي الخارجي خاصة العربي منه في داخل بغداد يشكل تحديا، لأنه يقلص حركة العراق خارجيا، يؤثر ربما حتى على مستوى النمو الاقتصادي، بل ربما يؤثر حتى على المستوى الأمني بشكل عام.

    لقد سافر السيد جعفري إلى تركيا والكويت وإيران، وتعتبر زياراته ناجحة إلى حد ما، وقد لوحظ أن الجعفري في كل هذه الزيارات كان حريصا في الدرجة الأولى على مصالح الشعب العراقي، فقد رفض التوقيع على معاهدة الجزائر، ورفض تسليم مجاهدي خلق أو طردهم، كما أنه رفض أي جدولة لانسحاب القوات المتعددة الجنسية من العراق، وعقد معاهدة نفطية بموجبها يتم تكرير كميات لا باس بها من النفط العراقي في إيران، مما يقد يساهم في حل مشكلة المحروقات، كما أنه سيتم بموجب معاهدة أخرى تزويد جنوب العراق بمساحة لا بأس بها من الطاقة الكهربائية التي تعد من المشاكل الكبيرة بالنسبة للعراقيين. وفي زيارته للكويت حصل على دعم كويتي مالي ومعنوي، وتعهدت الكويت بدعم كل الجهود المبذولة من الحكومة العراقية لإنجاح العملية الدستورية، وتعهدت تركيا بمضاعفة منسوب المياه العراقية، وباركت من خلال هذه الزيارة العملية الإنتخابية العراقية، وتعهدت بالتفاهم المشترك على كثير من القضايا التي تتصل بمشكلة كركوك. ولقد زار السيد الجعفري مؤتمر بروكسل واستحصل من هناك دعما دوليا لقضية الأمن والاعمار في العراق.. ولكن رغم كل هذا يبقى الكثير من التحديات التي تواجه حكومة الجعفري على المستوى الخارجي، التدخل الإيراني، مشكلة كركوك، الشغب السوري، وغيرها من المشاكل الأخرى.

    إن هذه التحديات ليست تحديات تخص حكومة الجعفري، بل هي تخص العراق كله، وليس بمكنة حكومة الجعفري تذليلها بسهولة، لأن حكومته مؤقتة انتقالية، والدستور لم يسن بعد، وبعض هذه المشاكل ليست من اختصاصه، بل من اختصاص الجمعية العمومية، ولذا ما فعله الرجل بلحاظ ما قدمنا كان جيدا على كل حال.





  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]الاتجاهات الدينية وحكومة الجعفري
    * بشرى الحداد
    07 / 10 / 2005
    [/align]

    يبقى الدكتورالجعفري إسلامياً في إنتمائه وتوجهه، في تفكيره وثقافته وعقيدته، ويبقى الاسلام سقفا نهائيا لطموحاته وتوقعاته.

    وكان من الطبيعي أن تكون له مواقف متميزة من الإسلاميين، وأيضا كان من الطبيعي أن تتسع طموحات الإسلاميين مع وجوده على رأس السلطة.

    وعندما نقول إسلاميا نقصد أنه يرتكز الى الأيدلوجيا الدينية، ويسعى الى تطبيق قيم الإسلام، وتحكيم الدين في الحياة، لكن هل يستطيع الجعفري التوفيق بين طموحاته واهدافه في ظل الراهن العراقي؟.

    هذا سؤال، ثم ما هو موقف الاسلاميين من الجعفري؟ هل هو موقف داعم دائما؟.

    بالنسبة الى السؤال الأول، فالجعفري قد تحرك وفقا لحسابات مدروسة، وازن فيها بين الايديولوجيا والمصالح السياسية، اذ لا يمكنه التخلي عن ايديولوجيته، كما لا يستطيع أن يفرط ببرنامجه في الحكومة.

    فماذا عمل الجعفري؟.

    خلص الجعفري الى ثوابت جديدة لم تنقطع عن الماضي نهائيا ولم تتنكر للحاضر وضروراته، فالمشكلة ليست مقتصرة على وجود الجعفري على رأس السلطة وانما هناك العديد من تياره الإسلامي يشارك في حكومة لا يصدق عنها انها حكومة دينية، بل لا تطمح الاتجاهات السياسية العراقية في وجود نظام ديني، وترفض بشدة أي نظام ديني على غرار ما هو موجود في ايران وغيرها، لكنها لا تختلف عن الاسلاميين في ايمانها العميق بقيم الاسلام، الدين الحنيف، ولم تختلف معهم في احترام الشريعة واعتبارها مصدرا من مصادر التشريع بالنسبة الى الدستور والقوانين العراقية.

    ولا شك ايضا أن حزب الدعوة قد اعاد النظر في بعض مسلماته وثوابته، كي يستطيع التحرك برحابة كافية، فمثلا مشروع الدولة الاسلامية قد طواه النسيان، أو أجل حتى ظهور صاحب الزمان، ولم تعد الدولة الدينية راهناً، أحد أهدافه وطموحاته، وهو إجراء حكيم.

    كما أن حزب الدعوة لم يرتهن وجوده الى عالم ديني أو مرجع من مراجع المسلمين، بل أن علاقة الحزب بالمرجعية علاقة عادية، وليس لها خصوصية كبيرة، ولا يعني ذلك عدم إحترامه للمرجعية، بل العكس أنها على اتصال وتنسيق متواصل معها.

    كما أن الفكر الحركي فكر متجدد حسب الظروف، فلم يعان حزب الدعوة وشخص الدكتور الجعفري من أزمة فكرية تمنعه من ممارسة السلطة في ائتلاف حكومي يشتمل على تنوع علماني كبير. بل ان حزب الدعوة قد دعا في بيان التفاهم الذي أصدره في بداية الثمانينات جميع الطيف السياسي العراقي الى العمل المشترك، وفعلا دخل في تحالفات مع أحزاب علمانية كالحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الكردية وغيرها من أحزاب الساحة العراقية في دول مختلفة.

    موقف الاسلاميين من الجعفري

    عندما نتقصى الساحة الاسلامية نصطدم بعدة اتجاهات دينية، لا يمكن مصادرة أي منها او تهميشها، فالجميع له حضوره في الساحة وله ثقله الجماهيري، والجميع يتحرك باسم الاسلام والدين، ولا يختلفون الا في مواقفهم من مجمل الوضع في العراق بما فيه حكومة الدكتور الجعفري، وهو أمر واضح لا نريد الدخول في تفصيلاته.

    لكن يمكن إستنطاق الساحة الإسلامية من زاوية اخرى، أي من زاوية مقدار ما تشكله من تحد أو دعم لحكومة الدكتور الجعفري.

    فهل تعتبر الأحزاب والكيانات الإسلامية سنداً لحكومة الدكتور جعفري؟

    أم هناك من يشكل تحديا لها على المدى القريب او البعيد؟.


    لو أردنا تقسيم الساحة الاسلامية فسنتوفر على عدة اتجاهات، لا يمكن ان نستثني ايران منها، باعتبار حجم تمثيلها بواسطة بعض الحركات الاسلامية العراقية، فهي موجودة لا بنفسها وانما من خلال عدة تنظيمات تتجاهر بالولاء الى ايران وشخص المرشد الروحي لها.

    اولا- المرجعية الدينية:

    لم تشكل المرجعية الدينية في العراق يوما ما تحديا لحكومة الدكتور الجعفري، وانما على العكس من ذلك، فان المعروف عن الجعفري ولاءه لشخص المرجع الديني، واحترامه الكبير لمقام المرجعية، وقد زار المرجعية عدة مرات، قبل الانتخابات وبعدها، حتى كانت تلك الزيارات إحدى المؤاخذات على الدعاية الانتخابية للائتلاف الوطني الموحد.

    ولا يخفي تنسيق الدكتور الجعفري مع المرجعية سيما في القضايا المصيرية والخطوط العامة. لذا يمكن تصنيف المرجعية الدينية ضمن الداعمين والمؤيدين لحكومة الجعفري. بل ربما تعتبر المرجعية رئيس الوزراء نقطة قوة في الحكومة العراقية الحالية.

    ثانيا- الحوزة العلمية:

    اذا لم تكن الحوزة العلمية داعمة لحكومة الجعفري فهي لم تشكل تحديا لها، ولم يصدر عنها ما يؤكد هذا، وما زالت الحوزة العلمية تعلن عن ولائها للمرجعية الدينية، وتتعهد مواقفها تجاه الاحداث، واتجاه حكومة الجعفري. ولا أعتقد ان الجعفري قلق ازاء الحوزة العلمية، حاليا، ولربما تتغير المواقف مستقبلا وحينئذٍ لكل حادث حديث.

    ثالثا- الخط الصدري:

    لقد كان موقف الخط الصدري منذ اليوم الاول مختلفا عن موقف الحوزة والاحزاب الدينية، وقد رفع راية الجهاد ضد الاحتلال، وكان يشكل تحديا كبيرا للحكومة في ظل مجلس الحكم وفي ظل حكومة الدكتور اياد علاوي، وقد زج الصدر مؤيديه في مواجهة صعبة انتهت بتخليه عن العمل المسلح، وانشطار جماعته بين مؤيد للعمل السياسي في اطار الحكومة، وبين رافض لذلك، لهذا لم يشارك التيار الصدري في الانتخابات بعنوانه السياسي، وانما في طار عناوين ومسميات اخرى، وقد حصل فعلا على عدة مقاعد ووزارات، وما زال مشاركا في الحكومة والبرلمان.
    وما يهمنا هنا، ان التيار الصدري يعتبر تحديا صامتا بالنسبة الى حكومة الجعفري، غير ان حنكة رئيس الوزراء وادائه في ادارة الازمات مكنته من كسب ثقة التيار الصدري او على الاقل تحييده، واقناعه بتأجيل المعركة.

    ومن هنا استطاع الجعفري أن يطفئ أزمة خطيرة مع التيار الصدري، ومن المرجح في ضوء المعطيات السائدة أن الجعفري قادر على السيطرة على الموقف مع التيار الصدري، وعدم السماح بتفجر أزمة خطيرة على غرار ما حدث في عهد الحكومة السابقة.

    رابعا- التيار الديني السلفي:

    هذا التيار يشكل تحديا كبيرا لحكومة الجعفري بل وللوضع السياسي قاطبة، وما زال يعاني منه الوضع الامني والسياسي، وما زال التيار على مواقفه المتشددة من الحكومة بشكل عام، وابرز مصاديق التيار السلفي هو جماعة العلماء لاهل السنة.

    ولا يبالي هذا التيار بحجة المقاومة دعم وتأييد العمليات العسكرية التي يقوم بها اتباع الزرقاوي والبعثيون، ولا يهمه فداحة الخسائر التي لحقت الشعب والوطن، والأنكى من ذلك سكوته على الجرائم التي تقترفها المجموعات المسلحة ورفضه المستمر لادانتها.

    ان وجود تيار ديني معارض لمواقف الحكومة يشكل خطرا على مستقبل العملية السياسية ومستوى الخدمات اضافة الى الامن. وبالفعل ان وجود جماعة العلماء في خط المواجهة قد أرهق الحكومة وأعاق عملها مع الشعب، بل أعاق جهودها في القضاء على التيارات المسلحة العابثة بأمن البلاد، اضافة الى حجم التشكيك الذي تخلفه المواقف المعادية بين صفوف الشعب من اهالي السنة، الذين بلا شك يصغون باهتمام الى علمائهم ورجالهم ويتبنون نفس مواقفهم، ويأتمرون بأوامرهم.

    خامسا- الاحزاب الاسلامية السنية:

    اتسم موقف الاحزاب الاسلامية السنية بالتذبذب، فلا يمكن اعتباره تياراً متحديا لحكومة الدكتور جعفري، ولا يمكن اعتباره مواليا وداعما لها، والنقطة الايجابية انه لم يرفع السلاح طويلا وسرعان ما استجاب لشروط العملية السياسية، وما زال يؤمن بالعمل السلمي، ويحاول التنسيق مع الاحزاب الاسلامية الشيعية، في اكثر من موقف.

    سادسا- الاحزاب الاسلامية الشيعية

    وهي على اقسام، فالحزب او الحركة التي تعتبر نفسها امتدادا للخط الاسلامي في ايران قد ارتبط موقفها بموقف الحكومة الايرانية، وشخص الولي الفقيه تحديدا.

    وعلى قياس العلاقة بين حكومة الجعفري وايران يمكن قياس علاقة هؤلاء بالحكومة الحالية، وعليه لا يمكن ضمان هذا النمط من الاحزاب او التعويل عليه، ولا يمكن ايضا تصنيفه على الاحزاب المعادية.

    وهناك من الحركات الاسلامية كما هي جماعة الشيخ الخالصي تعلن بصراحة عدم دعمها وتأييدها للحكومة الحالية، وتشكك بمجمل العملية السياسية، وبمصداقية الحكومة، وتلتقي مع الاحزاب والحركات المؤيدة لما يسمى بالمقاومة، والتي تشكل تحديا مباشرا او غير مباشر للحكومة الحالية.

    ونقطة الخطر فيها، انها محسوبة على الاسلام والتشيع، وعندما تتخذ موقفا صارما من حكومة الجعفري، سيثير هذا الموقف جملة شكوك وتساؤلات لدى الناس. وهذه هي نقطة الخطر.

    تبقى الاحزاب والحركات الاسلامية المشاركة في الائتلاف، واهمها المجلس الاعلى، واعتقد ان درجة التنسيق جيدة بين حكومة الجعفري والمجلس الاعلى، لكن يبقى الاخير تحديا صامتا بالنسبة الى الجعفري، ويفرض على الاخير التواصل معهم لكسب موافقته في كل شيء والتنسيق معه حول أي موضوع يريد الجعفري اتخاذ موقف ازاءه، مما يقيد حريته ويشكل بالنسبة له تحديا غير منظور.

    كما انه يشكل تحديا خطيرا جدا، اذ يتوقف عليه وحدة الائتلاف وقوته وقوامه، وانهياره يعني انهيار الحكومة نفسها، ولك ان تتصور حجم هذا التحدي ودرجة خطورته.

    واخيرا هناك حزب الدعوة الاسلامية بخطيه، ولا شك ان هؤلاء حزبه وعشيرته، ومركز ثقله ودعمه، وكما يبدو وحدته وانسجامه ظاهرا، ولا نعلم هل هناك نار تحت الرماد تشكل هي الاخرى تحديا لحكومة الجعفري ام لا؟.

    واذا كان كذلك فلك ان تقدر حجم التحديات ومستوى الخدمات التي تقدمها الحكومة مما يكشف عن قوة وجدارة رئيس الوزراء وتشكيلته الحكومية.

    فاذا اضفنا لذلك ضعف الاداء الحكومي لبعض الوزراء، تعرف حجم ما يعاني منه الجعفري في ظل المحاصصة الطائفية والتحديات الامنية والاقتصادية.

    وبالنتيجة تجد الشعب اكثر قربا الى الجعفري من بعض الحركات رغم اسلاميتها وفي ذلك فخر واعتزاز له دون غيره.





  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]توقعات الشارع العراقي
    * سمير عبد العزيز
    07 / 10 / 2005[/align]


    لا يمكن تحديد سقف توقعات الشعب العراقي من الحكومة الا من خلال العودة السريعة الى ما قبل سقوط النظام السابق.
    لقد عاش الشعب حياة مرة في ظل حكومة حزب البعث، سيما في حقبة الطاغية السفاح، وخاض ثلاثة حروب مجبرا، خسر فيها خيرة طاقاته الشابة وثرواته الهائلة، والاهم من كل ذلك خسر حريته وارادته، وذاق شظف العيش والحرمان، وصار مثلا تاريخيا في فقره وحاجته، حتى تخلى عن ارضه ووطنه وغادر بلده، يطرق ابواب الدول الاخرى علها تقبله لاجئا انسانيا هاربا من جحيم العراق وحكومته. فمن الطبيعي ان يعمل كل ما بوسعه من اجل انقاذ شعبه ووطنه، من هنا راحت المعارضة العراقية تستجير بكل شيء لتحقيق هدفها وارادتها.

    وعندما اتفقت مصالح الدول الكبرى مع مصالح الشعب العراقي في اسقاط النظام البائد وافق الشعب على قراره رغم تبعاته الكبيرة. وكان في عمله هذا يتوقع من الحكومة القادمة انجازات هائلة تتناسب مع حجم احلامه والطريقة التي سقط فيها النظام.

    فالشعب يفهم ان شعار الحرية يعني هامشا كبيرا من حرية الرأي والفكر والعقيدة والحرية الشخصية، وعندما يرفع شعار الديمقراطية تقترب احلامه نحو مشاركة حقيقية في صنع القرار السياسي.

    والاهم من كل ذلك عندما يتحرر العراق من سلطة العصابة المجرمة، ستعود خيرات الوطن الى شعبه، سيشبع، ويعمل، ويدرس، وتتوفر له الخدمات، ويتمتع بالطاقة الكهربائية، ويسرف في استخدام الوقود باعتباره دولة نفطية. سيحقق احلامه في حياة زوجية سعيدة، ومركبة فارهة وبيت وسيع، والاهم من كل ذلك سيعيش الامان والاطمئنان، سيرقد ليلا لا يفكر برجل الامن حينما يدخل الابواب خلسة ليلتقط من يشاء من افراد العائلة، سوف تتلاشى ذكرياته عن الرشوة والمحسوبية والمنسوبية، سيقف مع أي مسؤول حكومي على قدم المساواة، ويقاضي كل من يسيء له، سوف يأمن على حياته وممتلكاته، ولا يخاف بعد اليوم حسد الحاسدين وبغي الظالمين.

    ولا شك ان كل ما يحلم به الشعب، هو هم حقيقي بالنسبة الى الحكومة وأغلب الاطراف السياسية المشاركة في الحكم، بل ان الاتجاهات السياسية تتبارى لكسب ود الشعب وثقته، سيما اذا اخذنا بنظر الاعتبار الية انتخاب الحكومة وطريقة تشكيلتها التي تعتمد على صوت الناخب العراقي قبل كل شيء.

    لذا كل حزب يروم المشاركة في الحكم يسعى جادا الى وضع برنامج سياسي يكرس جله لتقديم الخدمات الاساسية والضرورية، بل يسعى ايضا لاسعاد الفرد العراقي.

    وضمن هذا السياق سارت حكومة الدكتور جعفري، فرسمت برنامجا حظي بتأييد جميع ممثلي الشعب، أي جميع اعضاء الجمعية الوطنية. ولا يمكن لأي برنامج سياسي ان يحظى بهذه النسبة العالية من التأييد والدعم ما لم يكن مستوفيا لشروطه ومستوعبا للقواسم المشتركة سيما ما يخص الشعب ومصالحه، وبالفعل تعمل الحكومة جادة مخلصة من اجل انجاح مشروعها السياسي رغم الاخطاء وتعدد التحديات.


    الشعب الطموح والمفاجآت العاتية

    ان من حق الشعب ان يحلم اكثر من ذلك بعد معاناة طويلة وتضحيات كبيرة، لكن للاسف ان الشعب لم يضع ضمن حساباته المفاجأات، ولم يدرك حقيقة مصالح دول الجوار، ولا يفهم حقيقة قوى الظلام، ولم يدرك حقيقة حزب البعث جيدا على الرغم من معاناته منه.

    اذ ليس من الهين على هؤلاء التخلي عن سلطة ملكوها طيلة خمسة وثلاثين عاما، ملكا حقيقيا، لم يشاركهم احد فيها.

    لقد بدأت سرايا القوات التابعة لصدام عملها، بعيد سقوط النظام، وبدأت محنة الشعب والحكومة ثانية، اذ شن هؤلاء هجوما واسعا على الشعب ومرافق البلاد الحيوية في خطوة تأديبية بالنسبة للشعب، وانتقامية من المؤيدين، ومحاولة جادة لعرقلة مسار الحكم، كي يفقد مصداقيته، ويتحول الى عبء حقيقي، يتمنى الشعب زواله وعودة النظام البائد.

    فكانت هذه الزمرة، سيما بعد ان التحق بها التكفيريون، شديدة القسوة على الشعب، فلم تترك مجالا حيويا الا وطالته القنابل والمتفجرات، اضافة الى المفخخات التي تجوب البلاد، فتسقط الضحايا من النساء والاطفال والشباب.

    ورغم كل ما يجري في العراق الا ان الحكومة استطاعت ان تحقق انجازات، وتخفق في أخرى، بسبب الوضع الراهن، او بسبب ذاتي مرتبط بالحكومة نفسها. ومناسب كي نتحلى اكثر بالموضوعية ان نحدد نوع وحجم الطموحات والتوقعات التي كان يحلم بها الشعب، ونرى ماذا تحقق منها، ولماذا لم يتحقق الباقي.


    الشعب وطموحاته

    رغم تعدد الطموحات وسعتها لكن يمكن تلخيصها بما يلي:

    اولا- الحرية: اذ تعتبر الحرية مطلبا لا رجعة فيه بالنسبة لشعب لم يذق طوال حياته في ظل الاستبداد السياسي طعمها ولم يمارس حياة حرة تجسد ذاته وتعكس ارادته، حتى انه اساء استخدام الاجواء الحرة في اول ايام سقوط النظام.

    فكان يرادف بين الحرية والانفلات فراح بعض ابناء الشعب يتصرفون بطريقة لا مسؤولة مع الممتلكات العامة والدوائر والمؤسسات الحكومية، مؤكدين بذلك جهلهم باصول الحرية وضروراتها.

    لكن الشعب كان نموذجا بالنسبة الى حرية الرأي والصحافة والكتاب والاعلام، فقد بلغ عدد الصحف التي صدرت بعد سقوط النظام اكثر من مائة وسبعين صحيفة عدا المجلات واعداد الكتب. كما افتتح عدد من الاذاعات والقنوات الفضائية، وراح المواطن العراقي يتجول عبر وسائل الاعلام والانترنيت في جميع انحاء العالم، ويبحر مع الفكر والسياسية والفن الى مديات قصية.

    وما زال الحال في ظل حكومة الدكتور الجعفري، وستبقى الحرية ما دامت هناك ارادة صادقة في تبنيها. لكن تبقى الحرية بحاجة ماسة الى ترشيد وتقويم كي تتحول الى رافد يدعم الجهود الخيرة لبناء حياة حرة ديمقراطية.

    اذن بالنسبة الى الحرية كطموح قد حقق الشعب انجازا كبيرا على هذا الصعيد، سواء قبل او بعد تصدي الجعفري لرئاسة الوزراء. ولم تسجل في زمنه خروقات تحد من حرية الصحافة والرأي، بل ان افضل ما يتغنى به الشعب اليوم هو حريته.

    ثانيا- الخدمات: ولعلها باتت اليوم المطلب الاساس بالنسبة الى عامة الشعب، بعد ان عانى سنينا، وبدلا من التوفر عليها حرم منها طويلا، فلم يستطع المواطن اليوم التمتع بابسط الخدمات الاساسية وبات محروما من الكهرباء والوقود والماء والنقل، ولم يصدق الشعب ان ينتهي به الامر الى هذا المستوى من الحرمان.

    لكن علينا التحلي بالموضوعية في مقاربة هذا العجز في تقديم الخدمات، هل يعقل ان تتهاون بذلك حكومة تدعي الوطنية والحرص وتعلم ان الشعب مصدر شرعيتها واساس وصولها الى السلطة؟.

    لا يعقل ان تتهاون مثل هذه الحكومة بالخدمات، اذن لا بد ان تكون هناك تحديات وعوائق تحول دون تحقيقها. وليس في هذا اعتذار، ونعلم جيدا ان ثلاث سنوات مرت على سقوط النظام، ونعلم كان ينبغي للحكومة العمل بجدية خلالها لتقديم خدمات كبيرة.

    لكن نعود ونقول ثانية ان مستوى التحديات سواء، التحديات الامنية، او تحديات الواقع العراقي الذي عاش مرحلة طويلة من التخلف بسبب الحصار والحروب والسياسية الرعناء، او تحديات الاحتلال ووجود قوات اجنبية على اراضيه، او تحديات عجز الميزانية ونقص الاموال، او تحديات الوضع الاقليمي، او تحديات الوضع السياسي الراهن، او غيرها من التحديات الجسيمة، ورغم ذلك توالت الخدمات فتحسنت كثير من المواقع الخدمية وان كانت بشكل نسبي وجزئي.

    ومهما تحدثنا عن التحسين لكن يبدو ان الكلام لا يشكل قناعة لدى الفرد وهو يشاهد عجزا حقيقيا.

    ويبقى الامل في ان يعي المواطن حقيقة الامر واعتقد ان هذا متحقق بالنسبة الى غالبية الشعب، ففي الوقت الذي يعاني فيه من الخدمات يقدر حرص الحكومة على تقديم ما بوسعها من خدمات، ويعي جيدا حجم التحديات التي تواجها، وبالتالي صار الشعب يقدر ظرف الحكومة بسبب تردي الاوضاع. لكنه بلا شك يأمل في وجود حلول تنهي المشكلة جذريا.

    ثالثا – الامن: وهي ازمة حقيقية ومستعصية، ما زال يشعر الشعب بثقلها ويعيش تداعياتها، ويحزن لتناميها واتساعها. وكان طموحه في حياة حرة كريمة لا يشوبها قلق امني. غير ان الواقع انقلب رأسا على عقب وصار التردي الامني مشكلة يومية يعانيها الشعب في كل مكان من العراق.

    وبهذا الخصوص يجب ان تشكر الحكومة برئاسة الدكتور جعفري على الجهود الكبيرة والمضنية من اجل قمع العنف والقضاء على مظاهر التسلح في البلاد، واعتقد ان الشعب احس بايجابيات الخطوات الامنية الجديدة سيما حملة البرق الواسعة التي استطاعت السيطرة على الاوضاع الامنية في بغداد بنسبة ملحوظة.

    وليس السبب في تدهور الوضع الامني ضعف اداء الحكومة او عجز القوات المسلحة، وانما اتساع وتنامي طبيعة العمليات المسلحة له مدخلية في ذلك، والاخطر في الامر تنوع هذه العمليات واستهدافها لابناء الشعب فضلا عن المسؤولين وقوات الامن.

    رابعا – العملية السياسية: اذ ساهمت حكومة الدكتور جعفري بجدارة في دفع العلمية السياسية الى الامام من خلال عدة خطوات، منها نجاحه في كسب العرب السنة، واقناعهم بالعودة الى مائدة المفاوضات ومن ثم الاشتراك بالحكومة واخيرا الاشتراك في كتابة الدستور على الرغم من انهم لم يشاركوا في الانتخابات.

    كما ان حكومة الدكتور الجعفري نجحت في تشكيل لجان كتابة الدستور بالتوافق مع جميع اطياف الشعب العراقي، وبات من المؤمل صدور دستور عراقي يمثل ارادة الشعب، ويحظى بقبول غالبية الشعب.

    وايضا ما زال الجعفري موفقا في استيعاب مطالب الاخوة الاكراد، على الرغم من سعتها وتعددها، وقد حافظ على بقاء الحكومة ضمن الائتلاف الذي يضم الشيعة والاكراد، واخيرا انضم اليهم العرب السنة وباقي القوميات كالتركمان والاشوريين. وفي هذه الخطوات انجازات كبيرة اثرت ايجابا على الوضع في العراق.

    خامسا – العلاقات الدولية: من يتابع حركة الجعفري على مستوى العلاقات الدولية والعلاقات مع دول الجوار، يشعر بالجهد الكبير الذي قدمته الدبلوماسية العراقية وضمن سياسية رئيس الوزراء، فكانت زياراته الى الدول، سواء في بروكسل او اميركا او بريطانيا، او دول الجوار كتركيا وايران ودول الخليج، كلها زيارات حققت مكاسب كبيرة للعراق وشعبه، سواء على مستوى خفض الديون المترتبة على العراق، او طبيعة المعاهدات والبروتوكولات التي ابرمت بين العراق وغيره من الدول.





ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني