علي الأنصاري ... رافضة الانتخابات ورافضة الدستور كفوا عن الزعيق والصراخ
أعلن خمسة وثلاثون كيانا سياسيا تشكيل تجمع سياسي جديد يعرف بتجمع ( مؤتمر رافضي الانتخابات المزورة "مرام" ) بعد أن أنهت اجتماعاتها التي استمرت يومين في مقر حركة الوفاق الوطني العراقي . هكذا جاء الخبر في موقع الوكالة الوطنية العراقية للأنباء – نينيا - .
قبل الاستفتاء على الدستور العراقي الدائم كان لنا فريقا أو صنفا واحدا هم رافضة الدستور ، واليوم أصبح لنا فريقين من الرافضة ، وربما غدا سيتحول الشعب العراقي إلى طوائف عديدة من الرافضة ، فكل شيء قابل للرفض ، أو القبول في العراق الديمقراطي الجديد ، وما على السياسيين الجدد سوى تجميع قواهم وإعلان رفضهم ، ومن ثم انتقالهم إلى تشكيل جبهة ، أو ائتلاف ، أو ما شئت من التسميات شريطة أن تتصدرها عبارة الرافضة ، وكان الله يحب المحسنين .
وكان الدكتور إياد علاوي- شيخ الرافضة الجدد - قد دعا إلى تشكيل مرام ، وعمل على توحيد مشروعها ، وموقفها من الانتخابات النيابية الماضية ، ولانها – الانتخابات – قد أتت نتائجها ليس على ما يرام فكان لابد له من تأسيس ( مرام ) لتتولى إعادة بناء العراق من جديد ، وقد جاء في مشروعهم الذي يعد تحفة سياسية نادرة الحصول ما نصه : ((وطالب ممثلو هذه الكيانات في ميثاق شرف وقعوه اليوم الخميس بوجوب حل المفوضية المستقلة للانتخابات والرفض التام لنتائج الانتخابات الأخيرة ومقاطعتها .
وقال إبراهيم الجنابي أمين عام حركة الوفاق الوطني الداعية لعقد هذا الاجتماع :"إن الكيانات السياسية المشكلة لهذا التجمع اتفقت على ما جاء في ميثاق الشرف وعدم التراجع عنه والمطالبة بإعادتها وتشكيل هيئة دولية قانونية للتحقيق في خروقات المفوضية ".
ودعا إلى عقد مؤتمر وطني شامل تنبثق عنه جمعية وطنية )) .
إن نظرة عجلى إلى ( مرام ) هذه كافية لان تكشف لك عن مدى قبحها ، وخوائها ، ودمامتها ، وحسب شيخ الرافضة مهانة وهوان ، انه قد انتخب - قبل بدء الانتخابات - من قبل الناخبين العراقيين في الصحن الحيدري الشريف ، ولكن ليس بضربات القلم الصغير أو بخطه السري ، بل بالضربات الحذائية الكبيرة العلنية ، وأمام العدسات التلفزيونية ، لقد كانت رسالة له ، ولقائمته التي ضمت المتناقضات والمتناقضين ، من الأسماء والعناوين ، فمن العلمانيين كان البعثيون ، والشيوعيون ، والقوميون وال.. ، وكل طامع هزيل بالكرسي اللعين ، لكن أطرفهم ، وأكثرهم إثارة للضحك والسخرية ؛ هو ذلك الغراب المعمم الذي أضاع المشيتين معا ، فلا هو متدين صحيح التدين ، ولا هو علماني صريح العلمانية .
وضمت (مرام ) أيضا شيخ آخر من رافضة الدستور ، انه صالح المطلك – مدير مزارع سجودة – البعثي العتيد ، والطائفي العنيد ، الذي استعدى الأنظمة العربية ، وشعوبها على العراقيين ، طالبا منهم مد يد العون ما أمكنهم إلى ذلك من سبيل ، لكنه عون ليس لبناء العراق الآمن المطمئن ، ولا لأجل نشر الرفاهية والازدهار في ربوعه ، بل لأجل تغذية الحرب الأهلية الطائفية القذرة التي يريد إشعال فتيلها في العراق ، في مدنه وقراه ، يريد تغذيتها بالرجال والسلاح والمال ، ولان العروبيين أهل نخوة عارمة ، وشهامة معروفة ، ورجولة فائقة ، وقد تجلت هذه السمات الرائعة فيهم من خلال هذا الانبطاح المهين أمام اليهود الأذلاء الخاسئين كان استنجاد المطلك بهم اعتزازا واستقواء بهم ، والاعتماد عليهم في مشروعه التعيس ، ولن تجد مبررات لهذا الاندفاع الأحمق السفيه تجاه إشعال الحرب الطائفية مهما حاولت التماس المبررات له ، إلا مبررا واحدا تجده في رغبته المريضة في إيقاف زحف قائمة الائتلاف العراقي الموحد إلى مواقع انتزاع الحقوق المهضومة لأكثرية العراقيين ، إن هذا الزحف الثابت قد أثار في نفوس الرافضة جميعا قلقا مدمرا ، ورعبا مفزعا .
واليوم التحق بركب الرافضة شيوخ آخرون ، منهم عدنان الدليمي ، وطارق الهاشمي ، وخلف العليان ،ووو ... ، وكان هؤلاء من رافضة الدستور سابقا ، واليوم أصبحوا من رافضة الانتخابات المزورة ايضا- كما يزعمون - ، مع أن عدنان الدليمي قد أبدى ارتياحه الشديد لنجاح العملية الانتخابية ، وإنها قد جرت شفافية ونزاهة وحيادية ، وانه لا يعترض على آلياتها في مراحلها كافة ، وإذن فما بدا مما عدا .
إن سر ألازمة وسببها ؛ يكمن في تلك الصفعة القوية الرائعة التي وجهها الناخبون العراقيون في مدينة بغداد بالخصوص ، لقد أيقظتهم الصفعة من وهم لذيذ كان يداعب مخيلتهم المريضة بالفوز الساحق ، لاسيما بعد أن قام الرافضة الجدد ببذل ملايين الدولارات شراء للذمم والأصوات ، فكان أن ذهبت أموالهم وجهودهم وأحلامهم ومطامعهم أدراج الرياح . فتعسا لهم ولأمانيهم الخائبة .
أيها الرافضة الجدد كفوا عن زعيقكم ، وصراخكم ، ونداءكم بالويل والثبور ، لقد مللناكم كما يمل من الحمقى والمعتوهين ، ولقد خبرناكم وخبرتمونا ، فوجدنا فيكم شر فكر ، و شر ثقافة ، وسلوك ، نعم . إنكم شر الناس في العراق الجديد ، مولعين بدمائنا ، وتعذيبنا وظلمنا . لا ترتوي هواجركم إلا أن يجري الدم الزاكي منا على ارض العراق الطيبة ، ولا تستقر نفوسكم المريضة إلا بانين المعذبين منا ، ولكن هيهات هيهات منا الدنية ، أما انتم فقد وجدتمونا اشد ذكاء مما تتصورون ، واصلب عودا مما تتوقعون ، وابعد همة مما تتوهمون ، كل هذا وسيوفنا بعد لم تجرد من أغمادها ، وبنادقنا لما تزل في مكامنها ، وعندما يجد الجد ، حينها ستعلمون لمن الفلج .
نعم . لقد كشفت نتائج الانتخابات في بغداد عن عورات الرافضة جميعا – رافضة الانتخابات ورافضة الدستور معا - ، وبينت حجمهم الحقيقي ، وقيمتهم الواقعية ، بعيدا عن زور القول ، وتزوير الفعل ، والادعاء الفارغ الهزيل . وكشفت أيضا عن طبيعة الاستبداد الذي مرنوا عليه ، وتمرسوا فيه سلوكا ونزعة وطبيعة ، وان شعارات الحرية والديمقراطية ، وقبول الأخر التي يتاجرون بها في أوساط مريديهم ، وأتباعهم ولغة الخطاب المرن التي يبدونها ، والوسطية ونبذ الطائفية التي يظهرونها ، كل هذا ليس إلا تزويقا وتجميلا للصورة القبيحة ، وليس إلا نفاقا ودجلا ، ألفوه منهجا ومسلكا . اجل . لقد كشفت نتائج بغداد معدنهم الرديء ، وطبيعتهم المريضة بهوس السلطة ، وحب الإمارة .
نعم . لقد حسمت الانتخابات الجدل العقيم حول نسب مكونات الشعب العراقي بشكل قاطع لا يشوبه شك ، أو ظن ، أو قيل وقال ، لقد كان لهذا الحسم دويا كدوي الصاعقة عليهم فتركهم مذهولين حيارى حتى تفتق مكرهم وخبثهم بتهديد ووعيد وزعيق صراخ لا يحصدون من ورائه غير الخيبة ، وغير الخسران . وكل هذا الذي فعلوه فيه امارة ودلالة على الفشل ، والضعف .
علي الأنصاري / رئيس تحرير شبكة أخبار النجف الاشرف
alilnsry@yahoo.com