صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 32
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow هذا ما تراه " المقاومة " العاهرة فيكم !! ..

    وقد قال الله تعالى:ويحلفون على الكذب وهم يعلمون (( وهذا حال الرافضة وكذلك))اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله)) إلى قوله: ((لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله)) وكثير منهم يواد الكفار من وسط قلبه أكثر من موادته للمسلمين ولهذا لما خرج الترك والكفار من جهة المشرق فقاتلوا المسلمين وسفكوا دماءهم ببلاد خرسان والعراق والشام والجزيرة وغيرها كانت الرافضة معاونة لهم على قتال المسلمين ووزير بغداد المعروف بالعلقمي هو وأمثاله كانوا من أعظم الناس معاونة لهم على المسلمين وكذلك الذين كانوا بالشام بحلب وغيرها من الرافضة كانوا من أشد الناس معاونة لهم على قتال المسلمين وكذلك النصارى الذين قاتلهم المسلمون بالشام كانت الرافضة من أعظم أعوانهم وكذلك إذا صار اليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم فهم دائما يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم 0 وأيضا لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق أو مبتدع أو زنديق كالملاحدة القرامطة الباطنية وكالرافضة السبابة وكالجهمية المعطلة من النفاة الحلولية ومعهم ممن يقلدونه من المنتسبين الى العلم والدين من هو شر منهم فإن التتار جهال يقلدون الذين يحسنون به الظن وهم لضلالهم وغيهم يتبعونه فى الضلال الذى يكذبون به على الله ورسوله ويبدلون دين الله ولا يحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ولو وصفت ما أعلمه من أمورهم لطال الخطاب وبالجملة فمذهبهم ودين الإسلام لا يجتمعان ولو أظهروا دين الإسلام الحنيفى الذى بعث رسوله به لإهتدوا وأطاعوا مثل الطائفة المنصورة فإن النبى قد ثبت عنه أنه قال لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولامن خذلهم حتى تقوم الساعة وثبت عنه فى الصحيح أنه قال لايزال أهل الغرب ظاهرين وأول الغرب ما يسامت البيرة ونحوها فإن النبى تكلم بهذا الكلام وهو بالمدينة النبوية فما يغرب عنها فهو غرب كالشام ومصر وما شرق عنها فهو شرق كالجزيرة والعراق وكان السلف يسمون أهل الشام أهل المغرب ويسمون أهل العراق أهل المشرق وهذه الجملة التى ذكرتها فيها من الآثار والادلة الشرعية ما هو مذكور فى غير هذا الموضع والله أعلم

    http://www.iairaq.ws/

    http://www.iairaq.ws/books/fatawa.doc

    وما يسمى بالجيش الاسلامي لتحرير العراق هو العصابة الإرهابية التي تسيطر على مثلث الموت جنوب بغداد .. وترتكب جرائم التطهير الطائفي والذبح على الهوية الطائفية وكان آخر ضحاياه أحد عشر شهيدا بين رجل وإمرأة وطفل ..
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الدولة
    بغداد
    المشاركات
    1,740

    افتراضي

    اهلا بعودتك يااخي نصير المهدي
    لقد طال غيابك عن الشبكه واشتقنا الى كتاباتك ومداخلاتك الرائعه واهلا بك مره اخرى

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    965
    تحية للأخ العزيز ابو علي
    إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم

  4. #4
    الصورة الرمزية دجلة الخير
    دجلة الخير غير متواجد حالياً مشرفة واحة التجارة والاقتصاد
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    المشاركات
    2,033

    افتراضي

    حيالله الاخ نصير المهدي

    حقيقة لاأعرف معنى السكوت على جرائم هؤلاء المفسدين في مثلث الموت.. ماالسر في عدم تحرك الحكومة المسلح على هذه المنطقة ..!!
    *·~-.¸¸,.-~*وبَشــــــــِّـــــــــــــــــر الصـــــــــــــــابرين*·~-.¸¸,.-~*

    [align=center][/align]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    شكرا لكم أيها الأعزاء على هذا الترحيب .. ويبدو ان الموقع قد تمت مصادرته .. على أية حال يمكن الوصول الى الموقع الرسمي للعصابة الإرهابية المسماة الجيش الاسلامي لتحرير العراق على هذه الروابط :
    http://www.iaisite.org/

    والمقطع المنقول في صدر الموضوع هو من دراسة عنوانها " فتاوى لأبن تيمية لها علاقة بالوقت الراهن " .. وهي تعبر عن الاساس الفكري والعقائدي الذي يسير عليه هؤلاء الارهابيون .. والدراسة تضع في اولوياتها محاربة من تسميهم " الرافضة " .. وتسوق أدلة على حلية دمائهم والفتك بهم .. وسنقوم بنقل الموضوع كاملا للإطلاع عليه وبيان نظرة هؤلاء القتلة ومسوغات جرائمهم اليومية التي يرتكبونها ضد الشيعة ..
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  6. #6

    افتراضي

    الاخ الفاضل نصير المهدي اهلا ومرحبا بعودتك ، وان شاء الله تتحف الشبكة وروادها بكتاباتك وتحليلاتك السياسية والثقافية التي اشتقنا لها
    تقبل تحياتي
    :Iraq:من بريد شبكة العراق الثقافية:Iraq:

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2003
    المشاركات
    1,249

    افتراضي

    اهلا وسهلا بعودة الاخ نصير شاكرين له المشاركة

    لاني لاعجب كل العجب منطقة تقع في وسط معاقل الشيعة ويقتل فيها الكثير والشخصيات لم يتم السيطرة عليها الى الان بالامس كانت جريمة شنعاء لم يتم التعامل معها كما ينبغي على الحكومة ان تضع حداااااااااااااااااا لهذا الانفلات وان يتركوا الصراع على المناصب واقصد الاحزاب الاسلامية
    الرأي قبل شجاعة الشجعان
    هو الاول وهي المحل الثاني

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    منبر الكتاب والسنة
    فتاوى
    لشيخ الإسلام ابن تيمية
    تتعلق
    بالوضع الراهن

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله القائل:
    ((فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:5)
    والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين وعلى أصحابه من الأنصار والمهاجرين ومن تبعهم على درب الجهاد الى يوم الدين00
    أما بعد :
    فهذه فتاوى لشيخ الأسلام ابن تيمية ((رحمه الله )) جمعتها لعل الله أن يجعل بها نفع لأهل الأيمان وخاصة أهل بلدنا (العراق) و((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ)) ولكي يكون المجاهدون اليوم على بصيرة من أمرهم في جهاد عدوهم ولكي لاتأخذ شبه المخذلين بمجامع قلوبهم فتثنيهم عما عزموا ,فإن كثيراً من طلبة العلم اليوم ممن انتسب في فهمه للسلفية اليوم, أوقعوا الناس في حيرة من أمرهم في أوضح ما يكون من الحال,وهو دفع العدو الصائل الكافر, فبدلاً من أن يقفوا بوجه المحتل ويدافعوا عن العقيدة والأرض والعرض وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة ,راحوا يثبطون ويخذلون !!فأصبح التخذيل والتثبيط صفتهم ,فغالب حديثهم هو( المجاهدون ) فالمجاهدون عند هؤلاء المخذلين أخطر على المنهج السلفي((ويقصدون منهجهم هم!!)) من العدو المحتل!!وما ذاك إلا بسبب الفهم السقيم الذي ملأ عقولهم بأن هؤلاء تكفيريون وخوارج وو000فترى همتهم أفتى فلان بكذا وقال فلان كذا! و00و000وكلها تثبيط للعزائم وإضعاف للهمم فلا حول ولا قوة إلا بالله,فياليت القوم فهموا واقعتنا هذه كما فهمها في وقته شيخ الإسلام عندما دخل التتار في زمنه ديار الإسلام فما كان منه إلا أن حرّض الناس على الجهاد دفاعاً عن دينهم وأنفسهم وديارهم وأموالهم ,بل استعمل هو نفسه في جهادهم السنان واللسان ,فكان يبحث رحمه الله في المعركة عن الأماكن التي هي مضانّ الموت طلباً للشهادة رحمه الله,وموقعة شقحب خير مثال وشاهد ودليل, ولعل من أسباب هذ ا التخذيل والإرجاف اليوم هو التقليد الأعمى (ولو ادّعى أصحابه الإتباع) واتباع الهوى الذي كانوا ينكرونه على مخالفيهم من المتعصبين للمذاهب يوماً ما ,فكم من ناكر منهم فيما مضى من الوقت على الإخوان المسلمين وعلى الصوفية المبتدعين وعلى المذهبية المتعصبين يقولون لهم قال الله قال رسول الله ويقول المقلدة قال الأمام أو العالم الفلاني كذا وكذا واعتبروا هذا المنهج يومها من أخطر مايكون على فهم الكتاب والسنة 0 واليوم وقعوا فيما نهوا عنه من قبل وأولئك كانوا يستدلون بأمثال الشافعي وأبي حنيفة رحمهم الله وهؤلاء اليوم ممن يدعون السلفية يستدلون بأُناس ولو كانوا علماء لكنهم لايقارنون بأولئك باعتراف هؤلاء العلماء انفسهم, وهؤلاء العلماء وأولئك كلهم يحكم عليه الكتاب والسنة فلايستدل بهم إنما يستدل لهم,وهذه منهجية ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ,فقد وافقت اليوم الآراء الأهواء نسأل الله العافية لنا وللمسلمين جميعاً,وقد بات معلوماً لدى كل منصف وصادق أن الحرب التي بيننا وبين الأمريكان لا تختلف عما حصل بين التتار آنذاك وبين أهل الأسلام ,بل دواعي قتل هؤلاء الأعداء أعظم من دواعي قتال أولئك من التتار والله أعلم لمن يعرف مخططاتهم,ولا ندري لماذا يستدل هؤلاء العلماء للعراقيين اليوم على عدم جهاد الأمريكان ولم يستدلّوا للكويتيين بالقعود وترك الدفاع عن أرضهم وعرضهم عند احتلال العراق ديارهم ! فهل صدام وجيشه أخطر من أمريكا !!أم هي المؤامرات والمؤتمرات التي تدور خلف الكواليس بين حكام العرب والكفار,أم هو الضغط السياسي الذي بات يحكم على كثير من الفتاوى ويُحكِمَها!! 0وصدرت الفتاوى يومها بالإستعانة ولو بالكفار فجاءونا يجرون الحديد كأنهم سرَو بجيادٍ مالهن قوائم ,لقد كان ((الأمريكان ))ينتظرون مثل هذه الفتاوى على أحر من الجمر, فالحال اليوم الذي نحن عليه لا يختلف عن السابق بل هو أشبه بحال المسلمين والتتار من قبل, فمعاونة وموالاة للكفار ممن ينتسبون للأسلام ,ومجاهدون ومخذلون , ويا للأسف ما أكثر المتأولين اليوم من هؤلاء المخذلين لمن ساعد الأمريكان بشتى التأويلات!! وليس للمجاهدين منها نصيب فيا للغربة !! غربة أهل الولاء والبراء بين أهل الأسلام 0ورحم الله شيخ الأسلام حيث يقول عن الجهاد:
    ((وسنام ذلك الجهاد في سبيل الله فإنه أعلى ما يحبه الله ورسوله واللائمون عليه كثير إذ كثير من الناس الذين فيهم إيمان يكرهونه وهم إما مخذلون مفترون للهمة والإرادة فيه وإما مرجفون مضعفون للقوة والقدرة عليه وإن كان ذلك من النفاق قال الله تعالى:
    (( قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا)) وقال تعالى(( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونكم فيها إلا قليلا )) كتاب الإستقامة لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/265
    ورحم الله الأمام ابن عقيل الحنبلي حيثُ قالَ:
    (إذا أرَدْتَّ أنْ تَعْلَمَ مَحلَّ الإسلامِ مِنْ أهلِ الزمانِ، فلا تَنْظُر إلى زحَامِهم في أبوابِ الجَوامع، ولا ضَجِيجِهم في المَوقِفِ بِلبَّيكَ، وإنَّما انظُر إلى مُواطَأتِهم أعداءَ الشَّريعةِ...) الآداب الشرعيَّة لابن مفلح (1/268)

    والآن أخي المسلم يامن أعطاك الله خلق الإنصاف قارن بين فتاوى شيخ الأسلام في زمنه عند دخول التتار وبين الفتاوى اليوم عند دخول الأمريكان !!فاقرأ وتدبر ودع عنك التعصب والهوى, والله تعالى يقول:( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)(البقرة: من الآية235)

    الحال التي عليها التتار
    َقَالَ شيخُ الإسلامِ عَنِ التَّتار الذينَ قَدِمُوا الشَّامَ وتَكَلَّمُوا بالشَّهادَتين وانتَسبُوا إلى الإسلامِ ولمْ يَبْقَوا على الكفرِ الذي كانوا عليه في أولِ الأمرِ؛ وَحُكْمُ مَنْ كانَ معهم مِمَّن يَفِرُّ إليهم مِنْ عَسكرِ المُسلمينَ الأمَراءِ وغيرِهِم وحُكمُ مَنْ قدْ أخرَجُوه مَعهم مُكرَهاً وحُكْمُ مَنْ يكونُ مَع عسكرِهِم مِنْ المُنتَسِبينَ إلى العِلمِ والفِقهِ والفَقِرِ والتَّصوّفِ ونَحَو ذلكَ ومَا يُقالُ في مَنْ زَعَمَ أنَّهُم مُسلِمُونَ، والمُقَاتِلونَ لهم مُسلمونَ وكِلاهما ظالمٌ فلا يُقَاتِلْ مَع أحَدِهِمِا.
    فأجابَ رحِمَهُ اللهُ تعالى في مَجموع الفَتاوى (28/510-541) بجَوَابٍ شافٍ وافٍ فقالَ: (... كلُّ طَائفةٍ خَرَجَتْ عنْ شريعةٍ مِنْ شرائِعِ الإسلامِ الظَّاهِرةِ المُتَوَاتِرةِ فإنَّه يَجبُ قِتَالها باتفَاقِ أئِمَّةِ المُسلمينَ؛ وإنْ تَكَلمَتْ بالشَّهَادَتين. فإذا أقَرُّوا بالشَّهَادَتين وامتَنَعُوا عَنِ الصَّلواتِ الخَمْسِ وَجَبَ قِتَالُهُم حتَّى يُصَلُّوا وإنْ امتَنَعُوا عَنِ الزَّكَاةِ وَجَبَ قِتَالُهُم حتَّى يُؤدُّوا الزَّكاةَ. وكذلكَ إنْ امتَنَعُوا عَنْ ِصيَامِ شهرِ رمَضَانَ أو حَجِّ البيتِ العَتِيقِ. وكذلكَ إنْ امتَنَعُوا عَنْ تَحريمِ الفَوَاحِشِ، أو الزِّنَا، أو المَيْسِر، أو الخَمْر، أو غيرِ ذلكَ مِنْ مُحَرَّماتِ الشَّريعةِ. وكذلكَ إنْ امتَنَعُوا عَنِ الحُكْمِ في الدِّماءِ والأموالِ والأعراضِ والأبْضَاعِ ونَحوهَا بحُكْمِ الكتَابِ والسُنَّةِ، وكذلكَ إنْ امتَنَعُوا عَنِ الأمْرِ بالمَعْروفِ والنَّهِيِّ عَنِ المُنكرِ، وجهَادُ الكفَّارِ إلى أنْ يُسْلِمُوا ويُؤدُّوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُم صَاغِرُونَ. وكذلكَ إنْ أظهَرُوا البِدَعَ المُخَالِفةَ للكتابِ والسُنَّةِ واتِّبَاعِ سَلَفِ الأمَّةِ وأئِمَتِهَا؛ مِثلُ أنْ يُظْهِرُوا الإلْحَاَدَ في أسمَاءِ اللهِ وآياتِهِ، أو التَّكْذيبُ بأسمَاءِ اللهِ وِصفَاتِهِ، أو التَّكْذِيبُ بقَدَِرهِ وقَضَائِهِ، أو التَّكْذِيبُ بِمَا كانَ عليهِ جَمَاعة المُسلمينَ على عَهدِ الخُلفَاءِ الرَّاِشدِينَ، أو الطَّعْنُ في السَّابقِينَ الأوَّلينَ مِنَ المُهَاجرينَ والأنصَارِ والذينَ اتَّبَعُوهم بإحسانٍ، أو مُقاتَلة المُسلمينَ حتَّى يَدْخُلوا في طاعَتِهم التي تُوجبُ الخُرُوجَ عَنْ شريعَةِ الإسلامِ، وأمثالُ هذِهِ الأمُور.
    قالَ اللهُ تعالى: {وقَاتِلوهم حتَّى لا تَكونَ فِتْنَة ويكونَ الدِّينُ ُكلَّهُ للهِ}، فإذا كانَ بَعضُ الدِّينِ للهِ وبَعضَه لغيرِ اللهِ وَجَبَ القِتَالُ حتَّى يكونَ الدِّينُ ُكلَّهُ للهِ. وقالَ تعالى: {ياأيُّها الذينَ آمنُوا اتَّقوا اللهَ وذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إنْ ُكنْتُم مُؤمنينَ * فإنْ لمْ تَفْعَلوا فأذَنُوا بحَربٍ مِنَ اللهِ ورسولِهِ} وهذِهِ الآيةِ نَزَلتْ في أهلِ الطَّائفِ، وكانوا قدْ أسلمُوا وصلّوا وصامُوا، لكنْ كانوا يَتَعَامَلونَ بالرِّبا. فأنزَلَ اللهُ هذهِِ الآيةِ، وأمَرَ المُؤمنينَ فيها بتَركِ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا.
    وقالَ: {فإنْ لمْ تَفْعَلوا فأذَنُوا بحَربٍ مِنَ اللهِ ورسولِهِ} وقدْ ُقريءَ {فأذَنُوا}، {وآذِنُوا} وِكلا المَعْنَيين صَحيحٌ. والرِّبا آخرُ المُحَرَّماتِ في القرآن، وَهُوَ مَالٌ يُؤخَذُ بتَرَاِضي المُتَعَامِلِينَ. فإذا كانَ مَنْ لمْ يَنْتَهِ عنه مُحَاِربَاً للهِ ورسولِهِ، فكيفَ بمَنْ لمْ يَنْتَهِ عَنْ غيرهِ ِمنَ المُحَرَّمَاتِ التي هيَ أسْبَقُ تَحِْريْمَاً وأعْظَمُ تَحِْريْمَاً.
    إلى إنْ قالَ مُبَيناً إتفاقَ الصَّحابةِ وأئِمَّةِ الدِّينِ على قِتَالِ الطَّائِفةِ الخَاِرجَةِ عَنْ شريعَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الإسلامِ المُتَوَاتِرَةِ وإنْ أقَرُّوا بالشَّهادَتَين والصَّلاةِ وغيِر ذلكَ. فقالَ: (ومِمَّنْ قَاتَلَهم الصَّحَابة - معَ إقرَارهم بالشَّّهَادَتَين والصَّلاةِ وغيِر ذلكَ - مَانِعِيِّ الزَّكاةِ، كَمَا في الصَّحِيْحَين:(عنْ أبي هُريرةَ أنْ عمر بن الخطَّاب قالَ لأبي بكرٍ: يا خليفةَ رسولِ اللهِ ! كيفَ ُتقَاتِلُ النَّاسَ وقدْ قالَ رسولُ اللهِ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: " أمِرتُ أنْ أقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشهَدُوا أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وأنِّي رسولُ اللهِ، فإذا قَالوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهم وأموَالهم إلاَّ ِبحَقِّها ". فقالَ له أبُو بكرَ: ألمْ يَقلْ لكَ: إلاَّ ِبحَقِها. فإنَّ الزَّكاةَ مِنْ حَقِّها. واللهِ لو مَنَعُوني عِنَاقاً كانُوا يُؤدُّونَها إلى رسولِ اللهِ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لقَاتَلتُهُم على مَنْعِها. قالَ عمرُ: فَمَا هُوَ إلاَّ أنْ رَأيْتُ أنَّ اللهَ قدْ شَرَحَ صَدْرَ أبي بكرٍ للقتالِ، فَعَلِمْتُ أنَّه الحقُّ).
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    وقدْ اتَّفَقَ الصَّحابة والأئِمَّة بَعدَهم على قِتَالِ مَانِعِيِّ الزَّكاةِ وإنْ كانُوا يُصَلونَ الخَمْسَ ويَصُومُونَ شَهرَ رمضان. وهؤلاءِ لمْ يكنْ لهُم شُبْهةٌ سَائِغَةٌ، فلِهذا كانُوا مُرتَدِّينَ، وَهُم يُقَاتَلُونَ على مَنْعِهَا وإنْ أقَرُّوا بالوجُوبِ، كَمَا أَمَرَ اللهُ. وقدْ حُكِيَ عنهُم أنَّهم قالوا: إنَّّ اللهَ أمَرَ نَبيَهُ بأخْذِ الزَّكاةِ بقَولِهِ: {خذْ مِنْ أموَالِهم صَدَقَة} وقدْ سَقَطَتْ بمَوتِهِ.وكذلكَ أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بقِتَالِ الذينَ لا يَنْتَهُونَ عَنْ شُربِ الخَمْر.
    وأمَّا الأصلُ الآخَرُ وَهُوَ مَعْرفَة أحوَالهم، فقدْ عُلِمَ أنْ هؤلاءِ القَومَ جَازُوا على الشَّامِ في المَرَّةِ الأوُلى:عامَ تِسعةٍ وتِسعِينَ، وأعَطوا النَّاسَ الأمَانَ وقَرَؤوهُ على المِنْبَر بدِمَشقَ، ومَعَ هذا فقدْ سَبُوا مِنْ ذَرَاري المُسلمينَ مَا يُقالُ أنَّه مَائة ألفٍ أو يَزيدُ عليه. وفَعَلوا ببَيْتِ المَقْدِسِ، وبجَبَلِ الصَّالحِيَّةِ ونَابْلِسَ وحِمْصَ ودَاريَا، وغير ذلكَ مِنَ القَتْلِ والسَّبْي مَا لا يَعْلمُهُ إلاَّ اللهُ، حتَّى يُقالُ إنَّهم سّبُوا مِنْ المُسلمينَ قَريْبَاً مِنْ مَائةِ ألفٍ، وَجَعَلوا يَفْجُرُونَ بخِيَارِ نِسَاءِ المُسلمينَ في المَسَاجدِ وغيرهَا، كالمَسْجدِ الأقصَى والأمَويُّ وغيرِهِ، وجَعَلوا الجَامَعَ الذي بالعقيبة ِ دَكَّاً.وقدْ شاهَدْنَا عَسكرَ القَومِ، فرَأينَا جُمْهُورَهم لا يُصَلونَ. ولمْ نَرَ في عَسكرِهِم مُؤَذِنَاً ولا إمَامَاً وقدْ أخَذَوا مِنْ أموَالِ المُسلمينَ وذَرَاريهم وخَرَّبُوا مِنْ دِيَارهِم مَا لا يَعْلَمُهُ إلاَّ اللهُ. ولمْ يكنْ مَعهم في دَوْلتِهم إلاَّ مَنْ كانَ مِنْ شَرِّ الخَلقِ، إمَّا ِزنْدِيقٌ مُنَافِقٌ لا يَعْتَقدُ دِينَ الإسلامِ في البَاطنِ، وإمَّا مَنْ هُوَ شَرُّ أهلِ البِدَعِ كالرَّافِضَةِ والجَهمِيَّةِ والإتِحَادِيَّةِ ونَحوهم، وإمَّا مَنْ هُوِ مِنْ أفْجَرِ النَّاسِ وأفِسَقِهم. وَهُمْ في بلادِهِم مَعَ تَمَكُنِهِم لا يَحُجُّونَ البَيتَ العَتِيق، وإنْ كانَ فِيهم مَنْ يُصَلي وَيَصُوم فَلَيسَ الغَالبُ عَليهم إقامُ الصَّلاةِ ولا إيتَاءِ الزَّكاةِ.
    وهُم يُقَاتِلونَِ على مُلكِ ِجنْكِسْخَان. فمَنْ دَخَلَ في طاعَتِهم جَعَلوهُ وَليَّاً لهم وإنْ كانَ كافراً، وَمَنْ خَرَجَ عَنْ ذلكَ جَعَلوُهُ عَدوَّاً لهم وإنْ كانَ مَنْ خِيَارِ المُسلمينَ. ولا يُقَاتِلونَ على الإسلامِ ولا يَضَعُونَ الِجزيَةَ والصَّغَارَ؛ بلْ غاية كثيرٍ مِنَ المُسلمينَ مِنهم مِنْ أكابر أمَرَائِهم وَوُزَرَائِهم أنْ يكونَ المُسلمُ عِندَهم كَمَنْ يُعَظِمُونَه مِنَ المُشركينَ مِنَ اليَهودِ والنَّصارى؛ كَمَا قالَ أكبَرُ مَقدِمِيهم الذينَ قدِمُوا إلى الشَّام، وَهُوَ يُخَاطِبُ رُسلَ المُسلمينَ ويَتَقرَّبُ إليهم بأنَّا مُسلِمُونَ؛ فقالَ هَذَان آيَتَان عَظِيمَتَان جَآءَا مِنْ عِندِ اللهِ مُحمَّدُ وَِجنْكِسخَان. فهَذا غَاية مَا يَتَقَرَّبُ بهِ أكبرُ مَقدِمِيهم إلى المُسلمينَ، أنْ يُسَوِّيَ بينَ رسولِ اللهِ وأكرمُ الخَلقِ عليه وَسَيِّدُ وَلدِ آدمَ وَخَاتَمُ المُرسَلينَ وَبَينَ مَلكٍ كافرِ مُشركٍ مِنْ أعظمِ المُشركينَ ُكفرَاً وَفَسَادَاً وَعُدْوَاناً مِنْ ِجنْسِ بَختَنصر وأمثالِهِ. ثمَّ قالَ: فَهَذا وَ أمثاله مِنْ مَقدِمِيهم كانَ غَايَته بَعدَ الإسلامِ أنْ يَجعَلَ مُحمَّداً صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمَنزلةِ هذا المَلعُون، وَمَعلومٌ أنَّ مُسَيلمة الكذَّابَ كانَ أقلُّ ضَرَرَاً على المُسلمينَ مِنْ هذا، وادَّعَى أنَّه شَريكُ مُحمَّدَ في الرِّسالةِ، وبهذا استَحَلَّ الصَّحابة قِتَاله وَقِتَالِ أصحَابِهِ المُرتَدِّينَ. فكيفَ بمَنْ كانَ فِيمَا يُظهرُهُ مِنَ الإسلامِ يَجْعَلُ مُحمَّداً كِجنْكِسْخَان ؟! وإلاَّ فَهُم مَعَ إظهَارهِم للإسلامِ يُعَظِّمُونَ أمرَ ِجنْكِسخَان على المُسلمينَ المُتَّبعِينَ لشَريعةِ القرآنِ، ولا يُقاتِلونَ أولئِكَ المُتَّبعِينَ لِمَا سَنَّهُ ِجْنكِسْخَان كَمَا يُقاتِلونَ المُسلمينَ بلْ أعظمُ.
    أولئِكَ الكفَّارُ يَبذلونَ له الطَّاعةَ والإنقِيادِ، ويَحْمِلونَ إليهِ الأموَالَ، ويُقِرُّونَ له بالنِيَابَةِ، ولا يُخَالِفونَ مَا يَأمُرُهُم بِهِ إلاَّ كَمَا يُخَالِفُ الخَارجُ عَنْ طاعةِ الإمَامِ للإمَامِ. وَهُم يُحَاِربُونَ المُسلمينَ وَيُعَادُونهم أعظمَ مُعَادَاةٍ، وَيَطلبُونَ مِنَ المُسلمينَ الطَّاعةَ لهم وَبَذلُ الأموَالِ، والدُّخُولُ فيمَا وَضَعَه لَهم ذلكَ المَلِكُ الكَافِرُ المُشركُ المُشابِهِ لِفِرعَونَ أو النَّمْرُوذِ ونَحوهِمَا؛ بلْ هُوَ أعظمُ فَسَادَاً في الأرضِ مِنهُما قالَ اللهُ تعالى: {إنَّ فِرْعَونَ عَلا في الأرضِ وَجَعَلَ أهلهَا ِشيَعَاً يَسْتَضِعِفُ طائِفةً مِنهُم يُذَبِّحُ أبنَاءَهم وَيَسْتَحْيي نِسَاءَهم إنَّه كانَ مِنَ المُفسِدِينَ}.وهذا الكَافرُ عَلا في الأرضِ؛ يَسْتَضِعِفُ أهلَ المِللِ كلِهم مِنَ المُسلمينَ واليَهودِ والنَّصارى وَمَنْ خَالفَه مِنَ المُشركينَ ِبقتلِ الرِّجَالِ وَسَبيِّ الحَريمِ وَبأخذِ الأموالِ، وَبهَلكِ الحَرثِ وَالنَّسلِ واللهُ لا يُحِبُّ الفَسَادَ. وَيَرُدُّ النَّاسَ عَمَّا كانوا عليهِ مِنْ سُننِ الأنبيَاءِ والمُرسلينَ إلى أنْ يَدْخُلوا فِيمَا ابْتَدَعَه مِنْ ُسنَّتِهِ الجَاهِليَّةِ وَشَريعَتِهِ الكفريَّةِ.
    فَهُم يَدَعُونَ دِينَ الإسلامِ ويُعَظِّمُونَ ِدينَ أولئِكَ الكُفَّارَ على دِينِ المُسلمينَ، ويُطِيعُونَهم وَيُوَالونَهم أعظمُ بكثيرٍ مِنْ طاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَمُوَالاةِ المُؤمنينَ، والحُكمُ فِيمَا شَجَرَ بَينَ أكابرهِم ِبحُكمِ الجَاهِلِيَّةِ، لا ِبحُكمِ اللهِ ورسولِهِ. وَكذلكَ الأكابرُ مِنْ وُزَرَائِهم وغيرِهِم يَجْعَلونَ دِينَ الإسلامِ كدِينِ اليَهودِ والنَّصارى، وأنَّ هذِهِ كلَّها طرقٌ إلى اللهِ، ِبمَنْزلةِ المَذَاهِبِ الأربَعَةِ عِندَ المُسلمينَ.
    ُثمَّ مِنهم مَنْ يُرَجِحُ ِدينَ اليَهودِ أو ِدينَ النَّصارى، وَمِنهم مَنْ يُرَجِحُ ِدينَ المُسلمينَ، وَهذا القولُ فَاشٍ غَالبٍ فيهم. حتََّى في ُفقَهَائِهم وَعُبَادِهم لاسِيمَا الجَهْمِيَّة مِنَ الإتِحَادِيَّةِ الفِرعَونِيَّةِ وَنَحوهم، فإنَّه غَلَبَتْ عَليهم الفَلسَفة. وَهذا مَذهَبُ كثيرٍ مِنَ المُتَفَلسِفةِ أو أكثرهم، وعلى هذا كثيرٌ مِنَ النَّصارى أو أكثرهم، وكثيرُ مِنَ اليَهودِ أيضاً، بلْ لو قالَ القائلُ: إنَّ غَالبَ خَواصِّ العُلماءِ مِنهم والعُبَّادِ على هذا المَذهَبِ لمَا أبْعَدَ. وقدْ رَأيتُ مِنْ ذلكَ وَسَمِعْتُ مَالا يَتَّسِعُ له هذا المَوضِع ومَعلومٌ بالإضطِرار مِنْ دِينِ المُسلمينَ وباتفاقِ جميع المُسلمينَ أنَّ مَنْ سَوَّغَ أتِّباع غيرَ دِين الإسلامِ أو أتِّباعُ شريعةٍ غير شريعةِ مُحمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فهُوَ كافرٌ، وَهُوَ كَكُفر مَنْ آمنَ ببعضِ الكتابِ وَكَفَرَ ببعضِ الكتابِ، كَمَا قالَ تعالى: {إنَّ الذينَ يَكفرُونَ باللهِ ورُسُلِهِ ويُريدُونَ أنْ يُفَرِّقُوا بينَ اللهِ ورُسُلِهِ ويَقولونَ نُؤمنُ ببعضٍٍ وَنَكفرُ ببعضٍ ويُريدُونَ أنْ يَتَّخِذوا بَينَ ذلكَ سَبيَلاً أولئِكَ هُم الكافرونَ حقَّاً وأعتَدْنَا للكافرينَ عذاباً مُهينَاً}. واليَهودُ والنَّصارى دَاخِلونَ في ذلكَ، وكذلكَ المُتَفَلسِفة يُؤمنونَ ببعضٍ ويَكفرُونَ ببَعضٍ. وَمَنْ تَفَلسَفَ مِنَ اليَهودِ والنَّصارى يَبقى ُكفْرُهُ مِنْ وَجهَين. وهؤلاءِ أكثرُ وُزَرَائِهم الذينِ يَصْدُرُونَ عَنْ رأيهِ غَايتُهُ أنْ يَكونَ مِنْ هذا الضَّربِ، فإنَّه كانَ يَهودِيَّاً مُتَفَلسِفَاً، ثمَّ انْتَسَبَ إلى الإسلامِ معَ مَا فيه مِنَ اليَهُودِيَّةِ والتَفَلسُفِ وَضُمَّ إلى ذلكَ الرَفضُ. فهذا هُوَ أعظمُ مَنْ عِندَهم مِنْ ذَوي الأقلامِ، وذاكَ أعظمُ مَنْ كانَ عِندَهم مِنْ ذَوي السَّيفِ. فَليَعْتَبرَ المُؤمِنُ بهذا.
    وبالجُمْلةِ فمَا مِنْ نِفَاقٍ وَزَنْدَقةٍ وَإلحَادٍ إلاَّ وَهيَ دَاخلةٌ في أتْبَاع التَّتَار، لأنَّهم مِنْ أجْهلِ الخَلقِ وَأقَلِّهم مَعرفةً بالدِّين، وأبعَدَهم عَنْ أتِّبَاعِهِ، وأعظمُ الخَلقٍ اتِّبَاعَاً للظَّنِّ ومَا تَهوَى الأنفُس).

    حكم قتال التتار
    سئل رحمه الله ورضى عنه عن أجناد يمتنعون عن قتال التتار ويقولون أن فيهم من يخرج مكرها معهم واذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا؟
    فأجاب الحمد لله رب العالمين قتال التتار الذين قدموا الى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة فان الله يقول فى القرآن(( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله )) والدين هو الطاعة فاذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ولهذا قال الله تعالى: ((يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله)) وهذه الآية نزلت فى اهل الطائف لما دخلوا في الاسلام والتزموا الصلاة والصيام لكن امتنعوا من ترك الربا فبين الله انهم محاربون له ولرسوله اذا لم ينتهوا عن الربا والربا هو آخر ما حرمه الله وهو مال يؤخذ برضا صاحبه فاذا كان هؤلاء محاربين لله ورسوله يجب جهادهم فكيف بمن يترك كثيرا من شرائع الاسلام او اكثرها كالتتار00 ج 28/545-553

    حكم أموالهم

    إذا دخل التتار الشام ونهبوا أموال النصارى والمسلمين ثم نهب المسلمون التتار وسلبوا القتلى منهم .. فهل المأخوذ من أموالهم وسلبهم حلال أم لا؟ ( الجواب) كل ما أخذ من التتار يخمس ويباح الانتفاع به 0
    ( ومعنى يخمس أي غنيمة ) ج28/589


    الطائفة الممتنعة
    مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 545
    وقد اتفق علماء المسلمين على ان الطائفة الممتنعة اذا امتنعت عن بعض واجبات الاسلام الظاهرة المتواترة فانه يجب قتالها اذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة او صيام شهر رمضان او حج البيت العتيق او عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر او نكاح ذوات المحارم أو عن استحلال النفوس والأموال بغير حق او الربا اوالميسر أو الجهاد للكفار او عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الاسلام فانهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله وقد ثبت فى الصحيحين ان عمر لما ناظر أبا بكر فى مانعى الزكاة قال له ابو بكر كيف لا أقاتل من ترك الحقوق التى اوجبها الله ورسوله وان كان قد اسلم كالزكاة 1 وقال له فان الزكاة من حقها والله لو منعونى عناقا كانوا يؤدونها الى رسول الله لقاتلتهم على منعها قال عمر فما هو الا ان رأيت الله قد شرح صدر ابى بكر للقتال فعلمت انه الحق وقد ثبت فى الصحيح من غير وجه ان النبي ذكر الخوارج وقال فيهم يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية اينما لقيتموهم فاقتلوهم فان فى قتلهم اجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد وقد اتفق السلف والأئمة على قتال هؤلاء وأول من قاتلهم امير المؤمنين علي بن ابى طالب رضي الله عنه0

    القتال مع الأمراء الظلمة أو المعسكر كثير الفجور
    وما زال المسلمون يقاتلون فى صدر خلافة بنى امية وبنى العباس مع الأمراء وان كانوا ظلمة وكان الحجاج ونوابه ممن يقاتلونهم فكل أئمة المسلمين يأمرون بقتالهم فان اتفق من يقاتلهم على الوجه الكامل فهو الغاية فى رضوان الله واعزاز كلمته واقامة دينه وطاعة رسوله وان كان فيهم من فيه فجور وفساد نية بأن يكون يقاتل على الرياسة او يتعدى عليهم فى بعض الأمور وكانت مفسدة ترك قتالهم اعظم على الدين من مفسدة قتالهم على هذا الوجه كان الواجب ايضا قتالهم دفعا لأعظم المفسدتين بالتزام ادناهما فان هذا من اصول الاسلام التى ينبغى مراعاتها ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة الغزو مع كل بر وفاجر فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لإخلاق لهم كما أخبر بذلك النبى لأنه إذا لم يتفق الغزو إلا مع الأمراء الفجار أو مع عسكر كثير الفجور فإنه لابد من أحد أمرين إما ترك الغزو معهم فيلزم من ذلك إستيلاء الآخرين الذين هم أعظم ضررا فى الدين والدنيا وإما الغزو مع الأمير الفاجر فيحصل بذلك دفع الأفجرين وإقامة أكثر شرائع الإسلام وإن لم يمكن إقامة جميعها فهذا هو الواجب فى هذه الصورة وكل ما أشبهها بل كثير من الغزو الحاصل بعد الخلفاء الراشدين لم يقع إلا على هذا الوجه وثبت عن النبى الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم فهذا الحديث الصحيح يدل على معنى ما رواه أبو داود فى سننه من قوله الغزو ماض منذ بعثنى الله إلى أن يقاتل آخر أمتى الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل وما إستفاض عنه أنه قال لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة إلى غير ذلك من النصوص التى إتفق أهل السنة والجماعة من جميع الطوائف على العمل بها فى جهاد من يستحق الجهاد مع الأمراء أبرارهم وفجارهم بخلاف الرافضة والخوارج الخارجين عن السنة والجماعة هذا مع اخباره بأنه سيلى أمراء ظلمة خونة فجرة فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم فليس منى ولست منه ولا يرد على الحوض ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو منى وأنا منه وسيرد على الحوض فإذا أحاط المرء علما بما أمر به النبى صلى الله عليه وسلم من الجهاد الذى يقوم به الأمراء إلى يوم القيامة وبما نهى عنه من إعانة الظلمة على ظلهم علم أن الطريقة الوسطى التى هى دين الإسلام المحض جهاد من يستحق الجهاد كهؤلاء القوم المسئول عنهم مع كل أمير وطائفة هى أولى بالإسلام منهم إذا لم يمكن جهادهم إلا كذلك وإجتناب إعانة الطائفة التى يغزو معها على شىء من معاصى الله بل يطيعهم فى طاعة الله ولا يطيعهم فى معصية الله إذ لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق وهذه طريقة خيار هذه الأمة قديما وحديثا وهى واجبة على كل مكلف وهى متوسطة بين طريق الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشىء عن قلة العلم وبين طريقة المرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة الأمراء مطلقا وأن لم يكونوا أبرارا ونسأل الله أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه من القول والعمل والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم 0
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله : [ومن كان كثير الذنوب فأعظم دوائه الجهاد فان الله عز وجل يغفر ذنوبه كما أخبر الله في كتابه بقوله سبحانه وتعالى : "يغفر لكم ذنوبكم"]28/421مجموع الفتاوى
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    إذا كان أبو بكر قد قاتل مانعي الزكاة وقاتل علي الخوارج فكيف بقتال التتار!؟
    والتتار واشباههم أعظم خروجا عن شريعة الإسلام من مانعى الزكاة والخوارج من اهل الطائف الذين امتنعوا عن ترك الربا فمن شك فى قتالهم فهو أجهل الناس بدين الاسلام وحيث وجب قتالهم قوتلوا وان كان فيهم المكره باتفاق المسلمين كما قال العباس لما أسر يوم بدر يا رسول الله إنى خرجت مكرها فقال النبى اما ظاهرك فكان علينا واما سريرتك فالى الله 0 مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 546

    قتل المسلم من غير قصد في المعركة
    وقد اتفق العلماء على ان جيش الكفار اذا تترسوا بمن عندهم من اسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر اذا لم يقاتلوا فانهم يقاتلون وان افضى ذلك الى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم وان لم يخف على المسلمين ففى جواز القتال المفضى الى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء وهؤلاء المسلمون اذا قتلوا كانوا شهداء ولا يترك الجهاد الواجب لاجل من يقتل شهيدا فان المسلمين اذا قاتلوا الكفار فمن قتل من المسلمين يكون شهيدا ومن قتل وهو فى الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الاسلام كان شهيدا وقد ثبت فى الصحيحين عن النبي انه قال يغزو هذا البيت جيش من الناس فبينما هم ببيداء من الارض اذ خسف بهم فقيل يا رسول الله وفيهم المكره فقال يبعثون على نياتهم فاذا كان العذاب الذى ينزله الله بالجيش الذي يغزو المسلمين ينزله بالمكره وغير المكره فكيف بالعذاب الذي يعذبهم الله به او بأيدى المؤمنين كما قال تعالى قل هل تربصون بنا الا احدى الحسنيين ونحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده او بأيدينا ونحن لا نعلم المكره ولا نقدر على التمييز فاذا قتلناهم بأمر الله كنا فى دلك مأجورين ومعذورين وكانوا هم على نياتهم فمن كان مكرها لا يستطيع الامتناع فانه يحشر على نيته يوم القيامة فاذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يقتل من عسكر المسلمين واما اذا هرب احدهم فان من الناس من يجعل قتالهم بمنزلة قتال البغاة المتأولين وهؤلاء اذا كان لهم طائفة ممتنعة فهل يجوز اتباع مدبرهم وقتل اسيرهم والاجهاز على جريحهم على قولين للعلماء مشهورين فقيل لا يفعل ذلك لان منادى علي بن ابى طالب نادى يوم الجمل لا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يقتل اسير وقيل بل يفعل ذلك لأنه يوم الجمل لم يكن لهم طائفة ممتنعة وكان المقصود من القتال دفعهم فلما اندفعوا لم يكن الى ذلك حاجة بمنزلة دفع الصائل وقد روى انه يوم الجمل وصفين كان امرهم بخلاف ذلك فمن جعلهم بمنزلة البغاة المتأولين جعل فيهم هذين القولين والصواب ان هؤلاء ليسوا من البغاة المتأولين فان هؤلاء ليس لهم تأويل سائغ اصلا وانما هم من جنس الخوارج المارقين ومانعى الزكاة واهل الطائف والخرمية ونحوهم ممن قوتلوا على ما خرجوا عنه من شرائع الاسلام وهذا موضع اشتبه على كثير من الناس من الفقهاء فان المصنفين فى قتال أهل البغى جعلوا قتال مانعى الزكاة وقتال الخوارج وقتال علي لاهل البصرة وقتاله لمعاوية واتباعه من قتال اهل البغى وذلك كله مأمور به وفرعوا مسائل ذلك تفريع من يرى ذلك بين الناس وقد غلطوا بل الصواب ما عليه أئمة الحديث والسنة واهل المدينة النبوية كالاوزاعى والثورى ومالك واحمد بن حنبل وغيرهم انه يفرق بين هذا وهذا فقتال علي للخوارج ثابت بالنصوص الصريحة عن النبى باتفاق المسلمين واما القتال يوم صفين ونحوه فلم يتفق عليه الصحابة بل صد عنه اكابر الصحابة مثل سعد بن ابى وقاص ومحمد بن مسلمة واسامة بن زيد وعبد الله بن عمر وغيرهم ولم يكن بعد علي بن ابي طالب فى العسكرين مثل سعد بن ابى وقاص والأحاديث الصحيحة عن النبى تقتضى انه كان يجب الاصلاح بين تلك الطائفتين لا الاقتتال بينهما كما ثبت عنه فى صحيح البخاري انه خطب الناس والجيش معه فقال ان ابنى هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المؤمنين فأصلح الله بالحسن بين اهل العراق واهل الشام فجعل النبى صلى الله عليه وسلم الاصلاح به من فضائل الحسن مع ان الحسن نزل عن الامر وسلم الأمر الى معاوية فلو كان القتال هو المأمور به دون ترك الخلافة ومصالحة معاوية لم يمدحه النبى على ترك ما امر به وفعل ما لم يؤمر به ولا مدحه على ترك الأولى وفعل الأدنى فعلم ان الذى فعله الحسن هو الذى كان يحبه الله ورسوله لا القتال وقد ثبت فى الصحيح ان النبى كان يضعه وأسامة على فخذيه ويقول اللهم انى احبهما فأحبهما واحب من يحبهما وقد ظهر اثر محبة رسول الله لهما بكراهتهما القتال فى الفتنة فان اسامة امتنع عن القتال مع واحدة من الطائفتين وكذلك الحسن كان دائما يشير على علي بأنه لا يقاتل ولما صار الأمر اليه فعل ما كان يشير به على ابيه رضى الله عنهم اجمعين وقد ثبت عنه فى الصحيح انه قال تمرق مارقة علي حين فرقة من المسلمين تقتلهم اولى الطائفتين بالحق فهذه المارقة هم الخوارج وقاتلهم علي بن ابى طالب وهذا يصدقه بقية الأحاديث التى فيها الأمر بقتال الخوارج وتبين ان قتلهم مما يحبه الله ورسوله وان الذين قاتلوهم مع علي اولى بالحق من معاوية واصحابه مع كونهم اولى بالحق فلم يأمر النبى بالقتال لواحدة من الطائفتين كما امر بقتال الخوارج بل مدح الاصلاح بينهما0 مجموع الفتاوى 28 / 547-

    هل قتال العدو الصائل قتال فتنة؟!
    وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم من كراهة القتال فى الفتن والتحذير منها من الاحاديث الصحيحة ما ليس هذا موضعه كقوله ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشى والماشى خير من الساعى وقال يوشك ان يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن
    فالفتن مثل الحروب التى تكون بين ملوك المسلمين وطوائف المسلمين مع أن كل واحدة من الطائفتين ملتزمة لشرائع الإسلام مثل ما كان أهل الجمل وصفين وإنما إقتتلوا لشبه وأمور عرضت وأما قتال الخوارج ومانعى الزكاة وأهل الطائف الذين لم يكونوا يحرمون الربا فهؤلاء يقاتلون حتى يدخلوا فى الشرائع الثابته عن النبى صلىالله عليه وسلم وهؤلاء إذا كان لهم طائفة ممتنعة فلا ريب أنه يجوز قتل أسيرهم وأتباع مدبرهم والإجهاز على جريحهم فإن هؤلاء إذا كانوا مقيمين ببلادهم على ما هم عليه فإنه يجب على المسلمين أن يقصدوهم فى بلادهم لقتالهم حتى يكون الدين كله لله 0 مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 551


    المشابهة بين التتار وحكام اليوم
    فإن هؤلاء التتار لا يقاتلون على دين الإسلام بل يقاتلون الناس حتى يدخلوا فى طاعتهم فمن دخل فى طاعتهم كفوا عنه وإن كان مشركا أو نصرانيا أو يهوديا ومن لم يدخل كان عدوا لهم وإن كان من الأنبياء والصالحين وقد أمر الله المسلمين أن يقاتلوا أعداءه الكفار ويوالوا عباده المؤمنين فيجب على المسلمين من جند الشام ومصر واليمن والمغرب جميعهم أن يكونوا متعاونين على قتال الكفار وليس لبعضهم أن يقاتل بعضا بمجرد الرياسة والأهواء فهؤلاء التتار أقل ما يجب عليهم أن يقاتلوا من يليهم من الكفار وإن يكفوا من قتال من يليهم من المسلمين ويتعاونون معهم على قتال الكفار0

    توقع لشيخ الإسلام حصل في يومنا هذا !!
    منهاج السنة النبوية ج: 3 ص: 377
    وقد قال الله تعالى:ويحلفون على الكذب وهم يعلمون (( وهذا حال الرافضة وكذلك))اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله)) إلى قوله: ((لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله)) وكثير منهم يواد الكفار من وسط قلبه أكثر من موادته للمسلمين ولهذا لما خرج الترك والكفار من جهة المشرق فقاتلوا المسلمين وسفكوا دماءهم ببلاد خرسان والعراق والشام والجزيرة وغيرها كانت الرافضة معاونة لهم على قتال المسلمين ووزير بغداد المعروف بالعلقمي هو وأمثاله كانوا من أعظم الناس معاونة لهم على المسلمين وكذلك الذين كانوا بالشام بحلب وغيرها من الرافضة كانوا من أشد الناس معاونة لهم على قتال المسلمين وكذلك النصارى الذين قاتلهم المسلمون بالشام كانت الرافضة من أعظم أعوانهم وكذلك إذا صار اليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم فهم دائما يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم 0 وأيضا لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق أو مبتدع أو زنديق كالملاحدة القرامطة الباطنية وكالرافضة السبابة وكالجهمية المعطلة من النفاة الحلولية ومعهم ممن يقلدونه من المنتسبين الى العلم والدين من هو شر منهم فإن التتار جهال يقلدون الذين يحسنون به الظن وهم لضلالهم وغيهم يتبعونه فى الضلال الذى يكذبون به على الله ورسوله ويبدلون دين الله ولا يحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ولو وصفت ما أعلمه من أمورهم لطال الخطاب وبالجملة فمذهبهم ودين الإسلام لا يجتمعان ولو أظهروا دين الإسلام الحنيفى الذى بعث رسوله به لإهتدوا وأطاعوا مثل الطائفة المنصورة فإن النبى قد ثبت عنه أنه قال لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولامن خذلهم حتى تقوم الساعة وثبت عنه فى الصحيح أنه قال لايزال أهل الغرب ظاهرين وأول الغرب ما يسامت البيرة ونحوها فإن النبى تكلم بهذا الكلام وهو بالمدينة النبوية فما يغرب عنها فهو غرب كالشام ومصر وما شرق عنها فهو شرق كالجزيرة والعراق وكان السلف يسمون أهل الشام أهل المغرب ويسمون أهل العراق أهل المشرق وهذه الجملة التى ذكرتها فيها من الآثار والادلة الشرعية ما هو مذكور فى غير هذا الموضع والله أعلم 0مجموع الفتاوى 28 / 553

    العدو الصائل
    مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 540-542
    وإذا كانت السنة والإجماع متفقين على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل وإن كان المال الذى يأخذه قيراطا من دينار كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون حرمه فهو شهيد فكيف بقتال هؤلاء الخارجين عن شرائع الإسلام المحاربين لله ورسوله الذين صولهم وبغيهم أقل ما فيهم فإن قتال المعتدين الصائلين ثابت بالسنة والإجماع وهؤلاء معتدون صائلون علىالمسلمين فى أنفسهم وأموالهم وحرمهم ودينهم وكل من هذه يبيح قتال الصائل عليها ومن قتل دونها فهو شهيد فكيف بمن قاتل عليها كلها وهم من شر البغاة المتأولين الظالمين لكن من زعم أنهم يقاتلون كما تقاتل البغاة المتأولون فقد أخطأ خطأ قبيحا وضل ضلالا بعيد فإن أقل ما فى البغاة المتأولين أن يكون لهم تأويل سائغ خرجوا به ولهذا قالوا إن الإمام يراسلهم فإن ذكروا شبهة بينها وإن ذكروا مظلمة أزالها فأى شبهة لهؤلاء المحاربين لله ورسوله الساعين فى الأرض فسادا الخارجين عن شرائع الدين ولا ريب أنهم لا يقولون أنهم أقوم بدين الإسلام علما وعملا من هذه ويتبركون به ويسلبونه ماعليه من الثياب ويسبون حريمه ويعاقبونه بأنواع العقوبات التى لا يعاقب بها إلا أظلم الناس وأفجرهم والمتأول تأويلا دينيا لا يعاقب إلا من يراه عاصيا للدين وهم يعظمون من يعاقبونه فى الدين ويقولون أنه أطوع لله منهم فأى تأويل بقى لهم ثم لو قدر أنهم متأولون لم يكن تأويلهم سائغا بل تأويل الخوارج ومانعى الزكاة أوجه من تأويلهم 0

    إنفاق المال للجهاد ولو مات الفقراء
    الفتاوى الكبرى ج: 4 ص: 608
    ولذلك قلت لو ضاق المال عن إطعام جياع والجهاد الذي يتضرر بتركه قدمنا الجهاد وإن مات الجياع كما في مسألة التترس وأولى فإنا هناك نقتلهم بفعلنا وهنا يموتون بفعل الله وقلت أيضا إذا كان الغرماء يجاهدون بالمال الذي يستوفونه فالواجب وفاؤهم لتحصيل المصلحتين الوفاء والجهاد ونصوص الإمام أحمد توافق ما كتبته وقد ذكرها الخلال قال القاضي إذا تعين فرض الجهاد على أهل بلد وكان على مسافة يقصر فيها الصلاة فمن شرط وجوبه الزاد والراحلة كالحج وما قاله القاضي من القياس على الحج لم ينقل عن أحمد وهو ضعيف فإن وجوب الجهاد قد يكون لدفع ضرر العدو فيكون أوجب من الهجرة ثم الهجرة لا تعتبر فيها الراحلة فبعض الجهاد أولى وثبت في الصحيح من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال على المرء المسلم السمع والطاعة في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه وأثره عليه فأوجب الطاعة التي عمادها الاستنفار في العسر واليسر وهنا نص في وجوبه مع الإعسار بخلاف الحج هذا كله في قتال الطلب 0
    قتــال الدفـع
    وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعا فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده والجهاد منه ما هو باليد ومنه ما هو بالقلب والدعوة والحجة واللسان والرأي والتدبير والصناعة فيجب بغاية ما يمكنه ويجب على القعدة لعذر أن يخلفوا الغزاة في أهليهم ومالهم قال المروزي سئل أبو عبد الله عن الغزو في شدة البرد في مثل الكانونين فيتخوف الرجل إن خرج في ذلك الوقت أن يفرط في الصلاة فترى له أن يغزو أو يقعد قال لا يقعد الغزو خير له وأفضل فقد قال الإمام أحمد بالخروج مع خشية تضييع الفرض لأن هذا مشكوك فيه أو لأنه إذا أخر الصلاة بعض الأوقات عن وقتها كان ما يحصل له من فضل الغزو مربيا على ما فاته وكثيرا ما يكون ثواب بعض المستحبات أو واجبات الكفاية أعظم من ثواب واجب كما لو تصدق بألف درهم وزكى بدرهم قال ابن بخنان سألت أبا عبد الله عن الرجل يغزو قبل الحج قال نعم إلا أنه بعد الحج أجود وسئل أيضا عن رجل قدم يريد الغزو ولم يحج فنزل على قوم فثبطوه عن الغزو وقالوا إنك لم تحج تريد أن تغزو قال أبو عبد الله يغزو ولا عليه فإن أعانه الله حج ولا نرى بالغزو قبل الحج بأسا قال أبو العباس هذا مع أن الحج واجب على الفور عنده لكن تأخيره لمصلحة الجهاد كتأخير الزكاة الواجبة على الفور لانتظار قوم أصلح من غيرهم أو لضرر أهل الزكاة وتأخير الفوائت للانتقال عن مكان الشيطان ونحو ذلك وهذا أجود ما ذكره بعض أصحابنا في تأخير النبي صلى الله عليه وسلم الحج إن كان وجب عليه متقدما وكلام أحمد يقتضي الغزو وإن لم يبق معه مال للحج لأنه قال فإن أعانه الله حج مع أن عنده تقديم الحج أولى كما أنه يتعين الجهاد بالشروع وعند استنفار الإمام لكن لو أذن الإمام لبعضهم لنوع مصلحة فلا بأس وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريحة بهذا وهو خير مما في المختصرات لكن هل يجب على جميع أهل المكان النفير إذا نفر إليه الكفاية كلام أحمد فيه مختلف وقتال الدفع مثل أن يكون العدو كثيرا لا طاقة للمسلمين به لكن يخاف إن انصرفوا عن عدوهم عطف العدو على من يخلفون من المسلمين فهنا قد صرح أصحابنا بأنه يجب أن يبذلوا مهجهم ومهج من يخاف عليهم في الدفع حتى يسلموا ونظيرها أن يهجم العدو على بلاد المسلمين وتكون المقاتلة أقل من النصف فإن انصرفوا استولوا على الحريم فهذا وأمثاله قتال دفع لا قتال طلب لا يجوز الإنصراف فيه بحال ووقعة أحد من هذا الباب والواجب أن يعتبر في أمور الجهاد أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين فلا يؤخذ برأيهم ولا يراءا أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا والرباط أفضل من المقام بمكة إجماعا ))

    حكم من والاهم ضد المسلمين
    مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 530-536
    فهؤلاء الخوارج المارقون من أعظم ما ذمهم به النبى أنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان وذكر أنهم يخرجون على حين فرقة من الناس والخوارج مع هذا لم يكونوا يعاونون الكفار على قتال المسلمين، والرافضة يعانون الكفار على قتال المسلمين فلم يكفهم أنهم لا يقاتلون الكفار مع المسلمين حتى قاتلوا المسلمين مع الكفار فكانوا أعظم مروقا عن الدين من أولئك المارقين بكثير كثير وقد أجمع المسلمون على وجوب قتال الخوارج والروافض ونحوهم إذا فارقوا جماعة المسلمين كما قاتلهم على رضى الله عنه فكيف إذا ضموا إلى ذلك من أحكام المشركين كنائسا وجنكسخان ملك المشركين ما هو من أعظم المضادة لدين الإسلام
    وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام وإذا كان السلف قد سموا مانعى الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين مع أنه والعياذ بالله لواستولى هؤلاء المحاربون لله ورسوله المحادون لله ورسوله المعادون لله ورسوله على أرض الشام ومصر فى مثل هذا الوقت لأفضى ذلك إلى زوال دين الإسلام ودروس شرائعه أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما فهم فى هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام وهم من أحق الناس دخولا فى الطائفة المنصورة التى ذكرها النبى بقوله فى الأحاديث الصحيحة المستفيضة عنه لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة وفى رواية لمسلم لا يزال أهل الغرب والنبى تكلم بهذا الكلام بمدينته النبوية فغربه ما يغرب عنها وشرقه ما يشرق عنها فإن التشريق والتغريب من الأمور النسبية إذ كل بلد له شرق وغرب ولهذا إذا قدم الرجل إلى الإسكندرية من الغرب يقولون سافر إلى الشرق وكان أهل المدينة يسمون أهل الشام أهل الغرب ويسمون أهل نجد والعراق أهل الشرق كما فى حديث إبن عمر قال قدم رجلان من أهل المشرق فخطبا وفى رواية من أهل نجد ولهذا قال أحمد بن حنبل أهل الغرب هم أهل الشام يعنى هم أهل الغرب كما أن نجدا والعراق أول الشرق وكل ما يشرق عنها فهو من الشرق وكل ما يغرب عن الشام من مصر وغيرها فهو داخل فى الغرب وفى الصحيحين إن معاذ بن جبل قال فى الطائفة المنصورة وهم بالشام فإنها أصل المغرب وهم فتحوا سائر المغرب كمصر والقيروان والأندلس وغير ذلك وإذا كان غرب المدينة النبوية ما يغرب عنها فالبيرة ونحوها على مسامته المدينة النبوية كما أن حران والرقة وسميساط ونحوها على مسامته مكة فما يغرب عن ابنيرة فهو من الغرب الذين وعدهم النبى لما تقدم وقد جاء فى حديث آخر فى صفة الطائفة المنصورة أنهم بأكناف البيت المقدس وهذه الطائفة هى التى بأكناف البيت المقدس اليوم ومن يتدبر أحوال العالم فى هذا الوقت يعلم أن هذه الطائفة هى أقوم الطوائف بدين الإسلام علما وعملا وجهادا عن شرق الأرض وغربها فإنهم هم الذين يقاتلون أهل الشوكة العظيمة من المشركين وأهل الكتاب ومغازيهم مع النصارى ومع المشركين من الترك ومع الزنادقة المنافقين من الداخلين فى الرافضة وغيرهم كالإسماعيلية ونحوهم من القرامطة معروفة معلومة قديما وحديثا والعز الذى للمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها هو بعزهم ولهذا لما هزموا سنة تسع وتسعين وستمائة دخل على أهل الإسلام من الذل والمصيبة بمشارق الأرض ومغاربها مالا يعلمه إلا الله والحكايات فى ذلك كثيرة ليس هذا موضعها وذلك أن سكان اليمن فى هذا الوقت ضعاف عاجزون عن الجهاد أو مضيعون له وهم مطيعون لمن ملك هذه البلاد حتى ذكروا أنهم أرسلوا بالسمع والطاعة لهؤلاء وملك المشركين لما جاء إلى حلب جرى بها من القتل ما جرى وأما سكان الحجاز فأكثرهم أو كثير منهم خارجون عن الشريعة وفيهم من البدع والضلال والفجور مالا يعلمه إلا الله وأهل الإيمان والدين فيهم مستضعفون عاجزون وإنما تكون القوة والعزة فى هذا الوقت لغير أهل الإسلام بهذه البلاد فلو ذلت هذه الطائفة والعياذ بالله تعالى لكان المؤمنون بالحجاز من أذل الناس لاسيما وقد غلب فيهم الرفض وملك هؤلاء التتار المحاربون لله ورسوله الآن مرفوض فلو غلبوا لفسد الحجاز بالكلية وأما بلاد أفريقية فأعرابها غالبون عليها وهم من شر الخلق بل هم مستحقون للجهاد والغزو وأما المغرب الأقصى فمع إستيلاء الأفرنج على أكثر بلادهم لايقومون بجهاد النصارى هناك بل فى عسكرهم من النصارى الذين يحملون الصلبان خلق عظيم لو إستولى التتار على هذه البلاد لكان أهل المغرب معهم من أذل الناس لا سيما والنصارى تدخل مع التتار فيصيرون حزبا على أهل المغرب فهذا وغيره مما يبين أن هذه العصابة التى بالشام ومصر فى هذا الوقت هم كتيبة الإسلام وعزهم عز الإسلام وذلهم ذل الإسلام فلو إستولى عليهم التتار لم يبق للإسلام عز ولا كلمة عالية ولا طائفة ظاهرة عالية يخافها أهل الأرض تقاتل عنه فمن قفز عنهم إلى التتار كان أحق بالقتال من كثير من التتار فإن التتار فيهم المكره وغير المكره وقد إستقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلى من وجوه متعددة منها أن المرتد يقتل بكل حال ولا يضرب عليه جزية ولا تعقد له ذمة بخلاف الكافر الأصلى ومنها أن المرتد يقتل وإن كان عاجزا عن القتال بخلاف الكافر الأصلى الذى ليس هو من أهل القتال فإنه لايقتل عند أكثر العلماء كأبى حنيفة ومالك وأحمد ولهذا كان مذهب الجمهور أن المرتد يقتل كما هو مذهب مالك والشافعى وأحمد ومنها أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته بخلاف الكافر الأصلى إلى غير ذلك من الأحكام وإذا كانت الردة عن أصل الدين أعظم من الكفر بأصل الدين فالردة عن شرائعه أعظم من خروج الخارج الأصلى عن شرائعه ولهذا كان كل مؤمن يعرف أحوال التتار ويعلم أن المرتدين الذين فيهم من الفرس والعرب وغيرهم شر من الكفار الأصليين من الترك ونحوهم وهم بعد أن تكلموا بالشهادتين مع تركهم لكثير من شرائع الدين خير من المرتدين من الفرس والعرب وغيرهم وبهذا يتبين أن من كان معهم ممن كان مسلم الأصل هو شر من الترك الذين كانوا كفارا فإن المسلم الأصلى إذا إرتد عن بعض شرائعه كان أسوأ حالا ممن لم يدخل بعد فى تلك الشرائع مثل مانعى الزكاة وأمثالهم ممن قاتلهم الصديق وإن كان المرتد عن بعض الشرائع متفقها أومتصوفا او تاجرا أو كاتبا أو غير ذلك فهؤلاء شر من الترك الذين لم يدخلوا فى تلك الشرائع وأصروا على الإسلام ولهذا يجد المسلمون من ضرر هؤلاء على الدين مالا يجدونه من ضرر أولئك وينقادون للإسلام وشرائعه وطاعة الله ورسوله أعظم من إنقياد هؤلاء الذين إرتدوا عن بعض الدين ونافقوا فى بعضه وأن تظاهروا بالإنتساب إلى العلم والدين وغاية ما يوجد من هؤلاء يكون ملحدا نصيريا أو إسماعيليا أو رافضيا وخيارهم يكون جهميا إتحاديا أو نحوه فإنه لا ينضم إليهم طوعا من المظهرين للاسلام إلا منافق او زنديق او فاسق فاجر ومن أخرجوه معهم مكرها فانه يبعث على نيته ونحن علينا ان نقاتل العسكر جميعه اذ لا يتميز المكره من غيره وقد ثبت فى الصحيح عن النبى أنه قال يغزو هذا البيت جيش من الناس فبينما هم ببيداء من الأرض إذا خسف بهم فقيل يا رسول الله إن فيهم المكره فقال يبعثون على نياتهم والحديث مستفيض عن النبى صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة أخرجه أرباب الصحيح عن عائشة وحفصة وأم سلمة ففى صحيح مسلم عن أم سلمة قالت قال رسول الله يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث فإذ كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم فقلت يا رسول الله فكيف بمن كان كارها قال يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته وفى الصحيحين عن عائشة قالت عبث رسول الله فى منامه فقلنا يا رسول الله صنعت شيئا فى منامك لم تكن تفعله فقال العجب أن ناسا من أمتى يؤمون هذا البيت برجل من قريش وقد لجأ إلى البيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسفت بهم فقلنا يا رسول الله أن الطريق قد يجمع الناس قال نعم فيهم المستنصر والمجنون وإبن السبيل فيهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله عز وجل على نياتهم وفى لفظ للبخارى عن عائشة قالت قال رسول الله يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم قالت قلت يا رسول كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم قال يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم0
    قال ابن مفلح رحمه الله ((قال شيخنا قتال التتار ولو كانوا مسلمين كقتال الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة ويؤخذ ما لهم وذريتهم والمقفز إليهم ولو ادّعى إكراها ومن أجهز على جريح لم يأثم ولو تشاهد-أي نطق بالشهادتين-, ولمن أخذ منهم شيئا خمسه وبقيته له)) الفروع6/162
    وسئل رحمه الله : عمن ساعد أعداء المسلمين بنفسه او ماله هل يأثم؟
    فأجاب الحمد لله :0000000 ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والاموال محرمة عليهم ويجب عليهم الامتناع من ذلك بأى طريق أمكنهم من تغيب او تعريض او مصانعة فاذا لم يمكن الا بالهجرة تعينت 0ج: 28 ص: 240

    حكم من يخرج للقتال في صفهم مكرهاً

    يقول ابن تيمية ( فمن شك في قتالهم فهو أجهل الناس بدين الإسلام وحيث وجب قتالهم قوتلوا وإن كان فيهم المكره باتفاق المسلمين كما قال العباس لما أسر يوم بدر يا رسول الله إني خرجت مكرهاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فإلى الله ، وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا (أي احتموا) بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فانهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم وإن لم يخف على المسلمين ، فإن جواز القتال المفضي إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا كانوا شهداء ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيداً فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن قتل من المسلمين يكون شهيداً ومن قتل شهيداً وهو في الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام كان شهيداً .
    وقد ثبت في الصحيح عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يغزوا جيش البيت حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم قالت : قلت يا رسول الله أرايت المكره منهم قال يبعث على نيته) فإن كان الذي ينزله الله بالجيش الذي يغزو المسلمين ينزله بالكره عذرها فكيف بالعذاب الذي يعذبهم الله بمأوى بأيدي المؤمنين كما قال تعالى ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ) ونحن نعلم أنك لا تقدر على التمييز بين المكره وغيره فإذا قتلناهم بأمر الله كنا في ذلك مأجورين ومعذورين وكانوا هم على دعاتهم فمن كان مكرهاً لا يستطيع الامتناع فإنه يحشر على نيته يوم القيامة فإذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يقتل من عسكر المسلمين ،وأما إذا هرب أحدهم فإن من الناس من يجعل قتالهم بمنزلة قتال البغاة المتأولين وهؤلاء إذا كان لهم طائفة ممتنعة فهل يجوز إتباع مدروهم وقتل أسيرهم والإجهاز على جريحهم ؟ على قولان للعلماء مشهورين، فقيل لا يفعل ذلك لأن منادي على علي بن أبي طالب نادى يوم الجمل لا يتبع هدير ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير وقيل بل يفعل ذلك لأن يوم الجمل لم يكن لهم طائفة ممتنعة وكان المقصود من القتال دفعهم فلما اندفعوا لم يكن إلى ذلك حاجة بمنزلة دفع الصائل وقد روي أنه يوم الجمل وصفين كانا أولهم بخلاف ذلك فمن جعلهم بمنزلة البغاة المتأولين جعل فيهم هذين القولين .. والصواب أن هؤلاء ليسوا من البغاة المتأولين فإن هؤلاء أرسى لهم تأولين سائغ أصلاً وإنما هم من جنس الخوارج المارقين ومانعي الزكاة وأهل الطائف والحرمية ونحوهم ممن قوتلوا على ما خرجوا عنه من شرائع الإسلام وهذا موضع اشتبه على كثير من الناس من الفقهاء.)) ج: 28 ص: 544
    وقال رحمه الله: والمكره على القتال في الفتنة ليس له أن يقاتل بل عليه إفساد سلاحه وأن يصبر حتى يقتل مظلوما فكيف بالمكره إلى قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام كمانعي الزكاة والمرتدين ونحوهم فلا ريب إن هذا يجب عليه إذا اكره على الحضور أن لا يقاتل وان قتله المسلمون .. وان اكرهه بالقتل فليس حفظ نفسه بقتل ذلك المعصوم أولى من العكس فليس له أن يظلم غيره فيقتله لئلا يقتل هو).ج28/539
    وقدْ رَوَىَ مُسلمُ في صَحِيحِهِ عَنِ النَّبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قِصَّةَ أصحَابِ الأخدُودِ وفيها: " أنَّ الغُلامَ أمَرَ ِبقتِلِ نَفسِهِ لأجلِ مَصْلحةِ ُظهُوِر الدِّين ". ولهذا جَوَّزَ الأئِمَّة الأربَعَة أنْ يَنْغَمِسَ المُسلمُ في صَفِّ الكفَّار، وإنْ غَلَبَ على ظَنِّهِ أنَّهم يَقتُلونَهُ، إذا كانَ في ذلكَ مَصْلِحَة للمُسلمينَ. وقدْ بَسَطْنَا القولَ في هذِهِ المَسْألةِ في مَوضِعٍ آخر.
    فإذا كانَ الرَّجلُ يَفْعلُ مَا يَعْتَقِدُ أنَّه يُقتَلُ به لأجلِ مَصلَحَةِ الجهادِ، معَ أنَّ قََتَلَهُ نَفْسَهُ أعظمُ مِنْ قَتَلِهِ لِغيِرهِ، كانَ مَا يُفضِي إلى قَتَلِ غَيِرهِ لأجلِ مَصلحَةِ الدِّين التي لا تَحصُلُ إلا بذلكَ، وَدَفعُ ضَرَرِ العَدُّو المُفسِدُ للدِّين والدُنيَِا الذي لا يَنْدَفِعُ إلاَّ بذلكَ أوَلى. وإذا كانت السُنَّة والإجماعُ مُتَفِقَيْنِ على أنَّ الصَائِلَ المُسلمَ إذا لمْ يَنْدَفِعُ صَوْلهُ إلاَّ بالقَتلِ ُقتِلَ، وإنْ كانَ المَالُ الذي يَأخُذَه قِيرَاطاً مِنْ ِدينَار. كَمَا قالَ النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، في الحَدِيثِ الصَّحِيح: " مَنْ ُقتِلَ دُونَ مَالِهِ فهُوَ شَهيدٌ، ومَنْ ُقتِلَ دُونَ دَمِهِ فهُوَ شَهيدٌ، ومَنْ ُقتِلَ دُونَ حَرَمِهِ فهُوَ شَهيدٌ ". فكيفَ ِبقِتَالِ هؤلاءِ الخَاِرجينَ عَنْ شَرائِعِ الإسلامِ المُحَاربينَ للهِ ورسولِهِ، الذينَ صَولهم وَبَغيُهُم أقلُّ مَا فيهم. فإنَّ قِتَالَ المُعْتَدِينَ الصَائِلينَ ثابتٌ بالسُنَّةِ والإجماعِ، وهؤلاءِ مُعْتَدُونَ صَائِلونَ عَنِ المُسلمينَ، في أنفُسِهِم، وأموَالِهِم، وَحُرَمِهِم، ودِيْنِهِم، وكلٌّ مِنْ هذِهِ ُيبْيحُ قِتَالَ الصَائِلِ عليها. وَمَنْ ُقتِلَ دُونَها فهُوَ شَهيدٌ، فكيفَ بمَنْ قَاتَلَ عليها كلِّهَا، وَهُمُ مِنْ شَرِّ البُغَاة المُتَأوِّلينَ الظَّالِمين)0
    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وجنده أجمعين0
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ناصر المؤمنين ومؤيد المجاهدين وخاذل أعدائهم الى يوم الدين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وأصحابه من الأنصار والمهاجرين0
    أما بعد:
    فإلى أولئك المخذلين الذين لم يكتفوا بالقعود عن نصر إخوانهم المجاهدين بل راحوا يأتون بفتاوى من هنا وهناك آراء توافق الأهواء لعلها تسعف حالهم المخزي بأن جهاد الأمريكان ومن تعاون معهم لا يجوز بحجج أوهى من بيت العنكبوت ولما حصل اليوم أنه لم يفرق كثير من الناس بين العلماء والعملاء وبين المختار والمكره , فلقد شاع عن طريق القناة العراقية وعن أناس لبسوا زي السلفية وانتسبوا في أقوالهم لشيخ الإسلام ابن تيمية وهم يحرضون الأمريكان والقوات العراقية والرافضة على المجاهدين بحجة أن هؤلاء خوارج ومخالفون لشيخ الإسلام ابن تيمية فأردت أن يقرأ الناس ماكتبه ابن تيمية عندما غزى التتار الديار الإسلامية الشامية فماذا فعل وماذا قال وبماذا وصف أمثال المدعو (أبو الحارث ) و(أبو صفوان)هؤلاء الذين اختارتهم قناة العراقية!!!! ومن على شاكلتهم من المخذلين ,فاقرأ أخي ولا تعر عقلك لغيرك فإن في بلادنا الطابور الخامس وله صور وأشكال قد لا تخطر على البال 0
    وأردنا أن ننقل فتاوى لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله من باب:
    عليك بمن قد مات فإنك لاتأمن على الحي الفتنة ومن باب التشابه بين حالنا اليوم وحال المسلمين عند دخول التتار في زمنه ديار الإسلام فتتار اليوم كأولئك بل أكثر وليت اليوم علماء الأسلام كشيخ الأسلام0

    فتوى شيخ الاسلام ابن تيمية (رحمه الله )
    في التتار ومن اعانهم من المسلمين ومن ترك جهادهم
    ما تقول الفقهاء أئمة الدين فى هؤلاء التتار الذين قدموا سنة تسع وتسعين وستمائة وفعلوا ما إشتهر من قتل المسلمين وسبى بعض الذرارى والنهب لمن وجدوه من المسلمين وهتكوا حرمات الدين من إذلال المسلمين وإهانة المساجد لا سيما بيت المقدس وأفسدوا فيه وأخذوا من أموال المسلمين وأموال بيت المال الحمل العظيم وأسروا من رجال المسلمين الجم الغفير وأخرجوهم من أوطانهم وإدعوا مع ذلك التمسك بالشهادتين وإدعوا تحريم قتال مقاتلتهم لما زعموا من إتباع أصل الإسلام ولكونهم عفوا عن إستئصال المسلمين فهل يجوز قتالهم أو يجب وأيما كان فمن أى الوجوه جوازه أو وجوبه أفتونا مأجورين 00 فأجاب:
    الحمد لله كل طائفة ممتنعة عن إلتزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضى الله عنهم ما نعى الزكاة وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبى بكر رضى الله عنهما فإتفق الصحابة رضى الله عنهم على القتال على حقوق الإسلام عملا بالكتاب والسنة وكذلك ثبت عن النبى من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة مع قوله تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم فعلم أن مجرد الإعتصام بالإسلام مع عدم إلتزام شرائعه ليس بمسقط للقتال فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب فأيما طائفة إمتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن إلتزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن إلتزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التى لا عذر لأحد فى جحودها وتركها التى يكفر الجاحد لوجوبها فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء وإنما إختلف الفقهاء فىالطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن كركعتى الفجر والأذان والإقامة عند من لا يقول بوجوبها ونحو ذلك من الشعائر هل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا فأما الواجبات والمحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف فى القتال عليها وهؤلاء عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام أو الخارجين عن طاعته كأهل الشام مع أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين أو خارجون عليه لإزالة ولايته وأما المذكورون فهم خارجون عن الإسلام بمنزلة مانعى الزكاة وبمنزلة الخوارج الذين قاتلهم على بن أبى طالب رضى الله عنه ولهذا إفترقت سيرة على رضى الله عنه فى قتاله لأهل البصرة والشام وفى قتاله لأهل النهروان فكانت سيرته مع أهل البصرة والشاميين سيرة الأخ مع أخيه ومع الخوارج بخلاف ذلك وثبتت النصوص عن النبى بما إستقر عليه إجماع الصحابة من قتال الصديق وقتال الخوارج بخلاف الفتنة الواقعة مع أهل الشام والبصرة فإن النصوص دلت فيها بما دلت والصحابة والتابعون إختلفوا فيها على أن من الفقهاء الأئمة من يرى أن أهل البغى الذين يجب قتالهم هم الخارجون على الإمام بتأويل سائغ لا الخارجون عن طاعته وآخرون يجعلون القسمين بغاة وبين البغاة والتتار فرق بين فأما الذين لا يلتزمون شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فلا

    أعلم فى وجوب قتالهم خلافا فإذا تقررت هذه القاعدة هؤلاء القوم المسئول عنهم عسكرهم مشتمل على قوم كفار من النصارى والمشركين وعلى قوم منتسبين إلى الإسلام وهم جمهور العسكر ينطقون بالشهادتين إذا طلبت منهم ويعظمون الرسول وليس فيهم من يصلى إلا قليل جدا وصوم رمضان أكثر فيهم من الصلاة والمسلم عندهم أعظم من غيره وللصالحين من المسلمين عندهم قدر وعندهم من الإسلام بعضه وهم متفاوتون فيه لكن الذى عليه عامتهم والذى يقاتلون عليه متضمن لترك كثير من شرائع الإسلام أو أكثرها فإنهم أولا يوجبون الإسلام ولا يقاتلون من تركه بل من قاتل على دولة المغول عظموه وتركوه وإن كان كافرا عدوا لله ورسوله وكل من خرج عن دوله المغول أو عليها إستحلوا قتاله وإن كان من خيار المسلمين فلا يجاهدون الكفار ولا يلزمون أهل الكتاب بالجزية والصغار ولا ينهون أحدا من عسكرهم أن يعبد ما شاء من شمس أو قمر أو غير ذلك بل الظاهر من سيرتهم أن المسلم عندهم بمنزلة العدل أو الرجل الصالح أو المتطوع فى المسلمين والكافر عندهم بمنزلة الفاسق فى المسلمين أو بمنزلة تارك التطوع وكذلك أيضا عامتهم لا يحرمون دماء المسلمين وأموالهم إلا أن ينهاهم عنها سلطانهم أى لا يلتزمون تركها وإذا نهاهم عنها أو عن غيرها أطاعوه لكونه سلطانا لا بمجرد الدين وعامتهم لا يلتزمون أداء الواجبات لا من الصلاة ولا من الزكاة ولا من الحج ولاغير ذلك ولا يلتزمون الحكم بينهم بحكم الله بل يحكمون بأوضاع لهم توافق الاسلام تارة وتخالفه اخرى وانما كان الملتزم لشرائع الاسلام الشيزبرون وهو الذى اظهر من شرائع الاسلام ما استفاض عند الناس واما هؤلاء فدخلوا فيه وما التزموا شرائعه0 وقتال هذا الضرب واجب باجماع المسلمين وما يشك فى ذلك من عرف دين الاسلام وعرف حقيقة امرهم فان هذا السلم الذى هم عليه ودين الاسلام لايجتمعان ابدا واذا كان الأكراد والأعراب وغيرهم من اهل البوادى الذين لا يلتزمون شريعة الاسلام يجب قتالهم وان لم يتعد ضررهم الى اهل الأمصار فكيف بهؤلاء نعم يجب ان يسلك فى قتاله المسلك الشرعى من دعائهم الى التزام شرائع الاسلام ان لم تكن الدعوة الى الشرائع قد بلغتهم كما كان الكافر الحربى يدعى اولاً الى الشهادتين ان لم تكن الدعوة قد بلغته فان اتفق من يقاتلهم على الوجه الكامل فهو الغاية فى رضوان الله واعزاز كلمته واقامة دينه وطاعة رسوله وان كان فيهم من فيه فجور وفساد نية بأن يكون يقاتل على الرياسة او يتعدى عليهم فى بعض الأمور وكانت مفسدة ترك قتالهم اعظم على الدين من مفسدة قتالهم على هذا الوجه كان الواجب ايضا قتالهم دفعا لأعظم المفسدتين بالتزام ادناهما فان هذا من اصول الاسلام التى ينبغى مراعاتها ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة الغزو مع كل بر وفاجر فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لاخلاق لهم كما أخبر بذلك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لأنه إذا لم يتفق الغزو إلا مع الأمراء الفجار أو مع عسكر كثير الفجور فإنه لابد من أحدأمرين إما ترك الغزو معهم فيلزم من ذلك إستيلاء الآخرين الذين هم أعظم ضررا فى الدين والدنيا وإما الغزو مع الأمير الفاجر فيحصل بذلك دفع الأفجرين وإقامة أكثر شرائع الإسلام وإن لم يمكن إقامة جميعها فهذا هو الواجب فى هذه الصورة وكل ما أشبهها بل كثير من الغزو الحاصل بعد الخلفاء الراشدين لم يقع إلا على هذا الوجه وثبت عن النبى الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم فهذا الحديث الصحيح يدل على معنى ما رواه أبو داود فى سننه من قوله الغزو ماض منذ بعثنى الله إلى أن يقاتل آخر أمتى الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل وما إستفاض عنه أنه قال لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة إلى غير ذلك من النصوص التى إتفق أهل السنة والجماعة من جميع الطوائف على العمل بها فى جهاد من يستحق الجهاد مع الأمراء أبرارهم وفجارهم بخلاف الرافضة والخوارج الخارجين عن السنة والجماعة هذا مع اخباره بأنه سيلي أمراء ظلمة خونة فجرة فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم فليس منى ولست منه ولا يرد على الحوض ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو منى وأنا منه وسيرد على الحوض فإذا أحاط المرء علما بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الجهاد الذى يقوم به الأمراء إلى يوم القيامة وبما نهى عنه من إعانة الظلمة على ظلهم علم أن الطريقة الوسطى التى هى دين الإسلام المحض جهاد من يستحق الجهاد كهؤلاء القوم المسئول عنهم مع كل أمير وطائفة هى أولى بالإسلام منهم إذا لم يمكن جهادهم إلا كذلك وإجتناب إعانة الطائفة التى يغزو معها على شىء من معاصى الله بل يطيعهم فى طاعة الله ولا يطيعهم فى معصية الله إذ لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق وهذه طريقة خيار هذه الأمة قديما وحديثا وهى واجبة على كل مكلف وهى متوسطة بين طريق الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشىء عن قلة العلم وبين طريقة المرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة الأمراء مطلقا وأن لم يكونوا أبرارا ونسأل الله أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه من القول والعمل والله أعلم)) مجموع الفتاوى ج: 28 /501
    فقارن أخي المسلم ::بين عسكر التتار الذي حارب المسلمين آنذاك وبين العساكر التي تحارب المجاهدين اليوم ولا تعر عقلك لغيرك فكثيراً ما يختلط الجبن بالورع 0



    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى :
    ((عن عبد الله بن عمرو عن النبي( قال اربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر )ومن هذا الباب الإعراض عن الجهاد فانه من خصال المنافقين قال النبى صلى الله عليه وسلم من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق رواه مسلم وقد أنزل الله سورة براءة التى تسمى الفاضحة لأنها فضحت المنافقين اخرجاه فى الصحيحين عن ابن عباس قال هى الفاضحة ما زالت تنزل ومنهم ومنهم حتى ظنوا ان لا يبقى احد الا ذكر فيها وعن المقداد بن الأسود قال هي سورة البحوث لأنها بحثت عن سرائر المنافقين وعن قتادة قال هي المثيرة لانها اثارت مخازى المنافقين وعن ابن عباس قال هي المبعثرة والبعثرة والاثارة متقاربان وعن ابن عمر انها المقشقشة لانها تبريء من مرض النفاق يقال تقشقش المريض اذا برأ وقال الأصمعى وكان يقال لسورتى الاخلاص المقشقشتان لانهما يبرئان من النفاق وهذه السورة نزلت في آخر مغازى النبى صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك عام تسع من الهجرة وقد عز الاسلام وظهر فكشف الله فيها احوال المنافقين ووصفهم فيها بالجبن وترك الجهاد ووصفهم بالبخل عن النفقة فى سبيل الله والشح على المال وهذان داءان عظيمان الجبن والبخل قال النبي شر ما فى المرء شح هالع وجبن خالع حديث صحيح ولهذا قد يكونان من الكبائر الموجبة للنار كما دل عليه قوله( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوما القيامة) وقال تعالى( ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال او متحيزا الى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) واما وصفهم بالجبن والفزع فقال تعالى (ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هو منكم ولكنهم قوم يفرقون لويجدون ملجأ او مغارات او مدخلا لولوا اليه وهم يجمحون) فأخبر سبحانه انهم وان حلفوا انهم من المؤمنين فما هم منهم ولكن يفزعون من العدو فلو يجدون ملجأ يلجأون اليه من المعاقل والحصون التى يفر اليها من يترك الجهاد او مغارات وهي جمع مغارة ومعارات سميت بذلك لأن الداخل يغور فيها اي يستتر كما يغور الماء او مدخلا وهو الذى يتكلف الدخول اليه اما لضيق بابه او لغير ذلك أى مكانا يدخلون اليه ولو كان الدخول بكلفة ومشقة لولوا عن الجهاد اليه وهم يجمحون أي يسرعون اسراعا لا يردهم شىء كالفرس الجموح الذى اذا حمل لا يرده اللجام وهذا وصف منطبق على اقوام كثيرين فى حادثتنا وفيما قبلها من الحوادث وبعدها وكذلك قال فى سورة محمد (فاذا انزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين فى قلوبهم مرض ينظرون اليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم ) أي فبعدا لهم (طاعة وقول معروف فاذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم) وقال تعالى( انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وانفسهم فى سبيل الله اولئك هم الصادقون) فحصر المؤمنين فيمن آمن وجاهد وقال تعالى (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ان يجاهدو بأموالهم وانفسهم والله عليم بالمتقين انما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم فى ريبهم يترددون) فهذا إخبار من الله بأن المؤمن لا يستأذن الرسول في ترك الجهاد وإنما يستأذنه الذي لا يؤمن فكيف بالتارك من غير استئذان ومن تدبر القرآن وجد نظائر هذا متظافرة على هذا المعنى وقال فى وصفهم بالشح (وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة الا وهم كسالى ولاينفقون الا وهم كارهون )فهذه حال من انفق كارها فكيف بمن ترك النفقة رأسا وقال (ومنهم من يلمزك فى الصدقات فان اعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها اذا هم يسخطون) وقال( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون) وقال فى السورة (يا ايها الذين آمنوا ان كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) فانتظمت هذه الآية حال من اخذ المال بغير حقه او منعه من مستحقه من جميع الناس فان الأحبار هم العلماء والرهبان هم العباد وقد اخبر ان كثيرا منهم يأكلون اموال الناس بالباطل ويصدون اي يعرضون ويمنعون يقال صد عن الحق صدودا وصد غيره صدا وهذا يندرج فيه ما يؤكل بالباطل من وقف او عطية علىالدين كالصلاة والنذور التى تنذر لأهل الدين ومن الأموال المشتركة كأموال بيت المال ونحو ذلك فهذا فيمن يأكل المال بالباطل بشبهة دين ثم قال (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله ) فهذا يندرج فيه من كنز المال عن النفقة الواجبة في سبيل الله والجهاد احق الاعمال باسم سبيل الله سواء كان ملكا اومقدما او غنيا او غير ذلك واذا دخل فى هذا ما كنز من المال الموروث والمكسوب فما كنز من الأموال المشتركة التى يستحقها عموم الأمة ومستحقها مصالحهم اولى واحرى 0




    ( فصل ) فإذا تبين بعض معنى المؤمن والمنافق فإذا قرأ الإنسان سورة الأحزاب وعرف من المنقولات فى الحديث والتفسير والفقه والمغازى كيف كانت صفة الواقعة التى نزل بها القرآن ثم إعتبر هذه الحادثة(المعركة التي حصلت في زمنه) بتلك وجد مصداق ما ذكرنا وأن الناس إنقسموا فى هذه الحادثة إلى الأقسام الثلاثة كما إنقسموا فى تلك وتبين له كثير من المتشابهات إفتتح الله السورة بقوله( يا أيها النبى إتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين) وذكر فى أثنائها قوله( وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ) (ولا تطع الكافرين والمنافقين) ثم قال (وإتبع ما يوحى إليك من ربك أن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) فأمره بإتباع ما أوحى إليه من الكتاب والحكمة التى هى سنته وبأن يتوكل على الله فبالأولى يحقق قوله إياك نعبد وبالثانية يحقق قوله وإياك نستعين ومثل ذلك قوله فاعبده وتوكل عليه وقوله عليه توكلت وإليه أنيب وهذا وإن كان مأمورا به فى جميع الدين فإنه ذلك فىالجهاد أوكد لأنه يحتاج إلى أن يجاهد الكفار والمنافقين وذلك لا يتم إلا بتأييد قوى من الله ولهذا كان الجهاد سنام العمل وإنتظم سنام جميع الأحوال الشريفة ففيه سنام المحبة كما فى قوله( فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) وفيه سنام التوكل وسنام الصبر فإن المجاهد أحوج الناس إلى الصبر والتوكل ولهذا قال تعالى (والذين هاجروا فى الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم فى الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وقال موسى لقومه إستعينوا بالله وأصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) ولهذا كان الصبر واليقين اللذين هما أصل التوكل يوجبان الإمامة فى الدين كما دل عليه قوله تعالى وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ولهذا كان الجهاد موجبا للهداية التى هى محيطة بأبواب العلم كما دل عليه قوله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) فجعل لمن جاهد فيه هداية جميع سبله تعالى ولهذا قال الإمامان عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما إذا إختلف الناس فى شىء فانظروا ماذا عليه أهل الثغر فإن الحق معهم لأن الله يقول والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وفى الجهاد أيضا حقيقة الزهد فى الحياة الدنيا وفى الدار الدنيا وفيه أيضا حقيقة الإخلاص فإن الكلام فيمن جاهد فى سبيل الله لا فى سبيل الرياسة ولا فى سبيل المال ولا فى سبيل الحمية وهذا لا يكون إلا لمن قاتل ليكون الدين كله لله ولتكون كلمة الله هى العليا وأعظم مراتب الإخلاص تسليم النفس والمال للمعبود كما قال تعالى( إن الله إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون) و الجنة إسم للدار التى حوت كل نعيم أعلاه النظر إلى الله إلى ما دون ذلك مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مما قد نعرفه وقد لا نعرفه كما قال الله تعالى فيما رواه عنه رسوله أعددت لعبادى الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , فقد تبين بعض أسباب إفتتاح هذه السورة بهذا ثم أنه تعالى قال( يا أيها الذين آمنوا إذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا) وكان مختصر القصة أن المسلمين تحزب عليهم عامة المشركين الذين حولهم وجاءوا بجموعهم إلى المدينة ليستأصلوا المؤمنين فإجتمعت قريش وحلفاؤها من بنى أسد وأشجع وفزارة وغيرهم من قبائل نجد وإجتمعت أيضا اليهود من قريظة والنضير فإن بنى النضير كان النبى قد أجلاهم قبل ذلك كما ذكره الله تعالى فى سورة الحشر فجاءوا فى الأحزاب إلى قريظة وهم معاهدون للنبى ومجاورون له قريبا من المدينة فلم يزالوا بهم حتى نقضت قريظة العهد ودخلوا فى الأحزاب فإجتمعت هذه الأحزاب العظيمة وهم بقدر المسلمين مرات متعددة فرفع النبى صلى الله عليه وسلم الذرية من النساء والصبيان فى آطام المدينة وهى مثل الجواسق ولم ينقلهم إلى مواضع أخر وجعل ظهرهم إلى سلع وهو الجبل القريب من المدينة من ناحية الغرب والشأم وجعل بينه وبين العدو خندقا والعدو قد أحاط بهم من العالية والسافلة وكان عدوا شديد العدواة لو تمكن من المؤمنين لكانت نكايته فيهم أعظم النكايات وفى هذه الحادثة تحزب هذا العدو من مغل وغيرهم من أنواع الترك ومن فرس ومستعربة ونحوهم من أجناس المرتدة ومن نصارى الأرمن وغيرهم(قارن بأمريكا اليوم وتعدد الجنسيات) ونزل هذا العدو بجانب ديار المسلمين وهو بين الأقدام والأحجام مع قلة من بإزائهم من المسلمين ومقصودهم الإستيلاء على الدار وإصطلام أهلها كما نزل أولئك بنواحى المدينة بإزاء المسلمين ودام الحصار علىالمسلمين عام الخندق على ما قيل بضعا وعشرين ليلة وقيل عشرين ليلة وهذا العدو عبر الفرات سابع عشر ربيع الآخر وكان أول إنصرافه راجعا عن حلب لما رجع مقدمهم الكبير قازان بمن معه يوم الأثنين حادى أو ثانى عشر جمادى الأولى يوم دخل العسكر عسكر المسلمين إلى مصر المحروسة وإجتمع بهم الداعى وخاطبهم فى هذه القضية وكان الله سبحانه وتعالى لما ألقى فى قلوب المؤمنين ما ألقى من الإهتمام والعزم ألقى الله فى قلوب عدوهم الروع والإنصراف وكان عام الخندق برد شديد وريح شديدة منكرة بها صرف الله الأحزاب عن المدينة كما قال تعالى (فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها) وهكذا هذا العام أكثر الله فيه الثلج والمطر والبرد على خلاف أكثر العادات حتى كره أكثر الناس ذلك وكنا نقول لهم لا تكرهوا ذلك فإن لله فيه حكمة ورحمة وكان ذلك من أعظم الأسباب التى صرف الله به العدو فإنه كثر عليهم الثلج والمطر والبرد حتى هلك من خيلهم ما شاء الله وهلك أيضا منهم من شاء الله وظهر فيهم وفى بقية خيلهم من الضعف العجز بسبب البرد والجوع ما رأوا أنهم لا طاقة لهم معه بقتال حتى بلغنى عن بعض كبار المقدمين فى أرض الشأم أنه قال لا بيض الله وجوهنا أعدونا فى الثلج إلى شعره ونحن قعود لا نأخذهم وحتى علموا أنهم كانوا صيدا للمسلمين لو يصطادونهم لكن فى تأخير الله إصطيادهم حكمة عظيمة وقال الله فى شأن الأحزاب (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك إبتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا) وهكذا هذا العام جاء العدو من ناحيتي علو الشأم وهو شمال الفرات وهو قبلي الفرات فزاغت الأبصار زيغا عظيما بلغت القلوب الحناجر لعظم البلاء لا سيما لما استفاض الخبر بإنصراف العسكر إلى مصر وتقرب العدو وتوجهه إلى دمشق وظن الناس بالله الظنونا :

    هذا يظن أنه لا يقف قدامهم أحد من جند الشام حتى يصطلموا أهل الشام 0
    وهذا يظن أنهم لو وقفوا لكسروهم كسرة وأحاطوا بهم احاطة الهالة بالقمر 0
    وهذا يظن ان أرض الشأم ما بقيت تسكن ولا بقيت تكون تحت مملكة الإسلام 0
    وهذا يظن أنهم يأخذونها ثم يذهبون إلى مصر فيستولون عليها فلا يقف قدامهم أحد0
    فيحدث نفسه بالفرار إلى اليمن ونحوها,
    وهذا إذا أحسن ظنه قال إنهم يملكونها العام كما ملكوها عام هولاكو سنة سبع وخمسين0
    ثم قد يخرج العسكر من مصر فيستنقذها منهم كما خرج ذلك العام وهذا ظن خيارهم
    وهذا يظن أن ما أخبره به أهل الآثار النبوية وأهل التحديث والمبشرات أماني كاذبة وخرافات لاغية
    وهذا قد استولى عليه الرعب والفزع حتى يمر الظن بفؤاده مر السحاب ليس له عقل يتفهم ولا لسان يتكلم
    وهذا قد تعارضت عنده الأمارات وتقابلت عنده الإرادات لا سيما وهو لا يفرق من المبشرات بين الصادق والكاذب ولا يميز فى التحديث بين المخطىء والصائب ولا يعرف النصوص الأثرية معرفة العلماء بل إما أن يكون جاهلا بها وقد سمعها سماع العبر ثم قد لا يتفطن لوجوه دلالتها الخفية ولا يهتدى لدفع ما يتخيل أنه معارض لها فى بادىء الروية (فلذلك إستولت الحيرة على من كان متسما بالإهداء وتراجمت به الآراء تراجم الصبيان بالحصباء هنالك إبتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا)
    إبتلاهم الله بهذا الإبتلاء الذي يكفر به خطيئاتهم ويرفع به درجاتهم وزلزلوا بما يحصل لهم من الرجفات ما إستوجبوا به أعلى الدرجات قال الله تعالى (وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا )وهكذا قالوا فى هذه الفتنة فيما وعدهم أهل الوراثة النبوية والخلافة الرسالية وحزب الله المحدثون عنه حتى حصل لهؤلاء التأسي برسول الله كما قال الله تعالى (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة) فأما المنافقون فقد مضى التنبيه عليهم وأما الذين فى قلوبهم مرض فقد تكرر ذكرهم فى هذه السورة فذكروا هنا وفى قوله( لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة) وفى قوله (فيطمع الذى فى قلبه مرض وذكر الله مرض القلب فى مواضع فقال تعالى إذا يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم) والمرض فى القلب كالمرض فى الجسد فكما أن هذا هو إحالة عن الصحة والإعتدال من غير موت فكذلك قد يكون فى القلب مرض يحيله عن الصحة والإعتدال من غير أن يموت القلب سواء أفسد إحساس القلب وإدراكه أو أفسد عمله وحركته وذلك كما فسروه هو من ضعف الإيمان إما بضعف علم القلب وإعتقاده وإما بضعف عمله وحركته فيدخل فيه من ضعف تصديقه ومن غلب عليه الجبن والفزع فإن أدواء القلب من الشهوة المحرمة والحسد والجبن والبخل وغير ذلك كلها أمراض وكذلك الجهل والشكوك والشبهات التى فيه وعلى هذا فقوله (فيطمع لذى فى قلبه مرض) هو إردة الفجور وشهوة الزنا كما فسروه به ومنه قول النبى (وأى داء أدوأ من البخل) وقد جعل الله تعالى كتابه شفاء لما فى الصدور وقال النبى صلى الله عليه وسلم (إنما شفاء العى السؤال) وكان يقول فى دعائه (اللهم إنى اعوذ بك من منكرات الاخلاق والأهواء والأدواء ) ولن يخاف الرجل غير الله الا لمرض فى قلبه كما ذكروا ان رجلا شكا الى احمد بن حنبل خوفه من بعض الولاة فقال لو صححت لم تخف احدا أي خوفك من اجل زوال الصحة من قلبك ولهذا اوجب الله على عباده ان لا يخافوا حزب الشيطان بل لا يخافون غيره تعالى فقال( انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافون ان كنتم مؤمنين)أي يخوفكم اولياءه وقال لعموم بنى اسرائيل تنبيها لنا (وإياي فأرهبون ) وقال( فلا تخشوا الناس واخشون) وقال (لئلا يكون للناس عليكم حجة الا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشونى) وقال تعالى( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون) وقال (انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر واقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله) وقال( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون احدا الا الله) وقال( الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهموا باخراج الرسول وهم بدأوكم اول مرة أتخشونهم فالله أحق ان تخشوه) فدلت هذه الآية وهى قوله تعالى( اذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض) على ان المرض والنفاق فى القلب يوجب الريب فى الأنباء الصادقة التى توجب امن الانسان من الخوف حتى يظنوا انها كانت غرورا لهم كما وقع في حادثتنا هذه سواء ثم قال تعالى( واذ قالت طائفة منهم يا اهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا) وكان النبى قد عسكر بالمسلمين عند سلع وجعل الخندق بينه وبين العدو فقالت طائفة منهم لا مقام لكم هنا لكثرة العدو فارجعوا الى المدينة وقيل لا مقام لكم على دين محمد فأرجعوا الى دين الشرك وقيل لا مقام لكم على القتال فارجعوا الى الاستئمان والاستجارة بهم وهكذا لما قدم هذا العدو كان من المنافقين من قال:

    ما بقيت الدولة الاسلامية تقوم فينبغى الدخول فى دولة التتار !!
    وقال بعض الخاصة ما بقيت ارض الشأم تسكن بل ننتقل عنها اما الى الحجاز واليمن واما الى مصر!!
    وقال بعضهم بل المصلحة الاستسلام لهؤلاء كما قد استسلم لهم اهل العراق والدخول تحت حكمهم !!
    فهذه المقالات الثلاث قد قيلت فى هذه النازلة كما قيلت فى تلك وهكذا قال طائفة من المنافقين والذين فى قلوبهم مرض لأهل دمشق خاصة والشام عامة لا مقام لكم بهذه الارض ونفى المقام بها ابلغ من نفى المقام وان كانت قد قرئت بالضم ايضا فان من لم يقدر ان يقوم بالمكان فكيف يقيم به قال الله تعالى (ويستأذن فريق منهم النبى يقولون ان بيوتا عورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرارا ) وكان قوم من هؤلاء المذمومين يقولون والناس مع النبى عند سلع داخل الخندق والنساء والصبيان فى آطام المدينة يا رسول الله ان بيوتنا عورة اى مكشوفة ليس بينها وبين العدو حائل واصل العورة الخالى الذى يحتاج الى حفظ وستر يقال اعور مجلسك اذا ذهب سترة او سقط جدارة ومنه عورة العدو وقال مجاهد والحسن اي ضائعة تخشى عليها السراق وقال قتادة قالوا بيوتنا مما يلى العدو فلا نأمن على اهلنا فائذن لنا اننذهب اليها لحفظ النساء والصبيان قال الله تعالى وماهي بعورة لأن الله يحفظها ان يريدون الافرارا فهم يقصدون الفرار من الجهاد ويحتجون بحجة العائلة وهكذا اصاب كثيرا من الناس فى هذه الغزاة صاروا يفرون من الثغر الىالمعاقل والحصون والى الأماكن البعيدة كمصر ويقولون ما مقصودنا الا حفظ العيال ومايمكن ارسالهم مع غيرنا وهم يكذبون فى ذلك فقد كان يمكنهم جعلهم في حصن دمشق لودنا العدو كما فعل المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان يمكنهم ارسالهم والمقام للجهاد فكيف بمن فر بعد ارسال عياله قال الله تعالى( ولو دخلت عليهم من اقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها الا يسيرا) فأخبر انه لو دخلت عليهم المدينة من جوانبها ثم طلبت منهم الفتنة وهي الافتتان عن الدين بالكفر أوالنفاق لأعطوا الفتنة ولجاء وها من غير توقف 0
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    وهذه حال اقوام لو دخل عليهم هذا العدو المنافق المجرم ثم طلب منهم موافقته على ما هو عليه من الخروج عن شريعة الأسلام وتلك فتنة عظيمة لكانوا معه على ذلك كما ساعدهم فى العام الماضى اقوام بأنواع من الفتنة فى الدين والدنيا ما بين ترك واجبات وفعل محرمات إما في حق الله واما في حق العباد كترك الصلاة وشرب الخمور وسب السلف وسب جنود المسلمين والتجسس لهم على المسلمين ودلالتهم علىاموال المسلمين وحريمهم واخذ اموال الناس وتعذيبهم وتقوية دولتهم الملعونة وإرجاف قلوب المسلمين منهم الى غير ذلك من انواع الفتنة ثم قال تعالى (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسئولا )وهذه حال اقوام عاهدوا ثم نكثوا قديما وحديثا فى هذه الغزوة فان فى العام الماضى وفى هذا العام فى اول الامر كان من اصناف الناس من عاهد على ان يقاتل ولا يفر ثم فر منهزما لما اشتد الامر ثم قال الله تعالى( قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت اوالقتل واذا لاتمتعون الاقليلا) فأخبر الله ان الفرار لا ينفع لا من الموت ولا من القتل فالفرار من الموت كالفرار من الطاعون ولذلك قال النبى (اذا وقع بارض وانتم بها فلا تخرجوا فرارا منه) والفرار من القتل كالفرار من الجهاد وحرف لن ينفى الفعل فىالزمن المستقبل والفعل نكرة والنكرة فى سياق النفى تعم جميع افرادها فاقتضى ذلك ان الفرار من الموت اوالقتل ليس فيه منفعة ابدا وهذا خبر الله الصادق فمن اعتقد ان ذلك ينفعه فقد كذب الله في خبره والتجربة تدل على مثل ما دل عليه القرآن فان هؤلاء الذين فروا فى هذا العام لم ينفعهم فرارهم بل خسروا الدين والدنيا وتفاوتوا في المصائب والمرابطون الثابتون نفعهم ذلك في الدين والدنيا حتى الموت الذي فروا منه كثر فيهم وقل في المقيمين فما منع الهرب من شاء الله والطالبون للعدو والمعاقبون له لم يمت منهم احد ولا قتل بل الموت قل في البلد من حين خرج الفارون وهكذا سنة الله قديما وحديثا ثم قال تعالى(وإذا تمتعون إلا قيلا) يقول لو كان الفرار ينفعكم لم ينفعكم إلا حياة قليلة ثم تموتون فإن الموت لابد منه وقد حكى عن بعض الحمقى أنه قال فنحن نريد ذلك القليل وهذا جهل منه بمعنى الآية فإن الله لم يقل إنهم يمتعون بالفرار قليلا لكنه ذكر أنه لا منفعة فيه ابدا ثم ذكر جوابا ثانيا أنه لو كان ينفع لم يكن فيه إلا متاع قليل ثم ذكر جوابا ثالثا وهو أن الفار يأتيه ما قضى له من المضرة ويأتى الثابت ما قضى له من المسرة فقال (قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) ونظيره قوله فى سياق آيات الجهاد (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة الآية) وقوله (يا أيها الذين آمنوالا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا فى الأرض أو كانوا غزا لو كانوا عندنا ماماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة فى قلوبهم والله يحيى ويميت والله بما تعملون بصير) فمضمون الأمر أن المنايا محتومة فكم ممن حضر الصفوف فسلم وكم ممن فر من المنية فصادفته كما قال خالد بن الوليد لما إحتضر لقد حضرت كذا وكذا صفا وإن ببدنى بضعا وثمانين ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم وهاأنذا أموت على فراشي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء ثم قال تعالى قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا قال العلماء كان من المنافقين من يرجع من الخندق فيدخل المدينة فإذا جاءهم أحد قالوا له ويحك أجلس فلا تخرج ويكتبون بذلك إلى إخوانهم الذين بالعسكر أن أئتونا بالمدينة فإنا ننتظركم يثبطونهم عن القتال وكانوا لا يأتون العسكر إلا أن لا يجدوا بدا فيأتون العسكر ليرى الناس وجوههم فإذا غفل عنهم عادوا إلى المدينة فإنصرف بعضهم من عند النبى فوجد أخاه لأبيه وأمه وعنده شواء ونبيذ فقال أنت ههنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف فقال هلم إلي فقد أحيط بك وبصاحبك فوصف المثبطين عن الجهاد وهم صنفان بأنهم إما أن يكونوا فى بلد الغزاة أوفى غيره فإن كانوا فيه عوقوهم عن الجهاد بالقول او بالعمل او بهما وإن كانوا فى غيره راسلوهم او كاتبوهم بأن يخرجوا إليهم من بلد الغزاة ليكونوا معهم بالحصون أو بالبعد كما جرى فى هذه لغزاة فإن أقواما فى العسكر والمدينة وغيرهما صاروا يعوقون من أراد الغزو وأقواما بعثوا من المعاقل والحصون وغيرها إلى إخوانهم هلم إلينا قال الله تعالى فيهم (ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم) أى بخلاء عليكم بالقتال معكم والنفقة فى سبيل الله وقال مجاهد بخلاء عليكم بالخير والظفر والغنيمة وهذه حال من بخل على المؤمنين بنفسه وماله أو شح عليهم بفضل الله من نصره ورزقه الذي يجريه بفعل غيره فإن أقواما يشحون بمعروفهم وأقواما يشحون بمعروف الله وفضله وهم الحساد ثم قال تعالى (فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت) من شدة الرعب الذى فى قلوبهم يشبهون المغمى عليه وقت النزع فإنه يخاف ويذهل عقله ويشخص بصره ولا يطرف فكذلك هؤلاء لأنهم يخافون القتل ( فإذا ذهب الخوف سلقوكم بالسنة حداد )ويقال فى اللغة صلقوكم وهو رفع الصوت بالكلام المؤذى ومنه الصالقة وهى التى ترفع صوتها بالمصيبة يقال صلقه وسلقه وقد قرأ طائفة من السلف بها لكنها خارجة عن المصحف إذا خاطبه خطابا شديدا قويا ويقال خطيب مسلاق إذا كان بليغا فى خطبته لكن الشدة هنا فى الشر لا فى الخير كما قال بألسنة حداد أشحة على الخير وهذ السلق بالألسنة الحادة يكون بوجوه :
    تارة يقول المنافقون للمؤمنين هذا الذى جرى علينا بشؤمكم فإنكم أنتم الذين دعوتم الناس إلى هذا الدين وقاتلتم عليه وخالفتموهم فإن هذه مقالة المنافقين للمؤمنين من الصحابة 0
    وتارة يقولون أنتم الذين أشرتم علينا بالمقام هنا والثبات بهذا الثغر إلى هذا الوقت وإلا فلو كنا سافرنا قبل هذا لما أصابنا هذا0
    وتارة يقولون أنتم مع قلتكم وضعفكم تريدون أن تكسروا العدو وقد غركم دينكم كما قال تعالى( إذ يقول المنافقون والذين فىقلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم )0
    وتارة يقولون أنتم مجانين لاعقل لكم تريدون أن تهلكواأنفسكم والناس معكم0
    وتارة يقولون أنواعا من الكلام المؤذى الشديد وهم مع ذلك أشحة على الخير أي حراص على الغنيمة والمال الذي قد حصل لكم قال قتادة أن كان وقت قسمة الغنيمة بسطوا ألسنتهم فيكم يقولون أعطونا فلستم بأحق بها منا فأما عند البأس فأجبن قوم وأخذلهم للحق وأما عند الغنيمة فأشح قوم وقيل أشحة على الخير أى بخلاء به لا ينفعون لا بنفوسهم ولا بأموالهم وأصل الشح شدة الحرص الذى يتولد عنه البخل والظلم من منع الحق وأخذ الباطل كما قال النبى إياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا فهؤلاء أشحاء على إخوانهم أى بخلاء عليهم وأشحاء على الخير أى حراص عليه فلا ينفقونه كما قال وإنه لحب الخير لشديد ثم قال تعالى (يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون فى الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا) فوصفهم بثلاثة أوصاف :
    أحدها أنهم لفرط خوفهم يحسبون الأحزاب لم ينصرفوا عن البلد وهذه حال الجبان الذى فى قلبه مرض فإن قلبه يبادر إلى تصديق الخبر المخوف وتكذيب خبر الأمن 0
    الوصف الثانى أن الأعزاب إذا جاءوا تمنوا أن لا يكونوا بينكم بل يكونوا فى البادية بين الأعراب يسألون عن أنبائكم إيش خبر المدينة وإيش جرى للناس0
    والوصف الثالث أن الأحزاب إذا أتوا وهم فيكم لم يقاتلوا إلا قليلا 0
    وهذه الصفات الثلاث منطبقة على كثير من الناس فى هذه الغزوة كما يعرفونه من أنفسهم ويعرفه منهم من خبرهم ثم قال تعالى( لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) فأخبر سبحانه أن الذين يبتلون بالعدو كما إبتلى رسول الله فلهم فيه أسوة حسنة حيث أصابهم مثل ما أصابه فليتأسوا به فى التوكل والصبر ولا يظنون أن هذه نقم لصاحبها وإهانة له فإنه لو كان كذلك ما إبتلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الخلائق بل بها ينال الدرجات العالية وبها يكفر الله الخطايا لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثير وإلا فقد يبتلى بذلك من ليس كذلك فيكون فى حقه عذابا كالكفار والمنافقين ثم قال تعالى( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما )قال العلماء كان الله قد أنزل فى سورة البقرة (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) فبين الله سبحانه منكرا على من حسب خلاف ذلك أنهم لا يدخلون الجنة إلابعد أن يبتلوا مثل هذه الأمم قبلهم ب البأساء وهى الحاجة والفاقة و الضراء وهى الوجع والمرض و الزلزال وهى زلزلة العدو فلما جاء الأحزاب عام الخندق فرأوهم قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وعلموا أن الله قد إبتلاهم بالزلزال وأتاهم مثل الذين خلوا من قبلهم وما زادهم إلا إيمانا وتسليما لحكم الله وأمره وهذه حال أقوام فى هذه الغزوة قالو ذلك وكذلك قوله من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه أى عهده الذى عاهد الله عليه فقاتل حتى قتل أو عاش و النحب النذر والعهد وأصله من النحيب وهوالصوت ومنه الإنتحاب فى البكاء وهو الصوت الذى تكلم به فى العهد ثم لما كان عهدهم هو نذرهم الصدق فى اللقاء ومن صدق فى اللقاء فقد يقتل صار يفهم من قوله قضى نحبه أنه إستشهد لا سيما إذا كان النحب نذر الصدق فى جميع المواطن فإنه لا يقضيه إلا بالموت وقضاء النحب هو الوفاء بالعهد كما قال تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه أى أكمل الوفاء وذلك لمن كان عهده مطلقا بالموت أو القتل ومنهم من ينتظر قضاءه إذا كان قد وفى البعض فهو ينتظر تمام العهد وأصل القضاء الأتمام والأكمال ( ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ) بين الله سبحانه أنه أتى بالأحزاب ليجزى الصادقين بصدقهم حيث صدقوا فى إيمانهم كما قال تعالى إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون فحصر الإيمان فى المؤمنين المجاهدين وأخبر أنهم هم الصادقون فى قولهم آمنا لامن قال كما قالت الاعراب آمنا والإيمان لم يدخل فى قلوبهم بل انقادوا وإستسلموا وأما المنافقون فهم بين أمرين إما أن يعذبهم وإما أن يتوب عليهم فهذا حال الناس فىالخندق وفى هذه الغزاةوأيضا فإن الله تعالى إبتلى الناس بهذه الفتنة ليجزى الصادقين بصدقهم وهم الثابتون الصابرون لينصروا الله ورسوله ويعذب المنافقين إن شاء او يتوب عليهم ونحن نرجو من الله أن يتوب على خلق كثير من هؤلاء المذموين فإن منهم من ندم والله سبحانه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وقد فتح الله للتوبة بابا من قبل المغرب عرضه أربعون سنة لا يغلقه حتى تطلع الشمس من مغربها وقد ذكر أهل المغازى منهم إبن إسحق أن النبى قال فى الخندق الآن تغزوهم ولا يغزونا فما غزت قريش ولا غطفان ولا اليهود المسلمين بعدها بل غزاهم المسلمون ففتحوا خيبر ثم فتحوا مكة كذلك إن شاء الله هؤلاءالأحزاب من المغل وأصناف الترك ومن الفرس والمستعربة والنصارى ونحوهم من أصناف الخارجين عن شريعة الإسلام الآن نغزوهم ولا يغزونا ويتوب الله على من يشاء من المسلمين الذين خالط قلوبهم مرض أو نفاق بأن ينيبوا إلى ربهم ويحسن ظنهم بالإسلام وتقوى عزيمتهم على جهاد عدوهم فقد أراهم الله من الآيات ما فيه عبرة لأولى الأبصار كما قال ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزافإن الله صرف الأحزاب عام الخندق بما أرسل عليهم من ربح الصبا ريح شديدة باردة وبما فرق باين قلوبهم حتى شتت شملهم ولم ينالوا خيرا إذا كان همهم فتح المدينة والإستيلاء عليها وعلى الرسول والصحابة كما كان هم هذا العدو فتح الشام والإستيلاء على من بها من المسلمين فردهم الله بغيظهم حيث أصابهم من الثلج العظيم والبرد الشديد والريح العاصف والجوع المزعج ما الله به عليم وقد كان بعض الناس يكره تلك الثلوج والأمطار العظيمة التى وقعت فى هذا العام حتى طلبوا الإستصحاء غير مرة وكنا نقول لهم هذا فيه خيرة عظيمة وفيه لله حكمه وسر فلا تكرهوه فكان من حكمته أنه فيما قيل أصاب قازان وجنوده حتى أهلكهم وهو كان فيما قيل سبب رحيلهم وإبتلى به المسلمون ليتبين من يصبر على أمر الله وحكمه ممن يفر عن طاعته وجهاد عدوه وكان مبدأ رحيل قازان فيمن معه من أرض الشأم وأراضى حلب يوم الأثنين حادى عشر جمادى الأولى يوم دخلت مصر عقيب العسكر وإجتمعت بالسلطان وأمراء المسلمين وألقى الله فى قلوبهم من الإهتمام بالجهاد ما ألقاه فلما ثبت الله قلوب المسلمين صرف العدو جزاء منه وبيانا أن النية الخالصة والهمة الصادقة ينصر الله بها وإن لم يقع الفعل وإن تباعدت الدياروذكر إن الله فرق بين قلوب هؤلاء المغل والكرج وألقى بينهم تباغضا وتعاديا كما ألقى سبحانه عام الأحزاب بين قريش وعطفان وبين اليهود كما ذكر ذلك أهل المغازى فإنه لم يتسع هذا المكان لأن نصف فيه قصة الخندق بل من طالعها علم صحة ذلك كما ذكره أهل المغازى مثل عروة بن الزبير والزهرى وموسى بن عقبة وسعيد بن يحيى الأموى ومحمد بن عائذ ومحمد بن إسحق والواقدى وغيرهم ثم تبقى بالشأم منهم بقايا سار إليهم من عسكر دمشق أكثرهم مضافا إلى عسكر حماة وحلب وما هنالك وثبت المسلمون بإزائهم وكانوا أكثر من المسلمين بكثير لكن فى ضعف شديد وتقربوا إلى حماة وأذلهم الله تعالى فلم يقدموا على المسلمين قط وصار من المسلمين من يريد الإقدام عليهم فلم يوافقه غيره فجرت مناوشات صغار كما جرى فى غزوة الخندق حيث قتل على بن أبى طالب رضى الله عنه فيها عمرو بن عبد ود العامرى لما إقتحم الخندق هو ونفر قليل من المشركين كذلك صار يتقرب بعض العدو فيكسرهم المسلمون مع كون العدو المتقرب أضعاف من قد سرى إليه من المسلمين وما من مرة إلا وقد كان المسلمون مسظهرين عليهم وساق المسلمون خلفهم فى آخرالنوبات فلم يدركوهم إلا عند عبور الفرات وبعضهم فى جزيرة فيها فرأوا أوائل المسلمين فهربوا منهم وخالطوهم وأصاب المسلمون بعضهم وقيل إنه غرق بعضهم وكان عبورهم وخلو الشأم منهم فى أوائل رجب بعد أن جرى ما بين عبور قازان أولا وهذا العبور رجفات ووقعات صغار وعزمنا على الذهاب إلى حماة غيره مرة لاجل الغزاة لما بلغنا أن المسلمين يريدون غزو الذين بقوا وثبت بإزائهم المقدم الذى بحماة ومن معهم من العسكر ومن أتاه من دمشق وعزموا على لقائهم ونالوا أجرا عظيما وقد قيل إنهم كانوا عدة كمانات إما ثلاثة أو أربعة فكان من المقدر أنه إذا عزم الأمر وصدق المؤمنون الله يلقى فى قلوب عدوهم الرعب فيهربون لكن أصابوا من البليدات بالشمال مثل تيزين و الفوعة و معرة مصرين وغيرها مالم يكونوا وطئوه فى العام الماضى وقيل إن كثيرا من تلك البلاد كان فيهم ميل إليهم بسبب الرفض أن عند بعضهم فرامين منهم لكن هؤلاء ظلمة ومن أعان ظالما بلى به والله تعالى يقول وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون وقد ظاهروهم على المسلمين الذين كفروا من أهل الكتاب منأهل سيس والأفرنج فنحن نرجو من الله أن ينزلهم من صياصيهم وهى الحصون ويقال للقرون الصياصى ويقذف فى قلوبهم الرعب وقد فتح الله تلك البلاد ونغزوهم إن شاء الله تعالى فنفتح أرض العراق وغيرها تعلو كلمة الله ويظهر دينه فإن هذه الحادثة كان فيها أمور عظيمة جازت حد القياس وخرجت عن سنن العادة وظهر لكل ذى عقل من تأييد الله لهذا الدين وعنايته بهذه الأمة وحفظه للأرض التى بارك فيها للعالمين بعد أن كاد الإسلام أن ينثلم وكر العدو كرة فلم يلو عن وخذل الناصرون فلم يلووا على وتحير السائرون فلم يدروا من ولا إلى وإنقطعت الأسباب الظاهرة وأهطعت الأحزاب القاهرة وإنصرفت الفئة الناصرة وتخاذلت القلوب المتناصرة وثبتت الفئة الناصرة وأيقنت بالنصر القلوب الطاهرة وإستنجزت من الله وعده العصابة المنصورة الظاهرة ففتح الله أبواب سمواته لجنوده القاهرة وأظهر على الحق آياته الباهرة وأقام عمود الكتاب بعد ميله وثبت لواء الدين بقوته وحوله وأرغم معاطس أهل الكفر والنفاق وجعل ذلك آية للمؤمنين إلى يوم التلاق فالله يتم هذه النعم بجمع قلوب أهل الإيمان على جهاد أهل الطغيان ويجعل هذه المنة الجيمة مبدأ لكل منحة كريمة وأساسا لإقامة الدعوة النبوية القويمة ويشفى صدور المؤمنين من أعاديهم ويمكنهم من دانيهم وقاصيهم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما قال الشيخ رحمه الله كتب أول هذا الكتاب بعد رحيل قازان وجنوده لما رجعت من مصر فى جمادى الآخرة وأشاعوا أنه لم يبق منهم أحد ثم لما بقيت تلك الطائفة إشتغلنا بالإهتمام بجهادهم وقصد الذهاب إلى إخواننا بحماة وتحريض الأمراء علىذلك حتى جاءنا الخبر بإنصراف المتبقين منهم فكتبته فى رجب والله أعلم والحمد لله وحده وصلى الله على أشرف الخلق محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين)) مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 436- 467
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow


    بسم الله الرحمن الرحيم
    رسالة إلى المجاهدين في العراق
    سُئل الرسول عن رجل أحب قوماً ولمّا يلحق بهم ،فقال :(( المرء مع من أحب )) متفق عليه
    إلى الإخوة المجاهدين في سبيل الله في أرض العراق ، الذين يواجهون الأحزاب من الأمريكان والبريطانيين واليهود العتاة المجرمين والشيوعيين والخونة والمرتدين والمنافقين ، الذين تمالؤا عليكم ورموكم عن قوس واحدة .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وأسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن ينصركم على عدوه وعدوكم نصراً مؤزراً . وأن يجعل فيكم ومنكم كأمثال سعد وخالد وصلاح الدين .إخواني ، إن كاتب هذه السطور لا يعرف الجهاد إلا قراءة عابرة في نصوص الكتاب والسنة والكتب الشرعية ، ويعترف بتقصيره في هذا الجانب فقد فاته أجر عظيم وخير كبير ، ولكنه كان ولا يزال ينظر إليكم وإلى كل المجاهدين في سبيل الله نظرة إجلال وتعظيم ، أناس ضحوا بأنفسهم وأموالهم وتركوا الدنيا كلها من أجل الله ، لتكون كلمة الله هي العليا ، فكيف لا يُقدَّر قدرهم ولا يُفخَّم أمرهم ؟
    وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن رجل أحب قوماً ولما يلحق بهم ، فقال (( المرء مع من أحب )) متفق عليه
    ليت الذين ضعفوا وتولوا وتخلفوا عن الجهاد في ساحات القتال ، آزروا إخوانهم المجاهدين بكلمة طيبة ، ونصروهم في محنتهم ، وقد تكالبت عليهم قوى الشر كلها ، فثبتوهم ودعوا لهم وأظهروا محبتهم وموالاتهم ، وتبرأوا صراحة من عدونا وعدوهم الذي لم يقصدهم إلا لأنهم أخافوه وأذلوه ورفضوا أن يذلوا له ويخضعوا لحكمه وسلطانه ، الذي رضي به الكثير اليوم طوعاً أو كرهاً .
    بل ليتكم إذ لم تنصروا إخوانكم ا المجاهدين بشيء ، سكتم وعصمتم ألسنتكم عن النيل منهم والسخرية بهم ولمزهم ، تارة بأنهم(( متهورون)) ، أو ((خوارج )), أو (( تكفيريون)) أو غير ذلك مما جادت به قرائحكم أيها الشيوخ!!! أما تخشون أن تكونوا ممن قال الله فيهم (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم )) وممن قيل فيهم (( أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير )) أو قيل فيهم (( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون )) .أو قيل فيهم ((يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ماقاتلوا إلا قليلا))إني أرجو الله وأتوسل إليه بأسمائه الحسنى أن لا نكون ممن قال الله فيهم ذلك كله ، وأن يغفر لنا ضعفنا وجبننا وركوننا إلى الحياة الدنيا.
    والمرجو فيكم أيها المجاهدون أن لا يثبطكم ويوهن عزمكم مثل هذا وغيره من الكلام وإن صدر من شيوخ وعلماء لهم قدر ومنزلة عندنا وعندكم ، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    أيها المجاهدون : إني لا أخاف عليكم كثرة عدوكم ولا عظم أسلحتهم ولا تحزب قوى الشر واجتماعها عليكم ، ولا خذلان الذين يملكون الجيوش الجرارة والأسلحة الفتاكة ،من الحكومات العميلة , فتلك الجيوش قد أعدت لغير ما أنتم فيه ، وتلك الأسلحة قد صدئت في خزائنها ولعلها تبقى كذلك إلى أن تنتهي صلا حيتها إلا أن يشاء الله ،ولاتخذيل المخذلين ممن تزيا بزي المسلمين0
    ولكني أخاف عليكم من أنفسكم فاحذروا معصية الله وعليكم بطاعتة وكثرة ذكره .
    إخواني المجاهدون : قد يتأخر نصر الله ، وقد تكون هزائم وقتل وجراحات في صفوفكم ، فليس هذا بغريب ، إذ تلك سنة الله في الذين خلوا من قبل ، ولن تجد لسنة الله تبديلاً .
    قال هرقل لأبي سفيان (( سألتك كيف كان قتالكم إياه – يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم – فزعمت أن الحرب سجال ودول ، فكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة ))رواه البخاري .
    إن أعظم ما تمتحنون به في القتال هو : الصبر واليقين . اليقين بأن الله منجز وعده وناصر جنده وحزبه ، ولو بعد حين .
    والصبر عند الشدائد ، فإن النصر مع الصبر وإن الفرج مع الكرب ، وإن مع العسر يسراً ، كما جاء في الحديث .
    يخطئ من يظن بالله ظن السوء ، فينظر إلى عدد العدو وعدتهم وينسى وعد الله (( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ))
    (( ومن يتول الله ورسوله فإن حزب الله هم الغالبون ))(( وكان حقاً علينا نصر المؤمنين ))
    (( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار )) (( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ))
    فهذا الشرط مقابل المشروط : الإيمان والإخلاص والعمل الصالح ، ثم النصر والتمكين والاستخلاف ، وعد الله لا يخلف الله الميعاد .

    أيها المجاهدون المرابطون : إنكم والله في حال تغبطون عليه ، لا كما يقول المخذلون((أنَّ الوقت ليس وقت جهاد!!)) وقد أُحتلت الأرض وانتهك العرض وأُسِرَ المسلمون!! فماذا بقي !! واقرأ ما قاله شيخ الإسلام وهو يصف ما حصل في زمانه من تحزب الأحزاب من التتار والمنافقين وغيرهم على المسلمين ، قال رحمه الله (( فهذه الفتنة قد تفرق الناس فيها ثلاث فرق :
    الطائفة المنصورة ، وهم المجاهدون لهؤلاء القوم المفسدين .
    والطائفة المخالفة ، وهم هؤلاء القوم ومن تحيز إليهم من خبالة المنتسبين إلى الإسلام .
    والطائفة المخذلة وهم القاعدون عن جهادهم ، وإن كانوا صحيحي الإسلام . فلينظر الرجل أيكون من الطائفة المنصورة أم من الخاذلة أم من المخالفة ؟ فما بقي قسم رابع.
    واعلموا أن الجهاد فيه خير الدنيا والآخرة ، وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة . قال الله تعالى في كتابه (( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين )) يعني : إما النصر والظفر ، وإما الشهادة والجنة . فمن عاش من المجاهدين كان كريماً له ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة . ومن مات منهم أو قتل فإلى الجنة . قال النبي صلى الله عليه وسلم
    (( يعطى الشهيد ست خصال ، يغفر له بأول قطرة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ويكسى حلة من الإيمان ، ويزوج ثنتين وسبعين من الحور العين ، ويوقى فتنة القبر ويؤمن الفزع الأكبر )) رواه أهل السنن .
    وقال صلى الله عليه وسلم (( إن في الجنة لمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض أعدها الله سبحانه وتعالى للمجاهدين في سبيله )) . فهذا ارتفاع خمسين ألف سنة في الجنة لأهل الجهاد ….))
    إلى أن قال شيخ الإسلام (( وكذلك اتفق العلماء – فيما أعلم – على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد ، فهو أفضل من الحج ، وافضل من الصوم التطوع وأفضل من الصلاة التطوع .
    والمرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة وبيت المقدس ، حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه (( لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر عند الحجر الأسود )) . فقد اختار الرباط ليلة على العبادة في أفضل الليالي عند أفضل البقاع …. )) .
    إلى أن قال شيخ الإسلام (( واعلموا – أصلحكم الله – أن النصرة للمؤمنين ، والعاقبة للمتقين ، وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون . وهؤلاء القوم ( يعني الأعداء ) مقهورون مقموعون . الله سبحانه وتعالى ناصرنا عليهم ، ومنتقم لنا منهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
    فابشروا بنصر الله تعالى وبحسن عاقبته (( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )) وهذا أمر قد تيقناه وتحققناه ، والحمد لله رب العالمين )) ثم قال شيخ الإسلام (( واعلموا – أصلحكم الله – أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيراً أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد فيه الدين ويحي فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين والمجاهدين ، حتى يكون شبيهاً بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار .
    فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان ، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم .
    فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله ، وهذه الفتنة التي في باطنها نعمة جسيمة ، حتى ، والله ، لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ، حاضرين في هذا الزمان ، لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين . ولا يفوت مثل هذه الغزاة إلا من خسرت تجارته ، وسفه نفسه ، وحرم حظاً عظيماً من الدنيا والآخرة ، إلا أن يكون ممن عذر الله تعالى ، كا لمريض والفقير والأعمى وغيرهم ، وإلا فمن كان له مال وهو عاجز ببدنه فليغز بماله . ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من جهز غازيا فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا )) ….)) انتهى نقله من مجموع الفتاوى [ 28/416-421] باختصار .
    أيها المجاهدون الأبطال ، قارنوا حالكم بما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية حين تحزب الأحزاب من التتار وغيرهم على أهل الشام بما هو شبيه بتحزب الأحزاب في غزوة الخندق ، ومثله أو قريب منه ما أنتم عليه اليوم في العراق .
    قال رحمه الله (( وكان مختصر القصة ( أي قصة الخندق ) :أن المسلمين تحزب عليهم عامة المشركين الذين حولهم ، وجاءوا بجموعهم إلى المدينة ليستأصلوا المؤمنين . فاجتمعت قريش وحلفاؤها من بني أسد وأشجع وفزارة وغيرهم من قبائل نجد . واجتمعت أيضاً اليهود من قريظة والنضير …. فاجتمعت هذه الأحزاب العظيمة وهم بقدر المسلمين مرات متعددة .
    فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الذرية من النساء والصبيان في آطام المدينة .
    وفي هذه الحادثة ( أي المعاصرة لشيخ الإسلام ) : تحزب هذا العدو من مغل وغيرهم من أنواع الترك ، ومن فرس ومستعربة ونحوهم من أجناس المرتدة ومن نصارى الأرمن وغيرهم . ونزل هذا العدو بجانب ديار المسلمين ، وهو بين الإقدام والإحجام ، مع قلة من بإزائهم من المسلمين ، ومقصودهم الاستيلاء على الدار واصطلام أهلها ، كما نزل أولئك بنواحي المدينة بإزاء المسلمين . وكان عام الخندق برد شديد وريح شديدة منكرة ، بها صرف الله الأحزاب عن المدينة كما قال تعالى (( فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ))
    وهكذا هذا العام ، أكثر الله فيه الثلج والمطر والبرد ، على خلاف أكثر العادات ، حتى كره أكثر الناس ذلك . وكنا نقول لهم : لا تكرهوا ذلك ، فإن لله فيه حكمة ورحمة . وكان ذلك من أعظم الأسباب التي صرف الله بها العدو .
    وقال الله في شأن الأحزاب (( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا . هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً )).
    وهكذا هذا العام . جاء العدو من ناحيتي علو الشام وهو شمال الفرات ......)) إلى أن قال (( وظن الناس بالله الظنونا . هذا يظن أنه لا يقف قدامهم أحد من جند الشام حتى يصطلموا أهل الشام . وهذا يظن أنهم لو وقفوا لكسروهم كسرة وأحاطوا بهم إحاطة الهالة بالقمر. وهذا يظن أن أرض الشام ما بقيت تسكن ولا بقيت تكون تحت مملكة الإسلام . وهذا يظن أنهم يأخذونها ثم يذهبون إلى مصر فيستولون عليها فلا يقف قدامهم أحد ، فيحدث نفسه بالفرار إلى اليمن ونحوها ……
    وهذا قد تعارضت عنده الأمارات وتقابلت عنده الإرادات ، لا سيما وهو لا يفرق من المبشرات بين الصادق والكاذب ولا يميز في التحديث بين المخطئ والصائب .
    فلذلك استولت الحيرة على من كان متسماً بالاهتداء ، وتراجمت به الأراء تراجم الصبيان بالحصباء (( هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً )) ابتلاهم الله بهذا الابتلاء ، الذي يكفر به خطيئاتهم ويرفع به درجاتهم ..
    ثم قال تعالى (( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا )) فقالت طائفة منهم : لا مقام لكم هنا لكثرة العدو ، فارجعوا إلى المدينة . وقيل : لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى الاستئمان والاستجارة بهم .
    وهكذا لما قدم هذا العدو ( يعني التتار ) ، كان من المنافقين من قال : ما بقيت الدولة الإسلامية تقوم ، فينبغي الدخول في دولة التتار . وقال بعض الخاصة : ما بقيت أرض الشام تسكن . وقال بعضهم : بل المصلحة الاستسلام لهؤلاء ، كما قد استسلم لهم أهل العراق والدخول تحت حكمهم … ))
    إلى أن قال شيخ الإسلام (( فإن هذه الحادثة كان فيها أمور عظيمة جازت حد القياس وخرجت عن سنن العادة ، وظهر لكل ذي عقل من تأييد الله لهذا الدين وعنايته بهذه الأمة ، بعد أن كاد الإسلام أن ينثني ، وانقطعت الأسباب الظاهرة ، وأهطعت الأحزاب القاهرة وتخاذلت القلوب المتناحرة ، وثبتت الفئة الناصرة ، ففتح الله أبواب سماواته لجنوده القاهرة ، وأرغم معاطس أهل الكفر والنفاق ، وجعل ذلك آية للمؤمنين إلى يوم التلاق )) انتهى نقله باختصار من مجموع الفتاوى [28/ 443- 466]
    وختاماً فإني أوجه نصيحة للمجاهدين بأن يثبتوا ويكثروا من ذكر الله وأن يتقوا الله ويتركوا الخلاف والتنازع المؤدي إلى الهزيمة والفشل ، وأن يوقنوا بعد ذلك بنصر الله والحمد لله أولا وآخراً ، .


    كتبه
    طالب علم محب للمجاهدين
    جمعها :عبد الله بن عبد الرحمن العراقي
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    افتراضي


    من الأمور التي يسجلها اي متابع على ما يسمى بالمقاومة في العراق أنها تعمل مثل الخفافيش فلا تظهر في الضوء .. لن يزايد علينا أحد في العداء للإحتلال .. فقد وقفنا ضده قبل ان يقع وبعد ان وقع والى هذا اليوم نفضح نواياه وجرائمه ولا شرعيته .. ولكن ما نتصدى له ايضا هو ان يكون رفض الإحتلال عنوانا او ستار لجرائم يومية ترتكب بإسم مقاومة الاحتلال وضحيتها الشعب العراقي .. بل المصلحة الوطنية نفسها .. فمن يعادي نصف الشعب العراقي على الأقل ولا نريد هنا ان نتحدث بلغة الأقلية او الأكثرية .. لابد ان يكون هناك خطأ في موازينه .. ومن يرتكب جريمة بحق مواطن عراقي واحد لا يمكن ان تبرر له هذه الجريمة وتسمى " أخطاء " بلغة ابن حارث الضاري .. فكيف والجرائم طالت وفي فترة قياسية قصيرة جدا هي عمر الإحتلال عشرات الآلاف من العراقيين .. والأرقام الرسمية تتحدث عن ثلاثين ألفا .. بينما الحقيقة هي ان الرقم الفعلي يتجاوز المائة الف .. لقد أيدنا التصدي للإحتلال الأمريكي بقوة السلاح .. وقلنا ان المقاومة مشروعة في اي بلد محتل .. ولكن ما بين المقاومة كمقاومة وعصابات الإجرام التي تعبث بحياة الشعب العراقي هو كالفرق بين المقاوم صاحب القضية والمبدأ والضمير .. ورجال العصابة ومحترف الإجرام .. كنا نتساءل اي مقاومة في العالم لابد ان يكون لها برنامج .. ورؤيا .. وموقف من مختلف القضايا .. لابد ان يكون لها مشروع سياسي .. لابد ان تكون لها قيادة معروفة يعرفها الشعب ويمكن ان يثق بها .. ويلتف حولها تبعا لذلك .. وبهذا الشعب يمكن ان تحقق انتصارها وتصل الى غاياتها وأهدافها .. ولابد ان تكون هذه المقاومة عراقية بمشروع عراقي واهداف عراقية ومقاومين عراقيين .. وان اراد مواطن من اي بلد في العالم ان يتطوع دفاعا عن الشعب العراقي .. فإنه يتطوع في المشروع العراقي وفي التنظيم العراقي وفي الغاية العراقية .. هذا ما فعله اي شخص تعاطف مع قضية ما فإنضوى في إطارها يقدم لها ما يريد ان يقدمه .. في الحرب الإسبانية تطوع الكثيرون من مختلف بلدان العالم ولكن تحت قيادة الإسبان .. وفي حرب تحرير كوبا تطوع الكثير من المقاتلين ولكن تحت قيادة الكوبي فيديل كاسترو .. وفي المقاومة الفلسطينية كان عدد المتطوعين يكاد ان يصل الى نصف عدد مقاتلي الثورة الفلسطينية لكنهم كانوا تحت قيادة الفلسطينين .. نقول ان هذه " المقاومة " تعمل كالخفافيش لأنها تخشى الضوء .. لا يبرر ذلك السبب الأمني فعلى الأقل تعرف هذه الجهة من تلك ببرنامجها وأهدافها .. ويكذب من يقول ان " للمقاومة " في العراق برنامج معلن .. اللهم الا ما هو منسوب لحزب البعث في بعض مواقعه .. وهو برنامج مضحك لأنه يعد بالديمقراطية وتداول السلطة وما الى ذلك من الاعيب سخيفة .. وكأن الناس لم تخبر حزب البعث وأساليبه .. ولا تعرف اي قتلة ومجرمين يتولون أمره .. ثم لماذا تأخر حزب البعث خمسا وثلاثين عاما ليس في بناء الديمقراطية فهذا خيال مستحيل ولكن لماذا لم يوقف حمامات الدم ودولاب القتل اليومي للعراقيين ..

    من خفافيشية " المقاومة " انها تخجل من الإعلان عن رموزها لأنهم ببساطة مجرمو أجهزة صدام القمعية الأمنية والاستخبارية والمليشياوية " فدائيو صدام مثلا " .. وحين قدمت هذه " المقاومة " قائدا لم تستطع ان تقدم سوى عزة الدوري .. وهو بكل المقاييس مجرم مكانه السجن او قفص الإتهام ..

    ومن خفافيشيتها انها تقوم بالكثير من الاعمال الإجرامية بحق الشعب العراقي فتنسبها الى جهات مجهولة طيارة ولهذا نرى الكثير من أسماء الجهات التي تظهر وتختفي حسب الحاجة ككتائب فلان او علان من الصحابة او رجال التأريخ الاسلامي .. او تلحق أعمالها القذرة بالواجة التي تستخدمها في مثل هذه العمليات " ابو مصعب الزرقاوي " .. لقد قلنا سابقا إن " المقاومة " العراقية لا تتخفى فلا تظهر لأنها تحسب حسابات أمنية قد تكون مشروعة .. لكنها تخجل من مواجهة الجمهور برجالاتها .. بل بمجرميها المعروفين في كل مدينة عراقية ..

    في كل العالم تبدأ المقاومة بثلة من أصحاب القضية .. تمارس كفاحها وتطرح نفسها .. ثم تحاول ان تكسب الناس من حولها بالقول والفعل .. وفي تأريخ المقاومات قصص بل ملاحم من البطولة والشهامة .. والمواقف الانسانية المعبرة .. والدفاع عن الشعب الذي ترفع المقاومة راية الدفاع عنه .. ومن يقرأ تأريخ المقاومات ومذكرات المقاومين وما كتب عن المقاومة من شهود عايشوا أحداثها في فييتنام او كوبا او الجزائر او يوغسلافيا او فلسطين سيدرك ان هناك مناقبية للثوار والمقاومين تضعهم بدرجة ما فوق سائر البشر .. او تجعل المتابع يعتبرهم من طينة خاصة ..

    في العراق لم تنطلق " المقاومة " لهدف وطني .. وانما لغاية ضيقة هي إستعادة السلطة لمن فقدوها .. وهدف أضيق هو إسترجاع عهد الاستحواذ الطائفي .. لهذا كانت عمليات هذه " المقاومة " التي تستهدف العراقيين تعبر عن اخلاقياتها .. بكلمة أخرى عن روح إجرامية نادرة لا تتورع عن فعل اي شئ .. قتل الأطفال والنساء .. تفجير الأماكن المدنية .. تدمير البنية التحتية والعمل على وقف الخدمات التي تتعلق بحياة المواطنين اليومية .. إستهداف المدنيين الأبرياء في كل مكان .. وكل هذه الأمور من بديهيات الاستراتيجية البعثية بعد الاندحار .. منع قيام اي حالة من الاستقرار في العراق .. وإجبار امريكا المحتلة على أن تصبح معيلة للشعب العراقي .. فيضطرها هذا الأمر إما الى الانسحاب او على الأقل الإستعانة بحزب البعث او واجهاته في تسيير امور العراق .. والجانب الأخطر في هذه سلوكيات هذه " المقاومة " هو الاستهداف الطائفي .. وقد يذهب تفكير البعض الى ان الاستهداف متبادل بدلالة ردود الأفعال الشيعية التي إستفزها الاستهداف الطائفي المعمد بالدم وجرها الى الرد على البعثيين والوهابيين .. نقول هنا يمكن متابعة أرشيف اي جريدة تحتفظ بأرشيف لنكتشف كيف تسلسلت الأمور وتطورت .. وكيف ان الاستهداف الطائفي المكشوف كان سياسة رسمية متعمدة لفصائل الارهاب البعثي الوهابي في العراق .. لأنها تستند الى خلفية عقائدية تقول لا بكفر الشيعي وشركه .. وإنما بمشروعية بل بوجوب إجتثاثه من الوجود .. ولأنها ايضا بعد ان خسرت السلطة " او تلك التي جاءت الى العراق بالنسبة للوهابيين " تحتاج الى حاضنة تمدها بالأمن والمقر .. وهي حين تستهدف الشيعة تريد ان تجرهم الى الرد كي يشعر السنة بالخطر المحدق فتصير عصابات الإرهاب حامي حمى السنة من الخطر الشيعي ..

    عصابات الإرهاب هذه لم يكن يهمها ان تكسب المواطن العراقي الى مشروعها .. ولا تستهدف ذلك ولا تقيم وزنا لردود الأفعال الشعبية وانحطاط سمعتها بين الناس كعصابات إجرام وتخريب .. لأن مسلكها الفكري والتأريخي يقول بأخذ الأمور بالقوة وبحد السيف .. وفرض نفسها على المجتمع .. وبلافتات مختلفة وحسب الظرف .. فهي قومية عربية في وقت سابق .. وهي سلفية متطرفة نقلت سلوكها الطائفي من مرحلة التقية الى مرحلة العلن .. وإستبدلت الملابس الزيتونية والمرقطة وشارات الحزب .. بالثوب القصير واللحية الطويلة .. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن أياد فتيح الراوي قائد حرس صدام الجمهوري .. ثم قائد ما سمي بجيش القدس .. وهو المشرف في فترة ما قبل الحرب على إعداد المتطوعين العرب .. يطلق الآن لحية كثة ليس مثلها لحية سفر الحوالي .. ويقصر دشداشته .. ويحوقل ويبسمل في عاصمة عربية مجاورة مشرفا على توريد الارهابيين الى العراق ..

    والوثيقة أعلاه تبين حدود تفكير ما يسمى بالجيش الاسلامي في العراق وهو أكبر الفصائل الإرهابية قاطبة ويضم نخبة قوى الأمن والاستخبارات والحرس الجمهوري وفدائيي صدام ممن جرى اعدادهم فكريا وعقائديا في فترة الحملة الايمانية لحكم آل المجيد .. فضلا عن الوهابيين المتجحفلين معهم .. ولنتوقف قليلا عند هذه الوثيقة الفكرية المنشورة في موقع رسمي لهذا الفصيل الإرهابي .. لنرى اي مستقبل قاتم ينتظر العراقيين مع هذه الحثالات ..

    في تجارب الشعوب تطرح فصائل المقاومة تصورا لما يمكن عليه الحال في مرحلة ما بعد التحرير .. شكل الدولة ونظام الحكم .. البرامج الاجتماعية والاقتصادية .. التوجهات الثقافية .. الاستراتيجيات العامة لقوة الثورة بعد الانتصار .. لو تأملنا هذه المنهل الفكري العفن لهذه الجماعة سنجد ان مشكلة هذه العصابة الارهابية هي فئة منصور فائزة بجنات الخلد والحور العين .. وآخرون كفرة ومنحرفون ومرتدون وما الى ذلك من تعابير بالية .. وان هذه الجماعة تبحث حاليا عن مسوغات ومبررات شرعية كي تتعامل مع هذا الآخر بحد السيف .. بالقتل والإغتيال والابادة .. في الكتاب الكريم والسنة النبوية وفتاوى السلف .. ولأن المكتوب يقرأ من عنوانه فإختيارها لإبن تيمية .. فضلا عن المنحى الدموي التدميري الذي يمكن ان تستمده من فتاويه .. فإن العدو هنا واضح وبين وهو الرافضة كما يقولون جهارا نهارا .. والشيعة هنا لا يحاسبون على موقف يومي راهن .. وانما بذخيرة تأريخية جاهزة تمتد الى التتار وابن العلقمي .. وترفع في وجههم التهمة الكبرى بأنهم سبابون .. ولو تركنا ما في النفوس جانبا .. واخذنا الأمر من زاوية تكتيكية .. فأي جهة تريد ان تحقق اهدافا سياسية لابد ان تسعى الى كسب الناس او على الأقل محاولة شقهم وكسب جزء منهم .. فالشيعي كما السني قد يكون شيوعيا او قوميا او إسلاميا او حتى بعثيا .. وقد يكون مع الاحتلال او ضد الإحتلال .. وقد يكون محايدا لا رأي له .. ولكن ما الذي يجمع هؤلاء جميعا .. تجمعهم صفتهم الوحيدة وهي التشيع .. او الرفض كما يسمونه .. وبالتالي فهذا وحده يكفي لأخذهم بجريرة واحدة ثم الانتقام منهم .. وكرع المبررات من التراث الدموي لإبن تيمية .. وهذا يقودنا الى سؤال خطير ومهم .. ماذا سيفعل هؤلاء لو كتب لهم النجاح في العراق .. الشيعي مشرك وكافر ولابد من تخييره بين إثنتين بين إشهار إسلامه بإعلان الولاء لمعاوية ومروان ويزيد .. أو قتله وإبادته .. ومن هنا تجاوز العبث بالدماء كل الحدود سواء بالمفخخات او التطهير الطائفي والقتل على الهوية بل وحتى العبث بالمراقد المقدسة للشيعة في اي منطقة تحقق فيها مثل هذه الجماعات الإجرامية بعض السيطرة كما حدث لمرقد أحمد بن الامام موسى الكاظم في بعقوبة ومرقد ابراهيم بن مالك الاشتر قرب الدجيل .. وإن كانت هذه العصابات قد مارست القتل والتمييز والقمع الطائفي ومصادرة الحريات تحت شعار القومية في مرحلة حكم آل المجيد .. وتظاهرت من ناحية أخرى بأنها تحترم المقدسات .. فإن هدم الأضرحة وإبادة الشيعة سيكون على رأس سلم أهداف هذه الجماعات بعد ان دخلت في مرحلة التأسلم والتمسلف ..

    ولم يعد بعد اليوم من مجال لرمي الأعمال الاجرامية لهذه الجماعات على مخططات للفتنة تختلقها اطراف أخرى ومن بينها الاحتلال الأمريكي لأن الاستهداف الطائفي هو سياسة منهجية لهذه الجماعات التي كشفت عن حقيقتها أثناء الانتخابات الاخيرة فبعد ان كانت تلاحق الناس بالقتل والتفخيخ لأنهم يذهبون الى الانتخابات غير المشروعة لأنها تجري تحت الاحتلال .. هم أنفسهم وفروا كل الحماية وعلنا للسنة كي يمارسوا هذه الانتخابات وتحت الاحتلال نفسه وهذه تذكر بمقتل الشهيد عز الدين سليم وإستقبال حاجم الحسني ومحسن عبد الحميد وغازي الياور في فلوجة المقاومة او الصلاة جماعة وراء محسن عبد الحميد في أكبر صلاة جماعة سنية شهدها العراق في فترة رئاسته لمجلس الحكم ليثبتوا بذلك أنهم مليشيا طائفية تحركها نزعات ضيقة واستحواذية .. وتريد بجرائمها ان تحقق المكاسب لهذه الطائفة .. قل الطائفة المنصورة .. او شعب الله المختار .
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني