[align=center]نديم الجابري حضور الأنا وغياب المبدأ – محكمة المفاهيم 2[/align]
في المقالة السابقة نديم الجابري بين مطرقة الخارج وسندان الداخل تكلمنا عن احد المفاهيم الخطرة التي يحاول السيد نديم الجابري تسويقه في خطابة السياسي العام جاعلا من هذا المفهوم عراقيي ( الداخل و الخارج ) أداة استقصاء للآخرين دون أدنى جهد للتفكير بدلالة هذا المفهوم و خطورته هذه الشعارات التي كلنا يتذكر جيدا أنها كانت بوابة الشر التي فتحها النظام السابق تجاه الكثيرين من أبناء الشعب العراقي وجرت علينا الويلات تلو الويلات .
و في محكمة المفاهيم (2) سوف نشير إلى أمرا آخر من الضروري أن نسلط عليه الضوء و ينحصر في تلويحه الدائم بأنه يملك الحل في الإشكال الذي يرافق تشكيل الحكومة و ليس هذا و حسب بل راح يصر على شرعية توليه منصب رئاسة الوزراء أن المصلحة منعقدة على توليه هذا المنصب دون غيره و إلى آخر هذه التصريحات التي تواترت بها الأخبار في هذه الأيام .
لم يكن من السهل على السيد نديم الجابري و غيره ممن عاش فترة ليست بالقصير تحت تأثير و تسلط نظام بعثي عنصري فاشي لا يرى إلا نفسه محقا في كل شيء و الآخر مهما كان فهو مخطئا و متأثر بشيء من تأثيرات العامل الخارجي الذي يجعله فاقدا للشرعية .
فهذا الداء و إن كان السيد نديم ليس من أسس لهذا المنطق البعثي إلا انه لم يزل متأثر به من قريب أو بعيد بهذا المنطق و قد أكون متخوفا كثيرا من هذا الهاجس إلا انه يجب الإشارة أو التحذير من هذه الإصابة بداء هذه النظرية ( الرمز و قائد الضرورة ) فترى السيد نديم يسوق في الإعلام كثيرا بأنه عنده الكثير من هذه الحلول و انه لو كان هو رئيس الوزراء لقام بكذا و كذا لحل المشكل طبعا بعيدا - عن مطالبتنا له بالدليل على انه بالفعل هو الحل الصحيح و كون خطابه مجرد ادعاء لا دليل عليه و يحتمل انه محق أو مخطأ في تصوره للحلول فهذا متروك للواقع الذي يثبت صحة من عدم هذا الادعاء - غير الذي يعنيني هنا و أريد أن أشير إلى غير هذا وهو حضور حالة جديدة من الــ ( الانا ) و بقوه في هذا الموقف الذي يتنافى و مفهوم الإيثار الذي هو من ألف باء حب الوطن أي إننا عندما نرى أو نتصور هناك من خطر ما يهدد امن و استقرار البلد علينا أن نتحرك جميعا و بدون أي دافع مادي أو بدافع ذاتي خالص من أي شوائب أخرى مثل الشهرة أو المنصب أو المال إلى آخر هذه الدوافع التي تفسد النية في العمل التقربي لان حب الأوطان من الإيمان و هذه الأخيرة ( الانا ) من الشوائب التي تفسد اصل النية في العمل و قصة الرجل الذي قتل من اجل الحمار الذي لم يصلي علية الرسول (ص ) مشهرة عند كل الناس .
لهذا من المناسب التذكير بمفهوم غائب في حقيبة مفاهيم السيد نديم الجابري و التي تريد أن تسير بها إلى منصب رئيس الوزراء و هو الإيثار (ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ) ولنا في هذا المفهوم مشاهد لا يمكن تجاهلها و خصوصا عندما يرتبط موضوع الترشيح مع المرجعية التي دعمت هذا الترشيح فقد سبق ادعاء الجابري بدعم المرجعية له و التي يعتبرها الجابري أنها امتداد لتلك التي مثلها الشهيد الصدر الأول و الثاني وهي مرجعية من طراز خاص جدا لا يمكن أفرادها عن بعضها و لا يمكن مقارنتها بغيرها و السبب هو الوحدة في الموقف و الثبات في النهج و من تلك المفردات التي جاءت متواتر من منهج تلك المرجعيات هو الإيثار فلم نسمع أن المرجعية لوحت بالحل و اشترطت له منصب بل على العكس تماما أنها شخصت الخطر و توجهة مباشرة الى الدفاع عن مصلحة الأمة و من تلك المقولات الشهيرة مثلا للشهيد الأول ( لو كان إصبعي بعثيا لقطعته ) في إشارة واضحة لخطر هذا الفكر و كيف تصدى بجسده الطاهر لتلك الزمرة المجرمة و كم كلفته تلك الجملة دون أن يشترط على الأمة شرطة يدينها به و هكذا مثل تصدي الشهيد الصدر الثاني لنظام البعث المجرم و توقع الاستشهاد منذ اللحظة الأولى التي اعتلاء فيها منبر الجمعة و لغم طريق البعث المجرم باللاءات وحال دون غاياتهم الرامية الى ترهيب الشعب و استباحته كرامته و هكذا تعلمنا من المرجعية أن لا نشارط في الحلول من شهيدنا الصدر الثاني .
فماذا تريد أن تعلمانا و أنت أستاذ ضالع في علم السياسة من هذه التصريحات الرنانه التي تطلقها في الإعلام ؟؟؟ . لا اعرف لماذا لا أستطيع أن استوعب فكرة دعم المرجعية لهذا المنصب و الإصرار على هذه الفكرة من قبل السيد نديم الجابري و تسويقها بمناسبة و بغيرها في الإعلام مع التركيز على بعض ملامحه الشخصية التي يظهرها كقائد ضرورة لا يمكن تصور المرحلة أو تجاوزها إلا من خلال توليه لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة القادمة .
و لعل السبب الذي يدعوني للاستغراب هو صفة اللا ثبات في المواقف و خوصا تلك التي تتعلق بالمواقف المبدئية و التي لا يمكن المساومة بها و لابأس بالتذكير بهذا الموقف الذي سمعنا من الإخوة في حركة الفضيلة في بداية الموسم الانتخابي و تشكيل التحالفات بين الحركات السياسية العراقية حيث طالعتنا الأخبار عدم قبول الفضيلة بحصتهم من المقاعد في الائتلاف العراقي و تلويحهم بفكرة فك الارتباط مع الائتلاف و إمكانية تحالفهم مع حركات أخرى مثلا البعث علاوي و كيف إن المفوضية العليا حسمت الموقف من عدم موافقتها على هذا الأجراء من الفضيلة حيث كانت المدة قد انتهت في فترة الترشيحات و التحالفات التي تسبق الانتخابات و كان هذا التصرف قد أكد المخاوف القائلة من وجود فكرة تهدف الى تلغيم الائتلاف من الداخل و جعله ينهار و يتهاوى من قبل بعض الحركات المنافسة له في المعترك السياسي و بنفس الوقت كانت ردت الفعل التي رافقت رفض المفوضية لهذه التصرف الذي جاء في الوقت الضائع من الفضيلة في ترك الباب مفتوحا لخيار الخروج من هذا الائتلاف قائما الى ما بعد النتائج فلم تعمل على تبديد هذه المخاوف و السعي الى تطمين حلفائهم من عدم واقعية هذه التصريحات بل أكدت على ترك الباب مفتوح لكل المفاجئات غير أنها و على عكس توقعاتهم جاءت تصرفات قناة الجزيرة الحمقاء في خلق أجواء انتخابية مشحونة بالعاطفة وكانت النتائج بشكلها الذي لم ترضى عنه اغلب تلك الحركات التي هددت بها الفضيلة و الاصطفاف معها بعد إن تنتهي الانتخابات و الخروج من الائتلاف بحصتها من المقاعد . طبعا كان لقرار المفوضية العليا للانتخابات الذي حال دون خروج الفضيلة من الائتلاف العراقي الدور الرئيس في حفظ ماء الوجه للفضيلة و قد كان من السهولة بمكان أن نرى من يصول و يجول اليوم و هو يدعي الشرعية في ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء خلف من يقف على منصة حركة ( مرام ) و هو يهدد و يتوعد ربما بالعراقيين كما فعل البعض من رفعوا عاليا رايات الحرب و تخويف الشعب بالحرب الأهلية و غيرها من تلك التصريحات الرعناء .
و قد يكون من المناسب جدا السؤال الآن حول هل كانت هذه التقلبات في المواقف و التلويح بحل التحالفات والتهديد بالانفصال عن قائمة الشمعة بعد النتائج هي مبنية على مداولات السيد نديم الجابري مع المرجعية ونصائحه و إذا كانت كذلك فهل بالمكان إبراز شرعية هذه الابتزاز المفضوح و الصريح و أيضا من المناسب الآن معرفة شرعية تلك التصريحات التي هددت بنسف العملية الانتخابية و هددت بالحرب الأهلية لو أن المفوضية لم تمانع من خروج الفضيلة من قائمة الشمعة فهل كان موقف المعترضين على النتائج شرعيا عند مرجعية السيد نديم الجابري وهل ترشيحه لمنصب رئاسة الوزراء كان سيكون قائما وشرعيا كما يدعي الآن ؟ !!.
ومن المؤكد إن حركة فتية كالفضيلة و النقص الواضح في كوادرها المتخصصة و على كافة الصعد شكل عندها حالة من النقص و الحاجة الماسة لسد تلك الفراغات و خصوصا أنها تطالب بحصة تنسجم و حجمها الكبير و الواسع في الشارع العراقي كما تقول وتدعي . كل هذا و غيره من الأمور جعلها تستخدم شكل جديدا من نظام الاستعارة الذي تمثل في وزير النفط الحالي إبراهيم بحر العلوم وأيضا ضمها للدكتور نديم الجابري بين صفوفها الذي مارس و لسنوات طوال التدريس في الجامعة لمادة العلوم السياسية تصورا منها أنها بهذا تعالج أزمة ملحة ريثما تجد السعة في الزمان و المكان في الإعداد و التأهيل من كوادرها وقد أكون على خطأ في تصوري لهذا الأمر إلا إنني لا اتفق مع هذه الاستعارة الطارئه لحركة الفضيلة و لا سيما أنها تحاول أن تكون امتدا طبيعيا لمرجعية سلكت طريق الشهادة في سبيل نشر الوعي الإسلامي وفق منهج أصيل ثابت و مبدئي . قد تكتشف الفضيلة الفارق الكبير و الخطأ الجسيم الذي ستسببه هذه الاستعارة المؤقتة و التي تعي جيدا الحاجة الماسة من قبل المعير و المستعار نفسه التي دفعت بالفضيلة لتقبلها و حضور الانا و المنفعة لدا المستعار من قبل الفضيلة شكل علامة للأسف لا تدل على الإخلاص للمبدأ بل على دوافع شخصية محضة لا تحسب حساب من وكلها في التمثيل أو الإنابة في شغل منصب اقل ما يقاس عليه حب الوطن وتكريس مبدأ الإيثار و نبذ مبدأ المساومة و ممارسة الابتزاز السياسي و التجرد من المنافع الشخصية . وكم كان حريا بالفضيلة أن تهتدي الى حلا أخر كان سيوفر عليها عناء البحث و مماطلة المعير في الترضية ليس صعبا على الفضيلة من مواصلة خطها مع من امن و ضحى و بسخاء و وفاء لأفكار الشهيد الصدر الأول و الثاني .