[align=center]ادوية تكلف الدولة الملايين تتقاسمها البسطيات والصيدليات الخاصة..![/align]



علي الشاعر

[align=justify][align=center]من الظواهر المؤلمة التي اصبحت وللاسف مألوفة واعتدنا على رؤيتها كل يوم في الشوارع والاسواق الشعبية هي (بسيطات بيع لادوية) او ما يطلق عليها اصحابها للتفاخر بالصيدليات المتنقلة لما تحويه من ادوية مختلفة الانواع والمنشأ لاتعد ولا تحصى حتى ان لبعض اصحاب هذه البسطيات مخازن لتلك الادوية.. اصحاب هذه البسطيات كما يقولون ويدعون انهم يقومون بتقديم الخدمة للمواطنين التي تعجز المستشفيات عن تقديمها لهم وفي نفس الوقت يحصلون على رزق لهم ولعوائلهم خاصة في هذه الظروف التي تتسم بزيادة نسبة البطالة.. بينما البعض من المواطنون ينظرون الى ما يقوم به هؤلاء بانه تجاوز قانوني على اهم حقوق الانسان وهو الحياة . وبين هذا وذاك هناك الكثير من الاسئلة تطرح ومنها.. من اين تأتي هذه الادوية.. ولماذا تتوفر عند هؤلاء بينما يشكو المواطن المريض من شحتها في المستشفيات والمراكز الصحية.. ولماذا تقف وزارة الصحة والداخلية مكتوفة الايدي امام هذه الظاهرة والتي تخص الوزارتين معا اكثر من سواهم هذه الاسئلة وغيرها سوف نجد لها الجواب من خلال هذا الاستطلاع الذي قامت به المؤتمر..

مفارقة غريبة..


من المفارقات الغريبة التي استمعت لها قبل ايام عندما كنت جالسا بجوار احد المواطنين في السيارة حيث تحدث هذا المواطن بصدق بالقول.. عاد ابني من المدرسة وهو يشكو صداعا في رأسه لهذا اقنعته انا ووالدته بان يذهب الى سوق باب المعظم القريب من دارنا ليشتري حبوب براستول وبعد عشر دقائق جاء ابني وبيده الحبوب حيث طلبت من والدته ان تعطيه الماء ليشرب الدواء وكانت المفاجأة عندما صرخت زوجتي باستغراب وهي تنظر الى الحبوب وتبين ان تلك الحبوب ليست حبوب صداع بل هي حبوب منع الحمل لهذا ذهبت برفقة ولدي ليدلني على صاحب تلك البسطية حيث تبين ان صاحب البسطية ترك ابنه في البسطية وذهب للغداء تحدث هذا الرجل بهذه المفارقة دون ان يعي ما تحمله من مخاطر على الحياة وهذا بعض مما يحصل في تلك البسطيات..

كيف تتسرب الادوية..


لقد حاولت جاهدا ان اجد جوابا لهذا السؤال خلال اكثر من ساعتين قضيتها ما بين وزارة الصحة ومستشفى مدينة الطب ولم اسمع جواب سوى كلمة (ما ادري) والكل يخاف من المسؤولية عندما يجيب وكأن ذلك الحديث يعتبر من الاحاديث الممنوعة شبيه بالتحدث عن الاسرار العسكرية ليس في العراق طبعا بل في دول العالم.. ولكن وجدت ضالتي باحد المضمدين الذي كانت تجمعني واياه رحلة دراسية قبل سنوات حيث قال: ان بيع وشراء واستيراد وتوزيع الادوية بيد مافيا كبيرة لها يد طولى في كل الاتجاهات لا يستطيع احد التعرض او الوصول لها لان ذلك يكلف الطرد من الوظيفة وليس هناك مخلوق في هذه الظروف يستطيع المجازفة بمستقبله في قضية اضرارها اكثر من منافعها.. ويضيف ان موت الضمير هو السبب الاول يضاف الى ذلك غياب الرقابة ونحن نعرف ان من امن العقوبة ساء الادب وليس هناك اساءة ادب اكثر من سرقة دواء المساكين وبيعه عليهم مرة ثانية..

بعد العاشرة لا يوجد دواء

اصوات هنا وهناك بين اتهام ورد الاتهام .. بين تجاهل لشكوى وبين من يحاول ان يجد مبررا لتقصيره هذا ما وجدته في احد المراكز الصحية ومن اسباب ذلك الجو المشحون ان موظفة الصيدلية اعتادت وكما يؤكد المواطنون نساء ورجالا ومن خلال مراجعاتهم ان هذه الموطنة وبعد العاشرة تخبر المراجعين ان الدواء انتهى وحجتها بذلك ان هناك حصة يومية توزع لكل مركز صحي ولان المراجعين اكثر من الحصة المقررة.. هذا ما اخبرنا به المواطن ابو حسن الذي قال.. لا نعرف لمن نقدم شكوانا ومن يسمع تضلمنا.. هذا هو حال المركز الصحي ليس اليوم فقط بل كل يوم لا نجد دواء في الصيدلية وحتى ان وجد لا نستطيع الحصول عليه باكمله.

ابحث خارج المستشفى..

من المشاكل التي يتعرض لها المواطن هي الحوادث اليومية والتي تعددت وكثرت ما بين دهس وقتل او اصابة وتبدأ مأساة المواطن ليس في الحادث بل تبدأ عند دخوله المستشفى حيث يتعرض الى عدة اشكالات تبدأ بالفحص واذا تطلب الامر لجراحة عليه ان يشتري الدم والابر المضادة للالتهاب اضافة الى مادة التخدير وهذه المواد المذكورة هي من الاساسيات التي لابد وان تتوفر لكل من يتعرض للاصابة وحادث طارئي وكلها ونقصد المواد لا توجد في صيدلية المستشفى كان هذا المستشفى كبيرا او صغيرا في اوقات الليل او النهار حيث يطلب من المرافق للمصاب بجلب تلك المواد وشرائها من خارج المستشفى..

الهدية ولا تهدى

بالرغم من عدم وجود علامة تميز الادوية التابعة لوزارة الصحة اي التي قامت بشرائها واستيرادها الا ان هناك ما يثبت ان ادوية الصحة تباع في الصيدليات الخاصة. وهذا ما اكده المواطن فالح بجاي حيث قال.. قبل يومين طلب مني ابر ضد الالتهاب وبسبب خوفي من ترك ابني وحيدا في المستشفى طلبت مساعدة احد العمال (المنظفين) في الردهة ان يدلني على من يبيع تلك الابر مقابل (هدية) حيث سلمت مبلغا مضاعفا ومعه الهدية وبعد ان جلب تلك الابر وجدت عليها عبارة صغيرة (هدية للشعب العراقي من دولة..) اي ان هذه الادوية وغيرها جلبت هدية للشعب العراقي واخوتنا يتاجرون بها.

في الباب الشرقي

في ساحة الطيران بالقرب من النفق بسطية ادوية فيها كل ما يحتاجه المريض وهذه البسطية واحدة من البسطيات المنتشرة في الباب الشرقي في البداية سلمت على صاحب تلك البسطية واجابني بتكلف وكأنه اجبر على رد السلام سألته كيف تستطيع ان تميز الادوية وبما يتناسب مع المرض الذي يشكو منه المريض اجابني انا لست دكتورا وليست لي عيادة.. انا ابيع الدواء لمن يريد واصبحت لي خبرة في معرفة انواع الادوية.. اجابته شجعتني للسؤال عن الجهة التي تزوده بالدواء نظر لي متفرسا بوجهي وفي عينه عشرات الاسئلة.. لم يجب بل قال .. اخي تريد دوه لو لا؟

رأي اخر


المواطن احمد عادل يقول ان من يريد ان يقضي على هذه التجاوزات التي تهدد حياة الانسان وتبدد الملايين من الدولارات التي تدفعها الدولة العراقية لشراء الادوية نستطيع القول ان وزارة الداخلية قادرة على القضاء على هذه الظاهرة من القاء القبض على اصحاب البسطيات بحملة منظمة واجبارهم على الاعتراف بمصدر تلك الادوية والجهة التي تزودهم بتلك الادوية هذا لو كانت هناك نية في القضاء على ذلك؟

التسيب وغياب الضوابط


كثيرة هي الاسباب ومنها التسيب وغياب الضوابط التي تحدد مسؤوليات اصحاب المذاخر والمسؤولين عنها والحصص التي توزع على المستشفيات وافتقارها لليد الامينة اثناء التوزيع والخزن هذا ما يقوله الدكتور احمد رسول صايل

ويضيف ان عدم وجود ضوابط تحدد مسؤولية المحافظة على الادوية وقوانين تلزم المخالفين بعقوبات في حال وجود خلل في الية التوزيع.

كل هذا لم نجد للاسف بل نجد العكس وهو التسيب وتعدد مراكز القرار وتعدد الجهات التي تعقد الصفقات مع هذه الدولة او تلك..

وتبقى الادوية وشحتها في المستشفيات والمراكز الصحية مشكلة بل هما كبيرا يعاني منه المواطن العراقي..

وتبقى البسطيات منتشرة في شوارعنا واسواقنا وسوف تزداد مادامت هناك جهات تمدها بالادوية المسروقة من حصة المواطنين .. يبقى كل ذلك ولم ينتهي الا بقرارات حاسمة من قبل وزارتي الداخلية والصحة ونحن مع المواطن بالانتظار.
[/align]
[/align]