 |
-
التحالف البعثي السلفي والمهمة القذرة في العراق
محمد حسن الساري * - 11 / 3 / 2006م - 1:03 ص
لليوم الثاني على التوالي المجرمون مصاصو الدماء وقوى الظلام التكفيريون يستهدفون المدنيين العزل من أبناء الشعب العراقي...
حيث إنفجرت سيارة مفخخة في جنوب بغداد وأسفرت عن مقتل 23 قتيلا وأكثر من خمسين جريحا، وقتل ثلاثة عراقيين على إثر سقوط قذائف هاون على منازلهم كما قتلت إمرأة وجرح طفل أيضا بسقوط قذيفة هاون في بغداد.. يأتي ذلك بعد أقل من يوم من مقتل أكثر من عشرين مدنيا من المواطنين العراقيين في إنفجار سيارة مفخخة، كما قتل ثلاثة عراقيين وجرح عشرة آخرون في انفجار عبوة ناسفة وسط سوق شعبي في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد، وقال مصدر في الداخلية العراقية إن مسلحين مجهولين زرعوا العبوة الناسفة في وسط سوق للملابس وقد انفجرت في وقت الذروة واكتظاظ السوق بالتجار والمشترين...
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصدر رفيع في الشرطة العراقية أن أربعة من ضباط الشرطة قتلوا عندما هاجم مسلحون قافلة للشرطة في شمال العراق يوم الأربعاء كما جرح ثمانية آخرون.. وقتل خلال العام الأخير ما يزيد على ألف شرطي في تفجيرات إنتحارية وكمائن وحوادث إغتيال كما تنقل رويترز!
وخلال هذا المسلسل الدموي من القتل والإرهاب وتدمير مقومات الدولة ومنشآتها ومؤساستها تصل الهمجية الإرهابية للذروة بإستهدافها المقدسات الإسلامية، منتهكة بذلك كل المحظورات الدينية والأخلاقية والإنسانية، بصورة متناغمة مع الرسوم المسيئة الدانماركية، ضمن مخطط رهيب يستهدف وحدة الشعب العراقي وإزدهاره ومستقبله، وإشعال حروب طائفية ومذهبية لا تقف عند حد العراق بل تتعداه لتشمل المنطقة كلها..
يمكننا بتقصي المتضررين من نجاح العملية السياسية في العراق وصعود نجم الشيعة وأفول نجم آخرين ومن لهم مصلحة في ما يحصل في العراق من فوضى بناءة! أن نكتشف الجهة المتورطة في هذه العمليات الإجرامية، ولا نحتاج لمزيد من الأدلة لإثبات تورط التحالف الغير مقدس بين البعثيين القومجين والوهابيين السلفيين التكفيريين في ارتكاب هذه الجرائم التي فاقت كل الجرائم بما فيها الرسوم المسيئة! فكلاهما خاسرين من هذه التطورات، ومن المعروف أن صدام والبعثيين قد استقدموا ثلة من الانتحاريين السلفيين والقوميين إلى العراق قبل سقوط بغداد عام 2003م.
ورغم اتهام بعض الجهات السياسية التي تحسب على السنة للمغاوير وقوى وزارة الداخلية بالوقوف وراء إذكاء حرب طائفية في العراق حسب قولها، إلا أن من الواضح تماما أن هذه الأقوال والاتهامات لا تؤيدها القرائن والمواقف الهستيرية التي اتخذتها بعض الجهات والأحزاب السياسية المهزومة في الانتخابات التشريعية الفائتة، فما زلنا نذكر ذلك التهديد والوعيد الصادر من أقطاب جبهة التوافق بإحراق العراق وتدمير العملية السياسية بالسيف والسلاح، والاحتفاظ بحق الرد على تزوير النتائج حسب ادعائهم، وبذلك تكشف عن دعمها ووقوفها إلى جانب ما يسمى بالمقاومة!! وتكون تلك المجموعات المسلحة بمثابة جناح عسكري لها!
إن من يراقب تلك العمليات الإجرامية وكثافتها وأهدافها وخط سيرها بدقة يتضح لديه المخطط والأهداف الحقيقية للمجموعات المسلحة القتالية، وبإجراء مقارنة بسيطة بين قتلى الجنود الأميركيين وبين المدنيين من المواطنين نجد الفارق كبيرا جدا، ففي العام 2005م وصل عدد القتلى من الجنود الأميركيين إلى 844 أما في الجانب العراقي قتل 5713 عراقيا في العام نفسه بينهم أكثر من 4000 مدني حسب إحدى الإحصائيات التي نشرتها وزارة الدفاع، لكن تقدير عدد القتلى العراقيين أكثر صعوبة، ويختلف من إحصائية إلى أخرى. فحسب منظمة «إراك بودي كاونت» المستقلة، فإن هناك ما يقرب من 30 ألف عراقي قتل منذ بدء الحرب عام 2003. بينما عدد المقتولين من الجيش الأميركي لا يتجاوز الألفين منذ سقوط بغداد في العام 2003م حسب إحدى الإحصائيات، من هنا فنسبة القتلى الأميركيين إلى القتلى العراقيين تبلغ: 1 إلى 15 وهذه نسبة مرتفعة جدا وتكشف عن الثمن الباهظ الذي يدفعه العراقيون في سبيل مشروع دموي إرهابي عنيف لتحقيق مصالح فئة محدودة من العراقيين، كما يصب في مصلحة بعض دول الجوار التي لا ترغب في استقرار قريب للعراق كبعض دول الخليج، ويتضح من هذه الأرقام أن سلاح هذه المجموعات البعثية السلفية المتحالفة موجه بالدرجة الأولى لاستهداف بناء الدولة العراقية التي تقوم على مبدأ الحرية والديمقراطية وإعطاء الأغلبية الشيعية حقها التمثيلي في صياغة الدستور وفي سائر مؤسسات الدولة، ويبدو أن هذا الهدف الأساسي من وراء هذا الحمام الدموي في العراق!
إن من يتأمل في أدبيات تنظيم القاعدة الإرهابي يجد تناقضا كبيرا بين الرؤى والخطاب الإعلامي وبين الممارسة العملية، فقيادات التنظيم تدعي بشكل مستمر أن بندقيتها موجهة للكفار الأجانب المحتلين! وأنهم في موقف دفاع لا هجوم! وأن الرصاص يجب أن يصوب باتجاه الأميركيين والغرب ومن لف لفهم! لكن الإحصائيات والتقديرات فيما يخص ضحايا القاعدة يفضح هذا الإدعاء، حيث تقول إحصائية بأن 90% من ضحايا القاعدة هم من المسلمين، وأن ضحايا التنظيم من المسلمين بلغ أكثر من 36 ألف مسلم، 85% منهم من العراقيين! وليس مستبعدا أن تصل هذه النسبة لمستويات أرفع.. من هنا نجد هذا الاستنزاف الدموي الرهيب في العراق يثير شكوكا واستفهامات كبيرة عن أجندة هذا التنظيم وهذا التحالف الظلامي الخبيث بين التحجر والتزمت الديني وبين التعصب والفاشية القومية البعثية العنصرية الصدامية العفلقية!
لا يهمني هنا المخاوف والهواجس الطائفية أو العرقية بين الشيعة والسنة أو بين العرب والأكراد، إن ما يهمني هنا هو مسلسل القتل والإرهاب الدموي الذي لا يفرق بين طفل وكبير وبين رجل وأمرأة، ما يهمني هو أن يتوقف هذا المسلسل الدموي بأي طريق كان، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير هذه المذابح والتصفيات العرقية والطائفية، سواء كان القاتل مهزوما في معركة انتخابية أم لم يكن، فإن سفك الدماء هذا لا يمكن تبريره بأي حال.
إن قدر العراق أن يبقى ميدانا للتوتر والمذابح والتصفيات، ففي الوقت الذي تشكل فيه الشيعة الغالبية في العراق يشكل الإسلام السني السياسي نفوذا واسعا في محيطه، ويقع بمحاذاة صحراء قاحلة تشكل السنة الغالبية في دولها مثل السعودية وغيرها.. وتعتبر بعض دول الجوار الأكثر ضررا فيما لو نجح المشروع السياسي في العراق ونال الشيعة حقوقهم، خصوصا وأن فيها أقليات مذهبية مضطهدة، لذلك ففي اعتقادي أن هذه الأنظمة كما المؤسسة الدينية السلفية الحاكمة في السعودية يتحملان قدرا كبيرا من المسؤولية عن ما يحدث في العراق الجريح!!!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |