النتائج 1 إلى 7 من 7
  1. #1

    هكذا يفكر الامريكان

    الحلقه الاولى

    سنة العراق: ماذا تريدون بحق السماء ؟

    حتى زيارة قصيرة الى هذا الميناء العراقي الجنوبي تركتني مقتنعا اننا ندخل الان مرحلة النهاية. فالاقتراع العراقي القادم، في شهر اكتوبر(تشرين الاول)، حول الدستور الجديد، والاخر في شهر ديسمبر(كانون الاول) حول البرلمان الجديد، ستوضح للاميركيين ما اذا كان الاجدى البقاء، هنا ام لا، لفترة اطول.

    وبالرغم من كل الحماقات المحرجة لرامسفيلد، فالعراق في نهاية الامر، سيصبح دائما ما يقرره العراقيون له. والأغلبية العراقية ـ الشيعة والأكراد الذين يمثلون 80 في المائة من سكان هذا البلد ـ عرضوا وجهة نظرهم. يريدون عراقا غير مركزي ويسمح لكل من تكويناته الطائفية والعرقية بإدارة شؤونها وثقافتها ـ بدون الخوف، مرة اخرى، من الوقوع تحت سيطرة، والتجريد من انسانيتهم بواسطة نظام أقلية سني في بغداد مدعوم بسلاح النفط. وبنفس الاهمية فقد اوضح الاكراد والشيعة عدم رغبة في اطلاع السنة كيف يعيشون وسيقدمان لهم جزءا من عائدات النفط ويحافظان على هوية العراق العربية. ولذا فنحن نعرف نوعية الاغلبية التي يريدها كل من الاكراد والشيعة، والسؤال الان هو ما نوعية الاقلية التي يريدها السنة. هل يريدون ان يصبحوا مثل الفلسطينيين ويقضون المائة عام القادمة يحاولون تحريك العالم العربي والإسلامي لتغيير مسار التاريخ، واستعادة «حقوقهم» لحكم العراق كأقلية، وهي خطوة ستدمرهم وتدمر العراق، أم يريدون احتضان المستقبل؟ اعرف ان السنة يشعرون بالرعب من نفوذ ايران في الاقليم الجنوبي، ولكن كما سيقول لك البريطانيون الذين يديرون منطقة البصرة، فشيعة العراق مهووسون بخوف الوقوع تحت سيطرة ايران. وبالرغم من العلاقات الثقافية والتجارية المتزايدة مع ايران، فهم ينتمون للعراق اولا. ويمكن دعم هذا الاتجاه فقط اذا ما احتضن السنة الدستور الجديد وسمحوا لواشنطن بمنح السنة قطعة اكبر من الحصة.

    يقول مسؤول اميركي كبير في بغداد: «لدينا الكثير من المصالح المتداخلة مع سنة العراق». ففي المراحل الاخيرة من مفاوضات الدستور في العراق، كان السفير الاميركي الموهوب في بغداد زالماي خليل زاد، يتصرف كمحام للسنة في التعامل مع الاكراد والشيعة. المشكلة هي ان السنة لم يعرفوا متى يقولون نعم «هذا يكفي»، وشعرت أميركا بالإرهاق من مطالبتهم بحجم اكبر مما يستحقون.

    هل يدرك السنة العراقيون مصالحهم، وهل للعالم السني أي مرجعية أخلاقية ؟ حتى الان وقف العالم العربي السني صامتا، بينما البعثيون والجهاديون السنة في العراق يمارسون ما يمكن تسميته «تطهيرا اثنيا»: قتل المدنيين الشيعة بأعداد كبيرة لأنهم شيعة فحسب، على أمل استعادة النظام الذي كان يهيمن عليه السنة في العراق وهو ما لا يمكن فعله. وقد صدرت مؤخرا فتوى ضد لاعبة تنس هندية مسلمة تدينها لارتدائها تنورة قصيرة، ولكن لم تصدر أي فتوى من رجال الدين السنة تدين مذابح الزرقاوي بحق الأطفال والمعلمين الشيعة العراقيين.

    لقد بدأ بعض السنة الشجعان برفع أصواتهم. وكتب عبد الرحمن الراشد في صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية ان «احدى الظواهر الأكثر غرابة في الوقت الحالي هي رفض الحكومات العربية ادانة الأعمال الارهابية في العراق أو مواساة الضحايا». وأضاف قائلا «خذوا آخر المذابح حيث فقد ما يزيد على 200 عراقي أرواحهم خلال يومين.. لم ترفع حكومة عربية صوت ادانة، على الرغم من ان معظمها اعترض بشدة عندما أخفق الدستور العراقي الجديد ان يشير الى ان العراق جزء من الأمة العربية. لقد كان الموقف العربي الرسمي تجاه العراق يفتقر الى الارادة على الدوام». ولهذا نحن نترنح في العراق اليوم، ويعود أحد أسباب ذلك الى افتقار فريق بوش الى الكفاءة، وكذلك بسبب الفراغ الأخلاقي في العالم العربي السني. وقد يكون المتشائمون الأوروبيون على حق، وقد يكون الجيران بعيدين عن التحول، وسيصبح ذلك جليا في الشهور القليلة المقبلة حيث نرى على وجه التحديد أي نوع من الأقلية يريد السنة ان يكونوا. فإذا ما غيروا موقفهم فان حصيلة متواضعة في العراق ما تزال ممكنة، ويتعين علينا أن نبقى للمساعدة على بنائه. وإذا لم يحصل ذلك فإننا سنضيع وقتنا. يتعين علينا أن نسلح الشيعة والأكراد ونترك سنة العراق يحصدون الريح. يجب ان لا نلقي بمزيد من أرواح الأميركيين الطيبين من أجل أناس يكرهون الآخرين أكثر مما يحبون أطفالهم.

    * خدمة نيويورك تايمز

    عبد الله

  2. #2
    الحلقه الثانيه

    وصفة سحرية للعراق

    لا، لا، ليست مزحة تتعلق بواقعة الصيد. هذا امر جدي: العراق يتجه بلا هدف، إن لم يكن نحو حرب أهلية فنحو شلل سياسي. وإذا لم يتمكن العراقيون من التوصل الى تشكيل حكومة وحدة وطنية فاعلة الآن، فيمكن لاميركا التطلع نحو رعاية هذا الشلل المتسم بالعنف في المستقبل.
    لقد حان الوقت، اذا ما اردنا تجنب ذلك، لبعض التفكير والتصرف الدرامي. ولتوضيح ذلك: ليس الوقت مناسبا لترك الولايات المتحدة للعراق، ولكنه مناسب للتهديد بمغادرة العراق.

    فعندما كان العنف منتشرا في العراق، مع تقدم الموقف السياسي بطريقة متعثرة، كان من الممكن الايمان بإمكانية التوصل الى نتيجة مرضية. ولكن عندما يزداد العنف في العراق، مع قتل المنافسين العرقيين والدينيين لبعضهم البعض والخلافات السياسية التي لا تنتهي، لا يوجد من مبرر للتفاؤل. ولا يمكن احتجاز القوات الاميركية رهينة لفكرة انتشار الحرب الاهلية في العراق اذا ما غادرنا. ويواجه العراق الان حربا اهلية صغيرة، واذا ما كان مصمما على اشعال نيران حرب اهلية كبيرة، فأفضل ان تجري بدوننا. ولكن نحن في حاجة للقيام بتحرك كبير اخير للعثور على بديل. على فريق بوش التوقف عن ابلاغنا ان وسائل الاعلام لا تنشر الاخبار الجيدة في العراق. هذا هراء. وعليها التوقف عن التصرف مثل المشاهد لأحداث تتبلور امامه، وقيام كل من وزيري الخارجية والدفاع برحلات قصيرة ثم يختفيان. لقد حان الوقت، لهذه الادارة، للتفكير في تحمل مسؤولية نتائج هذه الحرب، وليس مجرد تحميل المؤسسة العسكرية للمسؤولية.

    لا يوجد حل عسكري. يوجد فقط حل سياسي، ويتطلب دبلوماسية على مستوى عال لتحقيقها.

    نحن في حاجة لتجميع كل القيادات العراقية المنتخبة لمؤتمر للمصالحة العراقية خارج بغداد. ويجب علينا حبسهم في غرفة وعدم السماح لهم بالخروج الى ان يتوصلوا الى حكومة وحدة وطنية، او يفشلوا في تشكيل تلك الحكومة، وفي تلك الحالة نشير الى ان الوقت قد حان للاستعداد للرحيل.

    ويجب طرح الاختيارين للعراقيين بطريقة صريحة ومتشددة، عن طريق اكثر المسؤولين الاميركيين فظاظة وهمجية وعصبية وهو ديك تشيني.

    لقد لعب ريتشارد هولبروك هذا الدور في انهاء الحرب الاهلية في البوسنة في مؤتمر دايتون للسلام، وربما يمكن لتشيني القيام بنفس الدور بالنسبة للعراق، بمساعدة من سفيرنا الموهوب في بغداد، زلماي خليلزاد. نحن في حاجة الى دايتون عراقي ـ الان. ونحتاج الى رجل سيئ حقا للقيام بهذا الدور.

    ويمكن لتشيني ان يفتتح الاجتماع بصوته الخفيض بإبلاغ السنة: «انتم لا تريدون التسوية، حسنا. سنترككم، اذن، لتواجهوا رحمة الشيعة الذين يزيدونكم عددا الى حد كبير». وسيخاطب الشيعة: «أنتم تريدون أن تحكموا العراق وتهيمنوا على النفط بدون اعتبار حقيقي للسنة ؟ حسنا، انكم ستحكمون في ظل غليان وتفجر، ما لم تتجهوا الى التسوية».

    ويمكن ان يقول للأكراد: «لقد تصرفتم على نحو أكثر مسؤولية. تمسكوا بهذا النهج. واذا ما تمزق العراق فسنبقى على رعايتكم. لن نتجاهل حقيقة أنكم أقمتم مجتمعا يتبع قواعد الديمقراطية في منطقتكم». وبعد ان يلفت انتباههم، يمكن ان يبدأ تشيني هز رؤوسهم حول القضايا الأساسية:

    أولا، على الائتلاف الشيعي أن يقدم مرشحا جديدا لمنصب رئيس الوزراء مقبولا من جميع الأطراف.

    ثانيا، يتعين اعادة النظر بالدستور حتى لا يشعر السنة بأن الأكراد والشيعة يستولون على حصصهم من العراق سوية مع الموارد النفطية.

    ثالثا، يحتاج السنة الى تقديم خطة جديرة بالثقة لإنهاء تمردهم.

    رابعا، يتعين على الأطراف الاتفاق على حكومة مصغرة تتمثل فيها كل الأطراف، التي ستتخذ القرارات الأساسية بالتنسيق مع رئيس الوزراء الجديد.

    خامسا، يتعين على هذه الوزارة المصغرة ان تعد خطة لحكم العراق من المركز، وليس من أي طرف بمفرده. ويمكن أن يتوصل تشيني الى الخلاصة فيقول: «استوعبوا ما أعني. فهذه هي المتطلبات الأدنى لإقامة حكومة مقبولة في العراق. وإذا ما أسرع العراقيون فان الأميركيين سيبدون رغبتهم في تحمل المشقة. وإذا لم يسرع العراقيون فان الأميركيين سيرغبون في الانسحاب. ان الشعب الأميركي مستعد للعب دور القابلة لديمقراطيتكم، ولكن ليس دور المربية لحربكم الأهلية».

    تشيني، هذه لحظة تألقك امام الكاميرا. ان العراقيين يتميزون بالصعوبة والتفرق. لديك الوقت والوسيلة للتعامل معهم. وسيكونون جادين اذا كنت حاضرا معهم. ولكن اجلب معك بندقيتك من باب الاحتياط. فهذه مهمة جيدة لشخص لديه هدف سيئ.

    * خدمة «نيويورك تايمز»
    عبد الله

  3. #3
    الحلقه الثالثه

    ملف بغداد طهران واشنطن : حتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال ..!

    اصدر البيت الابيض احدث نظرياته حول استراتيجية الامن القومي اول من امس، فحددت ايران باعتبارها «اكثر البلاد خطرا» على الولايات المتحدة اليوم. الا ان التقرير لا يقول لنا ما يجب علينا القيام به بخصوص ايران. ولكن فيما يلي ما اتصوره: ان اكثر الاشياء إثارة للخوف والرعب التي يمكننا القيام بها ضد ايران ـ فيما عدا هجوم مباشر ـ هو الخروج من العراق.
    اما ثاني اكثر الاشياء اثارة للخوف والرعب تجاه ايران هو النجاح في العراق. أما اسوأ شيء يمكننا القيام به لجعل الايرانيين اكثر الشعوب سعادة، هو استمرار النزيف في العراق، ورعاية الركود هناك. وباختصار، بما اننا لن نغزو ايران، فإن افضل طريق نؤثر بها على الاحداث هناك هو ما نفعله في العراق.

    دعوني أفسر الأمر: أنا لا اؤيد الانسحاب من العراق اليوم، ما دامت هناك فرصة لنتائج جيدة. ولكن اذا انسحبنا من العراق، فسيؤدي ذلك الى تعقيد الحياة فيه. فهناك العديد من الكلام الرخيص بأن ايران هي المستفيد الاكبر من الغزو الاميركي للعراق. لا تصدق ذلك تماما. مئات السنين من تاريخ بلاد ما بين النهرين توضح لنا ان العرب والفرس لا يتفاهمون جيدا.

    وفي الوقت الراهن، فإن العداوة الطبيعية والتنافس بين العراقيين العرب والإيرانيين الفرس، بالرغم من انتماء اعداد كبيرة من ابناء البلدين للطائفة الشيعية، قد انكمشا بسبب الاحتلال الاميركي في العراق. لان الجانبين يمكنهما تركيز غضبهما علينا.

    ولكن فور انسحابنا فإن العداوة الطبيعية بين العراقيين والفرس ستظهر مرة اخرى على السطح.

    الثقافة والتاريخ والوطنية قضية مهمة. فإيران والعراق لم يتقاتلا لمدة 8 سنوات بطريق الخطأ، او لأن صدام كان في السلطة. وفور انسحاب اميركا من العراق، لن تكون هناك ورقة استراتيجية رابحة، بالنسبة لأي سياسي عراقي، لكي يعرف بأنه «موال لإيران» او أداة لطهران باعتبار ذلك أكثر أو أكبر سوءا.

    والى ذلك، فإذا ما خرجنا من العراق اليوم، وكان على ايران السيطرة على الفوضى على حدودها، فسيتحول ذلك الى استنزاف كبير للطاقة الايرانية. فالعراقيون، للذين لا يعلمون، لديهم نزعة نحو العنف والاستقلالية. وأي شخص يعتقد ان العراق هو فاكهة ناضجة ستسقط في حضن ايران فور مغادرتنا، خاطئ، فلم ينتظر الشيعة العراقيون عدة قرون لحكم العراق من اجل تسليمه الى الفرس الايرانيين الشيعة.

    ففي كتابهما حول الغزو الاميركي للعراق بعنوان «كوبرا 2» يقول مايكل غوردون وبيرنارد ترينور إن محاولة ردع إيران هي السبب وراء استمرار صدام حسين في تضليل العالم حول حقيقة اسلحة الدمار الشامل، حتى عندما لم يكن لدى العراق مخزون من هذه الاسلحة. وكان كل من العراق وإيران قد استخدم الغازات السامة ضد بعضهما خلال الحرب السابقة بينهما، ولم يكن صدام يريد ان تدرك ايران انه لم تعد لديه غازات سامة. وأشار غوردون وترينور الى تعليق لمدير الاستخبارات العراقية السابق خلال استجوابه بعد الحرب قائلا: «لم يكن اهتمامنا موجها الى قوات التحالف. كان اهتمامنا مركزا في الأساس على ايران وتركيا، فالجوانب الجيوبوليتيكية ذات طابع محلي بحت هنا».

    يضاف الى ذلك ان الولايات المتحدة اذا خرجت من العراق، وإذا وجهت ضربات جوية للمنشآت النووية الايرانية، فإن ايران لن تستطيع ان توجه ضربة انتقامية بتوجيه صواريخها صوب أي تجمع ضخم للقوات الأميركية بالمنطقة، وذلك في حد ذاته سيمنح واشنطن حرية التعامل مع التهديد النووي الايراني.

    الشيء الوحيد الذي يثير مخاوف ايران اكثر من احتمال خروج الولايات المتحدة من العراق، هو نجاح واشنطن في العراق. فقد اجريت انتخابات عامة مرتين في العراق مع حرية الترشيح والانتخاب، مقاربة بإيران، حيث يسمح بالترشيح للأشخاص الذين يصادق عليهم المحافظون. للعراق صحافة حرة مزدهرة، فيما يقمع رجال الدين في ايران منتقديهم.

    كلما ثبت الشيعة اقدامهم في العراق، من خلال العملية الديمقراطية، تساءل الشيعة الايرانيون عن السبب في عدم حصولهم على نفس الحقوق التي يتمتع بها جيرانهم الشيعة العراقيون.

    يضاف الى ذلك ان الأماكن المقدسة الرئيسية لدى الشيعة ليست في ايران، وإنما في العراق. فكلما انتعشت وازدهرت المراكز الدينية الشيعية رأى رجال الدين الايرانيون تدهور وتراجع نفوذهم، خصوصا في ظل تمسك غالبية الشيعة العراقيين، ممثلين بآية الله علي السيستاني، بمبدأ بقاء رجال الدين بعيدا عن السياسة.

    لذا، فإن الخروج من العراق سيكون استراتيجية فاعلة ضد ايران. وسيكون افضل منها تحقيق النجاح في العراق. اما الاستراتيجية التي لن تحقق أي نوع من النجاح وتصب في مصلحة ايران، فهي بقاء القوات الاميركية في العراق واستمرار عدم الاستقرار على نحو تصبح فيه القوات الاميركية هدفا لغضب واستياء الكثيرين، بما في ذلك الغضب الموجه عادة الى طهران.

    * خدمة «نيويورك تايمز»

    عبد الله

  4. #4
    الحلقه الرابعه

    حين تقول لك الأحداث: العراق على المحك

    اصبح مستقبل العملية الاميركية بأكملها في العراق على المحك مع دخول الحرب مرحلة خطيرة جديدة من العنف الوحشي المعتمد على الهوية، بين السنة والشيعة. وأذكر أني وفي اواخر السبعينات، كنت اغطي لحظات مماثلة في لبنان، والأمر الذي تعلمته كان ما ان ينطلق مثل هذا السم، بقتل اعضاء الطوائف المختلفة بعضهم البعض اعتمادا على الهوية الدينية، حتى يتسمم كل شيء. وتدخل الامور مرحلة تتعدى السياسة، مرحلة يسيطر فيها الخوف والانتقام على تفكير الجميع، وذلك هو عين الذي يتجه اليه العراق.

    لقد كتب جيفري غتلمان يوم الاحد الماضي في هذه الصحيفة عن محمد العزاوي، وهو سني هادئ الطبع يملك محلا لبيع الحيوانات الاليفة في بغداد، وقد اختطفوه من محله ليعثر عليه مقتولا في اليوم الثاني. وكان جسده مغطى بالكدمات، ووجهه وساقاه بهما ثقوب من آلة تثقيب، فيما أشارت القصة الى ان شقيقه حسان يحمل صور التشريح ومسدس معه وقال: «لا أستطيع الحياة بدون انتقام».

    والى ذلك، وحين تتأصل مثل هذه الاحداث يصبح من المستحيل كسر دائرة الخوف والانتقام. ويتوصل الناس الى نتيجة مقتضاها ان الامر الوحيد الذي يحميهم هو مليشيات من طائفتهم، وليس الشرطة او الجيش. وعندئذ تتخذ هذه المليشيات، التي ظهرت اساسا لحماية الحي، شكلا جديدا تبدأ معه في تشكيل عصابات للحماية، ومن ثم ينمو الشعور بإثارة القوة، وكما يحدث دائما، يبذلون كل ما في وسعهم لمنع الحكومة من استعادة سلطتها.

    وأخيرا وكما لاحظت هيئة الاذاعة البريطانية في تقرير من بغداد، ان بعض السياسيين العراقيين توصلوا الى نتيجة بأنه في امكانهم «الحصول على مزيد من النفوذ والقوة عن طريق تشكيل ولاءات طائفية اكثر من الدعوة الي الوحدة الوطنية». وعندما يقرر السياسيون امكانية تحقيق التقدم عن طريق التركيز على اثارة مشاعر الخوف بدلا من الامل، تتبخر المصالحة الوطنية.

    وقدمت مدونة في بغداد، تطلق على نفسها اسم Mesopotamian نقل عنها موقع اندرو سوليفان، وصفا حيا للحي الذي يعيش حالة من «التشويش والنزاع بين الاميركيين والجيش ووزارة الداخلية، مما يؤدي الى موقف يجعل المواطن لا يعرف ما اذا كان رجال الامن في الشوارع من الاصدقاء ام من الاعداء او من الارهابيين، او مجرد مجموعات من اللصوص والمجرمين. الجميع يرتدي نفس الزي. قطاعات من المدينة سقطت بأكملها تقريبا في يد العصابات والإرهابيين، وينطبق ذلك بصفة خاصة على الاحياء السنية. الناس والأعمال تتعرض للسرقة ويجري اختطاف مجموعات من العاملين في وضح النهار وبسهولة تامة كما لو ان قوات الامن غير موجودة، بالرغم من رؤيتنا لهم في كل مكان. لا اعرف ما الذي يجب فعله لإنقاذ الموقف. ولكن وعلى الاقل، يجب على هؤلاء الذين يتولون مناصب مسؤولة التوقف عن الكذب وتقديم صورة زائفة عما يحدث. ويؤسفني الظهور بمظهر المتشائم، ولكن يجب قرع اجراس الانذار لأن الذي يحدث في بغداد امر في غاية السوء».

    ويذهب تقديري الى أن قرار دونالد رامسفيلد بعدم نشر قوات كافية في العراق هو الذي تسبب في ايجاد هذا الفراغ الأمني. إلا ان طبيعة العدو الذي ظهر للاستفادة من هذا الفراغ، وهم جماعات التمرد السني، فاقمت ايضا من حالة الاضطراب وعدم الاستقرار. وهي في الأصل جماعات بينها قاسم مشترك يتمثل في إفشال أي جهود للولايات المتحدة وحلفائها العراقيين، وعدم السماح لهم ببناء العراق وتحويله الى مجتمع ديمقراطي على النمط الغربي. وعندما تكون المواجهة مع عدو هدفه الرئيسي العمل على إفشال مهمتك، ولا يأبه اصلا بحجم القتل والدمار الذي يمكن ان يحدثه وسط شعبه، يصبح من الصعب العمل على إقرار وبسط النظام.

    ابدى الشيعة العراقيون قدرا كبيرا من ضبط النفس في مواجهة حملات القتل الدموية من جانب العصابات التي استهدفتهم خلال الأعوام الثلاثة السابقة، إلا ان ضبط النفس هذا لم يعد موجودا. فمن الواضح الآن ان بعض الميليشيات الشيعية باتت على استعداد لمجاراة جماعات القتل السنية، وهكذا بدأ الانزلاق الى بربرية العصور الوسطى.

    لا تصدقوا احاديث فريق بوش المتفائلة. لا يهم اذا كان العراق هادئا في الجنوب او في الشمال. فاذا كانت بغداد، قلب البلاد، ممزقة، فليس هناك عراق، لأنه ليس هناك مركز.

    هناك امل واحد فقط لوقف هذا الانزلاق يتلخص في تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية فورا من السنة والشيعة والأكراد ونشر أعداد كبيرة من قوات الشرطة والجيش العراقي والقوات الاميركية في الشوارع للحيلولة دون حدوث الاغتيالات لأسباب عشائرية. اذا لم يجر تشكيل حكومة وحدة وطنية فورا، وإذا نجح هؤلاء القتلة في الترويج لحالة الفوضى وعدم الاستقرار، فسيتبدد الأمل في بناء عراق مزدهر وآمن ومستقر.

    *خدمة «نيويورك تايمز»
    عبد الله

  5. #5
    الحلقه الخامسه
    عراق رايس ورامسفيلد: دخول التاريخ بطريقة رخيصة

    من الصعب ان يعرف الشخص ما اذا كان عليه ان يضحك او يبكي، عندما يقرأ عن المشاحنة التي حدثت بين وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، حول ما اذا كانت الولايات المتحدة قد ارتكبت أي أخطاء «تكتيكية» في حرب العراق؟

    الحكاية، للذين لم يسمعوا بالمشاحنة، التي حدثت بين كوندوليزا رايس ورامسفيلد، هي ان كوندوليزا قالت لصحافيين في بريطانيا، نهاية الاسبوع الماضي، انها «تدرك ان الولايات المتحدة ارتكبت آلاف الأخطاء التكتيكية»، لكنها قالت ايضا ان إطاحة صدام حسين من السلطة ستظل، في نظر المؤرخين مستقبلا، قرارا استراتيجيا صحيحا.

    جاء رد دونالد رامسفيلد على تعليق كوندوليزا رايس، خلال حديث اجراه معه راديو WDAY في فارغو بولاية نورث داكوتا يوم الثلاثاء، حيث قال: «بصراحة، لا أعرف عن ماذا تتحدث وزيرة الخارجية»، ثم اوضح مستخدما حديثا لا معنى له ولا رابط بينه قائلا: «اذا كان هنالك وضع راكد وأخطأ الشخص في كيفية التعامل مع ركود الوضع، فإن هذه قضية. المسألة هنا ليست وضعا راكدا وإنما هنالك وضع متحرك ونشيط، وهناك عدو يفكر ويستخدم ذهنه ويكيف نفسه على نحو مستمر، ولذلك ينبغي على قادتنا العسكريين ان يحرصوا على التكيف التكتيكي باستمرار».

    ترى، من اين يمكن ان نبدأ؟

    أولا، اخطأت كوندوليزا رايس عندما قالت ان أخطاء فريق بوش في العراق كانت تكتيكية صرفة، إذ تحت توجيهات رامسفيلد نفسه، ارتكب هذا الفريق خطأ استراتيجيا كبيرا بعدم نشر قوات عسكرية كافية للسيطرة على حدود العراق وملء الفراغ الأمني، الذي تسببت في وجوده الولايات المتحدة بإطاحة نظام صدام حسين، وهو فراغ امني ملأه منذ إطاحة صدام اللصوص والنهابون وقاطعو الرؤوس من أفراد الميليشيات الطائفية والعصابات.

    حقيقة ما وصلنا اليه في العراق حتى اليوم يمكن تلخيصه في الآتي: بعد ثلاث سنوات من الحرب وإنفاق ما يزيد على 300 مليار دولار وآلاف الضحايا من الاميركيين والعراقيين، ليس هناك حتى الآن حكومة عراقية او جيش عراقي يمكنه العمل من دون مساعدة القوات الاميركية. وحتى اذا تشكلت في نهاية الأمر حكومة وحدة وطنية عراقية، ليس من الواضح بعد ما إذا كانت ستتمكن هذه الحكومة من إخراج العراق من طريق الانزلاق في الطائفية ونزاع الميليشيات. كما لم يعد يعرف احد ما اذا كان العراقيون في القوات النظامية يعملون للدولة أم يعملون لصالح الميليشيات.

    وكان صاحب موقع خاص عراقي على شبكة الانترنت، قد اورد انه رأى خلال مشاهدته قناة تلفزيون عراقية اعلانا يقول: «تطلب وزارة الدفاع من المدنيين عدم الانصياع لتعليمات دوريات الجيش والشرطة في الأحياء السكنية، إلا اذا كانت مصحوبة بأفراد من قوات التحالف العاملة في المنطقة». ويقول الكاتب ان هذا يعني ان كثيرا من قوات الأمن العراقية «ميليشيات تدين بالولاء لأحزاب سياسية ودينية».

    وباعتباري من الاشخاص الذين يعتقدون بأهمية تطوير سياسات تقدمية في العراق، في قلب العالم العربي، يؤلمني قول ذلك، ولكننا نعاني من متاعب حقيقية هناك.

    وبعض النقاد يعتبرون الهدف من غزو العراق هو النفط. وهم على خطأ كبير. الامر اكثر جنونا ـ ونبلا ـ من ذلك. فالمنطقة لم تعرف الا التعليمات: القوى الاستعمارية، ثم النظم الديكتاتورية، التي تتحدث بطريقة فوقية الى شعوبها، مدعومة بيد حديدية.

    وما نحاول تقديمه في العراق هو امر لم يسبق له مثيل، اول حوار افقي من اسفل الى اعلى بين جماعات منتخبة لدولة عربية. وما تشاهدونه في العراق اليوم هو الحوار الافقي، بين الشيعة والأكراد والسنة، وهي مجتمعات لم يسمح لها بتطوير عقدها الاجتماعي ـ بحيث لا يحكمون من الاعلى، بيد حديدية.

    وإذا ما تمكن شيعة وسنة وأكراد العراق من صياغة عقدهم الاجتماعي، لأصبحت الديمقراطية ممكنة في هذا الجزء من العالم. اما اذا لم يتمكنوا من التوصل لذلك، فذلك يعني انتشار النظم الديكتاتورية على مد البصر. وبما ان عدة عقود من هذا النوع من السياسات هي التي تسببت في الامراض التي ادت الى 11 سبتمبر، فإن ذلك سيصبح امرا مؤسفا.

    من هنا فان مهمتنا هي تنفيذ الشيء الصحيح: توفير البيئة الآمنة بحيث يمكن للعراقيين تحقيق الحوار المنطقي والسلمي والأفقي، وهو صعب اذا ما وضعنا في الاعتبار تركة الخوف من سنوات حكم صدام. لقد فشلنا في ذلك، لان رامسفيلد رفض نشر قوات كافية. وقد اتخذ رامسفيلد هذا القرار لأنه، اذا ما اطلعت على كتاب «كوبرا 2» لمايكل غوردون وبرنارد ترانور عن تاريخ الحرب العراقية، فإنه كان مهتما اكثر بإحداث تحول في البنتاغون اكثر من اهتمامه بإحداث تحول في العراق. ولم يكن مستعدا على الاطلاق بتخصيص الموارد العسكرية، التي لم يسبق لها مثيل لمهمة العراق التي لم يسبق لها مثيل. وقد صادقه كل من بوش وكوندوليزا رايس وديك تشيني.

    لقد حاولوا دخول التاريخ بطريقة رخيصة، ولكن لا يمكنك تقرير النهايات بدون تقرير الوسائل. هذه النظرية الاستراتيجية 101، وإهمالها ليس مجرد«خطأ تكتيكي» فقط.

    * خدمة «نيويورك تايمز»


    عبد الله

  6. #6

    هكذا يفكر الامريكان

    من يفهم الشرق الأوسط؟

    خلال شرب فنجان من القهوة التركية، خلال زيارتي الى دمشق، التقطت نسخة من صحيفة «سيريا تايمز» الصحيفة السورية باللغة الانجليزية، ووقعت عيناي على اطار صغير في اعلى الصفحة الاولى. «الشرق الاوسط عشية الحداثة. الصفحة الخامسة».

    وفكرت: يا لها من طريقة جيدة لوصف الشرق الاوسط اليوم ـ العودة الى عصر ما قبل الحداثة؟ وللأسف لم تكن صحيفة «سيريا تايمز» تحاول السخرية. فقد تبين ان العنوان كان عنوان كتاب عن حلب في القرن الثامن عشر، ولكن لو كان عنوانا اخباريا لكان مناسبا.

    ولا بد ان كوندوليزا رايس كانت مصابة بحالة حادة من دوار الطيران، عندما قالت ان ما يحدث في لبنان والعراق اليوم هو «مخاض اعادة ميلاد الشرق الاوسط القديم، يشعله النفط والمزيد من الاسلحة التدميرية.

    وبعض المشاعر البدائية والقبلية، التي تتأجج تحت السطح هنا ـ الشيعة في مواجهة السنة واليهود في مواجهة المسلمين واللبنانيون في مواجهة السوريين ـ التي كان تتم عادة السيطرة عليها من الدول الحديثة او روابط الثقافة، صعدت الان الى السطح.

    ولا يوجد ما يمكن ان تفعله لشخص ما في الشرق الاوسط اليوم، فلا يوجد قائد او حركة ـ لا نيلسون مانديلا ولا مسيرة مليون أم ـ تتبلور في المنطقة، لوقف هذا الجنون.

    واعني الجنون. لقد شاهدنا السنة ينفذون عمليات انتحارية ضد مسجد شيعي في العراق، في شهر رمضان وشاهدنا ميليشيات شيعية تعذب سنة في العراق بغرز مثقاب في رؤوسهم، وشاهدنا برلمانيين اردنيين يعزون في الارهابي ابو مصعب الزرقاوي، بالرغم من انه فجر حفل زفاف اردني، وشاهدنا مئات من الانتحاريين الفلسطينيين ينفذون عمليات في المقاهي الاسرائيلية والحافلات. وشاهدنا الاسرائيليين ينتقمون، في بعض الاحيان، بتدمير مبان بأكملها، بالابرياء والمذنبين فيها.

    والان شاهدنا زعيم حزب الله حسن نصر الله، يدفع لبنان بأجمعه الى حرب مدمرة بلا مبرر مع اسرائيل، لمجرد تحسين موقفه السياسي ورفع الضغوط عن ايران.

    ويجب على اميركا دفع قوى النظام ـ اوروبا وروسيا والصين والهند ـ للتحالف ضد هذه الاتجاهات. ولكن لا يمكننا ذلك. لماذا؟ يرجع ذلك، جزئيا، الى ان رئيسنا ووزيرة خارجيتنا، بالرغم من حديثهما بوضوح اخلاقي عظيم، ليست لديهما أي سلطة اخلاقية، التي تدمرت بسبب ادائهم في العراق.

    ويكره العالم الرئيس جورج بوش اكثر من أي رئيس اميركي آخر. فهو حبيس اساره الايديولوجي، الى درجة انه لم يعد قادرا على تخيل او صياغة استراتيجيات بديلة.

    من ناحية اخرى، ايضا يكمن السبب في ان كلا من الصين وأوروبا وروسيا اصبحت مستفيدة من قوة الولايات المتحدة، إذ انها تجني أرباحا طائلة من نظام ما بعد الحرب الباردة الذي صاغته الولايات المتحدة، لكنها بدلا عن ان تصبح دولا شريكة في هذا النظام تساعد على تحديد ورسم خطوط هذه النظام، باتت تتوارى وتهمهم وتتحدث على نحو غير مفهوم او تبرم اتفاقاتها بنفسها.

    هذا الوضع لا يساعد في الاستقرار العالمي. فالميليشيا الدينية، التي تطلق على نفسها «حزب الله» تفرض سيطرتها على دولة وتجرها الى حرب، مستخدمة صواريخ متطورة، والعالم في حالة شلل. الذين يتجاهلون هذا الجنون سيجدونه يوما قد اقترب منهم.

    إلا ان هذا الجنون نشأ محليا. كنت اجلس يوما خلال زيارتي الاخيرة الى سورية مع بعض الكتاب السوريين الشباب واستمعت الى نقاش دار بين شابة ترتدي ملابس انيقة كانت تتحدث عن رغبتها في زوال اسرائيل وكاتب آخر يعتقد ان حسن نصر الله كارثة على العرب، وشارك في النقاش ايضا صحافي عربي تحدث عن «الكرامة» و«الفخر»، الذي يشعر بهما العرب بسبب مواجهة حزب الله عسكريا لإسرائيل.

    متى يكف العالم العربي والإسلامي عن ان يستمد «كرامته» من محاربة اسرائيل، ليستمدها بدلا عن ذلك من بناء مجتمع يحسده الآخرون واقتصاد يجد احترام الآخرين واختراعات وتقدم في المجال الطبي يستفيد منه الآخرون؟

    لن يكون هناك شرق اوسط جديد ما دام هناك انصار للشرق الاوسط الجديد، مثل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري يتعرضون للاغتيال، وما دام هناك انصار للشرق الاوسط القديم مثل حسن نصر الله يستخدمون كل دهائهم لإشعال شرارة حرب عربية ـ اسرائيلية جديدة بدلا عن بناء جامعة عربية جديدة. ولن يكون هناك شرق اوسط جديد ما دامت وسائل الإعلام العربية والمفكرون العرب لا يزالون يرفضون التحدث علنا وبصوت عال ضد الذين يشجعون شبابهم للشهادة بدافع الحماسة والحمية، بدلا عن تعزيز الثقافة العربية بالحداثة.

    بدون ذلك سنضيع وقتنا وسيضيع العالم العربي مستقبله، وسيظل دائما يطرق أبواب الحداثة من دون ان يلجها.

    * خدمة «نيويورك تايمز»
    عبد الله

  7. #7

    هكذا يفكر الامريكان

    الحلقه السابعه
    الخطة (ب) للعراق

    أصبح من الواضح الآن، أننا لا نشرف على ميلاد الديمقراطية في العراق، ولكننا نرعى حربا أهلية!

    فعندما أبلغ اكبر قائد عسكري اميركي في العراق الجنرال جون ابي زيد لجنة في مجلس الشيوخ، كما فعل يوم الخميس، ان «العنف الطائفي سيىء مثلما نراه،» فهذا يعني أن الجهود التي استمرت ثلاث سنوات لنشر الديمقراطية في العراق ليست نافعة. وهذا يعني أن «الاستمرار حتى النهاية» ليس له معنى، وعلينا التفكير في الخطة «ب» ـ كيف يمكننا فض الاشتباك بأقل قدر ممكن من الضرر. ويبدو لي انه خلال السنوات الثلاث الماضية، حتى مع اخطاء فريق بوش، أنه كان علينا اعطاء شركائنا العراقيين الفرص لتشكيل حكومة انتقالية، ثم صياغة الدستور، ثم عقد الانتخابات، واخيرا تشكيل اول حكومة منتخبة. ولكنهم الآن وبعدما نفذوا كل ذلك ـ ازداد الموقف سوء. فمن الواضح ان الجهاديين السنة والبعثيين، مصممون على افشال هذه المبادرة الاميركية العراقية لنشر الديمقراطية. وهو ما جعل، بالاضافة الى العنف الطائفي الناتج عن وجود قوات اميركية اقل بكثير والسماح لفكر الميليشيات بالتأصل، العراق بلاد بلا قانون. نعم، اعتقد انه كان ولا يزال في غاية الأهمية، محاولة مشاركة العراقيين لتحقيق نموذج جيد واحد في قلب العالم العربي، لنظام تقدمي معتدل.

    لكن على الادارة الآن الاعتراف بأن أي شخص ـ بمن فيهم أنا ـ الذي يؤمن بأهمية تصحيح الوضع في العراق الاعتراف: سواء كان الامر يرجع لأسباب تتعلق ببوش او بالعرب، فإن ذلك لا يحدث، ولا يمكننا التضحية بحياة أشخاص واحد بعد الآخر.

    وبما أن فريق بوش لم يقدم لنا الخطة «أ» للعراق، فإنه على الأقل يدين لنا بالخطة «ب». ليس الأمر سهلا. وفيما يلي بعض أفكاري المبدئية بخصوص الخطة «ب» وبعض العواقب.

    اعتقد أننا في حاجة لمحاولة عقد مؤتمر للسلام على غرار البوسنة الذي يجمع معا جميع الأطراف في العراق وجيرانهم. ومثلما تم حل مشكلة البوسنة عن طريق مؤتمر سلام دولي ومؤتمر دايتون ـ الذي شاركت فيه روسيا واوروبا والولايات المتحدة، وهي القوى الاكثر تأثرا بانفجار البوسنة ـ يمكن، فقط، قمع الحرب الأهلية في العراق عبر تحالف من الدول الاكثر تأثرا بانفجار الموقف في العراق: الولايات المتحدة وروسيا واوروبا واليابان والهند والصين وتركيا والسعودية ومصر وايران وسوريا والأردن. وكما حدث في البوسنة، فإن أي حل يجب ان يشمل نوعا من الفيدرالية، وتقسيم ثروة النفط واستخدام قوة دولية اذا ما لزم الأمر. واعتقد ان عقد مثل هذا المؤتمر يحتاج من الولايات المتحدة اعلان نيتها مغادرة العراق. وسيهتم العراقيون وغيرهم من العرب والأوروبيين والصينيين بجدية بالمساهمة في انقاذ العراق، اذا ما اعتقدوا اننا سنغادر البلاد، وان مصالحهم لن تتعرض للضرر.

    ما هي عواقب مغادرة العراق قبل مثل هذا المؤتمر، او اذا ما فشل؟ يمكن ان تنشب حرب اهلية على نطاق اوسع، تجر جيرانه. او ربما يبدأ العراقيون في النظر الي هذه الهاوية، ويتمكنون من التوصل الى حل بأنفسهم. ربما يكون وجودنا جزءا من المشكلة. من الصعب التأكد من ذلك. واذا ما اختار العراق حربا اهلية شاملة، فإن انتاجه النفطي الذي يصل الى مليوني برميل يوميا، سيتوقف وربما يصل سعر البرميل الواحد الى مائة دولار. (ربما يؤدي ذلك الى مزيد من الاستثمارات في وسائل الطاقة البديلة، التي يمكن ان تجعلنا في يوم من الايام، دولة مستقلة عن هذه المنطقة المتفجرة).

    ويخشى البعض من انتصار ايران. ولكن هل سيحدث ذلك؟ فعقب خروجنا من العراق، سيصبح على ايران التعامل مع هذا القدر المغلي. وهي مشكلة كبيرة بالنسبة لايران. فالعداوة التاريخية تجاه ايران من جانب العراقيين العرب ـ وهي عداوة ـ تركزت مؤقتا علينا ـ ستعود للظهور مرة أخرى. وكما ستضطر ايران الى التنافس مع حليفتها سوريا لفرض النفوذ في العراق.

    ولذا فإن أفضل وسيلة لاحتواء إيران هي تحقيق ديمقراطية حقيقية بقيادة شيعية في العراق، والكشف عن الديمقراطية الزائفة في طهران. وافضل ثاني الأمور هو مغادرة العراق.

    وأخيرا، فإن الحرب في العراق ادت الى انقسامنا في الداخل وفي الخارج، لدرجة ان مغادرة العراق، وإن كان سيؤدي الى ظهور مشاكل جديدة، ربما تجعل من السهل تشكيل تحالف للتعامل مع عراق ما بعد اميركا وايران وحزب الله وسورية.

    كل هذه المشاكل مترابطة. نحتاج الى التعامل مع ايران وسورية، ولكن من موقف القوة ـ وهو يتطلب تحقيق تحالف أوسع.

    وكلما حافظنا على استراتيجية فردية فاشلة في العراق، كان من الصعب تشكيل مثل هذا التحالف، وزاد اعداء الحرية قوة.

    *خدمة «نيويورك تايمز»
    عبد الله

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني